اسم الله النافع والضار

اسم الله النافع والضار

اسم الله النافع والضار



دلالات اسمي الله "النافع والضار"


من باب الإخبار فإن من أسماء الله -تعالى- اسمي النافع والضار, وإن لم يرد ما يثبت في الكتاب والسنة أنهما من أسماء الله -تعالى-؛ إلا أن معناهما صحيح, وهما يردان مقترنين مع بعضهما, وهو ما يؤكد كمال الله -عز وجل-؛ فهو النافع لمن يشاء من عباده, وهو الضار لمن شاء من عباده؛ بالأمراض والفقر ونحو ذلك.

وهناك من الناس من يخاف أكثر من اللازم من السحرة والمشعوذين, ويخاف من الحاسدين والعائنين, ويخاف من بيده القوة والسلطة, أعلى من الخوف الطبيعي, وينبغي للمؤمن أن لا يخاف المخلوقين مهما عظمت قوتهم وجبروتهم, وأن يكون اعتقاده في الله -تعالى-؛ فإنه هو النافع والضار, ولن يحصل لك نفع في هذه الحياة إلا إذا أراد الله ذلك, ولن يضرك أحد من المخلوقات إلا بإذن الله, قال -تعالى-: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾﴾[يونس: 107].

وعن عبد الله بن عباس -رضى الله عنهما- قال: كنت خلف النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوماً، فَقَالَ لي: "يَا غُلامُ! إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله, وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ, وَاعْلَمْ: أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ؛ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ, وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ؛ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ"

وهذا الحديث العظيم واضح المعنى؛ لأنه سهل العبارة, فقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن النفع بيد الله, وأن الأمة قاطبه لا تنفعك؛ في الصحة, أو المال, أو الأولاد, أو الوظيفة, أو غير ذلك من المنافع, إلا من الله النافع, وبموافقته وتقديره لك هذا النفع.

آثار هذين الاسمين على اعتقاد المؤمن


وما تفعل من أمور حتى تحصل على هذا النفع, فقد ينفع الله بهذه الأسباب عند موافقته, وقد لا تنفع لأنه لم يوافق, وكذلك العكس, لا يضرك إلا الله, فلن يحصل لك شيء تخافه؛ من فقر, أو مرض, أو أي مكروه, إلا إذا قدر الله ذلك, ومهما اتخذت من أسباب لمنع المرض أو غيره, وأراد الله أن يصيبك به؛ فلن تمنعه الأسباب الواقية التي تتخذها لمنع هذا المكروه.

فعليك أن تريح بالك, وتوقن أن ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك, وهذا من الإيمان واليقين بالقضاء والقدر, وعندما توقن أن النافع والضار هو الله؛ فإنه يجعلك دائما تلجأ إلى الله في العسر واليسر, في المنشط والمكره, في الغني والفقر, وفي كل وقت.

حال المؤمن في الرخاء والشدة


ولكن هناك من الناس من لا يلجؤون إلى الله إلا عند الشدائد فقط, أما وقت الرخاء فإنهم ينسون الله -تعالى-, وربما استعملوا نعمه في المعاصي والحرام, وهذا خلق لا يليق بالمسلم, ولا يتناسب مع كرم الله -تعالى-, فكيف يعطينا الله النعم بالليل والنهار, رحمة وعافية, ومالا وأولاداً وزوجات, ثم لا نذكر هذه النعم إلا إذا أصابنا مكروه, أو ذهب بعض هذه النعم؟!, إن هذا ليس من الإحسان في شيء؛ بل هو اللؤم والجفاء؛ ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾[الرحمن: 60], ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾[النحل: 53، 54].

وهذه من صفات المشركين أنهم إذا مسهم الخوف من شيء جأروا إلى الله, ومعنى جأروا أي: صاحوا؛ استغاثة بالله من الخوف, وهذا ينطبق كذلك على من يعصي الله -تعالى- في الرخاء, فيرتكب المعاصي وكبائر الذنوب؛ من زنا أو شرب للخمور, وتعاطي للمخدرات, أو ترك للصلوات, وعقوق للوالدين وقطع للأرحام, ثم إذا أصابهم مرض أو فقر؛ رجع إلى الله وتاب من المعاصي, ثم إذا أصبح في رخاء رجع مرة أخرى للمعاصي التي كان عليها, وهو بذلك يجحد نعم الله عليه, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .!

لا ضار ولا نافع إلا الله, ومن يعتقد ذلك فإنه يطمئن قلبه, وتهدأ نفسه؛ لأنه سيعيش بمأمن من مكائد الناس وشرورهم؛ فالله ينفعه ولا يضره, وإذا أراد به ابتلاءً فإن هذا الابتلاء لصالحه؛ لأنه سيغفر ذنوبه عند صبره, ويرفع درجاته ومنزلته في الجنة.

فنسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا من الشاكرين على نفعه لنا بالنعم, التي لا تعد ولا تحصى, والصابرين على ابتلائه, الراضين بها غير الساخطين على أقداره.

فعل الأسباب لا ينافي الاعتماد على الله


إن اسمي الله -تعالى- النافع والضار لا تتنافى مع مبدأ الأخذ بالأسباب؛ فالمريض يطلب العلاج في المستشفيات وغيرها المسموح بها شرعاً, والفقير كذلك يبذل الأسباب للغنى والكفاية, وقد دلنا النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يبذل الأسباب في حالة الخوف والمرض والحروب؛ فقد اختبأ في هجرته في جبل ثور لمدة ثلاثة أيام, وكان في الحروب يلبس الدروع الواقية, ويلبس ما يتقي به البرد, وهكذا الصحابة -رضي الله عنهم-, ولكن مع بذل الأسباب نوقن في قلوبنا أن النافع هو الله, والضار هو الله, فهذا أمر قلبي اعتقادي يعتقده المسلم, مهما عمل من أسباب فالأمور كلها بيد الله الواحد الأحد.

نسأل الله أن يصحح عقيدتنا وتوكلنا عليه -سبحانه وتعالى-, ونسأل الله أن يرينا الحق ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المرجع :

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية