واجب الدفاع عن المسجد الأقصى (خطبة)

واجب الدفاع عن المسجد الأقصى (خطبة)

واجب الدفاع عن المسجد الأقصى


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أعز أهل الإيمان بالجهاد، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

وأشهد أن سيدنا محمد عبدالله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف به الغمة، وأشهد أنه إمام المتقين وسيد المجاهدين، القائل: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، والقائل:" واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " البخاري كتاب الجهاد والسير / باب الجنة تحت بارقة السيوف.

وأصلي وأسلم عليه وعلى أله الطيبين، وعلى الصحابة المجاهدين الأولين، وعلى التابعين ومن تبعهم من أهل السنة والأثر في الدعوة والجهاد بإحسان إلى يوم الدين.

وأوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد:

يقول تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 4]، ويقول الشاعر واصفا فساد وإفساد هؤلاء الصهاينة في الأرض المقدسة:

يَعيثُ بأَرضِنا قِردٌ حَقيرٌ
وخِنْزِيرٌ تَذَأَّبَ مُسْتَهِينا
يَدُوسُ القدسَ وا أسفا جهاراً
وَحَوْلَ رُبُوعها قومي عِزِينا؟
وَثَمَّ المسجدُ الأقصى يُنادي
وَيَصْرُخُ في جموعِ المسلمينَا
ولكن لا ترى إلا نَؤُوماً
تغافلَ عن نداءِ الصَّارخينا
ولا تلقى سوى لاهٍ ضحُوكٍ
كأنَّ القومَ مِنْ شكْرٍ عَمُونا

نتحدث عن واجب الدفاع عن المسجد الأقصى وتحريره، هذا الواجب الذي تغافل عنه المسلمون في زمن دول الردة والرجعية، في زمن دول الوطنية والقومية، دول العمالة والعلمنة والليبرالية.

عباد الله:

لقد نسي المسلمون هذا الواجب أو تناسوا، وجعلوا هذا المشكلة العصيبة التي هي مشكلة الأمة الإسلامية جمعاء، جعلوها مشكلة عربية، ثم قزموها إلى مشكلة فلسطينية محلية، ثم في هذه الأيام يحاولون الإجهاز على هذه القضية بجعلها مشكلة بين بعض الفصائل الفلسطينية مع يهود، لا أنها مشكلة أمة، وقضية عقيدة.

أيها الموحدون:

إن المسجد الأقصى هو شأن كل من ينتمي لهذه الأمة جمعاء، لأن تاريخ المسجد الأقصى هو تاريخ الأنبياء، وهو إرث الأنبياء قاطبة بدون استثناء، هذا المسجد الذي يمثل سلسلة تاريخ الوحيد، الذي كان الإسلام أخر حلقاته.

إن هذا المسجد هو جزء من عقيدة الأمة، لأن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، والذي له من المكانة والعظمة في قلوب أهل الإسلام ما له.

فهو أولى القبلتين في الإسلام، فقد توجه المسلمون ما يقرب الستة عشر شهرا إلى المسجد الأقصى قبل أن تحول القبلة، وثاني المساجد في البناء على هذه الأرض حيث بني بعد المسجد الحرام بأربعين عاما، فعن أبي ذر أنه قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة ".

وثالث الحرمين في المكانة والقدسية والعظمة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد:... ومسجد الأقصى " البخاري.

وليس الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى من العبث، وإنما ذلك لوثق الرباط العقدي بين المسجدين، وليدلل على المكانة العظيمة والقدسية الكبيرة لهذا المسجد خاصة، ولهذه البلاد بعامة فالله سبحانه قال ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1] الإسراء فهو وما حوله مبارك.

وفي الإسراء يا عباد الله بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المسجد أيضا دلالة على مدى ما ينبغي أن يوجد لدي المسلمين في كل وقت وعصر، من الحفاظ عليه وعلى سائر الأرض المقدسة، وحمايتها من مطامع الدخلاء وأعداء الدين.

وكأن الحكمة الإلهية تهيب بالمسلمين في هذا العصر أن لا يهنوا أو يجبنوا أو يتخاذلوا، أمام عدوان يهود على الأرض المقدسة، وأن يطهروها من رجسهم، ويعيدوها إلى أصحابها المؤمنين.

أيها المسلمون: يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، فالله أمرنا بالصبر والمصابرة والدوام عليها، وبالرباط، ونحمده أن من علينا بأن جعلنا في هذه البلاد المقدسة، وقال حدهم: اصبروا على النعماء، وصابروا على البأساء والضراء، ورابطوا في دار الأعداء، واتقوا إله الأرض والسماء، لعلكم تفلحون في دار البقاء.

واستبشروا يا عباد الله، فإن الله تعالى قال: ﴿ وبشر الصابرين ﴾ فلنكن من الصابرين الذين قال الله فيهم ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، حتى نقطف ثمار الصبر.

واعلموا يا عباد الله أن الله ينصر من ينصره، يقول تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]، فإن الله نصر المؤمنين في مشاهد كثيرة كبدر وحنين والفتح والأحزاب، والله سبحانه قد تكفل بنصر كل مؤمن، وفاءً بوعده ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، فنصرهم لأنهم قاموا بأمر دينه، ولأنهم أخذوا بأسباب النصر والإعداد المادي والمعنوي.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى أله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله إن فضل هذه البلاد وما حولها ثبت في كتاب الله فقال: ﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1] فالأقصى مبارك وما حوله مبارك، وهي ما تسمى بأرض الشام، وصلاح أهلا دليل صلاح الأمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم... " وحث على السكنى في هذه البلاد فقال: " عليكم بالشام، فإنها صفوة بلاد الله... " صحيح الجامع الصغير.

فهذه البلاد أرض المحشر والمنشر، أرض الملاحم في أخر الزمان، فقد جاء في الخبار بأن عيسى عليه السلام ينزل في أخر الزمان في بلاد الشام ويقتل المسيح الدجال عند باب لد.

أيها الموحدون:

إن مما نستطيع فعله ويسهل على الجميع تطبيقه في صد العدوان وكسر شوكته، أن نقاطع اقتصاده من البضائع وغيرها من المنتوجات، وهذا شكل من أشكال المقاومة المشروعة، والتي بدورها تقض مضاجع اقتصادهم، وعلى كل منا أن يبادر ويبدأ بنفسه، وأن نستمر على هذا لأن الاستمرار هو المهم والذي يأت بالنتائج الحسنة والفعالة.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية