محتويات المقال
- الوفاء بالعهود والمواثيق من صفات المؤمنين
- العهد عهدان: عهد مع الله تعالى، وعهد مع خلقه
- أعظم وصايا الله للعباد وأنفعها الوفاء بالعهد
- الله أكثر وفاء بالعهد من عباده
- من أعظم الإثم نقض العهد لمصلحة دنيوية
- أشهر الأمم نقضا للعهد كفار أهل الكتاب
- نقض العهد سبب لقسوة القلب
- المنافقون من أكثر الناس نقضا للعهود
- المنافقون من أكثر الناس نقضا للعهود
الوفاء بالعهد والميثاق في الإسلام
الوفاء بالعهود والمواثيق من صفات المؤمنين
الْوَفَاءُ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَقْضُهَا مِنْ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ؛ فَفِي الثَّنَاءِ عَلَى وَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8] وَفِي ذَمِّ الْكُفَّارِ مِنْ شَتَّى الْأُمَمِ بِنَقْضِهِمُ الْعَهْدَ: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف: 102] وَفِي مَقَامٍ آخَرَ: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [الرعد: 25].
العهد عهدان: عهد مع الله تعالى، وعهد مع خلقه
وَالْعَهْدُ عَهْدَانِ: عَهْدٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَهْدٌ مَعَ خَلْقِهِ، فَعَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِقَامَةُ دِينِهِ. وَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ وَفَى -وَلَا بُدَّ- بِعَهْدِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ عَهْدَ الْخَلْقِ لَهُ تُعَلُّقٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُقُوقٌ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ عَهْدٌ فَرَضَهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَمَرَ بِإِيفَاءِ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ، وَحَرَّمَ نَقْضَهَا.
وَعَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِيثَاقُهُ هُوَ الْأَصْلُ، وَعُهُودُ الْخَلْقِ وَمَوَاثِيقُهُمْ فَرْعٌ عَنْهُ، وَالْخَلْقُ قَدْ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ سُبْحَانَهُ فِي أَوَّلِ خَلْقِهِمْ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: 172]. وَعَهْدُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ هُوَ دِينُهُ، وَإِقَامَتُهُ وَفَاءٌ بِهِ، وَمِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ [البقرة: 177] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 76].
أعظم وصايا الله للعباد وأنفعها الوفاء بالعهد
وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ مِنْ وَصَايَا اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَهِيَ أَعْظَمُ الْوَصَايَا وَأَنْفَعُهَا ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام: 152] وَأَهْلُ الْوَفَاءِ هُمْ أَهْلُ الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ؛ لِأَنَّهُمْ عَمِلُوا بِمَا يَنْفَعُهُمْ مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ، وَجَانَبُوا مَا يَضُرُّهُمْ مِنْ نَقْضِهَا ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾ [الرعد: 19- 20] وَاللَّهُ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى الْمُوفِينَ بِعُهُودِهِمْ وَعَلَى النَّاكِثِينَ لَهَا ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 91] وَيُسْأَلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْهَا ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 34].
الله أكثر وفاء بالعهد من عباده
وَإِذَا وَفَى الْعِبَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْثَرُ وَفَاءً مِنْهُمْ، وَأَجْزَلُ عَطَاءً وَجَزَاءً عَلَى وَفَائِهِمْ، فَكَانَ عَهْدُ الْوَافِينَ مَعَهُ –سُبْحَانَهُ- أَرْبَحَ عَهْدٍ، وَأَعْظَمَهُ فَلَاحًا وَفَوْزًا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 111].وَنَاكِثُ عَهْدِهِ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 10].
من أعظم الإثم نقض العهد لمصلحة دنيوية
وَبَيْعُ الْعَهْدِ لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ مِنْ أَعْظَمِ الْإِثْمِ، وَأَشَدِّ الْغَبْنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْدَالُ شَيْءٍ مِمَّا يَفْنَى بِمَا يَبْقَى، سَوَاءٌ كَانَ بَيْعَ الدِّينِ كُلِّهِ، أَوْ بَيْعَ حُكْمٍ مِنْهُ بِإِسْقَاطِ وَاجِبٍ، أَوْ إِبَاحَةِ مُحَرَّمٍ، أَوْ تَسْوِيغِ مُنْكَرٍ. أَوْ كَانَ عَهْدًا قَطَعَهُ لِأَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ ثُمَّ خَانَهُ فَنَقَضَهُ لِمَصْلَحَةٍ أُخْرَى. وَمَنْ وَفَى بِعَهْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَى لِلْخَلْقِ عُهُودَهُمْ، وَمَنْ خَانَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ فِي دِينِهِ كَانَ لِخَلْقِهِ أَشَدَّ خِيَانَةً فِي عُهُودِهِمْ ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 95]، وَعُقُوبَةُ ذَلِكَ شَدِيدَةٌ جِدًّا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 77].
وَأَهْلُ الْإِسْلَامِ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ بِرٍّ وَفَاءٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَوَصَفَ أَسْلَافَهُمْ بِالْوَفَاءِ ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: 23]. قُدْوَتُهُمْ فِي ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَوَاتَرَتْ أَقْوَالُهُ فِي الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَقَالَ: "إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ" أَيْ: لَا أَنْقُضُهُ وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" رَوَاهُمَا أَحْمَدُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ"
أشهر الأمم نقضا للعهد كفار أهل الكتاب
وَأَشْهَرُ الْأُمَمِ نَقْضًا لِلْعَهْدِ كُفَّارُ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ –تَعَالَى- أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالتَّفْضِيلِ، وَأَمَرَهُمْ بِإِقَامَةِ الدِّينِ، وَوَعَدَهُمْ بِالتَّمْكِينِ ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: 40] وَلَكِنَّهُمْ نَقَضُوا عُهُودَهُمْ، وَبَدَّلُوا دِينَهُمْ، وَحَرَّفُوا كِتَابَهُمْ، وَتَرَكُوا شَرِيعَتَهُمْ، وَكَانَ نَقْضُ الْعُهُودِ دَأْبَهُمْ وَدَيْدَنَهُمْ حَتَّى صَارَ عَدَمُ الْوَفَاءِ مِنْ سَجَايَاهُمْ ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: 100].
نقض العهد سبب لقسوة القلب
وَفِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ نَقَضَتْ طَوَائِفُ الْيَهُودِ كُلُّهَا عُهُودَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَنَقَضَ النَّصَارَى عُهُودَهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَرْبِ وَفِي السِّلْمِ. وَفِي عُقُوبَةِ اللَّهِ –تَعَالَى- لِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى نَقْضِهِمْ عُهُودَهُمْ يَقُولُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ [المائدة: 13]
المنافقون من أكثر الناس نقضا للعهود
وَإِنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ لَيَتَعَجَّبُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي رَبَطَتْ بَيْنَ نَقْضِ الْمِيثَاقِ وَبَيْنَ قَسْوَةِ الْقَلْبِ، حِينَ يَرَى ذَلِكَ مَاثِلًا أَمَامَهُ فِي الْحَيَاةِ الْمُعَاصِرَةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُنَظَّمَاتِ الدَّوْلِيَّةَ وَمَوَاثِيقَهَا الْمُتَعَلِّقَةَ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَحُقُوقِ الْأَسْرَى وَحُقُوقِ الْأَطْفَالِ وَحُقُوقِ الْمُشَرَّدِينَ صَاغَهَا الْأَقْوِيَاءُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَسَّسُوهَا عَلَى مُقْتَضَى فِكْرِهِمُ الْعَلْمَانِيِّ الَّذِي لَا يَجْعَلُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا حَقًّا. ثُمَّ لَمَّا فَرَضُوهَا عَلَى جَمِيعِ الْبَشَرِ لَمْ يَعْدِلُوا فِي تَطْبِيقِهَا، فَكَانَتِ الْمَجَازِرُ الْبَشَرِيَّةُ الْمَهُولَةُ، وَكَانَ التَّعْذِيبُ الْفَظِيعُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَقْطَارٍ شَتَّى، وَكَانَ التَّهْجِيرُ بِالْمَلَايِينِ عَلَى مَرْأًى وَمَسْمَعٍ مِمَّنْ صَاغُوا هَذِهِ الْقَوَانِينَ، وَقَرَّرُوا تِلْكَ الْحُقُوقَ، وَلَمْ يُحَرِّكْ فِيهِمْ سَاكِنًا مِنْ شِدَّةِ قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ. وَمَشَاهِدُ ذَلِكَ وَاضِحَةٌ لِلْعَيَانِ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَبَاحَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ أَهْوَالٍ وَآلَامٍ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوَانِينَ الَّتِي خَطَّتْهَا أَيْدِيهِمْ، وَفَرَضَتْهَا عَلَى الدُّوَلِ قُوَّتُهُمْ لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَهُمْ إِذَا لَمْ تُحَقِّقْ مَصَالِحَهُمْ، وَيَكُونُ نَقْضُ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَفَاءِ فِي سَبِيلِ مَصَالِحِهِمْ؛ وَلِذَا وَقَفُوا مَعَ الْخَوَنَةِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَنْتَهِكُونَ قَوَانِينَهُمُ الدَّوْلِيَّةَ بِقَتْلِ النَّاسِ وَسَحْلِهِمْ وَتَعْذِيبِهِمْ وَحَرْقِهِمْ وَتَهْجِيرِهِمْ، مِمَّا تَأْبَاهُ الْقَوَانِينُ الدَّوْلِيَّةُ الَّتِي لَمْ يَلْتَزِمُوا بِإِقَامَتِهَا إِلَّا وَفْقَ الْمَصَالِحِ فَقَطْ ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء: 84].
المنافقون من أكثر الناس نقضا للعهود
الْمُنَافِقُونَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ نَقْضًا لِلْعُهُودِ، وَغِشًّا لِلْمُؤْمِنِينَ، سَوَاءٌ كَانَ نِفَاقُهُمْ سَبَئِيًّا بَاطِنِيًّا أَمْ كَانَ نِفَاقًا شَهْوَانِيًّا سَلُولِيًّا، وَفِي غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ وَقَالُوا: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا﴾ [الأحزاب: 13] فَأَظْهَرَ اللَّهُ –تَعَالَى- حَقِيقَةَ نَقْضِهِمْ لِلْعَهْدِ بِقَوْلِهِ –سُبْحَانَهُ-: ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا﴾ [الأحزاب: 15]. وَفِي فَاضِحَةِ الْمُنَافِقِينَ (بَرَاءَةَ) قَالَ اللَّهُ –سُبْحَانَهُ-: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 75 - 77].
وَلِأَجْلِ نَقْضِهِمْ لِلْعُهُودِ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَدِيدَ الْحَذَرِ مِنْهُمْ، وَلَمْ يُوَلِّ مُنَافِقًا وِلَايَةً كَبِيرَةً وَلَا صَغِيرَةً، رَغْمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا رُؤُوسًا فِي قَوْمِهِمْ.
المرجع :
لا تنس ذكر الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة