محتويات المقال
الابتداع في الدين
حديث عن البدعة
يقول رسول الله ﷺ: «أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ…الحديث» "صحيح الجامع" للألباني، حديث عظيم كلمات جامعة عبارات ناصعة جازمة قاطعة، تزيل اللبس وتطمئن النفس وتبدد الحيرة والشك، حديث كان يكرره ﷺ في خطبه ويردده في مواعظه وما ذلك إلا لأهميته وعظيم قصده وبلاغة معناه (فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ ) سبق تخريجه، ثورة على البدعة وبركان في وجه المبتدعة وجارف يجرف كل ضلالة لأن الله تعالى عندما شرع الدين أكمله وأتمه وأحكمه واتقنه وأشمله، لم يُبق فيه مجال للبدعة، لم يُبق فيه مكان للزيادة والاستدراك والاحتمالات ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة الحجر:25]، ﴿ …الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَام… ﴾ [سورة المائدة: 3]، دين كامل ونعمة تامة واسلام مرتضى لا مجال للزيادة ومن زاد فهو مبتدع عليه وزر بدعته ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.البدعة لا يقبلها الله ولا يأجر عليها ولا يرفع صاحبها ويعذبه إن مات عليها، قال ﷺ: «مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ»، وفي لفظ: «مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ». أخرجه البخاري ومسلم، أي: مردود عليه، صاحب البدعة يتعب ويشقى ويكدح ويخشع ويتلذذ ببدعته وهي مردودة عليه وهي عذاب عليه وهي أوزار وآثام وعقبات في سبيل نجاته من العذاب.
ولذلك أيها الناس لا نبتدع ولا نأتي في الدين بجديد يقول الله عز وجل: ﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ﴾ [سورة الأنعام: 38]، ويقول تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89].
ومن كرم الله تعالى علينا في هذه البلاد المقدسة لا نرى بدعًا ظاهرة ولا عامة ولا مقلقة إلا ما ندر وربما أهلها جاهلون واهمون، فنحن على الحق وعلى الجادة وعلى المحجة البيضاء بإذن الله تعالى وستبقى كذلك إلى يوم الدين بحول الله وقوته، لكننا نخشى أن يُلبس على البعض ويغتر البعض ويصدق البعض ما يعرض في وسائل الإعلام من بدع لا صلة لها بالإسلام.
كنا نسمع من بعض المصلين من يقول: (استعنا بالله) إذا قال الإمام: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وكنا نسمع: (عزَّ وجلَّ) إذا قال الإمام: (الله أكبر) تكبيرة الإحرام، وكنا نسمع: (نشكر الله) إذا قال الإمام: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، وكنا نسمع من يقول في التشهد: (الطاهرات المباركات)، وحُذر الناس منها ونُهي المصلين عنها وبُينت لهم أنها بدعة لا تجوز في الصلاة، ولله الحمد تلاشت واندثرت إلا قليلًا قليلًا.
بدع منتشرة
نسمع عن نساء يُقمنَّ أعياد الميلاد في البيوت أو في الأسواق… أعياد ميلاد احتفالات وشموع ورود كما يفعل النصارى واليهود تمامًا، ونسمع اليوم عن تهنئة بيوم الجمعة وقول: (جمعة مبارك) ونقول كما قال العلماء: إنها بدعة، التهنئة بيوم الجمعة بدعة وبإذن الله تزول وتذهب إنها مستوردة أتت عبر الجوال ورسائله لكن لا نبيح لمن نشرها يجب أن تُمنع وتستنكر حتى لا يتوسع الناس ويَسْتَمْرُوا غيرها وغيرها خاصة في هذا الزمن الذي قل فيه العالمون وكثر فيه الجاهلون والمبتدعون.الإحتفال بمولد النبي ﷺ
تأملوا أيها الأحبة كيف سُمِح للبدعة أن تنتشر ولا تُسْتنكر ولا تُعارَض في بلاد كثيرة من بلدان المسلمين حتى أصبحت اليوم دين وعقيدة ومذاهب يقاتل من أجلها ويوالى ويعادي من أجلها، بدع أصبحت في بلاد المسلمين شرعًا وعقيدة ورسمية فرضت على الناس ما أنزل الله بها من سلطان، تأملوا تلك البلدان كيف يستعدون لإقامة احتفالات ومهرجانات ولقاءات وشعائر باسم المولد النبوي باسم مولد النبي ﷺ، ضلال وانحراف وبدع ما أنزلها الله ولا أمر بها ﷺ، تركوا الدين وتدينوا بالبدع، تركوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتسننوا بالخرافات والتفاهات.في حياته ﷺ ما احتفل بمولده ومات ﷺ ولم يُحتفل بمولده في عهد أبي بكر الصديق ولا عهد عمر ولا عهد عثمان ولا عهد علي رضي الله عنهم أجمعين.
احتفالات ومنكرات ومخالفات ويدعون حبه ﷺ وهم بعيدون عن سنته ومنهجه ومخالفون لما جاء به فأين محبته؟ احتفالات رقص وغناء واختلاط وتصفيق وتصفير وإضاعة للصلوات وطواف حول القبور وكلها عندهم باسم المولد النبوي، وحكوماتهم الفاسدة يباركون ويشاركون ويطبلون لأن هذه الفئات وهؤلاء الرعاع لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ولا خوف على المفسدين منهم، فهم مثل السارحة والرائحة لا دنيا ولا دين، حتى أعداء الله من النصارى واليهود والمعتدين على بلاد المسلمين لا يخافونهم ولا يهابونهم لمعرفتهم أن هؤلاء معاول هدم للدين وليس لهم في العز والغيرة حظ ولا نصيب.
ومما يُؤسِف أن كثيرًا من أهل السنة والجماعة في تلك البلدان المسلمة منخدعون ببدعة المولد يطبلون ويزمرون ويضلون مع أولئك الفاسقين إما جهلًا بالدين وإما مجاراة للمبتدعين وأعداء الدين.
بدع المجوس
ناهيك عن بدع المجوس الذين يدعون الإسلام ويؤلهون الحسين ويؤلهون علي بن أبي طالب ويؤلهون الزهراء، هؤلاء مجوس ليسوا مسلمين لم يدخلوا في الإسلام حتى يُعدوا من المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: «الخوارجُ كلابُ النَّارِ» [صحيح الجامع للألباني].قال الله عنهم - وتأملوا أن الله يحلف، الله يُقسم بذاته عز وجل أن أولئك ليسوا بمؤمنين حتى يعودوا إلى تحكيم الكتاب وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ويرضوا بها -: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [سورة النساء: 65]، وقال ﷺ: « القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذه الأمةِ.. الحديث » [حسّنه الألباني في صحيح أبي داود].
الإبتداع في الدين هو استدراك على الله
إن الابتداع في الدين ولو كان شيئًا يسيرًا إنما هو استدراك على الله وعلى كتابه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، إن المبتدع مهما صغرت بدعته أو عظمت كأنه يقول: إن الله لم يكمل الدين أو أن النبي ﷺ ترك شيئًا لم يبلغه للناس، وحاشاه ﷺ.وليس هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة كما يظن البعض إنما البدع سيئة كلها بدون استثناء والدليل قول النبي ﷺ : «وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ» [سبق تخريجه]، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، قال الامام مالك - رحمه الله -: (من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة - وفي رواية: من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها - فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا) [الاعتصام 1/49].
قال الشوكاني - رحمه الله -: (فإذا كان الله قد أكمل دينه وقبل أن يقبض نبيه فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل دينه إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم وهذا فيه رد للقرآن، وإن لم يكن من الدين فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين)،
الإبتداع خروج عن هدي النبي ﷺ
إن الابتداع في الدين خروج عن هدي النبي ﷺ؛ ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، هذه الآية اسمها آية المحنة لأنها تمتحن من يدعي حبَّ النبي ﷺ في عمله وقوله.قال أيوب السِّخْتِياني: (ما ازداد صاحب بدعة اجتهادًا إلا ازداد من الله بعدًا)، رواه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (ص: 16).
قال سفيان الثوري - رحمه الله -: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها) [شرح السنة للبغوي (1/216)].
والبدعة محبطة للعمل؛ ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف: 110].
المبتدع تحجب عنه التوبة
المبتدع تحجب عنه التوبة مادام مصرًّا على بدعته قال النبي ﷺ : « إنَّ اللهَ حجب التوبةَ عن كلِّ صاحبِ بدعةٍ حتى يدَعَ بدعتَه» [صحيح الترغيب للألباني]، ويأتون أهل البدع يوم القيامة يردون على الحوض يريدون الشراب فتردهم الملائكة، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : « إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَأَقُولُ: إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ: سُحْقًا، سُحْقًا، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي» [رواه البخاري: 6212، ومسلم: 2290].فالله الله أيها الأحبة نحذر من البدع لا نقرها ولا نقر أهلها ولا نوافقهم على أعمالهم حتى نلقى الله تعالى ونحن غير مبدلين ولا مفرطين.
اللهم جنبنا البدع ما ظهر منها وما بطن، اللهم ثبت قلوبنا على طاعتك، اللهم تقبل أعمالنا وتجاوز عن سيئاتنا وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة يا أرحم الراحمين.
لا تنس ذكر الله
لا حول ولا قوة الا بالله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة