حقيقة محبة النبي ﷺ

حقيقة محبة النبي ﷺ

حقيقة محبة النبي ﷺ


على اثر الاعتداء على رسولنا العظيم ثارت مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تعبر عن سخطها ورفضها لهذا السلوك العدواني الظالم وهي ثورة ناتجة في أساسها عن حب المسلمين لنبيهم الكريم وهو شيء محمود إلا أن هذا الحب عند تمحيصه والتأمل في حقيقته يتبين أنه لا يرقى الى المستوى المطلوب وهو ما سنحاول بيانه :

أولا : وجوب محبة النبي ﷺ

لكن دعونا في البداية نبين أن محبة النبي ليست كسائر المحبة لأي شخص نعم إن محبة النبي ﷺ عبادة عظيمة نعبد بها الله عز و جل وقربة نتقرب بها من خلالها إليه و أصل عظيم من أصول الدين ودعامة أساسية من دعائم الإيمان كما قال تعالى : ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾ وكما قال رسول الله ﷺ : «والذي نفسي بيده لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين». البخاري

وفي الصحيح أيضاً أن عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال ﷺ: "لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك" فقال: يا رسول اللّه واللّه لأنت أحب إليَّ من كل شيء حتى من نفسي، فقال ﷺ: "الآن يا عمر ".

إذن فمحبة النبي ﷺ ليست أمرا ثانويا أو أمرا مخير فيه إن شاء المرء أحبه وإن شاء لم يحبه بل هي واجب على كل مسلم وهي من صميم الإيمان ولابد لهذا الحب أن يكون أقوى من أي حب ولو كان حب المرء لنفسه .
لماذا نحب النبي ؟

ثانيا :بواعث محبة النبي ﷺ

  • موافقة مراد الله تعالى في محبته
    لما كان رسول الله ﷺ هو أحب الخلق الى الله تعالى فقد اتخذه خليلا وأثنى عليه ما لم يثن على غيره , كان لزاما على كل مسلم أن يحب ما يحب الله وذلك من تمام محبته سبحانه.

  • مقتضى الإيمان: قال رسول الله ﷺ مبينا أن من مقتضى الإيمان حب النبي ﷺ وإجلاله وتوقيره :«والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين»البخاري

  • مميزات النبي ﷺ :فرسول الله ﷺ أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس وأعظم الناس في كل شيء وهذه كلها دواعي لأن يكون صلى الله عليه وسلم أحب الناس .

  • شدة محبته لأمته وشفقته عليها ورحمته بها
    كما وصفه ربه ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾ ولذلك أرجأ استجابة دعوته شفاعة لأمته غدا يوم القيامة

  • بذل جهده الكبير في دعوة أمته ، وإخراج الناس من الظلمات الى النور

ثالثا : دلائل محبته ﷺ ومظاهر تعظيمه

  • تقديم النبي ﷺ على كل أحد ، قال تعالى : ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم﴾
    وقال سبحانه: ﴿ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ فعلامة حب النبي ﷺ أن لا يقدم عليه أشيء مهما كان شأنه .

  • سلوك الأدب معه ﷺ ويتحقق بالأمور التالية :

    1. الثناء عليه والصلاة والسلام عليه لقوله تعالى : ﴿إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ﴾

    2. التأدب عند ذكره بأن لا يذكره مجرد الاسم بل مقرونا بالنبوة أو الرسالة كما قال تعالى : ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ﴾
      قال سعيد بن جبير ومجاهد: المعنى قولوا يا رسول الله، في رفق ولين، ولا تقولوا يا محمد بتجهم. وقال قتادة: أمرهم أن يشرفوه ويفخموه.

    3. الأدب في مسجده وكذا عند قبره وترك اللغط ورفع الصوت.

    4. توقير حديثه والتأدب عند سماعه وعند دراسته كما كن يفعل سلف الأمة وعلماءها في إجلال حديث رسول الله ﷺ.
      وكان مالك إذا أراد أن يجلس (أي للتحديث) توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك، فقال: أوقّر به حديث رسول الله.
      و كان سعيد بن المسيب وهو مريض يقول أقعدوني فإني أعظم أن أحدث حديث رسول الله ﷺ وأنا مضطجع.

  • تصديقه ﷺ فيما أخبر به : وهذا من أصول الإيمان وركائزه ومن الشواهد في هذا الباب ما ناله ابو بكر من لقب الصديق فعن عروة، عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: « لما أسري بالنبي ﷺ إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس.فمن كان آمنوا به وصدقوه وسمعوا بذلك إلى أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، فقالوا:هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس، قال:أو قال ذلك؟قالوا: نعم.قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح. قال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة.فلذلك سمي أبو بكر الصديق » .هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

  • اتباعه ﷺ وطاعته والاهتداء بهديه : فطاعة الرسول هي المثال الحي والصادق لمحبته ولهذا قال تعالى: ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم﴾

  • الاقتداء به ﷺ من أكبر العلامات على حبه :
    قال تعالى : ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا﴾

    فالمؤمن الذي يحب النبي ﷺ هو الذي يقلده في كل شيء في العبادة وفي الأخلاق وفي السلوك وفي المعاملات وفي الآداب كما كان شأن الصحابة الكرام فعن نافع قال لو نظرت الى ابن عمر في اتباعه لرسول الله ﷺ لقلت هذا مجنون ومما يروى عنه في هذا الباب

  • الدفاع عنه ﷺ : إن الدفاع عن رسول الله ونصرته علامة من علامات المحبة والإجلال .
    وقد سطر الصحابة أروع الأمثلة وأصدق الأعمال في الدفاع رسول الله وفدائه بالأموال والأولاد والأنفس في المنشط والمكره .كما قال تعالى : ﴿ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ﴾

    والدفاع عن النبي ﷺ بعد موته أنواع نذكر منها:

    1. نصرة دعوته ورسالته بكل ما يملك المرء من مال ونفس ....
    2. الدفاع عن سنته صلى الله عليه وسلم :بحفظها وتنقيحها وحمايتها ورد الشبهات عنها .
    3. نشر سنته صلى الله عليه وسلم وتبليغها خاصة وأن النبي ﷺ قد أمر بذلك في أحاديث كثيرة كقوله" فليبلغ الشاهد الغائب " وقوله "بلغوا عني ولو آية ".

    رابعا : حال الصحابة في محبتهم للنبي ﷺ

    لقد أحب الصحابة الكرام رسول الله ﷺ حبا ليس له نظير وصل الى درجة أن افتدوه بأنفسهم وأموالهم وأولادهم وآباءهم :

    نماذج مختلفة

    من الشباب :
    علي ابن أبي طالب ونومه في فراش النبي ﷺ ليلة أن أراد المشركون قتله وسئل علي بن أبي طالب كيف كان حبكم لرسول الله ﷺ ، ققال : كان والله أحب إلينا من أموالنا واولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ.

    من الرجال :
    قصة قتل زيد بن الدثنة ، قال ابن إسحاق : اجتمع رهط من قريش ، فيهم أبو سفيان بن حرب ؛ فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل : أنشدك الله يا زيد ، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه ، وأنك في أهلك ؟ قال : والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه ، وأني جالس في أهلي . قال : يقول أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا

    أخرج الطبراني وحسنه عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: "يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية : ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم...﴾

    من النساء :
    أخرج ابن إسحاق: عن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله ﷺ بأحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله ﷺ ؟
    قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين.
    قالت: أرونيه حتى أنظر إليه.
    قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل.

    خامسا :جزاء محبة النبي ﷺ

    روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
    أَنَّ أَعْرَابِيَّا قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: مَتَىَ السَّاعَةُ ؟
    قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ : مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللهِ وَرَسُولِهِ.قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء ما فرحوا به.‏ فنحن نحب رسول الله ﷺ ولا نستطيع أن نعمل كعمله فإذا كنا معه فحسبنا.‏

    كتبه : د. أبو صهيب الرهواني

    لا تنس ذكر الله
    لا إله إلا الله
    0 / 100

    إقرأ المزيد :





  • عدد الزوار :
    Loading...
    شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
    Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية