محتويات المقال
حسنات مضاعفات مهملات
صور من أعمال يسيرة عليها أجورها عظيمة
من سعةِ رحمةِ ربِّنا بنا أن شرعَ لنا أعمالاً صالحةً يسيرةً، رتّبَ عليها أجوراً كبيرةً، وحسناتٍ كثيرةً، تفوقُ العملَ: (وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا).
والعبدُ الموفقُ هو من يجِدُّ في تحصيلِ تلك الأعمالِ اليسيرةِ، ليملأَ عمرَه القصيرَ بكنوزٍ تثقِّلُ موازينَ حسناتِه. ألا تحبُ أن تأتيَ يومَ القيامةِ وحسناتُك أمثالُ الجبالِ؟! إذا إليكَ عشرةَ أعمالٍ يسيرةٍ أجورُها كبيرةٌ:
يَجْهَدُ الواحدُ منا في سنواتٍ لبناءِ بيتٍ يسكنهُ. ألا تعلمُ أنك تقدرُ على بناءِ قصرٍ لا يَحُولُ ولا يَزُولُ؟! قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً" – وفي روايةٍ: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ - فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ" "أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ"
ثمانيةُ أحرفٍ تملأُ ميزانَ حسناتِكَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ". فأينَ الجهدُ مقابلَ عملٍ قَدْرِ ثوابِهِ أن يَملأَ الميزانَ على عظمتهِ، وأن يملأَ السمواتِ على سعتِها، والأرضينَ على انبساطِها؟! لا نسبةَ ولا مقارنةَ، فتلكَ طريقةُ الجوادِ الكريمِ مع الذين حسُنَتْ نياتُهُم وظنونُهم باللهِ –تعالى-، ولو قَصُرَتْ أعمالُهُم، وضعُفَتْ.
أتريدُ أن تختمَ القرآنَ كلَ ليلةٍ خلالَ دقيقةٍ؟! قَالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) فَقَدْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"
لو جلسَ رجلٌ يذكرُ اللهَ ساعةً أو ساعتينِ، فإنكَ تستطيعُ أن تسبقَهُ خلالَ ثوانٍ معدوداتٍ، إذا قلتَ: "أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ"
نلبسُ الجديدَ والنظيفَ من الثيابِ، ونتلذذُ ونستمتعُ بلُبسِها، فهلْ تعلمُ أنه يمكنُ أن تُغفرَ ذنوبُنا مع تمتُعِنا بلُبسِ ملابِسنا؟!
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِى هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
لو قيل لك: هناكَ دعاءٌ مضمونُ الإجابةِ، فهلْ تُواظِبُ عليهِ؟! إذًا خذِ البشارةَ: قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ –أي استيقظَ بينَ نومتينِ- ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ".
كلمةٌ من أربعةِ أحرفٍ تُغفَرُ بها ذنوبُك! حقًا إنه عرضٌ مُغرٍ! والعجيبُ أن هذا العرضَ المغريَ يتكررُ يوميًا ستَ مراتٍ فأكثرَ طيلةَ السنةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
مِن هذهِ الأعمالِ السبعِ السابقةِ نتبينُ أمرًا جليلاً، ألا وهوَ أن اللهَ –تعالى- يريدُ أن يرحمَنا، يريدُ أن يَغفرَ لنا، يريدُ أن نَدخلَ الجنةَ: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلامِ﴾، ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ﴾ ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾.
إنه الرحيمُ الودودُ، يرحمُنا بهذه الأعمالِ اليسيراتِ المكفِراتِ، ويتوددُ إلينا بنعمهِ المتوالياتِ، يقبلُ توباتِنا إذا تُبنا، بل يفرحُ بل يُحبُنا لأننا تُبنا ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾.
﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ ومن رحمةِ الغفورِ الودودِ، وإحسانِهِ الممدودِ علمُه بضعفِ أبداننِا وضعفِ إيمانِنا، وضعفِ صبرنِا عن المعاصي، وضعفِ إراداتِنا، فلعلمِهِ سبحانَه بهذا كلهِ خففَ عنا: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾.
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة