الاستعداد للقاء الله تعالى

الاستعداد للقاء الله تعالى

الاستعداد للقاء الله تعالى


الاستعداد للقاء الله تعالى


ما من أحدٍ إلا وسيكلمه ربه ومولاه؛ ففي الصحيحين عن عدي بن حاتمٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجُمَان، فينظرُ أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ أشأم منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة".

وعن أبي برزة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟".


العاقل من عمل لما بعد الموت


ان اللقاء حتمي، والكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فتذكروا -رحمكم الله- صحائفكم وما أودعتم فيها من أعمال، وهل هي من كبائر الذنوب ومن مبطلات العمل؟ أم هي مملوءة بالغيبة والقيل والقال وإضاعة المال وعقوق الأمهات ومنع وهات، وملوثة بالمداهنة والمخالفة ومغطاةٌ بالشبه والأوهام، ومنسيةٌ ومغفول عنها وعن الآخرة بالميل إلى دار الغرور والكبد والنكد؟


محاسبة النفس


ألا نتذكر ما سيحصل لمن طغى وآثر الحياة الدنيا، وما سيحصل لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى؟ ألا نتذكر الليل والنهار وأنهما خزانتان، فننظرُ بجد وحزم وصدق فيما نضعه فيهما، ونتذكر أيضًا أننا سنلاقيه -تعالى- فيوفّينا بما فيها، فهو –سبحانه وتعالى- القائل في الحديث القدسي: "إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".


ليس للإنسان إلا ما سعى


وهو القائل -سبحانه- في كتابه العزيز: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾[النجم: ٣٩ – ٤١]، والقائل -سبحانه-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾[يس: ١٢].

فاتقوا الله وعَظِّموه -تعالى- واحترموا أوامره ونواهيه وتوبوا إليه، واستعدوا للقائه بالإكثار من الحسنات، فإنها تذهب السيئات وترفع الدرجات، وتذكروا القيامة وأهوالها والعرض بين يديه -تعالى- والجزاء على العمل في ذلك المشهد العظيم وما بعده من مصير إلى الجنة أو النار.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾[الزمر: ٦٧ – ٧٠]


وجوب امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه


اتقوا الله -تعالى- بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وكونوا قدوة حسنة، ودعاة خير وصلاح بأعمالكم وأقوالكم، فما أحسن وأعظم من كان مفتاحًا للخير ومغلاقًا للشر! وما أسوأ حال من كان مفتاحًا للشر ومغلاقًا للخير!


بادِروا بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان


بادِروا بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان، وأقلعوا عن الذنوب حتى تحيا القلوب، وقبل أن يُغلَق الباب، ويُسدَل الحجاب، تذكَّروا حال الظالم حين يعض على يديه حسرة وندامة، قال -تعالى-: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾[الفرقان: ٢٧ – ٢٩]، وقوله -تعالى-: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا ‎لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾[الحاقة: ٢٥ – ٢٩]؛ فما أشد تلك الحسرات! وما أسوأ تلك العقوبات على ما فرط في الحياة فرأى ذلك بعد الممات!


أهون أهل النار عذابًا


الفرق كبير وعظيم حين ينقسم الناس إلى شقي وسعيد، فأهل النار في الخيبة والحسرات، وأهل الجنة في الرفيق الأعلى والمسرات، قد قُرّبت لهم الملذات وبُشِّروا بالجنات، ورُفِعَت لهم الدرجات، أما أهل النار ففي سفل وضيق وذلٍّ وإهانة ودركات، أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل يُوضَع في أخمص قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا، وأدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسير ألف سنة، وأكرمُهم على الله من ينظر إلى وجهه -تعالى- غدوةً وعشيًا.


المصدر :
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية