آداب وأحكام الأضحية

آداب وأحكام الأضحية

آداب وأحكام الأضحية


التقرب الى الله

من الأعمال الصالحة في يوم النحر: التقرب إلى الله تعالى بِذَبحِ الأضحية، وبذلِ المال طاعةً لله تعالى.

وتُعرَّف الأضحية: بأنها اسمٌ لما يُذبح بسبب العيد؛ من الإبل والبقر والغنم، يوم النحر، وأيام التشريق، تقرُّباً إلى الله تعالى. وأفضل زمنٍ لذبحها ضُحى يوم العيد؛ ولذلك سُمِّيَت بالأضحية.

سنة ذبح الأضحية

في الأضحية إحياءٌ لِسُنَّة الخليل إبراهيم عليه السلام، وفيها التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم؛ فإنَّ الله تعالى لن يبلغ مرضاتِه لحومُ الأضاحي، ولا دماؤها، وإنما يناله التقوى من عباده، ومحبته لهم، والتقرب إليه بما يحب. وإراقةُ الدَّمِ مع ذكر اسمِ اللهِ سبحانه مشروعةٌ في جميع الأمم، مما يدل على أهميته، وأنه من أعظم القربات؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34].

والأضحيةُ سُنَّةٌ مُؤكَّدة في حقِّ المُوسِر، فيضحي عن نفسه، وعن أهله من الوالدين والزوجة والأولاد؛ لِيَنالَ بذلك عظيمَ الأجر، امتثالاً لأمر الله تعالى، واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث ضَحَّى عنه، وعن أهل بيته. وَذَبْحُ الأضحيةِ أفضل من التَّصدُّق بثمنها؛ لأنَّ الذَّبحَ وإراقةَ الدم عِبادةٌ تدل على تعظيم الله تعالى، وإحياءِ شعيرةٍ عظيمةٍ من شعائره التي أمَرَ بتعظيمها؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ﴾ [الحج: 36]؛ وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، وإخراجُ القِيمةِ تعطيلٌ لهذه الشَّعيرة.

الإمساك عن أخد الشعر والأظافر

دلَّت السُّنَّة على أنَّ مَنْ أراد أنْ يُضَحِّي وجبَ عليه أنْ يُمسِكَ عن الأخذ من شَعرِه وظُفرِه وبَشَرَتِه منذ دخول العَشْر إلى أنْ يَذبَحَ أُضحيَتَه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ؛ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» رواه مسلم. وفي رواية: «فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا، حَتَّى يُضَحِّيَ» رواه مسلم. وإنْ تعمَّد الأخذَ، فعليه أنْ يستغفرَ اللهَ ويتوبَ إليه؛ لوجوبِ التوبةِ من كلِّ ذنب، ولا فِديةَ عليه إجماعاً، والأضحيةُ بحالها.

الأضحية عن الأموات

الأضحية مطلوبة في وقتها من الحيِّ عن نفسِه، وله أنْ يُشْرِك في ثوابها مَنْ شاء من الأحياء والأموات. وبعضُ الناسِ يظن أنها مشروعة للأموات، فهذا خطأ فادح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضي الله عنهم - كانوا يُضَحُّون عن أنفسهم وأهليهم.

والمَيِّتُ لا يُضحَّى عنه ابتداءً؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ماتت خديجةُ - رضي الله عنها - وعمُّه حمزةُ - رضي الله عنه - في حياته؛ ولم يُنقل أنه ضَحَّى عن واحدٍ منهما. فإنْ أوصى الميِّتُ بأضحيةٍ، وترك مالاً؛ فيجب على القائم على الوصية تنفيذُ ذلك.

الإعتناء باختيار الأضحية

إنَّ الاعتناءَ باختيار أحْسَنِ الأضاحي وأكْمَلِها؛ من تعظيم شعائر الله الدال على التقوى، وقد كان المسلمون يُغالون في الهدي والأضاحي ويختارونه سَمِيناً حَسَناً؛ قال أبو أُمامةَ بنُ سَهْلٍ - رضي الله عنه - قال: «كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ» رواه البخاري.

ذبح الأضحية

فإنْ كان يُحْسِنُ الذَّبحِ فليذبح بنفسه؛ لقول أنسٍ - رضي الله عنه: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ» رواه البخاري. وتجوز الاستنابةُ في الذبح.

الإحسان الى الذبيحة

ينبغي للمُضَحِّي أنْ يُراعي الإحسانَ إلى الذبيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه مسلم.

وتجبُ التسميةُ عند الذبح، فيقول: "بسم الله"؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 118]؛ وقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام: 121]. ولا تُسنُّ زيادةُ "الرحمن الرحيم" لعدم ورودها. وهناك فرقٌ بين "التسمية"، و"البسملة" الخاصة بقراءة القرآن.

ويُستحبُّ التَّكبِير، فيقول: "الله أكبر" مع التسمية؛ ولا تُشرع الزيادةُ عليهما إلاَّ بالدعاء بالقبول - عند ذبحها؛ لحديث عائشةَ - رضي الله عنها-، وفيه: وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» رواه مسلم.

ولا تُشرَعُ الصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا المَوْضِع؛ لأنَّ فيه إيهامَ الإهلالِ لغير الله تعالى. وأمَّا استقبالُ القِبلةِ بها عند الذبح فليس بواجب.

بيع الأضحية

لا يجوزُ بيعُ شيءٍ من الأضحية؛ لا لحمها، ولا شحمها، ولا جلدها؛ لأنه مَالٌ أُخرِجَ لله تعالى، فلم يَجُزْ الرجوعُ فيه. ولا يُعطي الجَزَّار أُجرَتَه منها؛ لأنه مُعاوَضَةٌ، وهي في معنى البيع. قال عليٌّ - رضي الله عنه: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» رواه مسلم. فإنْ أعطاه أُجْرَته كاملاً أولاً، ثم أهدى له منها فلا بأس؛ لئلا تقع مُسامحةٌ في الأُجرة.

أكل الأضحية

يُسَنُّ للمُضحِّي أنْ يأكلَ من أُضحيته، ويُهدِي للأقارب والجيران، ويَتَصدَّق منها على الفقراء، قال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا» رواه البخاري. وليس في الحديث تعيينُ مقدارِ ما يُؤكل أو يُهدى، أو يُتصدَّق بالثلث.

ويجوز أن يُعطى الكافِرُ؛ لفقره، أو قرابتِه، أو جوارِه، أو تأليفِ قلبه، وهو من محاسن الإسلام. وإذا ذَبَحَ أُضحيتَه فله أنْ يَقُصَّ أظفارَه، ويأخذ الشَّعْرَ الذي يجوز أخذه، ولو كان له أُضحيةٌ غيرُها.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية