اسم الله الكريم

اسم الله الكريم

اسم الله الكريم


أعظم ما يعرف العبد ربه بأسمائه وصفاته


إنه ليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان بالله، ومعرفته بأسمائه وصفاته وأفعاله، وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله ومعرفته، والتقرب إليه بما يحبه ويرضاه، ولا تمكن محبته المحبة الكاملة إلا بعد معرفته، العلم به وبأسمائه وصفاته.

والعلم بالله -تبارك وتعالى- أصل الأشياء كلها، وأشرف العلوم وأجلها وأعظمها على الإطلاق، حتى إن العارف به حقيقة المعرفة يستدل بما عرف من أسمائه وصفاته على ما يفعله، وعلى ما يشرعه من الأحكام، وعلى ما يأمر به من السنن والآداب، لأنه -سبحانه- لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته؛ فأفعاله كلها دائرة بين العدل والفضل، والحكمة والرحمة.

فله -سبحانه- في كل اسم حسن، وكل اسم دال على صفة كمال عظيمة؛ فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها، فهو الرحيم، الذي له رحمة عظيمة وسعت لكل شيء، وهو الكريم كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه، الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، ولعلنا نعيش في ظلال اسم الله الكريم لمعرفة معانيه وورده في الكتاب العزيز ونتأمل في مظاهر كرم الله لعباده وكذلك نتعرف على حظ المؤمن من اسم الله الكريم -سبحانه-.

اسم الله الكريم ومعناه


ولا شك أن اسم الله الكريم من الأسماء التي سمى بها نفسه وسماه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- كما أنه يبث السعادة في قلوب المؤمنين، فهم متقلبون في نعيمه ليل نهار، فلا كرم يسمو على كرمه، ولا إنعام يرقى إلى إنعامه، ولا عطاء يوازي عطاؤه، له علو الشأن في كرمه، يعطي ما يشاء لمن يشاء، كيف يشاء، بسؤال وغير سؤال، يعفو عن الذنوب ويستر العيوب، ويجازي المؤمنين بفضله، ويمهل المعرضين ويحاسبهم بعدله.. فما أكرمه! وما أرحمه! وما أعظمه!.

وقد رد اسم الله -تعالى- الكريم في ثلاثة مواضع في كتاب الله العزيز، فقال تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون:116]، وقول الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الانفطار: 6]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل:40].

فالله -تبارك وتعالى- هو الكريم، الذي عم بعطائه وإحسانه المؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، وهو -سبحانه- أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادله نظير، يعطي ويثني، ويعفو ويصفح، ولا يضيع من توسل إليه، ولا يترك من التجأ إليه، ولا يهين من أقبل عليه، كما قال -سبحانه-: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].

ومن معاني اسم الله الكريم كذلك؛ أنه الذي يسهل خيره، ويقرب تناول ما عنده، فليس بينه وبين العبد حجاب، وهو قريب لمن دعاه، إذا تقرب منه العبد تقرب الله إليه أكثر كما قال -سبحانه-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].

من صور كرم الله على عباده


ولقد جاءت نصوص كثيرة تجلي كرم الله -سبحانه وتعالى- ولعلنا نقف مع بض صور كرم الله تعالى، فمن ذلك ما يلي:

حياؤه -سبحانه- من عبده إذا رفع يديه إليه داعيا أن يردهما صفرا، وقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفعها إليه"

ومن صور كرم الكريم -سبحانه-: أنه يغفر الذنوب، ويعفو عن السيئات، كما قال -سبحانه- : ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]؛ بل إن الله يبدل السيئات إلى حسنات قال جل شأنه: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان:70]، ولأن كرم الله تعالى واسع يضاعف الحسنات إلى أضعاف كثيرة، كما قال في كتابه الكريم: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة:245].

وجاء في السنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله -عز وجل- عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة"

ومن صور كرم الله -سبحانه-: ما يهبه لعباده من الهداية والتوفيق والأمن والحفظ وما يمنه به عليهم من الطيبات والملذات.

انكرم الله واسع لا حد له ومن تأمل في كرم الله وجزيل فضله على خلقه علم أنه لن يحصى لذلك عدا ولا يطيق له شكرا.

حظ المؤمن من اسم الله -تعالى- الكريـــم


وإذا عرف العبد ربه الكريم حق المعرفة، وتأمل في مظاهر كرم الله على خلقه وعظيم فضله على عباده، قادته نفسه إلى أمور كثيرة؛ فمن ذلك:

إظهار العبد لنعم الله عليه، فعن أبي الأحوص عن أبيه -رضي الله عنه- قال: "أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليَّ ثوب دون، فقال لي :"ألك مال؟ قلت: نعم، قال: "من أي المال؟" قلت: من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والبقر والخيل والرقيق قال: "فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته".

وكذلك أن يجعل المؤمن له حظا من اسم الله الكريم، فيكرم عباد الله، قال: -صلى الله عليه وسلم- "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه" ، فمن أراد أن ينال كرم الله وجوده فليكرم عباده كافة، ويزيد في إكرام من أخبر الشرع بأن إكرامهم من الإيمان، ومنهم الضيف، قال-صلى الله عليه وسلم-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه"، وكذلك الجار قال -عليه الصلاة والسلام-: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"

ومن حظ المؤمن من التأمل في اسم الله الكريم: أن يتيقن أن إكرام الله لعباده بالنعم ابتلاء، لا أن ذلك دليل على محبة واصطفاء، يقول الله -تعالى-: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا﴾ [الفجر:15-17].

ومما ينبغي على المسلم نحو اسم الله الكريــم أن يدعوه ويتوسل إليه به عند حلول الكربات، فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عندها: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم"، وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: قلت: "يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني" ، فلُذ بربِّك الكريـــم، يُفرج كربك.

وقد كان ابن مسعود -رضي الله عنه- يدعو في السعي: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"، وفي رواية: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".

ومن حظ المؤمن من اسم الله الكريم: أن يكرم الكتاب الذي كرمه الله وأعلى شأنه؛ حيث قال --سبحانه- وتعالى- ﴿إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ﴾ [الواقعة:77]، فأكرم كتاب الله الكريم قراءةً وتدبرًا وعملاً؛ لكي تنال كرم الكريم -سبحانه- .

فتعبدوا لله ربكم من خلال اسمه الكريم، وتوجهوا إليه بالإيمان الصحيح والعمل الصالح، وأكرموا من أكرمه الله تعالى، وأكرموا أنفسكم بتحقيق تقوى الكريم -سبحانه-؛ حيث قال: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13].

وأحبوا ربكم الكريم واسألوه من فضله، وتحلو بما اشتمل عليه الاسم من صفات حميدة.

المرجع :

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية