تعريف الإيمان وأركانه
تعريف الإيمان
معنى الإيمان في اللغة :
هو التصديق ، ومنه قوله تعالى : { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين }معنى الإيمان في الشرع :
قول باللسان ، واعتقاد بالجَنان ، وعمل بالجوارح والأركان ، يزيد بطاعة الرحمن ، وينقص بطاعة الشيطان .قال تعالى : { ويزدادَ الذين آمنوا إيمانا } ، وقال النبي ﷺ : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم ، فجعل عمل اليد ، وقول اللسان ، واعتقاد القلب من الإيمان .
منزلة الإيمان
الإيمان هو أحد أركان الدين الثلاثة ، الواردة في حديث جبريل عليه السلام وهي : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، فلا دين لمن لا إيمان له .أركان الإيمان
أركان الإيمان ــ التي لا يصح إلا بها ــ ستة وهي:الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر والقدر خيره وشره ؛ لقوله تعالى : { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } ، وقوله تعالى : { إنا كل شيء خلقناه بقدر } ، وقول جبريل عليه السلام للنبي ﷺ : أخبرني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان : أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صَدَقتَ ) رواه مسلم .
- أولا : الإيمان بالله
الإيمان بالله يتضمن الإيمان بأربعة أمور : الإيمان بوجوده ، وربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته .
الإيمان بوجود الله
وهو أن تؤمن بأن الله تعالى موجود ، حي لا يموت ، قد استوى على عرشه استواءً يليق بجلاله ، وهو مع جميع مخلوقاته بعلمه وسمعه وبصره وإحاطته .
- يعلم جميع أحوالهم : الظاهرة والباطنة.
- ويسمع جميع أصواتهم : المرتفعة والخفية.
- ويبصر جميع حركاتهم : الكبيرة والصغيرة.
- ومحيط بهم، قادر عليهم، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
- ثم يحاسب العباد على أعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
قال تعالى : { أَلَمْ ترَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُون مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .
الإيمان بربوبية الله:
الإيمان بربوبيَّة الله تعالى يتضمن الإيمان بأربعة أمور :
- الإيمان بأنه : ( لا خالق إلا الله ) .
- الإيمان بأنه : ( لا مالك إلا الله ) .
- الإيمان بأنه : ( لا رازق إلا الله ) .
- الإيمان بأنه : ( لا مدبر إلا الله ) .
قال تعالى للمشركين : { قل من يرزقكم من السماء والأرض ، أمَّن يملك السمع والأبصار ، ومن يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ومن يدبر الأمر ، فسيقولون الله ، فقل أفلا تتقون }
الإيمان بألوهية الله :
الألوهية هي العبادة ، والمعنى : أن تؤمن بأن الله وحده المستحق للعبادة دون غيره من الآلهة ، وهو معنى كلمة التوحيد : ( لا إله إلا الله ) أي لا معبود حق إلا الله .قال تعالى : { ذلك بأن الله هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير } ، وقال تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزًّا ، كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا }
الإيمان بأسماء الله وصفاته:
الإيمان بأسماء الله وصفاته : هو أن تؤمن بأن الله تعالى له أسماءٌ سَمَّى بها نفسَه ، وصفاتٌ وصف بها نفسَه ، تليق بجلاله ، وعظيم سلطانه ، لا تماثل صفات المخلوقين ، ولا نعلم كيفيتها ، قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ، وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون } ، وقال تعالى : { وله المثل الأعلى } أي الوصف الأكمل ، وقال تعالى : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ، وقال تعالى : { ولا يحيطون به علما } .ومن أسمائه سبحانه وتعالى :
الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفور ، الودود .
الملائكة هم خلق من مخلوقات الله تعالى ، خلقهم الله من نور ، وجعل لهم أعمالا يقومون بها { لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } ، لا يعلم عددهم إلا الله ، قال تعالى : { وما يعلم جنود ربك إلا هو } .
والإيمان بهم : يتضمن الإيمان بوجودهم ، وبأسماء من ذُكِر لنا منهم ، وصفاتهم وأعمالِهم ، ومنهم :
- جبريل عليه السلام : الموكل بالوحي .
- وميكائيل عليه السلام : الموكل بالرزق .
- وإسرافيل عليه السلام : الموكل بالنفخ في الصور .
- ومالك عليه السلام : خازن النار .
- وخازن الجنة عليه السلام .
- وملَك الموت عليه السلام .
قال تعالى : { مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } .
وهو أن تؤمن بأن الله تعالى أنزل كُتُباً على أنبيائه ورسله ، لا يعلم عددها إلا الله عز وجل ، كل ما فيها حق وصدق ، أنزلها هداية للناس ، ترشدهم إلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ، وأشهر هذه الكتب خمسة :
- القرآن : أنزله الله على محمد ﷺ ، وهو كتاب المسلمين.
- التوراة : أنزلها الله على موسى عليه السلام ، وهو كتاب اليهود.
- الإنجيل : أنزله الله على عيسى عليه السلام ، وهو كتاب النصارى .
- الزبور : أنزله الله على داود عليه السلام .
- الصحف : أنزلها الله على إبراهيم عليه السلام .
والإيمان بالكتب يستلزم التصديق بأنها من عند الله تعالى ، وأن ما فيها كلام الله ، وأنه كله حق : أخباره صدق ، وأحكامه عدل .
إلا أن أهل الكتاب غيروا كتبهم ، فاليهود حرفوا كلام الله في التوراة ، والنصارى بدلوا كلام الله في الإنجيل ، تارة بالزيادة والنقصان ، وأخرى بالتلبيس والكتمان ، ولهذا لا نصدقهم ولا نكذبهم ، ونؤمن بأن التوراة والإنجيل كلام الله تعالى ، قال الله تعالى عن أهل الكتاب : { يحرفون الكلم عن مواضعه } ، وقـال عنهم : { يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } .
والقرآن الكريم هو آخر الكتب ، جعله الله ناسخا لجميع الكتب المتقدمة ، وحاكما عليها ، وقد حفظه الله تعالى من التغيير والتبديل، فوجب الإيمان بكل ما فيه، وامتثال جميع أحكامه ، قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ، وقال تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ... } .
وهو أن تؤمن بأن الله تعالى أرسل رسلا إلى الناس ، يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ويعلمونهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، لا يعلم عددهم إلا الله ، قال تعالى : { ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ، وكلم الله موسى تكليما } .
وأشهر هؤلاء الرسل خمسة ، وهم أولو العزم من الرسل ، كما قال تعالى لنبيه ﷺ : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } ، أي أصحاب القوة في العبادة والدعوة :
أولهم وأفضلهم : محمد ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، ثم عيسى ، ثم نوح ، عليهم الصلاة والسلام ، قال تعالى : { وَإِذ أَخَذنا مِنَ النبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذنا مِنهُمْ مِيثَاقا غَلِيظا } .
والإيمان بهم يستلزم محبتهم ، وتصديقهم جميعا فيما أخبروا به عن الله تعالى واتباعهم فيما جاءوا به من الدين ، وعدم التفريق بينهم ، قال تعالى : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم ، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } .
اليوم الآخر هو يوم القيامة ، سُمِّيَ بذلك لأنه لا يوم بعدَه .
ويبدأ اليوم الآخر من حين حضور الموت إلى خروج الناس من قبورهم أحياءً للحساب والجزاء ، ثم إلى الجنة أو إلى النار ، وفيه تنشر صحائف الأعمال ، وتنصب الموازين ، ويُمَدّ الصراط ، وفيه الحوض ، وغير ذلك .
ومن اليوم الآخر فترة البرزخ ، وهو القبر ، وما فيه من نعيم أو جحيم .
والإيمان باليوم الآخر يتضمن الإيمان بكل ما أخبر الله به في كتابه ، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته ، مما يكون من حين الموت إلى دخول الجنة أو النار ، قال الله تعالى : { ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ... } ، وقال تعالى : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ... } .
الإيمان بقدر الله يتضمن الإيمان بأربعة أمور : العلم ، والكتابة ، والمشيئة ، والخلق .
مرتبة العلم
وهي أن تؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم ، علم ما كان في الماضي ، وما هو كائن في الحاضر ، وما سيكون في المستقبل ، وما لم يكن لو كان كيف يكون ، قال تعالى : { إن الله بكل شيء عليم } ، وقال تعالى : { ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنَّهم لكاذبون } ، فهذا لا يكون وقد علمه الله لو كان كيف يكون .مرتبة الكتابة
وهي أن تؤمن بأن الله تعالى كتب ما هو كائن إلى قيام الساعة قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } أي من قبل أن نخلقها { إن ذلك على الله يسير } ، وقال النبي ﷺ : « كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء». رواه مسلم .مرتبة المشيئة
وهي أن تؤمن بأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فما من حركة ولا سكون في هذا الكون إلا وهو واقع بمشيئة الله تعالى الكونية القدرية ، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، جفت الأقلام ، ورفعت الصحف وأنه لا يكون في ملكه سبحانه إلا ما يريد ، قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا } وقال تعالى : { وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } .مرتبة الخلق
وهي أن تؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء ، وأنه ما من مخلوق في هذا الكون إلا والله تعالى خالقه ، وخالق عمله ، لا خالق له إلا الله عز وجل، قال تعالى: { الله خالق كل شيء } ، وقال تعالى : { والله خلقكم وما تعملون } ، ومع ذلك فقد خير الله العباد في أعمالهم بين الطاعة والثواب ، أو المعصية والعقاب ، قال تعالى : { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } ، وقال : « يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه » رواه مسلم .
الفرق بين الإيمان والإسلام والإحسان
يقول الإمام إبن باز رحمه الله : إن جبرائيل أتى النبي ﷺ في يوم من الأيام وهو جالس بين أصحابه في صورة إنسان غير معروف، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، فقال له النبي ﷺ: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: أخبرني عن الإيمان، قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسوله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، قال: أخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ».
وكان يصدقه كل ما أخبر به قال: صدقت، يصدقه جبرائيل عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه أخبره عن الإسلام بالأعمال الظاهرة، وعن الإيمان بالأعمال القلبية، وعن الإحسان بشيء خاص من أعمال القلب وهو أن تعبد الله كأنك تراه تشاهده، فإن لم تكن تراه فإنه يراك يعني: على اعتقاد واستحضار أنه يراك، ويشاهدك ، وهذا أعلى مراتب الإسلام، والإيمان، أن تعبد الله كأنك تراه.
وبهذا تعلم ويعلم كل من سمع هذه الكلمة الفرق بين الإيمان، والإسلام، والإحسان عند الاجتماع.
وأن الإسلام إذا انفرد دخلت فيه أعمال الإيمان، والإحسان، والإيمان إذا انفرد دخل فيه أعمال الإسلام، والإحسان.
أما إذا اجتمعت الثلاثة فالإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو أعمال القلب الباطنة، والإحسان هو عمل خاص من أعمال القلب وهو أن تعبد الله كأنك تراه.
المصادر :
مقال كتبه : محمد موسى عياد
موقع الإمام ابن باز رحمه الله
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة