محتويات المقال
الإنسان والشيطان
رفض الشيطان أن يمتثل لأمر الله بالسجود لآدم، فطرده الله ولعنه، فأقسم بين يدي الله أن يضله وذريته : ﴿قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ﴾ [ص: ٨٢]
وقد بدأ الشيطان بإغواء سيدنا آدم وزوجه ونجح في ذلك ، وكانت عقوبتهم أن يهبطوا إلى الأرض ، قال تعالى : ﴿قالَ اهبِطوا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ وَلَكُم فِي الأَرضِ مُستَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حينٍ﴾ [الأعراف: ٢٤]
وهكذا نزل آدم إلى الأرض ليواجه وذريته كيد الشيطان ودأبه على إضلال بني آدم .
كيف يضل الشيطان الإنسان ؟
- قدرته على التزيين والإغواء :
﴿تَاللَّهِ لَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أَعمالَهُم فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليَومَ وَلَهُم عَذابٌ أَليمٌ﴾ [النحل: ٦٣]
﴿يَعِدُهُم وَيُمَنّيهِم وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا﴾ [النساء: ١٢٠]
وهو يجري منا مجرى الدم قال رسول الله ﷺ : « إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم» .رواه البخاري ومسلم
هدف الشيطان وغايته من البشر
يهدف الشيطان إلى يضل كل بني آدم ، قال تعالى ﴿... وَيُريدُ الشَّيطانُ أَن يُضِلَّهُم ضَلالًا بَعيدًا﴾ [النساء: ٦٠]
ويجعلهم في النار ، قال تعالى : ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدعو حِزبَهُ لِيَكونوا مِن أَصحابِ السَّعيرِ﴾ [فاطر: ٦]
وإن لم يصل الشيطان إلى غايته ولم يقدر على إكفار الناس فإنه لا ييأس بل يرضى ببعض أبواب الغواية والتقصير.فعن سبرة بن أبي فاكه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، ومن قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة» . رواه النسائي وأحمد
والناجين من ضلال الشيطان وأهدافه لا تتعدى نسبتهم الواحد من الألف، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يقول الله تعالى: يا آدم. فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد».رواه البخاري
كيد الشيطان للإنسان منذ الولادة
خلال حياة الإنسان تستمر صور الكيد الشيطاني لهذا الإنسان في كثير من أحواله، فعن جابر قال سمعت النبي ﷺ يقول : « إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه » . رواه مسلم
- حين ولادة الإنسان :
عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: « ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه». رواه البخاري ومسلم
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: « صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان». رواه مسلم
وقد شرع لنا نبينا من الذكر ما نقي به أولادنا من الشيطان وذلك قبل وجودهم، فعن ابن عباس يبلغ النبي ﷺ قال: « لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال باسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره ».رواه البخاري ومسلم
عن عائشة قالت سألت رسول الله ﷺ عن الالتفات في الصلاة فقال : « هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد » .رواه البخاري
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس» .رواه الترمذي
وعن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف». رواه النسائي وأبو داوود
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال: ها، ضحك الشيطان». رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: ها، ضحك منه الشيطان». رواه البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: « يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان». رواه البخاري ومسلم
وعن أبي قتادة أن النبي ﷺ قال: « الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره» . رواه البخاري ومسلم
وعن جابر عن رسول الله ﷺ أنه قال لأعرابي جاءه فقال إني حلمت أن رأسي قطع فأنا أتبعه، فزجره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: « لا تخبر بتلعب الشيطان بك في المنام».رواه مسلم
في الطعام والشراب :
عن جابر بن عبد الله سمع النبي ﷺ يقول: « إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء». رواه مسلم
وعن جابر قال سمعت النبي ﷺ : « يقول إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة».
عن قيس بن أبي غرزة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمى السماسرة فقال: « يا معشر التجار، إن الشيطان والإثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بالصدقة» . رواه الترمذي والنسائي
عن أبي اليسر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا وأعوذ بك أن أموت لديغا». رواه النسائي وأبو داوود
أدوات الشيطان في إضلال بني آدم
- الغضب:
عن عطية رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ». رواه أبو داوود وأحمد
وقال تعالى : ﴿إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ﴾ [المائدة: ٩١]
فعن جابر قال: قال رسول الله ﷺ : « إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت». رواه مسلم
عن عبد الله عن النبي ﷺ قال: « المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان» . رواه الترمذي
فعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله ﷺ: « الأناة من الله والعجلة من الشيطان » .رواه الترمذي
﴿استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطانُ فَأَنساهُم ذِكرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزبُ الشَّيطانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطانِ هُمُ الخاسِرونَ﴾ [المجادلة: ١٩]
﴿... فَأَنساهُ الشَّيطانُ ذِكرَ رَبِّهِ ..﴾ [يوسف: ٤٢]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ». رواه البخاري ومسلم
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: « إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ثم قرأ: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} الآية. رواه الترمذي
قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ وَمَن يَتَّبِع خُطُواتِ الشَّيطانِ فَإِنَّهُ يَأمُرُ بِالفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ ما زَكى مِنكُم مِن أَحَدٍ أَبَدًا وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكّي مَن يَشاءُ وَاللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [النور: ٢١]
المنجيات من كيد الشيطان
أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يصرف عنا كيد الشيطان وشره، ومن ذلك:
- الإخلاص:
من مواطن الإستعاذة من الشيطان :
- عند الفزع : عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ كان يعلمهم من الفزع:« أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون» . وكان عبد الله بن عمر يعلمهن من عقل من بنيه ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه. رواه الترمذي وأبو داوود
- عند الخروج من البيت : فعن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: « إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله قال يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت، فتتنحى له الشياطين فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي» رواه الترمذي وأبو داوود
- عند دخول المسجد : فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي ﷺ أنه كان إذا دخل المسجد قال: « أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال أقط؟ قلت: نعم. قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم» رواه أبو داوود
- عند قراءة القرآن : ﴿فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ﴾ [النحل: ٩٨]
- عند دخول الخلاء : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا دخل الخلاء قال: « اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» رواه البخاري ومسلم
- عند الغضب: فعن سليمان بن صرد قال كنت جالسا مع النبي ﷺ ورجلان يستبان، فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي ﷺ: « إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد». رواه البخاري
اللهم إنا نعوذُ بكَ منَ الهمِّ والحزَنِ، ونعوذُ بكَ منَ العجزِ والكسلِ، ونعوذُ بكَ منَ الجُبنِ والبخلِ ؛ ونعوذُ بكَ مِن غلبةِ الدَّينِ وقهرِ الرجالِ. وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة