محتويات المقال
أحوال أهل النار
عظمة خلق أهل النار
أيها الناس اتقوا الله تعالى، واتقوا النار التي أعدت للكافرين، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون، اتقوا ذلك بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه؛ فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار والبؤس ودار الشقاء والعذاب الشديد دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين وأتباعهم، طعامهم من الزقوم، وشرابهم الماء المغلي من الحميم، يتجرعه تارة، فيقطّع أمعاءه وأحشاءه، ويُصبُّ فوق رأسه أخرى، فيذيب جلده وما في بطنه، وهو في غمرات النيران يتلظى، يُعظَّم جسده وضرسه، مضاعفة في إيلامه، يكون جسد الكافر يوم القيامة بحسب ما صدر منه من كفر وأعمال سيئة في الدنيا، وبحسب ما أفسد وأضل من الناس، فضرسه مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث ليال، وما بين منكبيه مسير ثلاثة أيام، ومقعده من النار ما بين المدينة والربذة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ضِرْسُ الْكَافِرِ، أوْ نَابُ الْكَافِرِ، مِثْلُ أحُدٍ، وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاثٍ" . وهذا الضرس! فكيف بالرأس الذي فيه اثنان وثلاثون ضرساً.
أما عن جسد الكافر في النار فحجمه كبير جدًّا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الْكَافِرِ مَسِيرَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ" . وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ضِرْسُ الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَعَرْضُ جِلْدِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَفَخِذُهُ مِثْلُ وَرِقَانَ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ مِثْلُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّبَذَةِ" .
والجسم له سبعة جلود؛ لأن الله يقول: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء:56]؛ لأنه وسائل الإحساس في الجلد، فلو احترق هذا الجلد وما بُدل فلن يحس بالنار، فالله يبدل الجلود، لكي يستمر الإحساس بعذاب النار، وأنت عندما تدخل الإبرة في جلدك، تحس بها في أول الوخزة؛ لكن بعدها لا تحس؛ لأن وسائل الإحساس جعلها الله في خارج الجسد، حتى يحمى الجلد، بحيث تحس بأي شيء، لكن إذا لم يوجد إحساس فإنه يمكن لشخص أن يؤذيك، ويخرج دمك، وأنت لم تحس، وهذه من حكمة الله.
سبعة جلود ما بين الجلد والجلد مسيرة ثلاثة أيام، وغلظ الجلد مسيرة ثلاثة أيام، ومن شدة الإحراق تبدل في كل يوم أربعمائة مرة، فستسأل في ذلك اليوم: ماذا كنت تعمل؟ وهناك: ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [غافر:52]، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء:227]، ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر:47] ما لم يكن يخطر في باله من العذاب، شيء لا يتصوره العقل إذا سقطوا في الإجابة على هذا السؤال. فمن الآن -أخي- صحح المسار، واضبط العمل، واعرف أنك عن كل شيء مسئول؛ فهل أعددنا للسؤال بين يدي الله جوابًا؟!.
صفة وجوه أهل النار وكيفية الورود عليها
عباد الله: أما عن وجوه أهل النار يوم القيامة فهي سوداء مظلمة، قال الله -تعالى-: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر:60]، وجوههم باسرة بائسة كالحة، قال الله -تعالى-: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة:24-25]، وقال -تبارك وتعالى-: ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ [المؤمنون:103-104]، وهي وجوه خاشعة ذليلة، مغبرة مهانة، عليها قترة وسواد، قال -جل وعلا-: ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس:40-42]. نجاني الله وإياكم من سواد الوجه يوم لقاء الله تعالى.
إن جميع الخلائق سيردون النار مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، حُكمٌ حتَّمه الله على نفسه، وخوَّف به عباده، فلا بدَّ من نفوذه، ثم ينجّي الله المتقين، ويترك الظالمين لأنفسهم بالكفر والمعاصي فيها ما شاء -سبحانه-، فيسقط الكفار في النار، ويمر المؤمنون والمنافقون على الصراط على قدر أعمالهم، فينجو المؤمنون، ويهوي المنافقون إلى الدرك الأسفل من النار، قال الله -تعالى-: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾ [مريم:71-72].
وبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر بيانًا شافيًا كما في حديث الرؤية، وصفة المرور على الصراط، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ! سَلِّمْ سَلِّم". قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! وَمَا الْجِسْرُ؟ قال: "دَحْضٌ مَزِلَّةٌ، فِيهِ خَطَاطِيفُ وَكَلالِيبُ وَحَسَكٌ، تَكُونُ بِنَجْدٍ فِيهَا شُوَيْكَةٌ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، فَيَمُرُّ الْمُؤْمِنُونَ، كَطَرْفِ الْعَيْنِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَالطَّيْرِ وَكَأجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ" .
فهل سألت نفسك -يا عبد الله- أين أنت من هؤلاء؟! وفي أي صنف ستكون؟! اعمل صالحًا تنجُ، ولا تخسر نفسك يوم يربح الصالحون.
هل سمعتم عن بعث النار، نسمع في الدنيا عن بعثة أو رحلة، جماعة يتم اختيارهم للقيام بمهمة ما؛ فما بعث النار؟! اسمع معي لهذا الحديث، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "يَقُولُ اللهُ -تعالى-: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قال: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قال: مِنْ كُلِّ ألْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ الله شَدِيدٌ". قالوا: يَا رَسُولَ الله، وَأيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قال: "أبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلاً وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ألْفًا" .
أول من تسعر بهم النار
وأول من تسعر بهم النار ثلاثة، هم أول من يصلى عذابها، وهم الذين يراؤون الناس بأعمالهم كالمقاتل في الجهاد، والعالم، والمنفق، فهؤلاء لما كانت أعمالهم غير خالصة لله كانوا أول من تسعر بهم النار، وأول داخليها. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأ الْقُرْآنَ، فَأتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأعْطَاهُ مِنْ أصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ ألْقِيَ فِي النَّارِ" ، فهؤلاء عملوا أعمالاً عظيمة، ولكنهم لما لم يخلصوا في عملهم العظيم لله، عاد عليهم عملهم بالخسران.
والمخلدون في النار أنواع: فمنهم كل كافر بالله تعالى غير مؤمن به، قال الله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة:39].
وكل مشرك بالله قال -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة:6].
وكل مستكبر عن الإيمان بالله، قال -تعالى-: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:60].
وكل منافق مخادع لئيم، قال -تعالى-: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ [النساء:145].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَأهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لا زَبْرَ لَهُ، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لا يَبْتَغُونَ أهْلا وَلا مَالاً، وَالْخَائِنُ الَّذِي لا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ، وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ، وَرَجُلٌ لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِي إِلا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أهْلِكَ وَمَالِكَ". وَذَكَرَ الْبُخْلَ أوِ الْكَذِبَ "وَالشِّنْظِيرُ: الْفَحَّاشُ" . والمقصود ب "الضعيف الذي لا زبر له" أي: الذي لا عقل له، وهو من ضعفاء العقول فلا يسعون في تحصيل مصلحة دنيوية ولا فضيلة نفسية ولا دينية.
كيفية دخول أهل النار النار
أما عن كيفية دخول أهل النار النار، وطريقة استقبالهم فيها، ففيها من السوء والشر الكثير، فإنه يُساق أهل النار إلى النار سوقاً عنيفاً، ويُضربون بالسياط الموجعة من الزبانية الغلاظ الشداد إلى شر محبس، وأفظع موضع، وهي جهنم التي جمعت كل عذاب وشقاء وألم كما قال -سبحانه-: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر:71-72].
وتُساق كل جماعة من أهل النار مع الجماعة التي تناسب عملها، وتشابه سعيها، يلعن بعضهم بعضاً، ويتبرأ بعضهم من بعض، كما قال -سبحانه-: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [العنكبوت:25].
وعند دخول أهل النار النار، فإنهم يدخلونها من مكان ضيق مقرنين في السلاسل والأغلال كما قال -سبحانه-: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ [الفرقان: 13، 14]. ويُدفع أهل النار إليها دفعاً، ويساقون إليها سوقاً عنيفاً؛ لامتناعهم من دخولها: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [الطور:13-14]. ويُسحبون في النار على وجوههم كما قال -سبحانه-: ﴿يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ [القمر:48].
ويُسلسل كل أهل عمل من المجرمين بسلاسل من نار، فيسحبون إلى العذاب في أذل صورة وأشنعها وأبشعها، كما قال -سبحانه-: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [إبراهيم:49-51].
ويُحشر الكفار إلى النار على وجوههم، تسحبهم ملائكة العذاب على وجوههم، وتجرهم إلى جهنم وفيها كل عذاب وعقوبة؛ فما أشد عقوبة هؤلاء الكفار: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان:34].
تعامل النار مع أهلها
إذا رأت النار يوم القيامة أهلها؛ اشتد سعيرها، واشتد زفيرها، وسمع لها أصوات شديدة، وتغيظت على أهلها، وغضبت عليهم؛ لغضب خالقها، وزاد لهبها وحرارتها بحسب زيادة كفر أهلها وشرهم، قال الله -تعالى-: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان:11-12].
ولا تزال جهنم تطلب الزيادة من المجرمين العاصين؛ غضباً لربها، وغيظاً على الكافرين وحنقًا عليهم، كما قال -سبحانه-: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق:30].
وإذا أُلقي أهل النار فيها سمعوا لها صوتاً عالياً فظيعاً من شدة غيظها على الكفار؛ فما الظن بما تفعل بهم إذا دخلوا في جوفها؟! قال -تعالى-: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك:6-11]، فاعترفوا أنهم لم يكونوا في الدنيا يسمعون الحق، ولم يستجيبوا للحق، وإنما كانوا عن الحق معرضين، فكانت عاقبتهم نار جهنم، عياذا بالله تعالى.
والنار يَحْطِم بعضها بعضاً، وتَحْطِم كل من يدخلها بلا موت، وتَنْفُذُ من الأجسام إلى القلوب؛ فهل ينجو الكافر والعاصي من شدة لهيبها وإحراقها؟! ﴿كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة:4-9].
لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة