محتويات المقال
بعض آداب الصيام
آداب الصيام المستحبة
من الآداب التي ينبغي أن يتأدب بها الصائم في صومه: تناول طعام السَحور وهو من السنن، وحري بالمسلم أن يحرص عليه، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً"
والبركة: دنيوية في التقوى على صيام النهار، وأخروية بمزيد الأجر والثواب بامتثال أمره صلى الله عليه وسلم.
وفي تناول الصائم للسحور مخالفة لأهل الكتاب، وقد شرع لنا صلى الله عليه وسلم مخالفتهم وحث عليها، فقال: "فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ"
ومعناه الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور، فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور.
وسماه صلى الله عليه وسلم باسم جميل الغداء المبارك؛ فعن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "دعاني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إِلى السَّحُورِ في رمضان، فقال:"هَلُمَّ إِلى الغَدَاءِ المُبَارَك".
وأكد هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بغَدَاءِ السَّحُورِ، فإنه هو الغَدَاءُ المُبَارَكُ"
ولما دخل عليه النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أحد أصحابه وهو يَتَسَحَّرُ، قال له: "إِنها بركة أعْطاكم الله إِيَّاها، فلا تَدَعُوهُ"
وروى أحمد وحسنه الألباني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ - عز وجل- وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ".
وأثنى رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- على سَحُوْرِ التمر، فقال: "نِعْمَ سَحُورُ المؤمِنِ التَّمْرُ"
وحث على تأخير السحور، فقال صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَزَالُ أُمَّتي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَأَخَّرُوا السَّحُورَ"
ومن السنن: تعجيل الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ"
ويسن للصائم: أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد أفطر على ماء؛ ففي حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء.
وقد ثبت طبياً أثر البداية على الرطب أو التمر ومن ثم الماء؛ لأن الإفطار على التمر والماء يحقق دفع الجوع والعطش، ويستطيع البدن الاستفادة منهما بسرعة كبيرة، ولهاتين خصائص تشعر متناولها بالشبع فلا يكثر الصائم من تناول مختلف أنواع الطعام.
ويسن له: أن يقول بعد إفطاره ما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أفطر، قال: "ذهب الظمأُ، وابتلت العروقُ، وثبت الأجر إن شاء الله"
ومن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو للمضيف في الصيام وغيره؛ فقد جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَجَاءَ سَعْدٌ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ"
آداب الصيام الواجبة
ومن الآداب الواجبة على الصائم: البعد عن الرفث والصخب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ"
والرفث: هو الكلام الفاحش المحرم. الصخب وهو الخصام والصياح.
ومن الآداب الواجبة: البعد عن الوقوع في المعاصي عموماً، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"
والواجب على الصائم: أن يجتنب جميع المحرمات كالغيبة والفحش والكذب، فربما ذهبت بأجر صيامه كله؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع"
قوله: "من لم يدع قول الزور" هو الكذب والبهتان والعمل به؛ أي العمل بمقتضاه من جميع ما نهى الله -تعالى- عنه.
ومعنى: "فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه" قال البيضاوي: المقصود من إيجاب الصوم ومشروعيته ليس نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وإطفاء نائرة الغضب، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل له شيء من ذلك، ولم يكن له من صيامه إلا الجوع والعطش لم يبال الله -تعالى- بصومه ولم ينظر إليه نظر قبول، وقوله: "فلا حاجة لله" مجاز عن عدم الالتفات له والقبول بنفي السبب وإرادة المسبب، قال بعض أهل العلم: المقصود لا يثاب عليه ثواب الصائمين الذين يوفَّون أجرهم بغير حساب، وإن كان الصوم في حد ذاته صحيحاً مسقطاً للفرض الذي عليه.
وعلى الصائم: أن لا يخاصم لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: "وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم، إني صائم" فواحدة تذكيراً لنفسه، والأخرى تذكيرا لخصمه.
والناظر في أخلاق بعضنا في الصيام يجد خلاف هذا الخُلق الكريم، وهذا ظاهر في حال بعض الناس أثناء سيرهم بسياراتهم في الشوارع، وفي تعامل بعضهم بعضاً؛ ترى أحدهم مستعداً متحفزاً للشجار مع أي أحد لأتفه الأسباب، ولو كلمته بذلك، قال: "أنا صائم".
والواجب ضبط النفس، والصوم راحة وجنة ووقاية، والأحرى بكل واحد منا أن يهذبه صومه، وأن يتبع فيه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليه أن يظهر السكينة والهدوء وحسن الخلق.
ولا ينبغي للمسلم الإكثار من أكل الطعام عموماً، وفي الصيام خصوصاً؛ لحديث: "مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ"
وكثرة الأكل تجلب النعاس والخمول، والفائدة التي تحققت بالصوم من راحة للجهاز الهضمي تزول بكثرة الأكل، وعلى المسلم أن يتجنب كل أكل به رائحة يؤذي بها المصلين.
ومن مضار التوسع بالمآكل والمشارب في رمضان: إشغال أوقات النساء بالطبخ، وإعداد أصنافه وألوانه مما يفوت عليهن الأوقات الشريفة، واستثمارها بالطاعة.
ومن أوجه الجود في شهر رمضان المبارك : تفطير الصائمين، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ"
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "وَالْمُرَادُ بِتَفْطِيرِهِ أَنْ يُشْبِعَهُ".
وخصوصاً إذا كان الصائم محتاجاً، وفي بلاد المسلمين من يصوم على ماء ويفطر على ماء فحرصوا -وفقكم الله- على المساهمة في تفطير الصائمين خصوصاً في مواضع الحاجة والفقر، ومواقع مخيمات اللاجئين، وتقوم الهيئات الإسلامية بذلك، بل مما يرجى أن يكون من أسباب دخول الجنة الجمعَ بين الصيام والإطعام؛ كما جاء في الحديث: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ"
ويسن في رمضان: الحرص على أداء صلاة التراويح جماعة في المساجد، والأولى الحرص على الصلوات المفروضة في وقتها، مع الجماعة في المساجد ولا يسع المستطيع التخلف عنها.
المرجع :
لا تنس ذكر الله
الحمدلله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة رمضانيات