علمتني آية

علمتني آية

علمتني آية


﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾[طه: ۸۱].


مُقَابَلَةُ الرِّزْقِ بالمعصية تَهْوِي بِصَاحِبِهَا مِن عُلُو الرَّضَا إِلى حَضِيضِ السخط .. فتنبه.


﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران : ٩٢].


قال سبحانه وتعالى : مِمَّا تُحِبُّونَ وليس مما لا تَحْتَاجُونَ أو من أي شيء تريدون ، لأنَّ رتبة البر تستحقها عندما تنتصر على شُحُ النَّفْسِ وتَفْضِيلها على الغير.


﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح : ٥-٦].


يأتي العُسْرُ للمُؤْمِنِ مُحاطاً بـ ( يُسْرَيْنِ) لا تَرَاهُمَا عَينُ المنافق ولا ضَعِيف الإيمان، ولكن تَرَاهُمَا القُلُوبُ التي تأصل الإيمان فيها.


﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّا مُّبِينًا﴾ [الإسراء: ٥٣].


إن الأفكار الرَّديئةَ عَنِ الآخرين وسوء الظن بهم لا يكون من إنتاج روحك الطيبة بل مِن طَعَنَاتِ ووَسَاوِسِ الشَّيطان الخبيث، فَقَاوِمُهُ ولا تستسلم له أبداً.


﴿فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [طه: ٢٠].


حتى ثنايا ما يَخْطُرُ في ذهنك مما لا تستطيع التعبير عنه أنت، فإنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ.


﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجنة..) [التوبة: ١١١].


قال العلماء : إِنَّ العَاقِلَ لَا يَرَى لِنَفْسِهِ ثَمَناً إِلَّا الْجَنَّةَ.


﴿فَفِرُّوا إِلَى الله ﴾ [الذاريات: ٥٠].


ليس هناكَ آمَنُ مِنَ الفِرَارِ إلى مَن خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَأَنْعَمَ عليكَ بما لا تُحْصِيهِ عَدَّاً ولا تَبْلُغُهُ شُكراً.


﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: ١٤٨].


مَن سَبَقَ فِي الدُّنيا إلى الخَيْرَاتِ.. سَبَقَ فِي الآخِرَةِ إلى الجَنَّاتِ.


﴿يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٠].


أكثر البَشَرِ شَبَهاً بالملائكة أكثرهم تسبيحاً لله تعالى.


﴿أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾ [الأعراف: ١٦٥].


نَجَّاهُمُ اللهُ معَ أنهم لم يتمكنوا من إيقاف المنكر، لَكِنَّهم لم يسكتوا عنه.


﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [الفرقان: ٣٢].


ليس شيء كمثل القرآن يُنير بصيرتك ويُسَدِّدُ رَأَيْكَ وَيَعْصِمُكَ مِن الهوى.. كما أن في القلبِ اضْطِرَاباً لا يُثبته إلا القرآن.


﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: ٣٢].


الموفق هو الذي لا يَخُوضُ في نوايا الناس؛ لأنها مما اختص الله تعالى به دون خلقه.. وقد قال مكحول رأيت رجلاً يبكي في صلاته، فاتَهَمْتُه بالرياء، فَحُرِمْتُ البُكَاءَ سنة كاملة.


﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَا تَفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: ١٥٩].


حتى لو كان خِطَابُكَ مُقْنِعَاً وحُجَّتك ظاهرة والحقُّ مَعَكَ .. تَبْقَى الأخلاق أولاً.


﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ﴾ [الأنفال : ٢٣].


بقدر الخير الذي في دَاخِلِكَ يكون انْتِفَاعُكَ بالوَحْي وتأثيرُهُ فِيكَ.


﴿وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ﴾ [لقمان: ٣١].


لو كانوا سَيَحْتفلونَ بِكَ عندما تُنْكِرُ عليهم المنكر لما كان لذكر الصبر معنى وفائدة.


﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢].


الثَّقَةُ بِمَعِيَّةِ الله تعالى تُعْطِي العَبْدَ قوة خاصة لمواجهة أهل الباطل.


﴿وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الإسراء: ١٧].


قوة الذاكرة ليست العامل الوحيد لحفظ القرآن، بل العامل الأساسي هو : هل يريد الله تعالى أن يبقى القرآن في قلبك أم لا ؟


﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ *لَا يَسْمَعُونَ حَسِيْسَهَا ] ] ﴾[الأنبياء: ١٠١ – ١٠٢].


عدَّ الله تعالى من أنواع نعيم أهل الجنَّة عَدَمَ سماعهم لأصوات نار جهنم !!


﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢].


بِقَدْرِ ذِكْرِكَ الله تعالى، يكون ذكر الله تعالى لك في الملأ الأعلى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : (الذكر هو باب الله تعالى الأعظم المفتوح بينه وبين عَبْدِهِ ما لم يُغْلِقُهُ العبدُ بِغَفْلَتِهِ).


﴿لِنَبْلُوَهُم أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [الكهف: ٧].


لم يقل : أَكْثَرُ عَمَلاً ، فلن ينفعك كَثْرَةُ العمل إِنْ لم يَكُنْ حَسَناً وموافقاً لشرع الله تعالى.


﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى) [طه: ۱۱۸].


عَدَّ الله تعالى التستر من أنواع النعيم في الجنة.. فكيف يرى بعض الناس في التكَشفِ وَالعُرِيَّ المَذْمُومِ جَمَالاً وَمَفْخَرَةٌ؟!


﴿وَإِنْ مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤].


قال بعض السلف : ( أما يستحيي أحدكم أن تكون راحلته التي يركبها وثوبه الذي يَلْبَسُه؛ أكثر منه ذكراً لله سبحانه وتعالى).


﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣].


مع أن هذا الصوت كان خَفِيّاً إلا أنه كان صادِراً مِن قَلْبٍ صَادِقٍ، فكانت النتيجة أن فتحت له أبواب السماء.. المهم أن تَصْدُقَ في سؤالك أيها السائل لا أَنْ تَرْفَعَ صوتك.


﴿قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ..﴾ [الأنعام: ٦٤].


لو اسْتَقَرَّ يَقِينُ هذه الآية في قَلْبِكَ، لما شَكَوتَ هَمَّا لَمَخْلُوقِ قط.


﴿يَحْلِفُونَ بِالله لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦٢].


إذا رأيتَ نَفْسَكَ تَحْرِص على إرضاء النَّاسِ أكثرَ مِن إِرْضَاءِ الله تعالى فاعلم أنَّ فيها شُعْبَةً مِنَ النَّفَاقِ !!


﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: ٢٧].


إِنَّ اهتمامك بِقَبُولِ العَمَلِ يجب أنْ يَكُونَ أكثر من اهتمامك بالعمل نفسه، إذ ليسَ كُلُّ عَمَلٍ يَكونُ مَقْبُولاً عند الله تعالى.


﴿اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا [الإسراء:١٤]


إن الكتاب الذي ستقرؤه لأول مرة وتتفاجأ بما فيه يوم القيامة هو صحيفة أعمالكَ فَأَحْسِنْ تَأْلِيفَهُ لئلا تَنْدَمَ.


﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: ٦٥].


كُنْ رَحِيماً قبل أن تكونَ مُعَلِّماً، بذلك تُحَقِّقَ مِنْهَاجَ النُّبُوَّة.


﴿قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا ...﴾ [مريم: ٢٣].


قالت مريم: يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا ولم تَعْلَم أَنَّ فِي بَطْنِهَا نبياً !! وكذلك بعض الابتلاءات تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِها مَكْرُمَاتِ عَظِيمَةٍ .


﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [يوسف :١٢]


الأصل في الأخوة أنْ يُذْهِبَ الآخَ عَن أَخِيهِ البُؤْس والحزن وَيَبْعَثَ فِي نَفْسِهِ الطَّمَأْنِينَةَ بِالوُدِّ والقُرْبِ مِنْهُ.


﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا ﴾ [آل عمران: ۹۱].


اليومَ يُقْبَلُ مِنكَ مِثْقَالُ ذَرةٍ، وغدًا لَن يُقْبَلَ مِنكَ مِلْء الأرض ذهباً !! فَبَادِر قبل أن تُغَادِر.


﴿وَلَوْلَا أَن ثبّتَنَاكَ ...﴾ [الإسراء: ٧٤].


إِيَّاكَ أَن تَظُنَّ أنَّ الثبات على الاسْتِقَامَةِ أَحَدُ إِنْجَازَاتِكَ الشَّخْصِية فإنَّ الله تعالى قال لسيد البَشَرِ : وَلَوْلَا أَن ثبتنَاكَ ... فلذلك لا تَغْتَرَ بِقُوَّةِ عِلْمِكَ وَلا بِكَثْرَةِ عِبَادَتِكَ .. بل ادع الله تعالى لِنَفْسِكَ بالثبات.


﴿ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله ..... * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ...﴾ [آل عمران: ۳۷-۳۸].


عندما تَرَى هِبَاتِ الله تعالى لخَلْقِهِ.. فَلِيَكُنْ أَثَرُهَا فِي قَلْبِكَ هُو الطَّمَعُ فيما عند الله تعالى من الخير، لا الحسد للمخلوقين.


﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [سورة العصر ].


قال الشافعي رحمه الله تعالى : (لَو مَا أَنْزَلَ اللَّهُ حُجَّةٌ عَلى خَلْقِهِ إِلَّا هذه السورة لكفتهم).


﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة:٢٣٥]


قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: (لَوْ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ لَكَانَ قَدْ أَعْذَرَ).


﴿فَسَقَى لهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظل ..﴾ [ القصص : ٢٤].


إذا أَحْسَنْتَ لِأَيِّ شَخْصٍ فَابْتَعِدْ عَنْهُ وَلَا تُلْزِمُهُ شُكْرَكَ، وَاصْرِفْ عَنْهَ وَجْهَكَ لِئَلَّا تَرَى حَيَاءَهُ عَارِيَا أَمَامَ عَيْنَيْكَ، وَاكْتَفِ بِأَنْ يَجْزِيَكَ الكَرِيمُ سُبْحَانَهُ.


﴿فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ..﴾ [الأحزاب: ٥٣]


أَعْظَمُ نِسَاءِ العَالَمَ وأَطْهَرُهُنَّ قَدَّمْنَ أَجْمَلَ وَأَجَلَّ خِدْمَةٍ لِلبَشَرِيَّةِ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ.. فَما بَالُ بَعْضٍ نِسَاء اليوم يَتَسَابَقْنَ لِلظُّهُورِ الذي يَقْصِمُ الظهور ؟!!


﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَو يَضُرُّونَ﴾ [الشعراء: ٧٢-٧٣].


مَهمَا يَكُنْ مِن سُقُوطُ حُجَّةِ خَصْمِكَ فَأَنتَ مُحْتَاجٌ لِخِطَابِ عَقْلِهِ ببَعْضِ الأَسْئِلَةِ لِتُقِيمَ عَلَيْهِ الحُجَّة .. ألم تر كيف قال الخليل لِقَوْمِهِ ؟؟


﴿فَما ظَنَّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ٨٧].


قال العلماء: مَا ظَنَّ أَحَدٌ بالله ظناً إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَظُنُّ؛ وذلك لأَنَّ الفَضْلَ بِيَدِ الله تعالى.


﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ﴾ [يوسف: ٧٧]


بَعْضُ الكَلَامِ تَصْمُتُ عَنِ الرَّدْ عَلَيْهِ !! لِتَدَعَ الأَيَّامَ تُجِيبُ عَنْكَ، دُونَ أَنْ تَنْطِقَ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ.


﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ [فصلت: ٤١].


القرآنُ عَزِيزٌ عِنْدَ الله فَأَعْطِهِ أَعَزَّ الْأَوْقَاتِ.. وَلْتَعْلَم أَنَّكَ بِقَدْرِ مَا تَأْخُذُ مِن القُرآنِ الكَرِيمِ بِقَدْرِ مَا يَنَالُكَ مِنَ العِزَّةِ.


﴿إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: ١١]


إِنَّ امْرَأَةَ فِرْعَونَ قَدَّمَتْ (عِنْدَكَ) عَلَى (بَيْتًا)؛ لأَنَّ الْجَارَ قَبْلَ الدَّارِ ، فَهِي تُرِيدُ جِوَارَ اللهُ تَعَالَى وَلَا تُرِيدُ القُصُورَ وَلَا القِلَاعَ !!


﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ ودا﴾ [مريم: ٩٦].


إذَا أَحْبَبْتَ إِنْسَاناً صَالِحاً دُونَ أَنْ تَعْرِفَ هَذَا الحُبِّ سَبِيا فَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَحَبَّهُ وَأَمَرَ قَلْبَكَ بِحُبِّهِ.


﴿وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾ [يونس : ١٠٧].


ليسَ هُنَاكَ قُوَّةٌ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ تَمْنَعُ وُصُولَ خَيْرٍ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ .. فَلَا تَقْلَق.


﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ﴾ [التوبة: ٤٠].


حَقُّ الصُّحْبَةِ تَخْفِيفُ الأَحْزَانِ عَنِ الْأَصْحَابِ وَمُوَاسَاتُهم.


﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ [المدثر : ٤٥].


صَمْتْ يُقَرِّبُكَ إلى الله تعالى .. خَيْرٌ مِن كَلِمَةٍ تُضْحِكُكَ قَلِيلاً في الدنيا .. وتُبْكِيكَ كَثِيراً فِي الآخِرَةِ !!


﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١].


جَاءَ هَذَا التَّهْدِيدُ العَظِيمِ لمن يُطَفِّفُ فِي حَبَّاتِ القَمْحِ والدُّرَةِ...فَكَيْفَ بِمَنْ يُطَفِّفُ فِي حُقُوقِ أَهْلِهِ وَمَنْ أَخَذْنَ مِنْهُ مِيثَاقًا غَلِيْظًا ؟!!


﴿اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾ [الشورى: ١٩].


بِقَدْرِ ما تترفع في درجات العبودية لله تعالى بِقَدْرِ مَا يَكُونُ نَصِيبُكَ مِنَ اللُّطْفِ الإلهي والعناية الإلهية.


﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾ [الصافات: ٧٥].


في مَوَاقِفِكَ العَصِيبَةِ .. انْتَقِ مَن تُنَادِي، فَلَيْسَ الكُلُّ يَسْمَعُكَ، وَلَيْسَ كُلُّ مَن يَسْمَعُكَ يُجِيبُكَ.


﴿ قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف: ٩٥].


حَتَّى أَقْرَبُ النَّاسِ لَكَ قَد يَسْتَخِفُ بِآلَامِكَ !! فَلَا تَشْكُ هَمَّكَ وَحُزْنَكَ إِلَّا إِلى اللهِ تَعَالَى فَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.


﴿فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات: ٥].


كَلِمَةً وَاحِدَةٌ تُعَبِّرُ عَن قَاعِدَةٍ عَظِيمَة فِي السُّلُوكِ الاجْتِمَاعِي، لو اسْتَحْضَرْنَاهَا فِي تَعَامُلِنَا مَعَ النَّاسِ لَكَفَتْنَا شُرُوراً كَثِيرَةً.


﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهُ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف : ٥٦].


لم يَقُلْ قَرِيبَةً وَإِنَّمَا قَرِيبٌ لِيَدُلُّ عَلَى قُرْبِهِ هُوَ سُبْحَانَهُ وَيَسْتَلْزِمُ مِن قُرْبِهِ قُرْبُ رَحْمَتِهِ، وَلَوْ قَالَ قَرِيبَةٌ لَدَلَّتْ عَلَى قُرْبِ الرَّحْمَةِ لَا غَيْرِ.


﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ [الكهف: ٥].


انْتَبِهِ لِأَقْوَالِكَ! فَرُبَّ كَلِمَةٍ تُخْرِجُهَا تَرْجَحُ بِكَفَّةِ سَيِّئَاتِكَ !!


﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمُ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠]


قالَ ثَابِتُ البناني رحمه الله تعالى في فَضْلِ هذه الآية: (بَكَى إِبْلِيسُ فَزَعَاً مِن هَذِهِ الآيَةِ).


﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٧٨،٣٦].


قِيلَت لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَام مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً وَهُوَ فِي السِّجْنِ، وَأُخْرَى وَهُوَ عَزِيز مِصْرَ .. فَالْمَعْدَنُ الكَرِيمُ لَا يُغَيْرُهُ السِّجْنُ وَلَا الْمَنْصِبُ !


﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴾ [طه: ٣١].


مهمَا يَجْمَعُ الإِنْسَانُ مِن مُؤَهَّلات وخِبْرَاتٍ وَإِمْكَانِيَّاتٍ وَتَقَوْى فَإِنَّهُ يَبْقَى بِحَاجَةٍ إِلَى مَن يَقِفُ بِجَانِبِهِ وَيُطَمْئِنُ قَلْبَهُ وَيُسَائِدُهُ وَيُذَكِّره بالله.


﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [الكهف: ٨٢].


إِنَّكَ تَفْرَحُ أَيُّهَا فَرَحٍ بِهَذِهِ الكَلِمَةِ إِذَا قَالَهَا لَكَ أَحَدُ البَشَرِ .. فَمَا بَالُكَ لَو قَالَهَا لَكَ رَبُّ البَشَرِ ؟!!


﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الزخرف:٣٢]


قال أحد الصالحين في هذه الآية: (تَأَمَّلْتُهَا فَعَلِمْتُ أَنَّ القِسْمَةَ مِن الله تعالى وَحْدَهُ، فَمَا حَسَدتُ أَحَداً).


﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥].


يَنَامُ العَبْدُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ يَئِسَ مِنْهُ، وَيَسْتَيْقِظُ مِن نَوْمِهِ وَقَدِ انْفَرَجَ !!! ذَلِكَ أَنَّ مُدَبِّرَ الكَوْنِ لَا يَغْفُلُ وَلَا يَنَامُ سبحانه وتعالى.


﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بالصَّالِحِينَ﴾ [النساء: ١١٠].


مَهمَا تَمَنَّى الْمُسْلِمُ مِنْ أَمْنِيَاتٍ فَلَنْ تَجِدَ أَفْضَلَ مِن أُمْنِيَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامِ: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.


﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩].


مَبْدَأَ ثَابِتٌ مَفَادُهُ: اعْمَلْ لِآخِرَتِكَ وَاشْتَغِلْ لِنَجَاةِ نَفْسِكَ، وَلَا تنتَظِرُ أَحَداً يُوَزِّعُ عَنْكَ مُصْحَفاً، أو يَحْفِرُ عَنكَ بِئراً بَعْدَ وَفَاتِكَ.


﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ [طه: ١٣].


قالَ العُلَماءُ: إِذَا شَغَلَكَ اللهُ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ، فَاعْلَم أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَكَ أَنْتَ دُونَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ .. فَتَنَبَّه !!


﴿ألحقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الطور : ٢١].


انظُر إِلَى قَدَاسَةِ عَاطِفَةِ الأُبُوَّةِ والأُمُومَةِ .. حَتَّى فِي الْجَنَّةِ رَاعَى اللَّهُ تَعَالَى عَاطِفَةَ الْآبِ والأُمِّ فَأَلْحَقَ بِهِم ذُرِّيَاتِهِم إِكْرَامًا لهُم.


﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [الفرقان: ١٥].


كُلَّمَا دَعَتْكَ نَفْسُكَ إِلَى مَعْصِيَةِ .. فَحَاوِرُهَا حِوَاراً لَطِيفَاً بِهَذِهِ الْآيَةِ... واخْتَرْ مَا أَرَدْتَ فَإِنَّكَ مُحَاسَبٌ عَلَيْهِ.


﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ﴾ [الصافات: ١٤٣].


رَصِيدُكَ فِي الرَّخَاءِ يَنْفَعُكَ فِي الشَّدَّةِ .. بِل إِنَّ أَعْظَمَ وَأَقْوَى أَسْبَابَ الفَرَجِ كَثْرَةُ التَّسْبِيحِ.


﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: ٦٠].


ادْعُ لِلْأَمْوَاتِ فِي قُبُورِهِم وَسَيُسَخَّرُ اللَّهُ تعالى مَنْ يَدْعُو لَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ .. فَالْجَزَاءُ مِن جِنْسِ العَمَلِ.


﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد: ٢١].


أَشَدُّ وَأَعْظَمُ أَنْوَاعِ الخَسَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ مَكَانَا فِيهَا ..!!


﴿قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ..﴾ [يوسف: ٩٤].


إِنَّ الْمُحْسِنِينَ الظَّنَّ بِالله تَعَالَى يَشُمُّونَ رَائِحَةَ الفَرَجِ رَغْمَ بُعْدِ المسافات.


﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه:١٠٥]


إِنَّ مَن يَسْتَطِيعُ بِقُدْرَتِهِ أَن يَنْسِفَ الجِبَالَ فِي لَحَظَةٍ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُزِيلَ هَمَّكَ وَيُفَرِّجُ كَرْبَكَ مَهُمَا عَظْمَ وَكَبُرَ .. فَاللَّهُ أَكْبَرُ مِن كُلِّ شَيْءٍ.


﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ حَيَاتِي ﴾ [الفجر : ٢٤].


أُمْنِيَاتُ أَهْلِ القُبُورِ بَيْنَ يَدَيْكَ الآن.. فَتَدَارَكْهَا مَا دَامَتْ رُوْحُك فِي جَسَدِكَ.


﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ ..﴾ [يوسف: ٢٥].


كِلَاهُما يَجْرِي .. أَحَدُهُمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَالْآخَرُ يُلَاحِقُهَا.
قَد يَتَشَارَكُ النَّاسُ بِالأَفْعَالِ وَلَكِنْ يَتَفَاوَتُ الجَزَاء بالنية ..!!


﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾[الكهف: ٣٤].


حِينَ تَلْتَقِي بِأَصْحَابِنَا يَثورُ فِيْنَا بِشِدَّةٍ مَبْدَأَ حُبِّ الظُّهُورِ .. فَعَلَيْكَ أَنْ تُرَاقِبَ نَفْسَكَ.


﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٩].


ذَكِّرْ بِهَا نَفْسَكَ عِندَ كُلِّ عَمَلٍ تَقُومُ بِهِ، وَلَا تَنْتَظِرْ جَزَاءً مِن أَحَدٍ، اجْعَلْ هَدَفَكَ سَمَاوِيَّاً فَاللهُ تعالى وَحْدَهُ مَن يَجْزِيكَ وَيُكْرِمُكَ.


﴿يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةٌ﴾ [البيئة : ٢].


إِنَّ الوَحْيَ طَاهِرٌ مُطَهِّرْ .. وَبِقَدْرِ طَهَارَةِ نَفْسِكَ وَرُوْحِكَ يَكُونُ قَدْر انْتِفَاعِكَ مِنْهُ.


﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٧].


قَالَ الصَّالحون : لو كَانَتِ الدُّنْيَا مِن ذَهَبٍ يَفْنَى، وَالْآخِرَةُ مِن خَزَفٍ يَبْقَى، لَكَانَ الوَاجِبُ أَن يُؤْثَرَ الخَزَفُ البَاقِي عَلَى الذَّهَبِ الفَانِي.. فَكَيْفَ والآخِرَةُ مِن ذَهَبٍ يَبْقَى، وَالدُّنْيَا مِن خَزَفٍ يَفْنَى ؟!


﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ الله ﴾ [فاطر: ٣٢].


لِئَلَّا يَغْتَرَ الإِنْسَانُ بِعَمَلِهِ، وَلِيَعْلَمَ أَنَّهُ مَا سَبَقَ إِلَى الخَيْرَاتِ إِلَّا بِتَوْفِيقِ اللَّهَ وَمَعُونَةٍ مِنْهُ سُبْحَانَه. وقد قالوا: (لا تفرح بالطاعة لأنها ظهرت منك، ولكن افرح بالطاعة؛ لأنَّ الله تعالى جعلك لها أهلاً).


﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الحق﴾ [الأعراف: ١٤٦].


إِذَا تَكَبَّرَ العَبْدُ عَلَى الحَقِّ صَرَفَ اللهُ تَعَالَى قَلْبَهُ، وَإِذَا صَرَفَ اللَّهُ قَلْبَهُ فَمَنْ يَمْلِكُ رَدَّهُ؟!


﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ [المائدة: ٤١].


إِذَا كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَد عَابَ سَمَاعَ الكَذِبِ.. فَمَا ظَنُّكُم بِالكَذَّابِ نَفْسِهِ ؟!!


﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ [الطور:٢٤]


هَذَا شَأَنَّ الخَادِم (مِنَ النَّعِيمِ) .. فَمَا شَأْنُ الْمَخْدُومِ ؟!!


﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء : ٢٨].


فَيا ضَعِيفَ الخَلْقِ .. مَالَكَ تَتَجَبَّرُ وتَتَكبَرُ عَلَى المَخْلُوقِينَ، وَمَا لَكَ مِن حَولِ وَلَا قُوَّةٍ إِلَّا بِرَبِّكَ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ؟!


﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ الله﴾ [يوسف: ٢٣].


لَيْسَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ أَدَاةُ عَطْفٍ تُوحِي بِالتَّرَيُّثِ، لَمْ يُتْرَكْ فَرَاغَاً زَمَنِيّاً للتفكير، كُنْ صَارِمًا مَعَ الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةِ وَكُلُّ مَا لَا يُرْضِي المولى سبحانه.


﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص:٨٨]


كُلُّ الأَشْيَاء التي حَوْلَنا ما نفْرَحُ لَهُ أَو نَحْزَنُ عَلَيْهِ، أَو نَتَأَلَّمْ لِأَجْلِهِ أو نَسْعَدُ بِهِ.. مَصِيرُهُ الزَّوَالُ والاضْمِحْلَالُ، وَيَبْقَى الحَيُّ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ.


﴿قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾ [القصص: ٢٣].


إِنَّهُما تَتَحَمَّلَانِ مَشَقَّةَ الانْتِظَارِ وَعَنَاءَ الصَّبْرِ وَالتَّأَخُرِ .. وَلَكِنْ لَا تَجْرُؤَانِ عَلَى فِتْنَةِ الاخْتِلَاطِ بِالغُرَبَاءِ وَمُزَاحَمَةِ الأَجَانِبِ.


﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة﴾ [البقرة: ٢٤٥].


مَفَادُ تَسْمِيَتِهِ قَرْضَاً هُوَ أَنْ يَعِدُكَ اللهُ تَعَالَى بِالوَفَاءِ.. فَطُوبَى لِمَن أَقْرَضَ الكَرِيمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.


﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ .. ﴾ [يوسف: ٨٤].


لَا تَلْتَفِتْ إِلَى الوَرَاءِ.. فَبَعْضُ الْآلَامِ وَالْجِرَاحِ وَشُخُوصُهَا لَا تَسْتَحِقُّ أَنْ تَحْتَفِظَ بِهَا فِي ذَاكِرَتِكَ، دَعْ مَا يُزْعِجُكَ يَمُوتُ بِقِلَّةِ اهْتِمَامِكَ بِهِ.


﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧].


اقْتَضَى الوَعْدُ فِي هَذِهِ الآيَةِ : أَنَّ مَن جَعَلَ الشُّكْرَ خَاتِمَةَ النَّعْمَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَاتِحَةَ الْمَزِيدِ.


﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾ [المطففين: ١]، ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لمَزَةٍ﴾[ الهمزة: 1].


سُوْرَتَانِ فِي القُرآنِ بَدَأْنَا بِالوَيْلِ ، الأُولَى فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَالثَّانِيَةُ: فِي أَعْرَاضِهِم.. فَلَا تَقْتَرِبُ مِن هَذِينِ.


﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤].


مَا أَكْثَرَ السَّاهِرِينَ السَّاهِينَ ؟!! وَمَا أَقَلَّ القَائِمِينَ القَانِتِينَ ؟!!


﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ اللَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ﴾ [النساء : ١٣٥]، ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾[الأنعام: ١٥٢].


لَا تَظُنَّنَّ أنَّ مِنَ البِرِّ بالوَالِدَيْنِ أَو ذَوِي الْأَرْحَامِ أَنْ تَشْهَدَ لَهُم زُوْراً أَو أَنْ تُدَاهِنَ لَهُم فِي دِيْنِ أَو دُنْيَا .. فَالشَّهَادَةُ خَالِصَةٌ لله تعالى.


﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ [آل عمران: ١٨٥].


لَا يَكُونُ الفَوْزُ الحَقِيقِيُّ بِنَيْلِ الشَّهَادَةِ العَالِيَةِ وَلَا بِالثَّرْوَةِ الطَّائِلَةِ وَلَا بِالْمَنْصِبِ الْمَرْمُوقِ.. وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ مُتَعِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ.


﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾[هود: ۱۱۷].


فِي المُجْتَمَع الفَاسِدِ يَنْجُو الصَّالِحُ الْمُصْلِحُ وَلَا يَنْجُو الصَّالِحُ غَيْرُ الْمُصْلِحِ؛ لأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الشَّاهِدِ الصَّامِتِ عَلَى مَعَاصِيْهِم.


﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ [القصص : ٣٤].


الاعْتِرَافُ بِمَزَايَا الْآخَرِينَ مِنْ مَزَايَا الْأَنْبِيَاءِ.. أَمَّا إِنْكَارُهَا: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ﴾ [الأعراف: ۱۲] فَهُوَ مِن رَزَايَا الشَّيْطَانِ.


﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَاهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مئة حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: ٢٦١].


المَصْرَفُ الوَحِيدُ الذي لَهُ فُرُوعٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ هُوَ : مَصْرَف الصَّدَقَةِ، تُوْدِعُ فِيهِ بِدُنْيَاكَ .. وَتَسْحَبُ مِنْهُ فِي آخِرَتِكِ ..


﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قريبا ﴾ [الفتح: ١٨].


أكْثَرُ النَّاسِ تَوْفِيقَاً هُم أَصْدَقُهُم نِيَّةً وَأَسْلَمُهُم قَصْداً وَأَنْقَاهُم سريرة.


﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي ﴾[ ص: ٣٥].


مَنْ سَأَلَ الله تَعَالَى شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا فَلْيَسْتَفْتِحِ دُعَاءَهُ بِالاسْتِغْفَارِ والتَّوْبَةِ فَالذُّنُوبُ تَمْنَعُ الإِجَابَةَ وَتُؤَخِّرُهَا.


﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [الجاثية:٢٠]


أَشَدُّ أَنْوَاعِ العَمَى هُو عَمَى البَصِيرَةِ، وَمِنْ عَلَامَاتِهِ الشَّك والتَّذَبْذُبُ، وَلَا قُوَّةَ لِلبَصِيرَةِ المَخْلُوقَةِ إِلَّا بِالبَصِيرَةِ الْمُنْزَلَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.


﴿وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿[ البقرة: ٤٢].


إِنَّ سُكُوتَ العَالِمِ عَن إِنَّكَارِ البَاطِلِ فِيْهِ نَوْعٌ مِنْ تَلْبِيْسِ الحَقِّ وَإِضْعَافِهِ، وَسُكُوتُهُ عَنْ إِنْكَارِ البَاطِلِ إِقْرَارُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِد.


﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:٢٨٢]


التَّقْوَى الحَقِيقِيَّة هِيَ قَرِينَةُ العِلْمِ النَّافِعِ .. وَبِقَدْرِ تَقْوَاكَ اللهُ تَعَالَى بِقَدْرِ مَا يُعَلِّمُكَ عِلْمًا يَكُونُ حُجَّةً لَكَ لَا عَلَيْكَ، فَلَيْسَ كُلُّ مَن تَعَلَّمَ انْتَفَعَ بِمَا عَلِمَ !!


﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الله ﴾ [المجادلة:١٩]


بِقَدْرِ ذِكْرِكَ الله تَعَالَى يَضْعُفُ تَسَلُّطُ الشَّيْطَانِ عَلَيْكَ، وَمَنْ نَسِيَ ذِكْرَ الله تَمَامَا كَانَ اسْتِحْوَاذُ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِ تَامَّا.


﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: ٨٢].


قَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ رحمه الله : إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَيَحْفَظُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَبَلْدَتَهُ وَالدُّوَيْرَاتِ التي حَوْلَهُ فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظُ مِنَ الله وَسَتْرٍ .. وقد قال العلماء: (صَلَاحُ الآبَاءِ سَبَبٌ رَئِيسُ فِي صَلَاحِ الْأَبْنَاءِ).


﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ..﴾ [الكهف: ١٠].


لَمْ يَذْكُرِ القُرآنُ مَكَانَهُم وَلَا زَمَانَهُم وَلَا أَسْمَاءَهُم وَلَا قَوْمَهُم، وَلَكِنْ ذكَرَ دُعَاءَهُم الْمُخْلِصِ؛ لأَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ أَسَاسُ التَّحَوُّلَاتِ الكُبْرَى.


﴿وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكُ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا [الكهف:٧٩]، ﴿فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ [الكهف: ٨٠].


لَم يَعْلَمْ أَهْلُ السَّفِينَةِ أَنَّ فِي خَرْقِهَا نَجَاةٌ لَهَا مِنَ الغَصْبِ وَالْمَصَادَرَةِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَهْلُ الغُلَامِ أَنَّ فِي مَوْتِهِ نَجَاةً لَهُم مِنَ الْفِتْنَةِ.. فَسُبْحَانَ مَن يَبْتَلِي بالصَّغِيرَةِ .. لِيُنَجِّي مِن الكَبِيرَةِ !!


﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴾ [الكهف: ٦٥].


مَهمَا بَلَغَ عِلْمُكَ ومَهُمَا عَلَا مَنْصِبُكَ فَلَا تَغْتَرَّ وَلَا تَنْسُبِ العِلْمَ إِلَى نَفْسِكَ وَجُهْدِكَ أنتَ ، بَلْ اعْلَمْ أَنَّهُ فَضْلُّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ.


﴿وَتَظُنُّونَ بِالله الظُّنُونَا﴾ [الأحزاب: ١٠].


في المِحَنِ تَكُونُ ظُنُونُكَ مَحَلَّ نَظَرِ رَبِّكَ فَلَا تَظُنَّ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ إِلَّا خيراً.


﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ [ طه : ٨١].


المُوَفَّقُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ هُوَ الذي يَكُونُ أَكْبَرُ هَمِّهِ أَلَّا يَغْضَبَ عَلَيْهِ الخَالِقُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ...


لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية