محتويات المقال
سورة الكهف حصن حصين من الفتن
قصص سورة الكهف
هذه السورة العظيمة تسرد علينا أربع قصصٍ متنوعة، فريدة من نوعها، لم تتكرَّر في القرآن إلا في هذه السورة الجليلة، كل قصةٍ منها تعالج قضيَّة من أخطر القضايا وتحذِّر من نوعٍ معينٍ من الفتن الخطيرة التي يسقط فيها كثيرٌ من الناس قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، وقصة ذي القرنين رحمه الله والكهف هو الملجأ والملاذ الحصين من كل ما يؤذي، وناسب موضوعات السورة تمامًا، فهي بحق حصنٌ حصينٌ من الفتن بكل أنواعها، فمن حفظها وتدبَّرها وعمِل بها، حفِظه الله وحماه، فلا تضره فتنة بإذن الله.
ولذا رغَب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قراءتها كل جمعة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين"، فينبغي عليك أيها المسلم وأنت تقرأ هذه السورة المباركة في كل جمعة، أن تعي جيدًا ما فيها من العظات والعبر، وأن تتحصن بها من كل فتنةٍ وشر وضر.
قصة أصحاب الكهف
القصة الأولى قصة أصحاب الكهف، والقصة تعالج الفتنة في الدين، والابتلاء في التمسك بالعقيدة الصحيحة والثبات على الحق.
والقصة عن فتية آمنوا بربهم، آمنوا من بين أناسٍ مشركين، وعلموا ما لله تعالى عليهم من حق عظيم، وتيقَّنوا أن قومهم على ظلالٍ مبين: ﴿ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف: 14، 15]، فماذا وجدوا من قومهم مقابل ذلك الإيمان؟ لم يجدوا سوى الإيذاء والمطاردة، وإجبارهم على الرجوع إلى عقيدة الشرك والأوثان: ﴿ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ﴾ [الكهف: 20]، وهكذا قد يبتلى المسلم في دينه، ويفتن في عقيدته وتوحيده: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8]، ولذا قرر هؤلاء الفتية أن يفرُّوا بدينهم ويلجؤوا إلى مكان يختبؤون فيه: ﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴾ [الكهف: 16]، بهذه الرحمة المنشورة من أرحم الراحمين، صار الكهفُ الضيق المظلم أوسعَ من المدينة الفسيحة، نعم والله، إن كهفًا مُلئ بالإيمان واليقين برب العالمين، لهو أفسح وأوسع وأرحب من المدينة الواسعة إذا غطَّاها ظلام الكفر، وعتمة فتن الشبهات والشهوات، حمانا الله وإياكم وبلادنا المباركة من كل فتنة، إنه نور الإيمان وبرد اليقين، كما حدث لشيخ الإسلام ابن تيمية حينما أغلقت عليه أبواب السجن، فتلا قول الله تعالى: ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ﴾ [الحديد: 13]، ثم قال قولته المشهورة: ماذا يصنع أعدائي بي، أنا جنتي في صدري، أنا سجني خلوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة، ثم تُبين الآيات الكريمة التالية للقصة أسباب النجاة من الفتنة في الدين، ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفقا﴾ [الكهف: 28، 29].
إنه الصبر في صحبة الصالحين ممن ثبتوا على دينهم ولو كانوا هم الأقل والأضعف، ففي ذلك من التثبيت على الدين، والإعانة عليه، وتحصيل الخير ما لا يعلمه إلا الله تعالى؛ قال بعض الصالحين: من أحبَّ أهل الخير وصحِبهم، نال بركتهم، حتى الكلب حين أحبَّ الصالحين وصحبهم، ذكره الله تعالى في القرآن، كما نستفيد من هذا التعقيب الكريم أن اتباع الهوى، وطاعة أهل الغفلة سبب للفتنة في الدين، والتحول عنه شيئًا فشيئًا، ولو أن فتية الكهف أطاعوا أهل الغفلة من قومهم، واتَّبعوهم في ضلالهم لما نجوا، ولما كان خبرهم آيات تتلى، وما أحوج المسلم في هذا الزمن المدلهم بالفتن، إلى فقه هذا الدرس العظيم من هذه القصة العجيبة، فيثبت على دينه ولو رأى قلة الثابتين، ويعض عليه بالنواجذ؛ فإن الثمن جنةٌ عرضها السماوات والأرض، وليحذر من الاغترار بالباطل وأهله مهما كانت قوتهم وكثرتهم، ومهما بلغ شأنهم وبهرجهم، فهم في تباب وخسران ما لم يراجعوا دينهم: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].
قصة صاحب الجنتين
والمال فتنة، بل هو من أكبر الفتن التي افتُتنَ الناس بها قديمًا وحديثًا، وزادت فتنتهُ في هذا العصر كثيرًا، وتحول من وسيلة يُنتفع بها إلى غاية تُلغى بسببها كل المبادئ والقيم والأخلاق، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 28]، ونجد علاج هذه الفتنة في قصة صاحب الجنتين الذي أنعم الله تعالى عليه بقوله: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴾ [الكهف: 32، 33]، لكنه افتتن بذلك، ونسِي أمر الساعة، وتكبر على الناس: ﴿ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الكهف: 34، 36]، فكان ثمرة افتتانه بماله وتكبُّره وعلوِّه على الناس أن ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ [الكهف: 42، 43]. وبعدَ هذه القصة العجيبة يعقِّبُ الله بضرب مثلٍ عظيمٍ لبيان حقيقة الدنيا، وإثبات زوالها، وتحذيرًا من الغرور بها، ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 45- 46]، ثم ذكر سبحانه الآخرة والحساب والكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
فمن فُتن بالمال فعطَّل الفرائض من أجله، وجاوز الحلال إلى الحرام في جمعه وإنفاقه، واستعلى على الناس به، فليأخذ العبرة والعظة من قصة صاحب الجنتين، وليمعن النظر في المثل الذي ضربه الله تعالى للدنيا عقب ذلك، وليتدبر الآيات التي تخبر عن شدَّة الحساب والكتاب الذي يحصي الصغيرة والكبيرة، فإنه إن فعل ذلك خاف فتنة المال وحذِر منه، نسأل الله العافية والسلامة.
قصة موسى مع الخضر عليهما السلام
ومن فتن هذا العصر: الفتنة بالعلم، فالعلم قد يكون مَهلكة حين لا يُعمل به، وفتنة حين لا يوجِهُ صاحبَه إلى الحق، وحين لا يراد به وجه الله تعالى، وقد يغتر طالب العلم بعلمه، ويُعجب بعقله وفَهمه؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7]، فقد يكون الغرض من العلم وتعلُّمه هو الفتنة والتأويل الباطل، وأن يجعل علمه مطية لدنياه، فيُحرِّفَ الكلم عن مواضعه، ليصل إلى ما تميل إليه نفسه، وليرضي هواه، ويعتد برأيه ولو كان مخالفًا للنص والإجماع، بعيدًا عن مراد الله ورسوله.
ونجد علاج هذه الفتنة العظيمة في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، فنبي الله موسى عليه السلام، كليم الرحمن جل وعلا، أيَّده الله تعالى بالمعجزات، وأظهر على يديه الآيات، ودحر به السحرة وعلومهم، ومع ذلك كله لم يتكبر بما أعطاه الله تعالى من أنواع العلوم والمعارف، بل تواضع لله تعالى، ورحل يطلب العلم على يد الخضر عليه السلام، وقال مقولة التلميذ المطيع لأستاذه: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ [الكهف: 69]؛ يقول ذلك عليه السلام وهو لا شك أفضل وأعلم بالله تعالى من الخضر، وهو رسول من أولي العزم، والخضر عبدٌ صالح، لكنه تواضُع العلماء وتأدُّبهم مع ربهم أولًا، ومع من يمكن أن يتعلم منه ما لا يعلمه ولو كان أقل منه شأنًا وعلمًا، فما أحوج كل مَن فُتن بما عنده من علمٍ قليل، وغرَّه فَهمُه أن يتواضع في نفسه، وأن ينسب العلم لله تعالى، وأن يعرف لأهل العلم قدرهم وفضلهم، وأن يتذكر موقف موسى عليه السلام من الخضر، فلا يعدو قدره، ولا يغتر بفهمه فيَضِلَّ ويُضِلَّ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 175، 176]، بارك الله..
قصة ذي القرنين
من أعظم الفتن التي يَضعُفُ أمامها أكثرُ البشر: فتنة المنصب والسلطان، وامتلاك القوة التي تقود إلى البطش والظلم، ونجد علاج هذه الفتنة الكبيرة في القصة الرابعة، وهي قصة ذي القرنين، وهو الذي ملَك مشارق الأرض ومغاربها، ودانت له الأرض كلها، وآتاه الله تعالى من كل شيء سببًا، ومع ذلك لم يتجبر بسلطانه، ولم يستعلِ على الناس بقوته، بل سخَّر ذلك في إحقاق الحق، وإقامة العدل، ورفع الظلم، ونُصرة المظلوم، وظهر ذلك في القوم الذين شكوا إليه يأجوج ومأجوج، وما فعلوه من إفسادٍ في بلادهم، ورجوه أن يبني بينهم حاجزًا يحجزهم، فبادر إلى نجدتهم، ورفعِ الظلم عنهم، وبنى لهم السد بلا مقابل مادي، معترفًا بفضل الله تعالى عليه بالسلطان والمال: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ﴾ [الكهف: 94، 95]؛ أي: ما أعطاني ربي خيرٌ من خراجكم، فلما أتَمَّ بناء السد لم يفاخر بذلك، بل تواضع ونسب الفضل في ذلك إلى الله تعالى، واعترف برحمة الله وبقدرته تعالى على تدمير السد حينما يأتي أجلُه: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98]، أرأيتهم يا عباد الله كيف أن سورة الكهف قد عالجت في قصصها هذه الفتن الأربع: الفتنة في الدين، والفتنة بالمال، والفتنة بالعلم، وفتنة المنصب والسلطان، ولو نظرنا إلى أكبر فتنة حذَّر منها النبي صلى الله عليه وسلم وهي فتنة الدجال، لوجدنا أن هذه الفتن الأربع قد اجتمعت كلُّها فيها، فهو يفتن الناس في دينهم، ويدعوهم إلى الشرك، ويدَّعي الألوهية، وقد أعطاه الله تعالى من الآيات العظيمة ما يكون به أعظم فتنةً على الإطلاق، وفي فتنة المال يمرُّ الدجال بالخرِبة فتتبعه كنوزها، ويأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وفي فتنة العلم يخبر الدجال الرجل عن أبيه وأمه، ويخبر عن مغيبات كثيرة أطلعه الله عليها فتنةً للناس واختبارًا، وفي فتنة السلطان يعيث الدجال في الأرض فسادًا، ويسلَّط على الناس، وما من بلد إلا يبلغها سلطانه، خلا مكة والمدينة، ويفر الناس إلى الجبال خوفًا من سلطانه وبطشه.
فيُرجى لمن كان من أهل سورة الكهف حافظًا لها، متدبرًا لآياتها، متعظًا بقصصها، حري بمن هذا شأنه أن يُحفَظ من فتنة الدجال، فلا يغترُّ بكذبه وبهرجه، ولا تنطلي عليه أفعاله الخادعة، ولا يزدادُ فيه وفي فتنته إلا بصيرة على بصيرته، وإيمانًا بالله تعالى وثباتًا، فاعرفوا رحمكم الله لهذه السورة قدرَها، وتدبَّروا آياتها، وانتفعوا بقصصها، ولا سيما أنكم تُكررونها في كل جمعة، واحفظوها كاملة، فإن عجزتم، فاحفظوا من آياتها ما يعصمكم من فتنة الدجال، فإنه شر غائب ينتظر.
تحميل سورة الكهف بخط كبير pdf
لتحميل سورة الكهف pdf :
أكثر من الصلاة على النبي يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
0
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة خطب إسلامية