حكمُ الدّعاء على الكافرين والمفسدين
نصر الله
الحمدُ لله، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد، أمّا بعد:فإنّ الله خيرُ النّاصرين، وقد وعدَ مَن ينصرهُ بالنّصر المبين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾ [محمد: ٧] ولذا دأبَ الأنبياءُ والصّالحون على الاستنصار بالله على أعدائهم، كما دعا نوح -عليه السّلام: ﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر﴾ [القمر: ١٠]
وقد كانَ مِن هديه ﷺ الاستنصارُ بالله، كما استغاثَ بالله في غزوة "بدر"، فاستجابَ اللهُ له: ﴿إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ﴾ [الأنفال: ٩]
أنواع الإستنصار بالله
ومِن أنواع الاستنصار بالله:الدّعاء بالهلاك على طوائف أو أعيان مِن الكافرين والمفسدين في الأرض، وإذا كان يحقّ للمظلوم في شأن يخصّه أن يدعو على ظالمهِ -واللهُ يستجيبُ دعوته، كما قال ﷺ في الحديث الصحيح : « اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ؛ فإنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللَّهِ حجابٌأ» . فلا يحقّ للمسلمين أن يدعوا بالهلاك على مَن يظلمهم بنشرِ الفساد بينهم؟! أو ليس ذلك الظلمُ أعظمُ مِن ظلم النّاس في أموالهم؟!
قال تعالى:﴿وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها وَادعوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحمَتَ اللَّهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ﴾ [الأعراف: ٥٦]
وإنّ دعاء الصّالحين على المفسدين: مما يدفعُ اللهُ به فساد الأرض، ﴿.. وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذو فَضلٍ عَلَى العالَمينَ﴾ [البقرة: ٢٥١]
وليحذرِ المفسدون في الأرض مِن الاغترار بإمهال الله؛ فإنّ اللهَ يمهلُ ولا يغفلُ.
الفرق بين الدعاء بالهلاك والدعاء باللعن
وإنّ ممّا ينبغي التّنبّه له: الفرق بين الدّعاء بالهلاك والدّعاء باللعن، فيجوزُ لعنُ عموم الكافرين، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الكافِرينَ وَأَعَدَّ لَهُم سَعيرًا﴾ [الأحزاب: ٦٤]ولا يجوزُ الدّعاءُ بالهلاك على عموم الكافرين، كما يقول بعضهم: "اللهمّ عليك بالكافرين، اللهمّ احصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تُبقِ منهم أحدًا"، فإنّ هذا الدّعاء غيرُ مشروع، وهو يخالفُ ما عُلِمَ مِن سنّة الله مِن وجود أوليائه وأعدائه ليبلو بعضهم ببعضٍ.
وأمّا لعنُ الكافر المعيّن: ففيه خلافٌ -ولا يجوزُ لعنُ المعيّن مِن عصاة المسلمين- بخلاف الدّعاء بالهلاك؛ فإنّه يجوزُ على المعيّن مِن الكافرين فردًا أو جماعة، بل يجوزُ على المعيّن ممّن عُلِمَ نفاقه، أو عُرِفَ بالشّر والفساد مِن المسلمين، فإنّ في ذلك صلاحًا للمسلمين، فنسألُ الله أن يصلحَ أمر المسلمين، وأن يهلك مَن في هلاكه صلاحُ المسلمين، وصلّى الله وسلّم على محمّد.
أملاه:عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك
لا تنس ذكر الله
ربِّ اغفر لي
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: أحكام شرعية