نعمة الإسلام

نعمة الإسلام

نعمة الإسلام


نعمة الإسلام نعمة من أجلّ النعم وأوفاها وأعلاها , ويجب على المسلم أن يحمد الله تعالى ليل نهار على تلك النعمة الكبرى والمنة العظمى , إذ جعله من أهل التوحيد الخالص والدين الحق ؛ فهو دائم الشكر على نعمة الإسلام لما لهذا الدين من خصائص وفضائل منها :

الإسلام هو الدين الذي رضيه الله تعالى لعباده

قال تعالى: ﴿ ِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ ﴾ [ آل عمران: ١٩] , وقال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [ آل عمران: ٨٥].

وعَنْ عَمَّارِ بن أَبِي عَمَّارٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... ﴾[ المائدة :٣], وَعِنْدَهُ يهودِيٌّ , فَقَالَ لَوْ أُنْزِلَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ الآيَةُ لاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ: جُمُعَةٍ , وَيَوْمِ عَرَفَةَ. الطبراني في معجمه الكبير ج ١٢/ ص ١٨٥ حديث رقم: ١٢٨٣٥ الألباني : مشكاة المصابيح ١/٣٠٦.
فالله تعالى قد رضي لعباده هذا الدين الأغر الخاتم وهو سبحانه لا يرضى لعباده إلا لما فيه الخير الكامل والصلاح الأتم لهم.

الإسلام هو دين الفطرة

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: ١٧٢].

قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه.

قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ﴾ [ الروم: ٣٠] , انظر تفسير ابن كثير ٣/٥٠٠.

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ.ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ أخرجه أحمد و البُخاري و مسلم .

عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ؛أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : أَلاَ إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا : كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ، وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ ، إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقَالَ : إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ ، وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لاَ يَغْسِلُهُ الْمَاءُ ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا ، فَقُلْتُ : رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً ، قَالَ : اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ ، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ ، قَالَ : وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ ، مُتَصَدِّقٌ ، مُوَفَّقٌ ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ ، رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى ، وَمُسْلِمٍ ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ، ذُو عِيَالٍ ، قَالَ : وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ : الضَّعِيفُ الَّذِي لاَ زَبْرَ لَهُ ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا ، لاَ يَتْبَعُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً ، وَالْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ ، وَإِنْ دَقَّ ، إِلاَّ خَانَهُ ، وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ ، وَذَكَرَ الْبُخْلَ ، أَوِ الْكَذِبَ ، وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ. أخرجه أحمد مسلم وابن ماجة

سئل أعرابي عن الدليل فقال : البعرة تدل على البعير . والروث على الحمير ، وآثار الأقدام على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج . وبحار ذات أمواج ، أما تدل على الصانع الحليم العليم القدير؟. قال سبحانه : ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله ﴾ [ الزخرف : ٨٧]

قال الشاعر :

تأمل في نبات الأرض وانظر
                إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات
                وأزهار كما الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات
                بأن الله ليس له شريك

وقال آخر :

فيَا عَجَباً كيف يُعْصَى الإلهُ
                أم كيف يَجْحَدُه الجاحدُ؟!
وللهِ في كل تحريكةٍ
                وتسكينةٍ أبداً شاهدُ
وفي كُلِّ شَيءٍ له آيةٌ
                تَدُلُّ على أنَّه واحِدُ

وها هو الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري ذهب ذات يوم ليقدم مراسيم الطاعة لصنمه ، وبينما هو كذلك وجد ثعلبا متسلق على رأس الصنم وقد بال عليه فوقف متعجبا ساخرا مما حدث وانشد قائلا:

رب يبول الثعلبان برأسه
                لقد ذل من بالت عليه الثعالب
فلو كان ربا كان يمنع نفسه
                فلا خير في رب نأته المطالب
برئت من الأصنام في الأرض كلها
                وآمنت بالله الذي هوغالب

وقصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي :شاهدة على أن الإسلام هو دين الفطرة فالطفيل وهو من دوس زهران ، من السراة سمع بالرسول ﷺ في مكة ، فركب جمله ، وأخذ متاعه ، ولبس ثيابه.وكان الطفيل شاعرا مجيدا ، وخطيبا فصيحا ، يعرف جزل الكلام من ضعيفه .وصل إلى مكة ، ولكن الدعايات المغرضة ضد الرسول ﷺ تتحرك من المشركين لتشويه سمعة المصطفى ﷺ بالقول المريض ، والتعليقات المرة .
دخل مكة ، فلقيه كفار قريش ، فقالوا : إلى أين يا طفيل ؟ قال : أريد هذا الذي يزعم انه نبي قالوا : ما أشبه ذلك تريد ؟ قال : أريد أن اسمع كلامه ، إن كان حقا اتبعته ، وإن كان باطلا تركته .قالوا : إياك وإياه ، إنه ساحر ، انه شاعر ، انه كاهن ، انه مجنون ، أحذر لا تسمع كلامه .قال الطفيل : فوالله ، ما زالوا بي يخوفونني حتى أخذت القطن فوضعته في أذني .لكن الحق أقوى من القطن ، والقران ينفذ من خلال القطن إلى القلب .قال : ودخلت الحرم يوما ، والقطن في أذني لا اسمع شيئا .لكن أراد الله عز وجل أن يفتح أذنيه ؛ لأن بعض الناس له أذنان وعينان وقلب ، لكن كما قال سبحانه : ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [لأعراف:١٧٩]
أتى فرأى وجه الرسول ﷺ ، فقال : فلما رأيت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب .

لو لم تكن فيه آيات مبينة
                لكن منظره ينبئك بالخير

فوجه الكذاب تعرفه ، ووجه الخمار تعرفه ، ووجه تارك الصلاة تعرفه ، وهكذا وجه المصلي والصادق تعرفه ، وأصدق الصادقين وخير الناس أجمعين : محمد ﷺ .قال الطفيل : فسمعته ﷺ يقرأ ، لكن لا اسمع ؛ لأن في أذني القطن ، فقلت لنفسي : عجبا لي ، أنا رجل شاعر فصيح ، اعرف حسن الكلام من قبيحه ، لماذا لا أضع القطن ، فإن سمعت الكلام طيبا وإلا تركته ؟!فوضع القطن ، وهذه هي الخطوة الأولى .وبدأ ﷺ يقرأ آيات القرآن .فلما سمع الكلام وقع في قلبه .هل يستطيع ملحد ، إن كان عنده عقل أن يسمع {طه} ﴿ طـه* مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [طـه:١-٣] ولا يؤمن ؟ من يستطع أن يسمع ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ .بل عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ [ق:١-٢] ولا يسلم ؟ قال : فلما سمعت الكلام ، تقدمت ، وقلت : عم صباحا يا أخا العرب.هذه تحية جاهلية ، وهي ملغاة عند محمد ﷺ ، فلا تقبل . وقد كانت تقال في الجاهلية : عم صباحا ، ولذلك يقول امرؤ القيس :

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي
                وهل يعمن من كان في الأعصر الخالي

فقال ﷺ : « أبدلني الله بتحية خير من تحيتك» .قال : وما هي ؟ قال : « السلام عليكم ورحمة الله » .ما أحسن الكلام !فقال : السلام عليكم .فرد عليه .قال : من أنت ؟ قال : « أنا رسول الله » .قال : من أرسلك ؟ قال : « الله » .فقال الطفيل : إلى ماذا تدعو ؟ فأخبره وقرا عليه شيئا من القرآن .قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ثم قال : يا رسول الله ، أنا من دوس ( هو سيد قبيلة دوس ) .فأمره ﷺ أن يعود داعية إليهم .فعاد داعية إلى دوس ؛ فلما وصل إليهم قال : هدمي من هدمكم حرام ، ودمي من دمكم حرام ، حتى تؤمنوا بالله ، فكفروا ، وأعرضوا ، وغلبهم الزنا .فأتى مرة ثانية إلى الرسول ﷺ وقال : يا رسول الله ، غلب على دوس الزنا ، وكفروا بالله ، فادع الله عليهم ، يا رسول الله . أي : أن يسحقهم ويحطمهم ، ويجعلهم شذر مذر .لكن محمدا ﷺ كان كما قال الله : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم:٤] ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: من الآية ١٥٩] ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[ التوبة:١٢٨]

فرفع يديه ﷺ ، يريد أن يدعو لهم ، فظن الطفيل انه يدعو عليهم .فقال الطفيل : هلكت دوس .فقال ﷺ : اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم ، اللهم اهد دوسا وائت بهم .ثم قال : يا طفيل ، اذهب إلى دوس ، فادعهم إلى الإسلام ، ومن ألم معك ، فقاتل به من كفر ، فذهب ، وطلب من الرسول ﷺ أن يجعل له آية .فسأل له فوقع نور في جبهته يضيء له في الليل.

أضاءت لهم أحابهم ووجوههم
                من الليل حتى نظم الجذع ثاقبه

قال : يا رسول الله ، أخشى أن يقولوا : في مثلة ( أي : مرض ) فادع الله أن يحول عني هذا النور ، فحوله إلى العصاء ، فكان إذا رفع العصا أضاءت له جبال زهران .فلما وصلهم ، كانوا قد تهيؤوا بدعاء الرسول ﷺ ، فقال: أدعوكم إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ثم أراهم الآية .فاسلموا جميعا ودخلوا في دين الله أفواجا ، فسبحان من يهدي .وأتى بهم ، رضي الله عنه وأرضاه ، في موكب عظيم ، ودخل بهم بعد الهجرة إلى المدينة في جيش عرمرم ، حتى ثار الغبار من رؤوسهم ، وكلهم في ميزان الطفيل .وكان من حسناته : أبو هريرة ،صاحب الحديث ، وأستاذ المحدثين في الإسلام ، وابر حافظ في الأمة المحمدية ، والراوية العملاق ، رضي الله عنه و أرضاه .واستمر الطفيل يدعو ، ويجاهد ، حتى قتل في اليمامة شهيدا : ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ﴾[ الفجر:٢٧] ﴿ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾[الفجر:٢٨] ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي .وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر:٢٩-٣٠] انظر : قم فأذر : محمد العريفي ١٠٠ وما بعدها , و وراجع القصة في سيرة ابن هشام

الإسلام دين التوحيد الخالص

الإسلام هو دين التوحيد الخالص لله رب العالمين قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص:١-٤]. وقال مخاطباً نبيه ﷺ : ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾[ الزمر:٦٥-٦٦]

فالإسلام دين يقوم على عقيدة وعبادة وسلوك ،
عقيدة : جوهرها التوحيد الخالص الذي لا تشوبه شائبة الشرك الظاهر أو الخفي.
وعبادة : جوهرها الصدق و الامتثال والإخلاص . وسلوك :وثيق الصلة بالعقيدة والعبادة، وكلما كانت العقيدة سليمة، والعبادة صحيحة، كان السلوك سوياً. قال تعالى على لسان ﷺ : ﴿ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾[ الأعراف: ١٨٨]

قال ﷺ : « ليس منَّا من تطيَّر أو تُطير له، أو تكهن أو تُكُهن له، أو سحر أو سُحر له، ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم » أخرجه البزار في مسنده ( ص ١٦٩ - زوائده ) و الطبراني في الأوسط ( ٤ /٣٩٣ ) الألباني في السلسلة الصحيحة ٦ / ٣١٠ .

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ الله ﷺ ، يَوْمًا فَقَالَ : يَا غُلأَمُ ، اِنِّي اُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إذا سَأَلْتَ ، فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشيء ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بشيء قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بشيء ، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بشيء قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الاقْلأَمُ ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ». أخرجه أحمد والتِّرْمِذِيّ صحيح المشكاة
فالتوحيد الخالص سبب لسعادة المسلم ونجاته في الدنيا والآخرة.

الإسلام دين العلم والمعرفة

كان أول ما نزل من كلام الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [ العلق: ١-٥]
وفي هذا دليل واضح على أن الإسلام هو دين العلم , كما تكرر لفظ العلم في القرآن الكريم ٧٦٥ مرة , وجعل النبي ﷺ طلب العلم سبيلاً إلى دخول الجنة فقال : « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا ، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».أخرجه أحمد والدرامي وابن ماجة .
وقال تعالى مبينًا فضل العلم وشرف العلماء: ﴿ يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11]
ويوم أن أخذ المسلمون بأسباب العلم سادوا الأمم , ودانت لهم المعالي والهمم .

الإسلام دين العدل والمساواة بين البشر

إن الإسلام هو دين العدالة المطلقة، تلك العدالة التي لا تفرق بين حاكم ومحكوم، أو بين ذي سلطان ومن لا سلطان له، أو بين قوي وضعيف، فالجميع أمام القضاء الإسلامي سواء. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ [ النحل: ٩٠].
وقال: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [ النساء: ٥٨].

عنْ عَائِشَةَ ؛أن قُرَيْشا أهَمَّهُمْ شَانُ الْمَرْاةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ . فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ ﷺ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إلا أُسامة ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ . فَكَلَّمَهُ أُسامة . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : أتشفع في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ ؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ . فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إنما هْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ انَّهُمْ كَانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ ، تَرَكُوهُ وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ ، اقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللهِ ، لَوْ أن فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا. أخرجه أحمد والبُخَارِي ومسلم

الإسلام دين المساواة بين جميع البشر

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣].

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ فَخْرَهُمْ بِرِجَالٍ أَوْ لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِى تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ». أخرجه أبو داود والتِّرمِذي .

وعن أبي هريرة مرفوعاً : الناس ولد آدم ، و آدم من تراب .رواه ابن سعد في الطبقات
قال تعالى : ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا * وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾[ النساء:١٠٥-١١٣]

قال ابنُ عبَّاس : نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَار يُقالُ لَهُ طُعْمَةُ بْنُ أبَيْرِق ؛ سَرَقَ دِرْعاً مِنْ جَارٍ لَهُ يقالُ لَهُ : قتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ، وَكَانَتِ الدِّرْعِ فِي غِرَارَةٍ وَجِرَابٍ فِيْهِ دَقِيْقٌ ، فَانْتَثَرَ الدَّقِيْقُ مِنَ الْمَكَانِ الَّّذِي سَرَقَهُ إلَى بَاب مَنْزِلِهِ ، فَفُطِنَ بهِ أنَّهُ هُوَ السَّارِقُ ؛ فَمَضَى بالدِّرْعِ إلَى يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ زَيْدُ بْنُ السَّمِينِ فَأَوْدَعَهُ إيَّاهَا ، فَالْتُمِسَتِ الدَّرْعُ عِنْدَ طُعْمَةَ فَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ ، فَحَلَفَ لَهُمْ مَا أخَذهَا وَلاَ لَهُ عِلْمٌ ، فَقَالَ أصْحَابُ الدِّرْعِ : لَقَدْ أدْلَجَ عَلَيْنَا وَأخَذهَا ، وَطَلَبْنَا أثَرَهُ حَتَّى دَخَلْنَا دَارَهُ ، وَلَقِيْنَا الدَّقِيْقَ مُنْتَثِراً ، فَلَمَّا حَلَفَ تَرَكُوهُ وَاتَّبَعُواْ أثَرَ الدَّقِيْقِ حَتَّى انْتَهَوا إلَى مَنْزِلِ الْيَهُودِيِّ وَطَلَبُوهُ ، فَقَالَ : دَفَعَهَا إلَيَّ طُعْمَةُ بْنُ أبَيْرِق ، وَشَهِدَ لَهُ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى ذلِكَ ، فَقَالَ قَوْمُ طُعْمَةَ : انْطَلِقُواْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنُكَلِّمُهُ فِي صَاحِبنَا نُعذُرُهُ وَنَتَجَاوَزُ عَنْهُ ، فَإنَّ صَاحِبَنَا بَرِيْءٌ مَعْذُورٌ. فَأَتَواْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانُواْ أهْلَ لِسَانٍ وَبَيَانٍ ، فَسَأَلُوهُ أنْ يَعْذُرَهُ عِنْدَ النَّاسِ ؛ فَهَمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَعْذُرَهُ وَيُعَاقِبَ الْيَهُودِيَّ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ..انظر :تفسير ابن كثير ٢/٤٠٥.

الإسلام دين السماحة وعدم الإكراه

قال تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [ البقرة: ٢٥٦] وقال: ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [ الكهف: ٢٩]

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أبنَاءِ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ :« ألاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا ، أو انْتَقَصَهُ ، أوْ كَلَّفهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، أوْ أخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة» .أخرجه أبو داود
فالمسلم مطالب بدعوة الناس إلى الإسلام الحق وأما الهداية فهي بيد الله تعالى وحده , قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾[ يونس:٩٩] .

وقال لنبيه محمد ﷺ : ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [ القصص: ٥٦].

الإسلام دين اليسر ورفع الحرج

الإسلام هو دين اليسر والسهولة ورفع الحرج عن الأمة قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [ الحج: ٧٨].
عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَِمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ:سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ ؟ فَقَالَ : «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ». أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد ومسلم

وعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ ، قَالَ:أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لاَ أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالإِثْمِ إِلاَّ سَأَلْتُهُ عَنْهُ ، وَإِذَا عِنْدَهُ جَمْعٌ ، فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ ، فَقَالُوا : إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ ، فَقُلْتُ : أَنَا وَابِصَةُ ، دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ ، فَقَالَ لِى : ادْنُ يَا وَابِصَةُ ، ادْنُ يَا وَابِصَةُ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ ، فَقَالَ : يَا وَابِصَةُ ، أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ ، أَوْ تَسْأَلُنِي ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَخْبِرْنِي ، قَالَ : جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ ، قُلْتُ : نَعَمْ ، فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَلاَثَ ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي ، وَيَقُولُ : يَا وَابِصَةُ ، اسْتَفْتِ نَفْسَكَ ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ.
- وفي رواية : وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ ، ثَلاَثًا. أخرجه أحمد والدارِمِي و الألباني :صحيح الترغيب والترهيب

الإسلام دين الوسطية والتوزان

فالإسلام دين الوسطية في كل شيء قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا .. ﴾ [ البقرة:١٤٣]
ووسطية الإسلام وسطية شاملة تشمل : الوسطية في العقيدة :فهو يقيم حججه وبراهينه على أدلة مقنعة ساطعة يوازن فيها بين النقل والعقل بعيداً عن التقليد الأعمى أو الإيمان بالخرافات والخيالات .
فهو وسط بين من يؤمنون بالعقل وحده مصدرًا للمعرفة ومن ينكرون قيمة العقل ويقولون بالإلهام أو الأوهام ، إذ أن الإسلام يقف موقفًا مميزًا في الربط بين العقل والوحي ، فهو يعتبر أن بينهما علاقة كعلاقة البصر بالنور ، فالبصر يغدو عديم الفائدة في غياب النور ، كما أن النور لا جدوى منه إذا سار في ضوء أشعته أعمى ، فالعقل بصر والوحي نور وهي كما نرى عقيدة وسط بين هؤلاء وأولئك .

كما أنه وسط في شريعته : فكل من اطلع على عبادات الإسلام ومعاملاته يرى أنه لا يحيد عن الموقف المعتدل ويرفض التطرف الذي يقتضي الميل إلى جانب على حساب آخر.

كما أنه وسط في الأخلاق والسلوك :فهو دين يكره التشدد والتطرف في السلوك والتصرفات فلا يحب الجبن والخنوع كما لا يحب التهور والاندفاع , ويكره الشدة والقسوة كما يكره الاستسلام لأعداء الإسلام . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، قَالَ: « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». أخرجه البخاري والنَّسائي .

الإسلام دين العزة والقوة

الإسلام دين العزة والقوة والمسلم يستمد عزته وقوته من إيمانه بربه جل وعلا ، قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾[ النساء:١٣٩]
ومن العزة أن تكون للمسلم شخصيته الواضحة والمتميزة وأن يكون شامة وعلامة بين الناس بعيداً عن التقليد الأعمى لغيره وعن الإمعية المقيتة , فلا يذل لغيره ولا يكن ذنباً له , قال تعالى : ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾[ آل عمران : ١٣٩]. ولقد جعل الله تعالى كلمة :" الله أكبر" تتردد كل يوم في أذان الصلاة مرات ومرات، ثم يرددها المسلمون في صلواتهم كل يوم مرات ومرات، فتشعرهم بأن الكبرياء لله جل علاه، وأن عباده يلزمهم أن يلتمسوا العزةَ من لدنه.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فقال : يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مالي قَالَ فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ . قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِى قَالَ قَاتِلْهُ . قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِى قَالَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ . قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ هُوَ في النَّارِ. أخرجه مسلم
قال عمر الفاروق رضي اله عنه لأبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهما ، عندما قدم الشام ليتسلم مفاتيح بيت المقدس من البطاركة ، وقد كان يلبس ثوباً مرقعاً ، ويركب بغلة يتناوبها مع غلام له، فأرادوا منه أن يغير ملابسه وبغلته : نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله .

الإسلام دين الفضيلة ومكارم الأخلاق

الإسلام دين يدعو في كل تعاليمه ومبادئه إلى الفضائل ومكارم الأخلاق , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :« إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ» . وفي رواية الموطأ مكارم الأخلاق . أخرجه أحمد والبُخاري في الأدب المفرد .

عَنْ عَائِشَةَ ، رَحِمَهَا اللَّهُ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِِ ﷺ يَقُولُ: « الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ».أخرجه أحمد .
ولقد كان من دعاء النبي ﷺ : « اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي ».
والمسلم حين يقدم علي الخير للناس , أو يبتعد عن إيذائهم لا يطلب مقابل ذالك إحساناً أو ثمناً بل يفعله إرضاءً لربه سبحانه قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [ الإنسان:٩] .

والأخلاق في الإسلام تتعدى حدود الزمان والمكان بل وتتعدى الإنسان إلى غيره من المخلوقات , عن شداد بن أوس , قال : ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال:إن الله كتب الإحسان على كل شيء , فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة , وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح , ليحد أحدكم شفرته , وليرح ذبيحته.أخرجه أحمد ومسلم

وحمد الله تعالى على نعمة الإسلام حمد يستوجب الفهم العميق لمبادئ الإسلام ولتشريعاته الخالدة , وكذا التطبيق العملي لتلك التعاليم والتشريعات حتى تصبح واقعاً ملموساً وسلوكا مشاهداً ,وحتى يدرك الناس أن عالمية الإسلام ليست شعاراً يرفع ولا كلمات تقال بل هي أثر يُدرك وأمل ينُشد.

كتبه : د. بدر عبد الحميد هميسه ( بتصرف)

لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية