رمضان والتذكير

رمضان والتذكير
الفئة: رمضانيات

رمضان والتذكير



أسباب تسمية الإنسان إنسانًا


مِنْ أَسْبَابِ تَسْمِيَةِ الْإِنْسَانِ إِنْسَانًا؛ لِأَنَّهُ يَنْسَى، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّذْكِيرِ بَيْنَ حِينٍ وَآخَرَ. وَأَبُو الْبَشَرِ آدَمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- نَسِيَ الْعَهْدَ مَعَ اللَّهِ -تَعَالَى- فَأَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ ذُكِّرَ فَتَذَكَّرَ، وَدُعِيَ لِلتَّوْبَةِ فَتَابَ، وَابْتُلِيَ الْبَشَرُ كُلُّهُمْ بِنِسْيَانِهِ، وَهُمْ كَذَلِكَ يَنْسَوْنَ، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾[طه: 115]، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "إِنَّمَا سُمِّيَ الْإِنْسَانَ لِأَنَّهُ عُهِدَ إِلَيْهِ فَنَسِيَ".

وَأَعْظَمُ شَيْءٍ يَنْسَاهُ الْإِنْسَانُ، وَأَشَدُّهُ ضَرَرًا عَلَيْهِ، أَنْ يَنْسَى خَالِقَهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وَيَنْسَى مُرَادَهُ مِنْهُ، وَهُوَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نِسْيَانٌ مَقْصُودٌ، وَهُوَ إِعْرَاضُ الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ عَنْ دِينِ اللَّهِ -تَعَالَى-، لَا يُرِيدُهُ وَلَا يَتَعَلَّمُهُ وَلَا يَسْتَمِعُ إِلَى وَاعِظِهِ وَدَاعِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[التَّوْبَةِ: 67]، وَيُقَالُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[السَّجْدَةِ: 14]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾[طه: 126]، وَفِي أُخْرَى: ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾[الْجَاثِيَةِ: 34].

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: نِسْيَانٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ؛ وَهُوَ نِسْيَانُ الْمُؤْمِنِ الطَّاعَاتِ الْمَنْدُوبَةَ، وَرُبَّمَا قَصَّرَ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَشُغِلَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَمَتَاعِ الدُّنْيَا عَنْ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ، وَالْقَبْرِ، وَالْآخِرَةِ، وَالْحِسَابِ، وَالْجَزَاءِ. وَقَدْ نَهَى اللَّهُ -تَعَالَى- الْمُؤْمِنِينَ عَنْ هَذَا اللَّهْوِ الَّذِي يُنْسِيهِمْ آخِرَتَهُمْ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾[الْمُنَافِقُونَ: 9]، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الدُّنْيَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ زِينَةٍ لَهْوٌ يُلْهِي صَاحِبَهُ، فَإِذَا أَعْطَاهَا الْعَبْدُ قَلْبَهُ شُغِلَ بِهَا وَنَسِيَ آخِرَتَهُ ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾[الْأَنْعَامِ: 32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾[الْحَدِيدِ: 20]. وَيَصِلُ بِهِ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ وَالِانْغِمَاسُ فِي الدُّنْيَا إِلَى نِسْيَانِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَالدَّارِ الْآخِرَةِ. نَعُوذُ بِاللَّهِ -تَعَالَى- مِنْ ذَلِكَ؛ وَلِذَا نَهَى اللَّهُ -تَعَالَى- عَنِ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الدُّنْيَا الْمُنْغَمِسِينَ فِيهَا إِلَى هَذَا الْحَدِّ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[الْحَشْرِ: 19]، "أَيْ: لَا تَنْسَوْا ذِكْرَ اللَّهِ -تَعَالَى- فَيُنْسِيَكُمُ الْعَمَلَ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِكُمُ الَّتِي تَنْفَعُكُمْ فِي مَعَادِكُمْ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ".

أهمية الأذكار المؤقتة بزمن


وَلِأَجْلِ أَنْ لَا يَنْسَى الْمُؤْمِنُ رَبَّهُ -سُبْحَانَهُ-، وَلَا يَنْسَى دِينَهُ وَآخِرَتَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- شَرَعَ لَهُ الْأَذْكَارَ الْمُؤَقَّتَةَ بِزَمَنٍ؛ كَأَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَالنَّوْمِ وَالِاسْتِيقَاظِ وَنَحْوِهِ، أَوِ الْمُرْتَبِطَةِ بِفِعْلٍ كَأَذْكَارِ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ، أَوِ الْأَذْكَارِ الْمُطْلَقَةِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا، وَأَمَرَ -سُبْحَانَهُ- الْمُؤْمِنِينَ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ؛ لِيَكُونَ اللَّهُ -تَعَالَى- حَاضِرًا فِي قُلُوبِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَيَجْرِي ذِكْرُهُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾[الْأَحْزَابِ: 41-42]، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾[الْأَحْزَابِ: 35]. وَبَيَّنَ أَنَّ الذِّكْرَ أَكْبَرُ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾[الْعَنْكَبُوتِ: 45]، وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ -تَعَالَى-"

أعظم الذكر وأفضله


وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَعْظَمَ الذِّكْرِ وَأَفْضَلَهُ مَا وَاطَأَ الْقَلْبُ فِيهِ اللِّسَانَ. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُكَافِحَ الْمُؤْمِنُ دَاءَ النِّسْيَانِ، فَلَا يَنْسَى اللَّهَ -تَعَالَى-، وَلَا يَنْسَى الْعَمَلَ بِمَا يُرْضِيهِ، وَلَا يَنْسَى الدَّارَ الْآخِرَةَ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَهَا يَدْفَعُهُ لِلْعَمَلِ لَهَا. وَالشَّيْطَانُ يَجْتَهِدُ فِي إِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ بِالدُّنْيَا؛ لِيَنْسَى اللَّهَ -تَعَالَى- وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، كَمَا أَغْوَى آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِالْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَنَسِيَ عَهْدَ اللَّهِ -تَعَالَى- فَأَكَلَ مِنْهَا.

عبادات أخرى تذكر الانسان


كَمَا أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- شَرَعَ عِبَادَاتٍ كَثِيرَةً غَيْرَ الذِّكْرِ تُحِيطُ بِزَمَنِ الْعَبْدِ لِيَتَذَكَّرَ رَبَّهُ -سُبْحَانَهُ-، وَأَعْظَمُهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَهِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَوْكَدُ الْفَرَائِضِ الْعَمَلِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُهَا تَذْكِيرًا بِاللَّهِ -تَعَالَى- وَبِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَيُنَادَى لَهَا بِذِكْرِ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَتُقَامُ بِذِكْرِهِ -سُبْحَانَهُ-، وَتُفْتَتَحُ بِتَكْبِيرِهِ -عَزَّ وَجَلَّ-. وَسَمَّاهَا اللَّهُ -تَعَالَى- إِيمَانًا فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾[الْبَقَرَةِ: 143]؛ أَيْ: صَلَاتَكُمْ. وَسَمَّاهَا ذِكْرًا فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[الْجُمُعَةِ: 9].

وَرَمَضَانُ حِينَ يَقْدُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَذَكِّرُهُمُ اللَّهَ -تَعَالَى- وَالدَّارَ الْآخِرَةَ؛ حَيْثُ الصِّيَامُ وَالْقِيَامُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ، وَتَفْطِيرُ الصُّوَّامِ، وَالاسْتِغْفَارُ فِي الْأَسْحَارِ، وَالتَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلَوَاتِ، وَلُزُومُ الْمَسَاجِدِ، وَمُصَاحَبَةُ الْمَصَاحِفِ. وَكَذَلِكَ مَا يُتْلَى مِنَ الْآيَاتِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ مُذَكِّرٌ لِجُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعَقَائِدِ وَالْأَخْبَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ؛ فَرَمَضَانُ تَذْكِرَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا نَسُوا، وَتَنْبِيهٌ لَهُمْ إِذَا غَفَلُوا، وَإِخْرَاجٌ لَهُمْ مِنْ أَتُونِ الدُّنْيَا بَعْدَ الِانْغِمَاسِ فِيهَا إِلَى حَيْثُ الذِّكْرُ وَالْقُرْآنُ وَالتَّذْكِيرُ بِاللَّهِ -تَعَالَى- وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأُمِرَ بِالتَّكْبِيرِ خِلَالَ آيَاتِ الصِّيَامِ فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[الْبَقَرَةِ: 185].

الإستفادة من رمضان


الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ تَذْكِرَةٌ يَوْمِيَّةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وَالْجُمُعَةُ تَذْكِرَةٌ أُسْبُوعِيَّةٌ، وَرَمَضَانُ تَذْكِرَةٌ حَوْلِيَّةٌ؛ لِيَدُومَ الْمُؤْمِنُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ -تَعَالَى-.
وَلَمَّا كَانَ رَمَضَانُ تَذْكِيرًا حَوْلِيًّا لِلْمُؤْمِنِينَ؛ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنْ هَذَا التَّذْكِيرِ، بِإِصْلَاحِ قُلُوبِهِمْ، وَصَرْفِهَا لِلَّهِ -تَعَالَى-، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ بِقُلُوبٍ فَرِحَةٍ، وَأَرْوَاحٍ مُسْتَبْشِرَةٍ، وَأَبْدَانٍ نَشِيطَةٍ؛ سُرُورًا بِطَاعَةِ اللَّهِ -تَعَالَى- فِي رَمَضَانَ؛ حَتَّى يَزُولَ مَا عَلِقَ فِي الْقَلْبِ مِنْ أَدْرَانِ الدُّنْيَا وَلَهْوِهَا خِلَالَ عَامٍ كَامِلٍ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَثْرَةِ الْمُلْهِيَاتِ وَالْمُشْغِلَاتِ الَّتِي سَيْطَرَتْ عَلَى النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْمَادِّيِّ الْمُتَوَحِّشِ.

وَشَيَاطِينُ الْإِنْسِ لَنْ يَتْرُكُوا أَهْلَ الْإِيمَانِ يَتَعَبَّدُونَ فِي رَمَضَانَ؛ حَتَّى يُغْرِقُوهُمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبَرَامِجِ الْفَضَائِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَيُحِلُّونَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُسْقِطُونَ الْوَاجِبَاتِ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِشَعَائِرِ الدِّينِ، وَيُدَاعِبُونَ شَهَوَاتِ النَّاسِ فِي الشَّهْرِ الْعَظِيمِ، بِالرَّقْصِ الْخَلِيعِ، وَالتَّمْثِيلِ الرَّقِيعِ، وَيَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى مَذَاهِبِهِمُ الْمُنْحَرِفَةِ، وَأَفْكَارِهِمُ الضَّالَّةِ. وَالْخَاسِرُ مَنِ اسْتَجَابَ لِغِوَايَتِهِمْ، وَالرَّابِحُ مَنْ أَغْلَقَ مَنَافِذَهُمْ، وَحَفِظَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَقَلْبَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَبَيْتَهُ مِنْ إِثْمِهِمْ وَرِجْسِهِمْ؛ ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾[النِّسَاءِ: 27]. وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".

فَحِذَارِ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنَ اسْتِقْبَالِ رَمَضَانَ بِذَلِكَ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ تَذْكِرَةً لَهُ وَمَوْعِظَةً، وَيُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْزُورًا، وَقَدْ أَرَادَ الْأَجْرَ فِي رَمَضَانَ. فَلْنُجَدِّدِ التَّوْبَةَ، وَلْنَعْزِمْ عَلَى الْأَوْبَةِ، وَلْنَحْذَرِ الْحَوْبَةَ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْرِي مَتَى يَمُوتُ وَيَلْقَى اللَّهَ -تَعَالَى-، فَلْيَلْقَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، وَلْيَحْذَرْ خَاتِمَةَ السُّوءِ؛ ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[النُّورِ: 31].

المرجع :

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




الفئة: رمضانيات
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية