محتويات المقال
اسم الله العزيز
حقيقة اسم الله العزيز
امْتَدَحَ رَبُّنَا -سُبْحَانَهُ- نَفْسَهَ بِأَنَّهُ: الْعَزِيزُ؛ كَمَا قَالَ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾[الشُّعَرَاءِ: 9]، ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 6]، وَأَمَرَنَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ أَنْ نَعَلَمَ ذَلِكَ وَنَتَيَقَّنَهُ؛ ﴿وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[الْبَقَرَةِ: 260]؛ فَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى الْعَزِيزُ.
فَرَبُّنَا الْعَزِيزُ -سُبْحَانَهُ-؛ الَّذِي جَمَعَ مَعَانِيَ الْعِزَّةِ كُلَّهَا -وَصْفًا وَمُلْكًا-، فِي أَسْمَى مَعَانِيهَا، وَأَعَلَى كَمَالِهَا.
فَلَهُ عِزَّةُ الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ، وَلَهُ عِزَّةُ الِامْتِنَاعِ؛ فَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ.
وَلَهُ عِزَّةُ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ؛ فَهُوَ الشَّدِيدُ فِي قُوَّتِهِ، الَّذِي ذَلَّتْ لِعِزَّتِهِ الصِّعَابُ، وَلَانَتْ لِقُوَّتِهِ الشَّدَائِدُ الصِّلَابُ، وَرَبُّنَا هُوَ الْعَزِيزُ؛ الشَّدِيدُ فِي نِقْمَتِهِ إِذَا انْتَقَمَ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَرَبُّنَا هُوَ الْعَزِيزُ؛ الَّذِي يَهَبُ الْعِزَّةَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَرَبُّنَا هُوَ الْعَزِيزُ؛ الَّذِي لَا يُضَامُ جَارُهُ، وَلَا يُذَلُّ أَنْصَارُهُ.
وَهُوَ الْعَزِيزُ فَلَنْ يُرَامَ جَنَابُهُ
أَنَّى يُرَامُ جَنَابُ ذِي السُّلْطَانِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْقَاهِرُ الْغَلَّابُ لَمْ
يَغْلِبْهُ شَيْءٌ هَذِهِ صِفَتَانِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ بِقُوَّةٍ هِيَ وَصْفُهُ
فَالْعِزُّ حِينَئِذٍ ثَلَاثُ مَعَانِ
وَهِيَ الَّتِي كَمُلَتْ لَهُ سُبْحَانَهُ
مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَادِمُ النُّقْصَانِ
اعتزاز أهل الإيمان بالعزيز سبحانه واستمدادهم عزتهم منه
وَأَهْلُ الْإِيمَانِ لَمَّا عَلِمُوا وَآمَنُوا أَنَّ الْعِزَّةَ مِنْهُ وَحْدَهُ؛ ذَلُّوا لِلْعَزِيزِ، وَالْتَجَؤُوا إِلَيْهِ، وَاحْتَمُوا بِحِمَاهُ، وَلَاذُوا بِجَنَابِهِ، وَطَلَبُوا مِنْهُ الْعِزَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ تَلَوْا قَوْلَهُ -تَعَالَى-: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[فَاطِرٍ: 10].
ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: "قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى الْحَجَّاجِ يَشْكُو أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ، فَصَادَفَ الْحَجَّاجَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ إِلَيْهِ؛ فَشَكَا أَخَاهُ مُحَمَّدًا، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ فَحُبِسَ، فَلَمَّا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ؛ اسْتَدْعَاهُ وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا جَرَّأَكَ عَلَى أَنْ تَرْفَعَ أَخِي؟! فَقَالَ لَهُ: أَنَا بِاللَّهِ أَعَزُّ مِنْ أَخِيكَ بِكَ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: خَلُّوا سَبِيلَهُ".
لَا تَسْقِنِي كَأْسَ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ
بَلْ فَاسْقِنِي بِالْعِزِّ كَأْسَ الْحَنْظَلِ
وَكُلَّمَا عَظُمَ الِاسْمُ فِي قَلْبِ الْمُسْلِمِ، وَعَمِلَ عَلَى تَحْقِيقِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ كَانَ نَيْلُهُ لِلْعَزَّةِ أَعْظَمَ؛ ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ﴾[الْمُنَافِقُونَ: 8]؛ فَأَعَزُّ النَّاسِ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِذَا؛ لَا عَزِيزَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ؛ ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 26]؛ فَمَنِ اعْتَزَّ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَقَدِ اعْتَزَّ بِسُلْطَانٍ زَائِلٍ، وَقُوَّةٍ فَانِيَةٍ.
وَمَنِ الَّذِي يَقُومُ فِي وَجْهِ اللَّهِ وَيُصَارِعُهُ وَيُغَالِبُهُ؟! وَقَدِ اعْتَزَّ قَوْمُ فِرْعَوْنَ بِفِرْعَوْنَ؛ ﴿وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ﴾[الشُّعَرَاءِ: 44]؛ فَمَاذَا كَانَتِ النَّتِيجَةُ؟ ﴿فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾[الشُّعَرَاءِ: 45].
يَبْحَثُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ الْعِزَّةِ عِنْدَ الْكَافِرِينَ وَعِنْدَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَقْدُرُوا اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ! وَإِلَّا لَهَانَ فِي نُفُوسِهِمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُوَالُونَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ مَهَمَا بَلَغَتْ قُوَّتُهُمْ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُمْ؛ لَيْسُوا بِشَيْءٍ بِجَانِبِ عِزَّةِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَقَهْرِهِ.
وَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ- أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعِزَّةَ الَّتِي يَبْحَثُونَ عَنْهَا وَالْمُتْعَةَ لَنْ يَجِدُوهَا عِنْدَ غَيْرِهِ، بَلْ صَارَ حَالُهُمْ حَالَ الْمُنَافِقِينَ؛ خَالَفَ ظَاهِرُهُمْ بَاطِنَهُمْ، ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعً﴾[النِّسَاءِ: 138- 139].
وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَزَّ بِنَفْسِهِ وَعَشِيرَتِهِ، جَاءَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَمَنْ أَنْتَ؛ لَا أُمَّ لَكَ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً، فَمَنْ أَنْتَ؛ لَا أُمَّ لَكَ؟! قَالَ: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانِ ابْنِ الْإِسْلَامِ"؛ قَالَ: "فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ؛ أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ: فِي النَّارِ؛ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا! الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ: فِي الْجَنَّةِ؛ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ"
وَصَدَقَ مَنْ قَالَ: "نَحْنُ قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا ابْتَغَيْنَا الْعِزَّةَ فِي غَيْرِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ".
ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-؛ "لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ عَرَضَتْ لَهُ مَخَاضَةٌ، فَنَزَلَ عُمَرُ عَنْ بَعِيرِهِ وَنَزَعَ خُفَّيْهِ -أَوْ قَالَ: مُوقَيْهِ-، ثُمَّ أَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ، وَخَاضَ الْمَخَاضَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: لَقَدْ فَعَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِعْلًا عَظِيمًا عِنْدَ أَهْلِ الْأَرْضِ! نَزَعْتَ خُفَّيْكَ، وَقَدَّمْتَ رَاحِلَتَكَ، وَخُضْتَ الْمَخَاضَةَ؛ فَصَكَّ عُمَرُ بِيَدِهِ فِي صَدْرِ أَبِي عُبَيْدَةَ؛ فَقَالَ: أَوَّهْ! لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ! أَنْتُمْ كُنْتُمْ أَقَلَّ النَّاسِ؛ فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَمَهْمَا تَطْلُبُوا الْعِزَّةَ بِغَيْرِهِ؛ يُذِلُّكُمُ اللَّهُ"؛ قَالَ -تَعَالَى-: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾[فَاطِرٍ: 10].
لَمَّا أَخَذَ الْكَافِرُونَ يُهَدِّدُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيُلْقُونَ عَلَيْهِ فَاحِشَ الْقَوْلِ، وَيُبْدُونَ قُوَّتَهُمْ؛ أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةً مُوَاسِيًا لِرَسُوِلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُخْبِرًا عَنْ ضَعْفِ الْبَشَرِّيَّةِ جَمْعَاءَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[يُونُسَ: 65].
ثمرة الإيمان باسم الله العزيز
وَكُلَّمَا زَادَ الْإِيمَانُ زَادَتِ الْعِزَّةُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، وَزَادَ يَقِينُهُ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ؛ فَاللَّهُ قَدْ قَالَ: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 126]، وَقَالَ -تَعَالَى-: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[الْحَجِّ: 40].
مَنْ حَازَ الْإِيمَانَ حَازَ الْعِزَّةَ، وَمَنْ حَازَ الْعِزَّةَ فَازَ بِحُبِّ اللَّهِ -تَعَالَى-؛ فَقَدْ قَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[الْمَائِدَةِ: 54].
أسباب نيل العزة من العزيز سبحانه
لَا تَتَحَقَّقُ الْعِزَّةُ إِلَّا بِالْإِتْيَانِ بِأَسْبَابِهَا:
بِالْإيْمَانِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- قَالَ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[الْمُنَافِقُونَ: 8].
وَبِالتَّوَاضِعِ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- قَالَ: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[الْمَائِدَةِ: 54].
وَبِالْعَفْوِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا"
وَبِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِهَذَا الِاسْمِ فِي الدُّعَاءِ، فَهَذَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ؛ ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[الْمُمْتَحَنَةِ: 5].
وَدَعَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ لِلْمُؤْمِنِينَ؛ ﴿رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[غَافِرٍ: 8].
بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا فَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ لَيْلًا كَانَ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ"
وَهَذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعِلِّمُ رَجُلًا جَاءَهُ يَشْكُو وَجَعًا بِأَنْ يَتَعَبَّدَ بِعِزَّةِ اللَّهِ؛ فَقَالَ لَهُ الْحَبِيبُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اجْعَلْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَيْهِ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ، أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ، سَبْعَ مَرَّاتٍ"
اقْتَرَنَ اسْمُ اللَّهِ الْعَزِيزُ بِأَسْمَائِهِ: ﴿الْقَوَيِّ وَالْحَكِيمِ وَالْعَلِيمِ وَالْحَمِيدِ وَالْغَفُورِ وَالْوَهَّابِ وَالْمُقْتَدِرِ﴾
وَهَذَا -وَاللَّهِ! - مِنْ كَمَالِ رَحْمَتِهِ بِنَا، وَإِفَاضَةِ الْخَيْرِ وَالْإِحْسَانِ عَلَيْنَا.
وَهَذَا يَدُلُّنَا عَلَى: كَمَالِ أَسْمَاءِ رَبِّنَا وَصِفَاتِهِ الْعُلَا، وَأَنَّهَا يَتَضَمَّنُ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ فَإِنَّهُ -سُبْحَانَهُ- مَعَ كَمَالِ عِزَّتِهِ وَقُوَّتِهِ، وَمَنَعَتِهِ، وَشِدَّةِ بَطْشِهِ؛ فَهُوَ كَامِلٌ فِي حِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ، رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ، عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ، مَحْمُودٌ فِي أُمُورِهِ، وَحَمِيدٌ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ؛ فَعِزَّتُهُ: حِكْمَةٌ، وَرَحْمَةٌ، وَعَدْلٌ؛ ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 6].
وَلَمَّا كَانَتْ عِزَّتُهُ: عِزَّةَ كَمَالٍ وَجَلَالٍ؛ اسْتَحَقَّ اللَّهُ أَنْ يُحْمَدَ عَلَيْهَا عَلَى الدَّوَامِ، قَالَ -تَعَالَى-: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾[إِبْرَاهِيمَ: 1].
يَا مَالِكًا هُوَ بِالنَّوَاصِي آخِذٌ
وَقَضَاؤُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ نَافِذُ
أَنَا عَائِذٌ بِكَ يَا كَرِيمُ وَلَمْ يَخِبْ
عَبْدٌ بِعِزِّكَ مُسْتَجِيرٌ عَائِذُ
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الصَّافَّاتِ: 180 - 182]
المرجع :
أكثر من الصلاة على النبي يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
0
إقرأ المزيد :
الفئة: أسماء الله الحسنى