هذا الحبيب «٥٦ »
السيرة النبوية العطرة (تعذيب بلال الحبشي رضي الله عنه)
صورة ثانية من التعذيب
{{ بلال الحبشي رضي الله عنه وارضاه }}
ممن سبق إلى الإسلام كان عبد من العبيد عند {{ أمية بن خلف }}
اريد منكم جميعاً ، أن نتصور كيف كان طريقة تعذبيه
لنتصور هذا المشهد بعقولنا
بلال صاحب اللون الأسمر
يُجرد من الثياب إلا ما يستر عورته
ثم يُربط بالحبل ، ويلقى عريان على رمال مكة الملتهبة ، تحت أشعة الشمس الحارقة
ويوضع على بطنه صخرة كبيرة ، لكي لا يرفع ظهره
ثم يجلدوه بالسياط
وتأتي هند [[ زوجة أبو سفيان ]] بالماء المغلي وتصبه على جسده !!!
هل تصورتم هذا المشهد ؟؟!
بلال ألهمهُ الله ذكر بقي على لسانه لم يغيره ولم يسكت عن تردديه ، ولم يأمره به النبي صلى الله عليه وسلم
بلال تحت التعذيب البشع هذا ، فلا يتكلم ولا بكلمة إلا
{{ أحدٌ احد }}
لو كان في أيامنا هذه [[ لقال له البعض يا بلال من أين أتيت بهذا الذكر ؟؟
يا بلال ما صحة هذا الذكر هل ورد عن رسول الله ]]
والله عزوجل أخبرنا في الحديث القدسي
{{ أنا جليس من ذكرني }} أي احضر عنده
بلال يقول ويردد :_ أحدٌ احد
وأمية يعذبه ويقول له :_ويحك يا بلال لا تقل هذه الكلمة وإلا ضاعفت عليك العذاب
وبلال يرفع صوته :_ أحدٌ أحد
سؤال [[ هل هناك عاقل يتصور أن بلال كان همه في هذه اللحظة ، أن يغيظ أمية بنخلف ]]
الكل واقف حوله
امية ورجال من قريش يصرخون على بلال
ويقولون له :_ اسكت لا تسمعنا هذه الكلمة فنحن لا نعرف من هذا الأحد ولا نحبه
وبلال يقول :_ أحد أحد
هل كان بلال يريد أن يغيظ قريش ؟؟
وما دام كان يقولها والعذاب يزيد عليه
فمن الأفضل إنه يسكت ويقولها بقلبه من اجل يخفف عنه العذاب قليلا
أليس هذا من المعقول والواقع ؟؟
مالسبب بلال لا يسكت عن أحدٌ احد ؟؟
وهذا الذي حاولت كثيرا أن أوصله للناس ، فالدين هو روح قبل ان يكون عمل ، في زماننا اصبح الاسلام بلا روح ،
اسلام جاف عبادات نقوم بها كمهمة يجب الانتهاء منها
كان يقول صلى الله عليه وسلم لبلال وهو مؤذن رسول الله
يقول له عن الصلاة أرحنا بها يا بلال
وفي ايامنا هذه وكأننا نقول ، أرحنا منها
إن الله ألقى على قلب بلال هذا الإسم العظيم من أسماء الله {{ قل هو الله أحد}}
فهو يقول :_ أحد أحد والأحدية لا تكون إلا لله
فتجلى الله على بلال عند ذكره ، تجلى عليه بالقرب والرضوان وكان قد لمس بلال شعور قرب الله منه وأنه جليس الله
{{فالقرب من الحبيب ينسي العذاب والتعذيب }}
وعاش لحظات تجلي مع الله
انا جليس من ذكرني ، لي ساعة لا يسعني فيها غير ربي
{{حب الله }}
هل جربت في يوم من الأيام ان تخلو مع الله ، تكلم الله
تقول له :_ إلهي انت مقصودي ورضاك مطلوبي ، تركت الخلق كلهم ورائي ظهري وجئت إليك
هل تذوقت لذة قربه وحبه ، هل تجلى على قلبك بأسمه الودود اللطيف الجميل الرحيم
فمن ذاق عرف ومن عرف اغترف ومن اغترف اعترف ومن اعترف أدمن ما عرف
هل شعرت ليوم بذلك الرابط الروحي والقلبي والوجدني ، الذي يوصلك لمحبة الله
فمن ذاق طعم الإيمان عرف لذته وحلاوته ، ومن عرف
حلاوته اغترف منه واستزاد واستكثر .
يا داود :_ طهر لي بيتاً لأسكنه
قال :_ يارب في أي بقاع الارض أبني هذا البيت
قال :_ يا داود لقد بعُدت كثيراً ، أما علمت أنها لم تسعني أرضي ولا سمائي
أما علمت يا داود أن عبدي ، إذا طهر قلبهُ سكنتُه
هل جربت يا مؤمن حب الله ، الى ان تصل الى درجة تهون عليك الدنيا ومافيها ، لاترى في الوجود إلا الله ، فتصل لدرجة تقول فيها {{ وعزتك وجلالك والله والله والله يارب ، لو ألقيتني في نارك لحدثت أهل النار عن حبي لك }}
تجلى الله عزوجل على بلال ولمس قلب بلال شعور قربه ولذته فغاب عن هذا الوجود
كما كان لإبراهيم الخليل عليه السلام وهو في قلب النار
نار يجمعوا لها الحطب شهر كامل ليل نهار في وادي بين جبلين
أشعلوا النار فيها فلم يستطيعوا أن يقتربوا منها ويرموا إبراهيم من شدة حرها ولهبها
فصنعوا المنجنيق ووضعوا إبراهيم فيه وألقوه في نارها من على قمة الجبل
وتضج الملائكة في السماء ويناجي جبريل ربه
ويقول جبريل :_ يارب .. يارب .. ما في الأرض من يوحدك إلا إبراهيم .. أيُحرق يارب ؟
وينزل جبريل بأمر من الله
ويقول جبريل له :_ يا إبراهيم ألك مني حاجة [[ أطلب مني أي شي وأنا تحت أمرك فقط اطلب ، يا ابراهيم اطلب ]]
فيقول إبراهيم :_ أما منك يا جبريل .. فلا
فيقول له جبريل :_ إسأل الله يا إبراهيم [[ لا تريد مني إذن إدعي الله ، اطلق لسانك ادعو الله ]]
فيرد إبراهيم :_ عِلمهُ بحالي يغني عن سؤالي
[[ لماذا ، لأن سيدنا إبراهيم شعر بتجلي الله وأن مع القرب من الله العيب ان يكون هناك الطلب ، علمه بحالي يغني عن سؤالي ، يعني يا جبريل هو متجلي عليّ وناظر إليّ .. فماذا أسأله إذا كانت إرادته أني أحرق .. فلتحرقني النار ما في مشكلة إذا إرادته أن لا أحرق فمن غير أن أطلب منه هو اعلم بحالي متجلي عليّ]]
علمه بحالي يغني عن سؤالي
{{مَن شَغلهُ ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أُعطي السائلين }}
فتجلى الله ذلك التجلي ولم يخاطب جبريل الواسطة بل خاطب النار مباشرة
يا نااار
فتقول النار :_ لبيك اللهم لبيك
فيأتيها الأمر من العلي القدير {{ كوني برداً وسلاماً على إبراهيم }}
فكان التجلي الإلهي أن النار تحرق من حولها والذي في وسطها لم يحترق حتى ثوبه
بل إنقلب كل الأغصان والأخشاب التي جمعوها إنقلبت إلى أشجار مورقة مثمرة وماء يجري حول إبراهيم يأكل ويشرب عشرة أيام حتى هدأت النار واستطاعوا أن يقتربوا إلى إبراهيم
فلما إقتربوا وجدوا إبراهيم عليه السلام يأكل ويشرب ، ولولا تجلي الله ،والنار كانت برداً وسلاماً لتجمد إبراهيم من شدة البرد في وسط النار
ويقول بعدها الخليل عن أجمل أيام حياته
قال :_ عندما ألقوني في النار
أطع أمرنا نرفع لأجلك حجبنا ... فإنا منحنا بالرضا من أحبنا
ولذ بحمانا واحتمِ بجنابنا ... لنحميك مما فيه أشرار خلقنا
وعن ذكرنا لا يشغلنك شاغلٌ ... وأخلص لنا تلقى المسرة والهنا
وسلم إلينا الأمر في كل ما يكن ... فما القرب والإبعاد إلا بأمرنا
فأحبابنا اختاروا المحبة مذهباً ... وما خالفوا في مذهب الحب شرعنا
فلو شاهدت عيناك من حسننا ... الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حسن خطابنا ... خلعت عنك ثياب العجب وجئتنا
ولو ذقت من طعم المحبة ذرة ... عذرت الذي أضحى قتيلاً بُحبنا
ولو نسمت من قربنا لك نسمة ... لمُت غريباً واشتياقاً لقربنا
فما حبنا سهلٌ وكل من ادعى ... سهولته قلنا له قد جهلتنا
هكذا كان لبلال الحبشي التجلي الإلهي بالحضور ((أنا جليس من ذكرني)) فلو أن بلال توقف عن ذكره لله
وقوله أحد أحد
كان شعر بالألم في جسده وإستجاب لقريش وكان سكت حتى يخفف عنه العذاب
ولكن دوام ذكر الله وتجلي الله عليه غاب عن الوجود وعاش بشعور اللذة بالقرب من الله {{ولمن خاف مقام ربه جنتان}} جنة الزخارف [[ اي القصور والانهار والحور ]] التي في الآخرة
الجنة الثانية جنة المعارف وهي القرب من الله من عاشها بالدنيا وذاقها لا يمنع عنها بالآخرة ، ومن لم يذقها في الدنيا لن يعرفها في الآخرة حتى لو دخل الجنة
فبلال مصر على أحد أحد والذين حوله لا يدرون
وقد ملوا منه ويإسوا وتعبوا وتعذبوا أكثر مما عذب بلال حتى جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه
إشتراه من أمية ثم أعتق بلال رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
______الأنوار المحمدية______
______صلى الله عليه وسلم _____
لا تنس ذكر الله
الله أكبر
0 / 100