رمضان ، فرصة للتربية والتعليم ..

رمضان ، فرصة للتربية والتعليم ..
الفئة: رمضانيات

رمضان ، فرصة للتربية والتعليم ...


الحمـد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ.

إن مـن خصال العاقل أن يتعرض لتفضـل الله على عباده بـأنـواع الأعطيات في الأزمنة والأمكنة الفاضلة ، ومن ذلك تعرضه لما يكون من فضل الله ، وجوده في شهر رمضان شهر القرآن والغفران.

فهذا الشهر الكريم موسـم لتربية النفس على الطاعات ، والبعـد عـن المنكرات ، وتعلم أحكام الشرع الحنيف ، وهو فرصـة أعظـم للـدعـاة لتربيـة النـاس ، وتعليمهم أمـر دينهم.

ولذلك فهم يتحينون أمثال تلك الفرص ؛ للقيام بأمر الله ، والعمل بالحسنى على دعوة الناس للحق .

رمضان فرصة للتربية على المنهج الصحيح

إن شهر رمضان فرصة للتربية على المنهج الصحيح في تلقي العلم والفتوى ، فينتهز طالب العلم هذا الشهر الكـريـم في تعليم الناس الأحكام الشرعية ، وإرسـاء المنهج السليم في تلقي تلك الأحكام ، فمن ذلك مثلاً : الحرص على الدليـل ، وأن يكون الدليـل صحيحاً .

ثم سـؤال أهل العلـم الثقات عمّا يجهل مـن الأحكام ، وعدم تتبع زلات العلماء ورخصهم ، وما أحوج الناس إلى معرفة تلك القضايا المنهجية ، التي يعول عليها المرء أول ما يعول في أمر دينه .

رمضان فرصة لتربية الناس على التسليم لأمر الله

في رمضان فرصة لتربية الناس على التسليم لأمر الله الشرعي ، وأنـه لا نقـاش ولا اعتراض على نصوص الشرع ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليمًا﴾ [النساء: ٦٥] ، ولقـد جـاء عمر ﷺ إلى الحجر الأسود فقبله ثم قال : « إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك » متفق عليه

قـال ابـن حـجـر في فتـح الـبـاري : « في قـول عـمـر هذا التسليم للشارع في أمور الدين ، وحسن الاتباع فيها لم يكشف عن معانيها ، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي فيها يفعله ، ولو لم يعلم الحكمة فيه » فتح الباري .

فلا بد أن يتعلم الناس مـن رمضـان ، ويعلموا احترام النصوص الشرعية ، وعدم الاعتراض عليها ، وعدم تقديـم العقل على النص ، كما يفعل الجاهلون في هذا الزمان .

رمضان فرصة لتربية النفس على الإخلاص

لا بد من استثمار فرصـة هذا الشهر الكريـم لتربية النفس على الإخلاص ؛ لأن الصيام عبـادة خفية ليس فيها عمل يشاهد كما في سائر العبادات والطاعات ، ولا شك أن ملاحظة هذا المعنى يساعد في تنمية الإخلاص في النفس . ولذلك فإن هـذا الصيام يمكن أن يكون فرصة لتقوية الوازع الداخلي ، والـذي هـو واعـظ الله في قلب كل مسلم ، فيأتي الصيام ؛ ليذكر العبد بأهمية هذا الواعظ ، ويقويه وينميه .

رمضان فرصة لتربية الإرادة وتقويتها

وكما أن الصيام فرصة سانحة في تربية الإرادة وتقويتها ، فالعبد يقهر عدوه ، ويروض نفسـه ، ويصبر على الجوع والعطش ، وفي هذا ترويض للنفس على ترك مألوفاتها .

وكذلك من الأمور المهمة التي يستفاد فيها من رمضان ، تعليم الناس قضية يسر الشريعة ، وهذه المسألة في غاية الأهمية ؛ وذلك لأنه استقر في أذهان كثير من الناس أن في الديـن صعوبات وتشديدات ، وهي فكرة يروّج لها أعـداء الديـن في مقالاتهم وفي كتبهـم ؛ بزعمهم أن الديـن قيود وآصار وأغلال ، فلا بد من استثمار فرصة رمضان ، وأحكامه ، ورخصه المتعددة ، فالنبي ﷺ بعث بالحنيفية السمحة ، والله تعالى يقول : ﴿.. وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ ...ُ﴾ [الحج: ٧٨]
. أي : لم يكلفكم ما لا تطيقون ، وما ألزمكم بشيء فشـق عليكم ، إلا جعل الله لكـم فـرجـاً ومخرجاً ، ويسّره لكم غاية التيسير ، وسهله غاية السهولة ، وما أمر وألزم إلا بـا هـو سـهـل عـلى النفوس ، لا يثقلهـا ولا ينفّرها ، ثم إذا عرضت بعض الأسباب الموجبة للتخفيف ، خفف ما أمر به ، إما بإسقاطه ، أو إسقاط بعضه .

وهناك الكثير من الأمثلة التي ذكرها العلماء في أحكام الصيام ؛ تـدل عـلى يـسر الشريعة ، فينبغي استثمار الفرصة ؛ لتعليم الناس أن هذا الدين يسر . ولكـن في الوقت نفسه لا يجوز التلاعـب بأحكام الشريعة ، فبعض الناس تصل بهم قضيـة اليسر إلى أن يخرج بالشريعـة عن معناهـا وحدودهـا ، فيحتال على أحكام الشرع ، وهذا من صور الاستهزاء ، ومن طريقة بني إسرائيل الذين أحلّوا ما حرم الله بأدنى الحيل . وكما أن الشريعة تحارب التلاعب فهي أيضاً تحارب الغلو ، ومن أمثلة ذلك : أنه لا يجوز صيام يوم العيد ، وينهى عن الوصال ؛ أن يصل يوماً بيوم في رمضان ، دون إفطار ؛ لأنه من الغلو.

رمضان فرصة لتعليم الناس عظمة الشريعة

وكذلك فرمضـان فرصـة سانحة ؛ لتعليـم النـاس عظمة هذه الشريعة ، ومن عظمتها استيعابها لجميع المستجدات في أحكام الصيام ؛ كغسيل الكلى ، والبنج ، وموانـع الـدورة الشهرية ، وحشـو عصب السن ، ومعجون الأسنان ، والسفر بالطائرة ، والتطعيمات ، ونقل الـدم ، ودواء الربو ، والمغذيات ونحو ذلك ؛ كلها تجد لها جواباً في الشريعة بالنص ، أو بالقياس ، علمه من علمه ، وجهله من جهله ، وهذا يدل على سعة هذه الشريعة وعظمتها ، وأنها صالحة لكل زمان ومكان .

ومن أهم الأمور التي نستفيدها من شهر رمضان تميزنا بعقيدتنـا وشريعتنـا عن غيرنا ، قال الله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾ [البقرة: ١٨٣] ، فبدل أهـل الكتاب وغيروا ، وحرفوا مـا أمرهم الله به . وفرض الصيام أول ما فرض على النصارى في الصيف ، فشق ذلك عليهم ، فنقلوه إلى الربيع ، وزادوا عشرة أيام بزعمهم كفارة للتغيير ، ثم بعد ذلك صارت لهم أزمة اقتصادية في قضية اللحم ، والجبن ، والبيض ، والمشتقات الحيوانية ، فأمـر أحد ملوكهم بأن يصام عن هذه المشتقات ، وصار هذا المرسوم هو الصيام عندهم ، وعصم الله هـذه الأمة من التغيير ، والتبديل في أحكام دينها .

رمضان فرصة لترغيب الناس في المستحبات

ورمضـان بعباداتـه المتنوعة ؛ فرصة لترغيب الناس في المستحبات ، وتعليمهم أحكامها ، ومن ذلك :
• التنبيه على فضل صلاة التراويح ، وشرف قيام الليل ، وما يتبع ذلك من الخشوع . .
• وكذا التنبيه على الإكثار من قراءة القرآن ، وتعلم أحكام التلاوة وآدابها ؛ فإن رمضان شهر القرآن ، يقبل الناس فيه عليه . .
• وكذلك الكلام عـن أحكام الزكاة ؛ لأن كثيراً من الناس قد اعتاد إخراج زكاة ماله في رمضان . .
• وكذلك الـكـلام عـلى أحكام الاعتكاف ، وآداب المساجد ، وحسن الصحبة . .
• وكذلـك بيـان أحكام العمـرة ، لحرص الناس على القيام بها في رمضان ؛ لفضلها ، فإن عمرة في رمضان تعـدل حجـة ، فنحـث الناس عليهـا ، ونبين لهم ما يهمهم من أحكامها .
• وكذا فرمضان زمان مبارك ؛ يحسـن فيه التمرس على أداء أنواع من العبادات فيها نفع للمسلمين ، وذلك مثل تفطير الصائمين ، وقد قال رسول اللہ ﷺ : « من فطـر صـائـاً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً » رواه الترمذي وابن ماجه . ومـا أحسـن أن توضع موائد الإفطار للفقـراء والمساكين ، ويجلس أهل الحي معهم لتناول الإفطار.
• وإعداد المساجد وتنظيفها وتطييبها ، وتهيئتها للصيام والقيـام ، ومـا تحتاج إليه مـن إنارة وتكييف وتهوية ، ونحو ذلك ؛ مما ينبغي الالتفات إليه ، وكذا المزيد من التوجيهات ، والمعنويات التي يقوم بها إمام المسجد للناس ؛ لتحفيزهم على العبادة . .

ومما ينبغي التنبيه عليه أيضاً :
• بيـان مفاسد إطالة السهر في مـا لا يفيد ، فإن كثيراً مـن النـاس في رمضـان يسهرون على القنـوات ،وفي المنتزهات ، والباحـات ، وعـلى الأرصفة ، وفي الأسواق ؛ يضيعون الزمان . .
• وكـذا التحذيـر مـن خـطـورة الإكثـار مـن الطـعـام ، والإسراف فيه ، وبيان أن المهتـم بأمر دينه ، لا يكون من المسرفين . .
• وكذلك التحذير من تحـول هـذه العبـادة العظيمة إلى عـادة ، فـإن بعض الناس تتحـول عندهم بعض العبـادات إلى عادات ، وبالتالي تتفرغ من مضمونها ، ولا يكون لها تأثير .

رمضان شهر التفقه في الدين

وكذلك مما لا بد من تذكير الناس به في رمضان : ألا يمنعهم الحياء من التفقه في الدين . فقد تجد الفتاة الصغيرة ؛ وقد حاضت ، فيمنعها الحياء والخجـل بزعمها أن تخبر بأمرها ، ويكون نتيجة ذلك ألا تصوم رمضان ، وقد أصبح واجباً عليها ! وأخـرى تحيض أثنـاء رمضان ، فلا تخبر أهلها بذلك خجلاً ، وتبقى على صيام أيام الدورة ، ولا تقضي .

رمضان فرضة لتنبيه الناس على بعض الأحاديث الضعيفة

وكذلك فإن الشهر الكريم فرصة لتنبيه الناس على بعض الأحاديث الضعيفة . ولا شك أن انتشار الأحاديث الضعيفة له آثار سلبية كثيرة ، وهو نقل عن النبي ﷺ لما لم يثبت أنه قاله ، فمن تلك الأحاديث حديث : « نوم الصائم عبادة » ، وحديث : « صوموا تصحوا » ، وحديث : « من أفطر يوماً من رمضان من غير عذر لم يجزه صيام الدهر كله ولو صامه » ، وحديث : « صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ، ولا يرفع إلا بـزكاة الفطر » ، فهـذه الأحاديث وغيرها مما لم يصـح قد انتشرت بين الناس ، فينبغي التنبيه على عدم صحتها ، والتحذير من رواية الأحاديث قبل التثبت من صحتها .

رمضان فرصة لتعليم الناس الإهتمام بالسنة

وكذلـك تعليـم النـاس الاهتمام بالسنة مـن الفرص التي تنتهـز في رمضان ، فقضية الالتزام بالسنة قضية منهجية مهمة ، فالسنن تكمل الفرائض ، وترفع قدر العبد ، وتعين على التقوى ، وحفظ النفس . إن من أسباب ضعف تأثير رمضان في نفوس الناس ؛ القصور أحياناً في تهيئتهم لهذا الموسم العظيم ، فتجد تقصيراً من بعض الخطباء وطلبة العلم في ذلك ، وقد جعـل الله تعالى الصيام إعانة للدعاة ؛ فإن الشياطين تصفد فيه ، وفيـه تنكسر النفوس ، ويـزول عنها كثير مـن الأشر ، والبطـر ، والغفلة ، والحدة التي تمنع من الاستجابة لداعي الله .

التذكير بفضائل رمضان

ومما يزيد من تأثير رمضان في نفوس الناس التذكير بفضائل رمضان ، ومن ذلك :
« مـن صام رمضان إيماناً واحتساباً ؛ غفر له ما ه ما تقدم من ذنبه » متفق عليه .
« إن في الجنة بابـا قـال لـه ( الريان ) ، يدخـل منـه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم » متفق عليه .
« لخلـوف فـم الصـائـم أطيـب عنـد الله مـن ريـح المسك » متفق عليه.
« وللصائم فرختـان يفرحها ؛ إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه» متفق عليه.
•بيـان أنه وسيلة للتقـوى ، وأن النفس إذا امتنعت عـن الحلال ؛ طمعاً في مرضاة الله تعالى ، وخوفاً من عقابه ، فامتناعها عن الحرام أولى .
• التذكير بفوائد الصيام ، والتي منها أن الإنسان إذا جاع بطنه انقمعت شهوته ، وأنه إذا صام علم حال الفقراء في جوعهم ، فيرحمهـم ويعطيهـم ، وليس الخبر كالمعاينة . وفي هـذا إشاعة خلـق المواساة والإيثار .
• وتأديب الناس بالآداب الشرعية ؛ مما ينتهز له هذا الشهر ، فعـن أبي هريرة ﷺ قال : قال رسول الله ﷺ : « إذا كان يـوم صـوم أحدكم ؛ فلا يرفت ، ولا يصحب ، فإن سـابه أحد ، أو قائله ؛ فليقل : إني امرؤ صائم » متفق عليه .
•ولا بد أن يكـون هـنـاك مـع الصيام امتنـاع عـن الكذب والنميمة والغيبة والغش ، وبالتالي كل المحرمات ، وخاصة التي تنتشر في ليالي رمضان : كمتابعـة القنوات المفسدة ، وسـاع آلات اللـهـو والغناء ، وغير ذلك .

رمضان فرصة للتوبة

ومما تكثر الحاجة لبيانه في رمضـان موضوع التوبة ، والتعرض لرحمة الله وجوده في شهر الكرم والجود وتنزل الرحمات ؛ إذ يقبل العبد على ربه ، ويحسن الظن به ، ويحب ما يحب ، ويكره ما يكره ، رجاء أن يغفر له ، فقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له.

رمضان فرصة لإيصال الموعظة للمرأة

رمضـان فرصة لإيصال الموعظة للمرأة ، التي قد لا تصلهـا إلا في رمضـان ، كيـف تشعر المرأة بأنها شقيقة الرجل ، وأنه يجب عليهـا التفقه في أمر دينها ، ومعرفة أحكام الشريعة التي تخصهـا ، كأحكام الحيض والنفاس ، وخاصة في رمضان؟

وبطبيعة الحال فلا بد مـن تذكيرهـا وتعريفها بـالآداب الشرعيـة التي تخصها عنـد الخروج للصلاة ، أو للتسـوق وغير ذلك من ترك التعطـر والتبخر ، وأن لا تذهـب مع السائق في خلوة ، أو ترتدي ملابس زينـة ، وكذلك تنبه إلى قضية عدم تضييع الوقت في إعداد المأكولات ، والتفنن في الأطباق والصحـون ، فإن الله لا يحب المسرفين ، وأن لا تنشغل بإعـداد الأطعمة عن العبادة ، فتستشعر حلاوة العبادة بالتفرغ لهـا ، مـع احتساب الأجـر في الانشغال بقيام الليـل ، وقراءة القرآن ، وكـذا في تفطير الصائمين في بيتها ، وتستشعر أجر : « من فطر صائمًا فله مثل أجره » ، وكذلك لا تنشغل بالصفق في الأسواق ، وتضيع أجل الأوقات ، وأثمن المواسم في الأسواق ، مع أنها بإمكانها قضاء كثير من هذه الحاجيات قبل دخول الشهر.

رمضان فرصة لتربية الأبناء على الطاعة والإمتثال لأمر الله

وأيضـاً فرمضان فرصة طيبة لتربية أولادنا على الطاعة ، والامتثال لأمر الله ، وذلك بتدريب من يطيـق منهم الصيام عليه ، وقد كان الصحابة يجعلون لصبيانهم الألعاب من العهن – وهو الصوف- يستعملونها ملهاة للولد عن الجوع وألمه ، فإذا بكى من ألم الجوع ؛ أعطوه اللعبة ، حتى يأتي وقت المغرب .

رمضـان فـرصة للاهتمـام بالجاليات

كذلك تتهيأ في رمضـان فـرص عظيمـة للاهتـمام بالجاليات ، فكثير من الأعاجم يعيشون بيننا ، وهؤلاء منهـم الكـفـرة الذين يحتاجون إلى دعـوة صالحة للدخول في دين الله ، والمسلمون منهـم يحتاجون إلى تعليم وإرشـاد ، ومنهم من يأتي من بلاده ببدع كثيرة ، ومعتقدات باطلة ، فهؤلاء لا بد أن يكـون لهم من جهد الدعاة نصيب ، لا بد من رعاية فقرائهم ، وتعليم جاهلهم ، ونصح غافلهم ، والترفق معهم .

كذلـك مـن وظيفـة الـدعـاة إلى الله تعالى ؛ التنبيه إلى الأخطار المحدقة بالأمة التي يقوم بها أعداء الدين في صرف النـاس عـن حقيقة رمضان ، وشغلهم ببرامج الطبـخ وطبـق اليـوم ، والفوازيـر بما فيهـا مـن المجون وإضاعة الوقت ، والسهرات والمسلسلات ، والبرامج المنظمة لإلهـاء المسلمين عـن الديـن ، وتحويل شـهر العبادة والقرآن إلى شهر فسـق ومجون ولهو وسهر في المعاصي ، وهذه مسألة خطيرة يجب على الدعاة أن يقوموا ببيانها للناس .

وكذلك فلا بد من توجيه الخطاب وتحسينه لهذا الذي جاء إلى المسجد لأول مرة ، وأولئك الذين شغلتهم الملاهي والمحرمات ، ثـم جـاءوا اليوم تائبين ، ماذا سنقول لهم ؟ إن الداعية الناجح هو الذي يظفر آخر الشهر بمكسب عظيم ؛ قوم كانوا أول الشهر غافلين ، فلم ينطو الشهر حتـى عـادوا تائبين ، ملتفين حـول صاحبهـم الذي هداهم الله به ، وهذا من معايير نجاح الداعية إلى الله.

الكسل في العشر الأواخر من رمضان

وكذلـك مـا ينبغي أن ينبـه عـلـيـه ؛ ظاهرة الكسـل في العشر الأواخـر ، ففـي بـدايـة العـشر الأوائـل يـكـون لرمضان فرحة تشمير للعبادة ، وإقبال على الطاعات ، ثـم يحدث فتور في وسط الشهر ، فإذا جـاءت العشر الأواخـر بميزاتها وفضائلها فترت النفوس ، وضعفت العزائم ، فينبغي أن تخص هذه الفترة في أولها بمرغبات ومذكرات ودوافع ؛ لأجل الاستمرار في العبادة .

كما ينبغي -أخيراً- أن ينتبه من يدعو غيره لنفسه ، وإلى أنـه لا بـد أن يأخـذ بحظه من التعرض لرحمات ربه ، وأسباب كرمه وجوده التي يدعـو الناس إليها ، فلا ينشغل بدعوة الناس وينسى نفسه ، بل ينبغي أن يكون قدوة ، ومن أحرص الناس على التفرغ للعبادة ، والانشغال بالقرآن والصلاة والأذكار ، وكافة أنواع البر التي عادة ما يكون هو من أعلم الناس بها .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستثمار الأوقات الفاضلة فيها يعـود علينـا بالنفـع في ديننا ؛ تربيـة للنفس على الخير ، وتعلياً لهـا ما يكون به صلاحها وفلاحها ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

من مؤلفات الشيخ محمد صالح المنجد
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



الفئة: رمضانيات
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية