محتويات المقال
عبدالرحمن بن عوف
إسلام عبدالرحمن بن عوف
عبد الرحمن بن عوف أحد الثمانية السابقين الى الإسلام ، عرض عليه أبو بكر الإسلام ، فما غُـمَّ عليه الأمر ولا أبطأ ، بل سارع الى الرسول ﷺ يبايعه ، وفور إسلامه حمل حظـه من اضطهاد المشركين ، هاجر الى الحبشة الهجـرة الأولى والثانيـة ، كما هاجر الى المدينـة مع المسلميـن وشهـد المشاهد كلها .عبدالرحمن يوم أحد
أصيب عبدالرحمن بن عوف يوم أُحُد بعشريـن جراحا إحداها تركت عرجا دائما في ساقه ، كما سقطت بعـض ثناياه فتركت هتما واضحا في نطقه وحديثه.تجارة عبدالرحمن بن عوف
كان رضي الله عنه محظوظا بالتجارة إلى حد أثار عَجَبه فقال : «لقد رأيتني لو رفعت حجرا لوجدت تحته فضة وذهبا» وكانت التجارة عند عبد الرحمن بن عوف عملاً وسعياً لا لجمع المال ولكن للعيش الشريف ، وهذا ما نراه حين آخى الرسول ﷺ بين المهاجرين والأنصار ، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف و سعد بن ربيع ،فقال سعد لعبد الرحمن : «أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا ، فانظر شطر مالي فخذه ، وتحتي امرأتان ، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلّقها وتتزوجها » فقال عبد الرحمن : «بارك الله لك في أهلك ومالك ، دُلوني على السوق » وخرج الى السوق فاشترى وباع وربح .حق الله
كانت تجارة عبد الرحمن بن عوف ليست له وحده ، وإنما لله والمسلمون حقا فيها ، فقد سمع الرسول ﷺ يقول يوما : «يا بن عوف إنك من الأغنياء ، وإنك ستدخل الجنة حَبْوا ، فأقرض الله يُطلق لك قدميك » ومنذ ذاك الحين وهو يقرض الله قرضـا حسنا ، فيضاعفـه الله له أضعافـا ، فقد باع يوما أرضا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعا على أهله من بني زُهرة وأمهات المسلمين وفقراء المسلمين ،وقدّم خمسمائة فرس لجيوش الإسلام ، ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة وعند موته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله ، وأربعمائة دينار لكل من بقي ممن شهدوا بدرا حتى وصل للخليفة عثمان نصيبا من الوصية فأخذها وقال : «إن مال عبد الرحمن حلال صَفْو ، وإن الطُعْمَة منه عافية وبركة » وبلغ من جود عبد الرحمن بن عوف أنه قيل : «أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله ، ثُلث يقرضهم ، وثُلث يقضي عنهم ديونهم ، وثلث يصِلَهم ويُعطيهم » وخلّف بعده ذهبُ كثير ، ضُرب بالفؤوس حتى مجلت منه أيدي الرجال.قافلة الإيمان
في أحد الأيام اقترب على المدينة ريح تهب قادمة اليها حسبها الناس عاصفة تثير الرمال ، لكن سرعان ما تبين أنها قافلة كبيرة موقَرة الأحمال تزحم المدينة وترجَّها رجّا ، وسألت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها : « ما هذا الذي يحدث في المدينة ؟» وأُجيبت أنها قافلة لعبد الرحمن بن عوف أتت من الشام تحمل تجارة له فَعَجِبَت أم المؤمنين : «قافلة تحدث كل هذه الرجّة ؟ فقالوا لها : «أجل يا أم المؤمنين ، إنها سبعمائة راحلة.وهزّت أم المؤمنين رأسها وتذكرت : «أما أني سمعت رسول الله ﷺ يقول : «رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حَبْوا » ووصلت هذه الكلمات الى عبد الرحمن بن عوف ، فتذكر أنه سمع هذا الحديث من النبي ﷺ أكثر من مرة ، فحثَّ خُطاه الى السيدة عائشة وقال لها : «لقد ذكَّرتني بحديث لم أنسه » ثم قال : «أما إني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها وأقتابها وأحْلاسِها في سبيل الله» ووزِّعَت حُمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها .
خوف عبدالرحمن بن عوف
كان ثراء عبد الرحمن رضي الله عنه مصدر إزعاج له وخوف ، فقد جيء له يوما بطعام الإفطار وكان صائما ، فلما وقعت عليه عيناه فقد شهيته وبكى ثم قال : «استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني فكُـفّـن في بردة إن غطّت رأسه بدت رجلاه ، وإن غطّت رجلاه بدا رأسه ، واستشهد حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد له ما يُكَـفّـن فيه إلا بردة ، ثم بُسِـطَ لنا في الدنيا ما بُسـط ، وأعطينا منها ما أعطينا وإني لأخشى أن نكون قد عُجّلـت لنا حسناتنا» .كما وضع الطعام أمامه يوما وهو جالس مع أصحابه فبكى ، وسألوه : «ما يبكيك يا أبا محمد ؟ » قال : «لقد مات رسول الله ﷺ وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، ما أرانا أخّرنا لما هو خير لنا».
وخوفه هذا جعل الكبر لا يعرف له طريقا ، فقد قيل : «أنه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه ، ما استطاع أن يميزه من بينهم ».
رفض استلام الخلافة
كان عبد الرحمن بن عوف من الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة لهم من بعده قائلا : «لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض» وأشار الجميع الى عبد الرحمن في أنه الأحق بالخلافة فقال : «والله لأن تُؤخذ مُدْية فتوضع في حَلْقي ، ثم يُنْفَذ بها إلى الجانب الآخر ، أحب إليّ من ذلك» وفور اجتماع الستة لإختيار خليفة الفاروق تنازل عبد الرحمن بن عوف عن حقه الذي أعطاه إياه عمر ، وجعل الأمر بين الخمسة الباقين ، فاختاروه ليكون الحكم بينهم وقال له علي كرم الله وجهه : «لقد سمعت رسول الله ﷺ يصفك بأنك أمين في أهل السماء ، وأمين في أهل الأرض» فاختار عبد الرحمن بن عوف عثمان بن عفان للخلافة ، ووافق الجميع على إختياره .وفاة عبدالرحمن بن عوف
في العام الثاني والثلاثين للهجرة جاد بأنفاسه رضي الله عنه وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه ، فعرضت عليه أن يُدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ، لكنه استحى أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه وكان يتمتم وعيناه تفيضان بالدمع : «إني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال » ولكن سرعان ما غشته السكينة واشرق وجهه وأرْهِفَت أذناه للسمع كما لو كان هناك من يحادثه ، ولعله سمع ما وعده الرسول ﷺ : «عبد الرحمن بن عوف في الجنة» .لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: أصحاب رسول الله