خالد بن الوليد

خالد بن الوليد

خالد بن الوليد


نسب خالد بن الوليد

خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي ، أبو سليمان ، أحد أشراف قريش في الجاهلية وكان إليه القبّة وأعنّة الخيل ، أمّا القبة فكانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهزون به الجيش وأما الأعنة فإنه كان يكون المقدّم على خيول قريش في الحرب ، كان اسلامه في شهر صفر سنة ثمان من الهجرة ، حيث قال الرسول ﷺ : « الحمد لله الذي هداك ، قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير» .

والدة خالد بن الوليد

كان خالد بن الوليد ميمونَ النقيبـة ، وأمّه عصماء ، وهي لبابة بنت الحارث أخـت أم الفضـل بنت الحارث ، أم بني العباس بن عبد المطلب ، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله ﷺ.

قصة إسلام خالد بن الوليد

تعود قصة اسلام خالد الى ما بعد معاهدة الحديبية حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد ، ودخل الرسول ﷺ مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد ، فقال : أين خالد ؟ فقال الوليد : «يأتي به الله . فقال النبي ﷺ : « ما مثله يجهل الاسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ، ولقدمناه على غيره » فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده ، فترك له رسالة قال فيها : «بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فأني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الاسلام وعقلك عقلك ، ومثل الاسلام يجهله أحد ؟!وقد سألني عنك رسول الله، فقال أين خالد وذكر قول النبي ﷺ فيه – ثم قال له : فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه ، فقد فاتتك مواطن صالحة » وقد كان خالد رضي اللـه عنه يفكر في الاسلام ، فلما قرأ رسالة أخيـه سر بها سرورا كبيرا ، وأعجبه مقالة النبـي ﷺ فيه ، فتشجع و أسلـم.

رؤيا خالد بن الوليد

رأى خالد في منامه كأنه في بلادٍ ضيّقة جديبة ، فخرج إلى بلد أخضر واسع ، فقال في نفسه : «إن هذه لرؤيا» فلمّا قدم المدينة ذكرها لأبي بكر الصديق فقال له : «هو مخرجُكَ الذي هداك الله للإسلام ، والضيقُ الذي كنتَ فيه من الشرك».

رحلة خالد بن الوليد

يقول خالد عن رحلته من مكة الى المدينة : « وددت لو أجد من أصاحب ، فلقيت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة ، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرا ، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص ، فقال : « مرحبا بالقوم» قلنا : «وبك » قال: «أين مسيركم ؟» فأخبرناه ، وأخبرنا أيضا أنه يريد النبي ليسلم ، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان».

قدوم المدينة

لما رآهم رسول الله ﷺ قال لأصحابه : «رمتكم مكة بأفلاذ كبدها » يقول خالد : «ولما اطلعت على رسول الله ﷺ سلمت عليه بالنبوة فرد على السلام بوجه طلق ، فأسلمت وشهدت شهادة الحق ، وحينها قال الرسول ﷺ الحمدلله الذي هداك قد كنت أرى لك عقلا لا يسلمك الا الى الخير» وبايعت الرسـول وقلت : «استغفر لي كل ما أوضعـت فيه من صد عن سبيل اللـه » فقال : «إن الإسلام يجـب ما كان قبله» فقلت :« يا رسول الله على ذلك » فقال : «اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك » وتقدم عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ، فأسلما وبايعا رسول الله.

غزوة مؤتة

كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد ، وقد قتل قادتها الثلاثة : زيد بن حارثة ، ثم جعفر بن أبي طالب ، ثم عبدالله بن رواحة رضي الله عنهم ، فسارع الى الراية ( ثابت بن أقرم ) فحملها عاليا وتوجه مسرعا الى خالد قائلا له : «خذ اللواء يا أبا سليمان » فلم يجد خالد أن من حقه أخذها فاعتذر قائلا : «لا ، لا آخذ اللواء أنت أحق به ، لك سن وقد شهدت بدرا » فأجابه ثابت : «خذه فأنت أدرى بالقتال مني ، ووالله ما أخذته إلا لك » ثم نادى بالمسلمين : «أترضون إمرة خالد ؟» قالوا : « نعم » فأخذ الراية خالد وأنقذ جيش المسلمين ، يقول خالد : «قد انقطع في يدي يومَ مؤتة تسعة أسياف ، فما بقي في يدي إلا صفيحة لي يمانية »

وقال النبيﷺ عندما أخبر الصحابة بتلك الغزوة : «أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب ، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،وعيناه ﷺ تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم » فسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله.

هدم العُزّى

بعث الرسول ﷺ إلى العُزّى يهدِمُها ، فخرج خالد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها ، ثم رجع إلى النبي ﷺ فقال : «هُدِمَتْ ؟ » قال : «نعم يا رسول الله » فقال رسول الله ﷺ : «هل رأيت شيئاً ؟ » فقال : «لا » فقال : «فإنك لم تهدِمْها ، فأرجِعْ إليها فاهدمها » فرجع خالد وهو متغيّظ ، فلما انتهى إليها جرّد سيفه ، فخرجت إليه إمرأة سوداء عُريانة ، ناشرة الرأس ، فجعل السادِنُ يصيح بها ، قال خالد : «وأخذني اقشِعْرارٌ في ظهري » فجعل يصيح :

أعُزَّيَّ شـدِّي شدّةً لا تكذّبـيأ
                    عُزّيَّ فالْقي للقناع وشَمِّـري
أعُزَّي إن لم تقتلي اليومَ خالداً
                    فبوئي بذنبٍ عاجلٍ فتنصّري

وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول :

يا عُزَّ كُفرانَكِ لا سُبحانَك
                    إنّي وجدتُ اللهَ قد أهانَكِ

فضربها بالسيف فجزلها باثنتين ، ثم رجع الى رسـول الله ﷺ فأخبره فقال : «نعم ! تلك العُزّى قد أيِسَتْ أن تُعبدَ ببلادكم أبداً» ثم قال خالد : «أيْ رسول الله ، الحمدُ لله الذي أكرمنا بك ، وأنقذنا من الهَلَكة ، ولقد كنت أرى أبي يأتي إلى العُزّى نحيرُهُ ، مئة من الإبل والغنم ، فيذبحها للعُزّى ، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً ، فنظرتُ إلى ما مات عليه أبي ، وذلك الرأي الذي كان يُعاش في فضله ، كيف خُدع حتى صار يذبح لحجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ؟! » فقال رسول الله ﷺ :«إنّ هذا الأمرَ إلى الله ، فمَنْ يسَّرَهُ للهّدى تيسر ، ومَنْ يُسِّرَ للضلالة كان فيها».

حروب الردة

شارك خالد بن الوليد في فتح مكة وفي حروب الردة ، فقد مضى فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبُطاح ، وقتل مالك بن نويرة ، ثم أوقع بأهل بُزاخَة – وهي المعركة التي كانت بين خالد وطليحة بن خويلد- ، وحرقهم بالنار ، وذلك أنه بلغه عنهم مقالة سيئة ، شتموا النبي ﷺ ، وثبتوا على ردّتهم ، ثم مضى الى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة.

بلاد الفرس

في فتح بلاد الفرس استهل خالد عمله بإرسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فالحمدلله الذي فض خدمكم ، وسلب ملككم ، ووهّن كيدكم ، من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا ، إذا جاءكم كتابي فابعثوا إلي بالرّهُن واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة ! » وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدون جيوشهم لمواجهته لم ينتظر ، وإنما سارع ليقابلهم في كل مكان محققا للإسلام النصر تلو الآخر ، ولم ينس أن يوصي جنوده قبل الزحف : « لا تتعرضوا للفلاحين بسوء ، دعوهم في شغلهم آمنين ، إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم ، فآنئذ قاتلوا المقاتلين».

معركة اليرموك وبطولاتها

أولى أبوبكر الصديق إمرة جيش المسلمين لخالد بن الوليد ليواجهوا جيش الروم الذي بلغ مائتي ألف مقاتل وأربعين ألفا ، فوقف خالد بجيش المسلمين خاطباً : « إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم ، وتعالوا نتعاور الإمارة ، فيكون أحدنا اليوم أميراً والآخر غداً ، والآخر بعد غد ، حتى يتأمر كلكم».

قبل أن يخوض خالد بن الوليد القتال ، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه بالذات من هم حديثي عهد بالإسلام ، من أجل هذا ولأول مرة دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف ، وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن : «من يولي هاربا ، فاقتلنه».

وقبيل بدء القتال طلب قائد الروم أن يبرز إليه خالد ، وبرز إليه خالد ، في الفراغ الفاصل بين الجيشين ، وقال (ماهان) قائد الروم : «قد علمنا أنه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أعطيت كل واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما ، وترجعون إلى بلادكم ، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها !» وأدرك خالد ما في كلمات الرومي من سوء الأدب ورد قائلا : «إنه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذكرت ، ولكننا قوم نشرب الدماء ، وقد علمنا أنه لا دم أشهى ولا أطيب من دم الروم ، فجئنا لذلك !» وعاد بجواده الى صفوف الجيش ورفع اللواء عاليا مؤذنا بالقتال : «الله أكبر ، هبي رياح الجنة».

ودار قتال قوي ، وبدا للروم من المسلمين مالم يكونوا يحتسبون ، ورسم المسلمون صورا تبهر الألباب من فدائيتهم وثباتهم فها هو خالد غلى رأس مائة من جنده ينقضون على أربعين ألف من الروم ، يصيح بهم : «والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم ، وإني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم ». وبالفعل انتصر المائة على الأربعين ألف.

وقد انبهر القادة الروم من عبقرية خالد في القتال ، مما حمل (جرجه) أحد قادتهم للحديث مع خالد ، حيث قال له : «يا خالد اصدقني ، ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاك إياه ، فلا تسله على أحد إلا هزمته ؟ » قال خالد : «لا» قال الرجل : «فبم سميت سيف الله ؟ » قال خالد : «إن الله بعث فينا رسوله ، فمنا من صدقه ومنا من كذب ، وكنت فيمن كذب حتى أخذ الله قلوبنا إلى الإسلام ، وهدانا برسوله فبايعناه ، فدعا لي الرسول ، وقال لي : "أنت سيف من سيوف الله " فهكذا سميت سيف الله » قال القائد الروماني : «وإلام تدعون ؟ » قال خالد : «إلى توحيد الله وإلى الإسلام » قال : «هل لمن يدخل في الإسلام اليوم مثل مالكم من المثوبة والأجر ؟ » قال خالد : «نعم وأفضل » قال الرجل : «كيف وقد سبقتموه ؟ »قال خالد : « لقد عشنا مع رسول الله ﷺ ورأينا آياته ومعجزاته وحق لمن رأى ما رأينا ، وسمع ما سمعنا أن يسلم في يسر ، أما أنتم يا من لم تروه ولم تسمعوه ثم آمنتم بالغيب ، فإن أجركم أجزل وأكبر إذا صدقتم الله سرائركم ونواياكم » وصاح القائد الروماني وقد دفع جواده إلى ناحية خالد ووقف بجواره : « علمني الإسلام يا خالد ! » وأسلم وصلى لله ركعتين لم يصل سواهما ، وقاتل جرجه الروماني في صفوف المسلمين مستميتا في طلب الشهادة حتى نالها وظفر بها.

تولي الخلافة بعد عمر

في أثناء قيادة خالد رضي الله عنه معركة اليرموك التي هزمت فيها الامبراطورية الرومانية توفي أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، وتولى الخلافة بعده عمر رضي الله عنه ، وقد ولى عمر قيادة جيش اليرموك لأبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة وعزل خالد ، وصل الخطاب الى أبي عبيدة فأخفاه حتى انتهت المعركة ، ثم أخبر خالدا بالأمر فلم يغضب خالد رضي الله عنه ، بل تنازل في رضى وسرور ، لأنه كان يقاتل لله وحده لا يبغي من وراء جهاده أي أمر من أمور الدنيا.

قلنسوة خالد بن الوليد

سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك ، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال : «إن فيها بعضا من شعر ناصية رسول االله وإني أتفائل بها وأستنصر » ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول ﷺ رأسه أعطى خالداً ناصيته ، فكانت في مقدم قلنسوته ، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله تعالى .

فضل خالد بن الوليد

قال الرسول ﷺ: « نِعْمَ عبد الله خالد بن الوليد ، سيْفٌ من سيوف الله» .
قال خالد رضي الله عنه: « ما ليلة يهدي إليّ فيها عروسٌ أنا لها محب ، أو أبشّرُ فيها بغلامٍ أحبَّ إلي من ليلة شديدة الجليد في سريّةٍ من المهاجرين أصبِّحُ بها العدو» . وأمَّ خالد الناس بالحيرة ، فقرأ من سُوَرٍ شتى ، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: « شغلني عن تعلّم القرآن الجهادُ ».
نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير بني المرازبة فقالوا له : «احذَرِ السُّمَّ لا يسقيكهُ الأعاجم » فقال : « إئتوني به » فأتِيَ به فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال : «بسم الله » فلم يُضرَّه شيئاً.

وأخبِرَ خالد رضي اللـه عنه أنّ في عسكره من يشرب الخمر ، فركب فرسـه ، فإذا رجل على مَنْسَـجِ فرسِـهِ زِقّ فيه خمر ، فقال له خالد : «ما هذا ؟ » قال : «خل» قال : «اللهم اجعله خلاّ» فلمّا رجع الى أصحابه قال : «قد جئتكم بخمر لم يشرب العربُ مثلها » ففتحوها فإذا هي خلّ قال : «هذه والله دعوة خالد بن الوليد».

وفاة خالد بن الوليد

استقر خالد في حمص من بلاد الشام فلما جاءه الموت ، وشعر بدنو أجله ، قال : «لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، وما في جسدي شبر الا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم ، أو طعنة برمح ، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، ألا فلا نامت أعين الجبناء » وكانت وفاته سنة احدى وعشرين من الهجرة النبوية مات من قال عنه الصحابة : «الرجل الذي لا ينام ، ولا يترك أحدا ينام » وأوصى بتركته لعمر بن الخطاب والتي كانت مكونة من فرسه وسلاحه .

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :





عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية