مكانة الأخ في الإسلام

مكانة الأخ في الإسلام
الفئة: أحاديث

مكانة الأخ في الاسلام


منزلة الأخ وأهميته


إن للأخ منزلة كريمة، ومكانة سامية عظيمة؛ فهو عطية من الله تعالى، وهبة منه سبحانه؛ قال عز وجل عن سيدنا موسى عليه السلام: ﴿ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا﴾. وذلك بعدما دعا موسى ربه أن يجعل أخاه هارون معينا له، وشريكا في أمره فقال: ﴿ اشدد به أزري* وأشركه في أمري﴾. فالأخ هو الحصن لأخيه والمنعة، ومصدر العون والقوة؛ يقف معه ويؤازره بكل ما استطاع، ويكون ركنه الذي يلجأ إليه في مواجهة أعباء الحياة؛ لتتحقق بينهما الصلة في أبهى صورها، وأرقى تجلياتها؛ ويحققا لأهلهما السعادة والاطمئنان، ولأسرهما الترابط والانسجام، ولمجتمعهما التلاحم والسلام.

واجب الأخ تجاه أخيه


لقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأخ سواء كان شقيقا أم لأب أو لأم، أو كان أخا من الرضاعة؛ هو أولى الناس بالإحسان، والبر والإكرام، بعد الأب والأم والأخت؛ قال عليه الصلاة والسلام :«بر أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك». وبر الأخ يكون بالسؤال عنه وعن أولاده وأهله، وتفقد أحواله، والتودد إليه، وزيارته وصلته، ومشاركته في أفراحه وأتراحه؛ فيفرح لفرحه، ويحزن لحزنه، فالصلة التي تسري في عروق الإخوة واحدة، فقد تربوا في بيت واحد، واجتمعوا على طعام واحد، تجمعهم ذكريات جميلة في طفولتهم، ومواقف لا تنسى في نشأتهم، وصباهم وشبابهم، وتوحدهم علاقات المحبة والتعاون طيلة حياتهم.

وإن قوام العلاقة الصادقة بين الأخ وأخيه: أن يحب له ما يحب لنفسه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه :«أتحب الجنة؟» قال: نعم. قال صلى الله عليه وسلم :«فأحب لأخيك ما تحب لنفسك». أي أحب لأخيك من النسب وغيره ما تحب لنفسك من الخير.

فالأخ يحب لأخيه الخير، ويعمل على تحقيق نفعه؛ كما فعل الوليد بن الوليد رضي الله عنه، حين أرسل إلى أخيه خالد بن الوليد رضي الله عنه رسالة يدعوه فيها إلى ما فيه رفعته، وبه نجاته وفوزه؛ قال خالد رضي الله عنه: فلما جاءني كتاب أخي... عمدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وأسلمت.

والأخ مرآة أخيه؛ إذا رأى فيه عيبا أصلحه، وإن وجد فيه نقصا أكمله، وإذا نصحه أخلص النصيحة له، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له»؛ فينصحه بالفضائل، ويدله على المحاسن، ويستشيره فيما عرض له من الأمور؛ فقد سئل عبد الله بن المبارك رحمه الله: ما خير ما أعطي الإنسان؟ فقال: غريزة عقل. قيل: فإن لم يكن؟ قال: حسن أدب. قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ شقيق يستشيره.

احترام الأخ الكبير


إن الأخ الصغير يعرف لأخيه الكبير فضله، فيكن له التوقير والاحترام، وينزله منزلة أبيه في التقدير والإكرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« ليس منا من لم يوقر كبيرنا». وكان أحد أحفاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عالما بالحديث الشريف... وكان كلما سئل عن حديث؛ أحال السائل على أخيه الكبير احتراما له وتقديرا.

والأخ الكبير رحيم بأخيه الصغير؛ يشفق عليه، ويوليه اهتمامه، ويرعاه ويعلمه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم :« ليس منا من لم يرحم صغيرنا». وإن الأخ حليم متسامح؛ فإذا وقع بينه وبين أخيه خلاف أو خصومة سارع إلى تجديد الصلة، وتقوية العلاقة، وبادر إلى الصفح والعفو، فإن ذلك من شيم الكرام، وصفات الكبار.

تعاون الأخ مع أخيه


إن الأخ يتعاون مع أخيه بحب، ويسعى في تيسير أموره بود، ويمده بماله عند حاجته بكرم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك». وإن الهدية تعمق المودة بين الأخ وأخيه، وتعزز بينهما المحبة والإخاء، لذا حرص عليها الصحابة رضي الله عنهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوبا جميلا، فأهداه عمر رضي الله عنه إلى أخ له. فكان الأخ أول من فكر فيه عمر رضي الله عنه؛ ليؤثره بالهدية على نفسه. ومن أفضل ما يقدمه الأخ لأخيه دعوة صالحة بظهر الغيب، فذلك مما يعود بالخير والبركة عليهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل؛ كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل».

الأخ قوة أخيه


قال الله تعالى لموسى عليه السلام: ﴿ سنشد عضدك بأخيك﴾ أي: سنقوي أمرك، ونعز جانبك بأخيك. فإن الأخ هو الأقرب إلى أخيه، والأحرص على سلامته ونفعه، يعينه بإخلاص، ويقف إلى جواره بصدق وقوة، لذلك اختار موسى أخاه هارون دون غيره؛ ليؤازره في مهمته، ويكون له شرف النبوة معه، ودعا له بالمغفرة والرحمة، قال الله سبحانه حكاية عن موسى عليه السلام: ﴿ قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين﴾أي: اغفر ذنوبنا بستر منك، وارحمنا برحمتك الواسعة التي ترحم بها عبادك المؤمنين.

قال بعض العلماء: ليس أحد أعظم منة على أخيه، من موسى على هارون عليهما السلام، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا. وما ذكر الله تعالى لنا ذلك إلا لنقتدي بهما، فندرك مكانة الأخ العظيمة، وأهميته الكبيرة، فيحافظ كل واحد منا على ود أخيه، ويحرص على بذل المعروف له.

فاللهم اجعلنا من الواصلين أرحامهم، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك: ﴿ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾

أكثر من الصلاة على النبي يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
0

إقرأ المزيد :




الفئة: أحاديث
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية