أسباب الطلاق: وسائل التواصل وآثارها السلبية

أسباب الطلاق: وسائل التواصل وآثارها السلبية

أسباب الطلاق: وسائل التواصل وآثارها السلبية



مخاطر وسائل التواصل على الرجال والنساء


عَالَمُنَا الْيَوْمَ يَضِجُّ بِوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَمَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَالسَّعِيدُ مَنْ جَعَلَهَا وَسِيلَةً إِلَى الْمُبَاحَاتِ وَالطَّاعَاتِ، وَمَنَعَ نَفْسَهُ أَنْ تَكُونَ وَسِيلَةً لَهُ إِلَى الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ.

مخاطر وسائل التواصل على الرجال والنساء


قَدْ جَعَلَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ هَذِهِ الْوَسَائِلَ طُرُقًا إِلَى الْحَرَامِ، وَاكْتِسَابِ الْآثَامِ، وَتَضْيِيعِ الزَّمَانِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ، فَظَهَرَتْ بِذَلِكَ مَخَاطِرُ كَبِيرَةٌ عَلَى الْفَرْدِ وَالْأُسْرَةِ وَالْمُجْتَمَعِ؛ فَمِنْ تِلْكُمُ الْمَخَاطِرِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى اسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْوَسَائِلِ:

مُشَاهَدَةُ الْمَقَاطِعِ الْإِبَاحِيَّةِ الَّتِي تُكْشَفُ فِيهَا الْعَوْرَاتُ لِلنَّاظِرِينَ: أَفَلَا تَكُونُ هُنَاكَ مُرَاقَبَةٌ لِلَّهِ -تَعَالَى- تَحْجِزُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ عَنْ مُشَاهَدَةِ ذَلِكَ الْقَذَرِ وَالْعَفَنِ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ"

وَمِنَ الْمَخَاطِرِ: إِقَامَةُ الْعَلَاقَاتِ الْمُحَرَّمَةِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ فَلَيْسَ بِخَافٍ عَلَيْكُمْ -مَعْشَرَ الْكِرَامِ- مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الشَّبَابِ وَالشَّابَّاتِ مِنَ التَّوَاصُلِ الْعَاطِفِيِّ عَبْرَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ، وَتَبَادُلِ حَدِيثِ الْغَرَامِ، وَالصُّوَرِ وَالْمَقَاطِعِ، وَمِنْ ثَمَّ اللِّقَاءُ وَمَا بَعْدَهُ.

نَظْرَةٌ، فَابْتِسَامَةٌ، فَسَلَامٌ ** فَكَلَامٌ، فَمَوْعِدٌ، فَلِقَاءُ

وَلَمْ يَعُدْ ذَلِكَ مَقْصُورًا عَلَى غَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَالْمُتَزَوِّجَاتِ، بَلْ فَشَا بَيْنَ رِجَالٍ لَهُمْ زَوْجَاتٌ وَنِسَاءٌ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ!

وَهَذَا مِنَ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ خُطْوَةً خُطْوَةً حَتَّى يَقَعَ الْمَحْظُورُ الْأَكْبَرُ، وَاللَّهُ -تَعَالَى- يَقُولُ: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾[الْبَقَرَةِ:208].

وَأَيُّ رَجُلٍ غَيُورٍ يَرْضَى لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِابْنَتِهِ أَنْ تَتَوَاصَلَ مَعَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ هَذَا التَّوَاصُلَ الْمُوصِلَ إِلَى الْفَضِيحَةِ وَالدَّمَارِ؟

وَمِنَ الْمَخَاطِرِ: النَّظَرُ إِلَى الْحَرَامِ؛ فَكَمْ تُعْرَضُ فِي تِلْكَ الْوَسَائِلِ مِنْ نِسَاءٍ سَافِرَاتٍ مُبْدِيَاتٍ لِزِينَتِهِنَّ الْخَفِيَّةِ، مِمَّا يَجْمَحُ بِالْعَوَاطِفِ، أَوْ يُؤْلِمُ الْفُؤَادَ، وَالنَّظْرَةُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، وَكَمْ مِنْ رِجَالٍ يُبْدُونَ مِنَ الْمَشَاهِدِ مَا يَفْتِنَ النِّسَاءَ، وَيُرِيدُ إِخْرَاجَهُنَّ مِنْ حِصْنِ الْعَفَافِ وَالصِّيَانَةِ، فَأَيْنَ غَضُّ الْبَصَرِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؟ قَالَ -تَعَالَى-: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...﴾[النُّورِ:31].

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَلِيٍّ: "يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ"

وَلَقَدْ تَسَبَّبَتِ النَّظْرَةُ الْحَرَامُ عَبْرَ هَذِهِ الْوَسَائِلِ مُشْكِلَاتٍ بَيْتِيَّةً بَيْنَ الْأَزْوَاجِ وَالزَّوْجَاتِ؛ فَقَدْ يَرَى الرَّجُلُ امْرَأَةً أَجْمَلَ مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُقَارِنُهَا بِهَا وَيَنْدُبُ حَظَّهُ بِكَوْنِ زَوْجَتِهِ لَمْ تَكُنْ مِثْلَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَلَعَلَّهُ يُخْبِرُهَا بِهَذَا.

وَتَرَى الْمَرْأَةُ رَجُلًا فَتُقَارِنُهُ بِزَوْجِهَا فَتَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ أَحْسَنَ مِنْهُ وَسَامَةً وَتَعَامُلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ.

وَهَذِهِ الْمُقَارَنَاتُ قَدْ تَقُودُ إِلَى هَجْرٍ وَخِصَامٍ، وَذَهَابٍ إِلَى الْحَرَامِ.

إِنَّ الْمَخَاطِرَ السَّابِقَةَ وَغَيْرَهَا قَدْ تُؤَدِّي إِلَى مُشْكِلَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ كَبِيرَةٍ، أَصْبَحَتْ هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ أَثَرًا سَيِّئًا مِنْ آثَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ حِينَ انْحَرَفَ بَعْضُ النَّاسِ عَنِ الِاسْتِخْدَامِ الصَّحِيحِ لَهَا، وَالِانْتِفَاعِ بِخِدْمَاتِهَا؛ هَذِهِ الْمُشْكِلَةُ هِيَ الطَّلَاقُ.

فَكَمْ مِنِ امْرَأَةٍ الْيَوْمَ طُلِّقَتْ بِسَبَبِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَكَمْ مِنْ زَوْجَةٍ طَلَبَتِ الْخُلْعَ بِسَبَبِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَنْ يَحْرِصَا عَلَى كُلِّ وَسِيلَةٍ تُبْقِي الْعَلَاقَةَ الزَّوْجِيَّةَ وَطِيدَةً بَيْنَهُمَا، وَيَتَجَنَّبَا كُلَّ سَبَبٍ يُوهِيهَا وَيُنْهِيهَا؛ وَلِهَذَا شُرِعَتْ شَرَائِعُ كَثِيرَةٌ لِتَحْقِيقِ هَذِهِ الْغَايَةِ الْحَمِيدَةِ؛ مِنَ الصَّبْرِ، وَالْعَفْوِ، وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَرِعَايَةِ الْمَشَاعِرِ، وَجَبْرِ الْخَوَاطِرِ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾[النِّسَاءِ:19].

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ، أَوْ قَالَ: غَيْرَهُ"

فَيَا لَلَّهِ لِلْعَجَبِ كَيْفَ انْقَلَبَتِ الْأَحْوَالُ، وَتَغَيَّرَتِ الْمَفَاهِيمُ؛ فَغَدَا بَعْضُ الْأَزْوَاجِ يَهْدِمُ بَيْتَهُ بِيَدِهِ، وَأَصْبَحَتْ بَعْضُ الزَّوْجَاتِ تَنْقُضُ غَزْلَ حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ السَّعِيدَةِ عَبْرَ شَاشَةِ جَوَّالِهَا، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾[النَّحْلِ:92].

إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ الْحَلَّ السَّيِّءَ النِّهَائِيَّ بِسَبَبِ سُوءِ اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ إِلَّا وَقَدْ سَبَقَتْهُ آثَارٌ سَيِّئَةٌ أُخْرَى أَوْصَلَتْ إِلَيْهِ؛ فَمَعْرِفَةُ الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ بِانْحِرَافِهِ عَنِ الْمَسَارِ الصَّحِيحِ فِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ يُؤَدِّي إِلَى فِقْدَانِ الثِّقَةِ وَالْأُنْسِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَحُصُولِ الْكَرَاهِيَةِ بَيْنَهُمَا.

وَأَيُّ حَيَاةٍ زَوْجِيَّةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ سَعِيدَةً وَالزَّوْجُ يَخُونُ زَوْجَتَهُ، وَالزَّوْجَةُ تَخُونُ زَوْجَهَا، وَهُوَ يَكْرَهُهَا وَهِيَ تَكْرَهُهُ، مَعَ أَنَّ الْحَيَاةَ الزَّوْجِيَّةَ لَابُدَّ أَنْ تَقُومَ عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[الرُّومِ:21].

وَقَبْلَ حُصُولِ الطَّلَاقِ يَبْدَأُ الْعِرَاكُ الْمَنْزِلِيُّ، وَالتَّحْقِيقُ الْبَيْتِيُّ، وَنَشْرُ الْمَسْتُورِ، وَظُهُورُ الصِّيَاحِ وَالسِّبَابِ، وَقَدْ يَتَطَوَّرُ الْأَمْرُ إِلَى الضَّرْبِ، وَمَعْرِفَةِ الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَصْحَابِ، وَالسَّبَبُ خُرُوجُ فَضَائِحِ الْجَوَّالِ، وَانْكِشَافُ خَبَايَا الْمُغَامَرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ عَبْرَهُ.

فَكَمْ مِنْ خِزْيَةٍ بَيْنَ النَّاسِ تَظْهَرُ، وَمَذَمَّةٍ أَمَامَ الْأَطْفَالِ تُشْهَرُ!

وَهَذَا أَمَامَ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ أَمَامَ الْخَالِقِ فِي الْآخِرَةِ وَعَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ، وَاسْتِنْطَاقِ الْعُيُونِ عَمَّا نَظَرَتْ، وَالْيَدَيْنِ عَمَّا اكْتَسَبَتْ؟!

قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: ﴿حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾[فُصِّلَتْ:20-21].

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟" قَالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ: فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ"

سبل وقائية من خطر وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة الزوجية


إِنَّ تِلْكَ الْمَخَاطِرَ النَّاتِجَةَ عَنْ سُوءِ اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ تَحْتَاجُ إِلَى سُبُلٍ وِقَائِيَّةٍ حَتَّى لَا تُعَكِّرَ تِلْكَ الْمَخَاطِرُ صَفْوَ الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَا تَقْضِي عَلَيْهَا، فَيَكُونُ مَآلُهَا الطَّلَاقَ أَوِ الْخُلْعَ؛ فَمِنْ سُبُلِ الْوِقَايَةِ:

أَنْ يَسْتَشْعِرَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْخَوْفَ مِنَ الْخَالِقِ قَبْلَ الْخَوْفِ مِنَ الْخَلْقِ، وَيُوقِنَ بِأَنَّ رَبَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ يَرَاهُ وَيَسْمَعُهُ وَيُدَوِّنُ عَلَيْهِ كُلَّ مَعْصِيَةٍ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[آلِ عِمْرَانَ:175]، وَقَالَ: ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾[الْبَقَرَةِ:40].

قَالَ ذُو النُّونِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "النَّاسُ عَلَى الطَّرِيقِ مَا لَمْ يَزُلْ عَنْهُمُ الْخَوْفُ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُمُ الْخَوْفُ ضَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ".

فَمَنْ عَظُمَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَنْ يُشَاهِدَ الْمَقَاطِعَ الْمُحَرَّمَةَ، وَمَنْ عَظُمَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَنْ يُقِيمَ عَلَاقَاتٍ مَحْظُورَةً، وَمَنْ عَظُمَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ.

وَمِنْ سُبُلِ الْوَسَائِلِ الْوِقَائِيَّةِ: تَرْشِيدُ اسْتِخْدَامِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ تَصَفُّحِهَا وَالْجُلُوسِ عَلَيْهَا يُؤَدِّي إِلَى تَتَبُّعِ ثُغُرَاتِهَا وَمُشَاهَدَةِ سَقَطَاتِهَا، وَهَذَا مَدْخَلٌ مِنْ مَدَاخِلِ إِبْلِيسَ لِلْوُصُولِ بِالْمُشَاهِدِ إِلَى نَتَائِجَ مُخْزِيَةٍ.

وَمِنْ سُبُلِ الْوِقَايَةِ: لَفْتُ عِنَايَةِ الْأُسْرَةِ إِلَى الِانْشِغَالِ بِمَا يَنْفَعُ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَصَرْفُهُمْ مَا أَمْكَنَ عَنْ هَذِهِ الْبَرَامِجِ إِلَّا لِحَاجَةٍ، وَإِدْرَاكُ أَنَّ الْفَرَاغَ سَبَبٌ رَئِيسٌ لِتَلْوِيثِ الْأَزْوَاجِ وَالْأُسْرَةِ وَالْأَبْنَاءِ لِمُتَابَعَةِ هَذِهِ الْوَسَائِلِ وَتَصَفُّحِهَا.

نَسْأَلُ اللَّهَ -تَعَالَى- أَنْ يَحْمِيَ بُيُوتَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَأَنْ يُعَمِّرَهَا بِالطُّهْرِ وَالرَّاحَةِ وَالْفَضَائِلِ.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية