كنت أتسائل عن سبب غلاء الصقور ، وأن الكثير ممن يعشقونه يشترونه وإن بلغ الملايين .
إن في الصفر ثلاث : هو بعيد النظر لا ينظـر إلى الأمـور العاديـة ، والصقر عزيز النفس ولا يمكن أن يذل نفسه لأجل شيء ، والصـقـر حـر يـحـب الحرية ، فعلام أرى كثيرا من الناس يفتقدون لبعض من هذه الصفات ، ولقد رأيـت بعضا من الخلق يرفع قدر نفسه حتى تجاوز حده ، وهذا دأب الخلـق إمـا أن يذلون أنفسهم مرة واحدة أو يرفعونها فيعتدوا .
،أين المعتدلين ، وأين من يعرفون ثمن أنفسهم ؟!
بينما كنت في السيارة قلت لصاحبـي إن هذه السيارة فخمة ، يبدوا أن مالكها ثري ، فقال لي أتعلم أن قيمة السيارة أكبر من قیمته ؟ قلت وكيـف هـذا فأجاب أنه يعرف هذا الرجل ، فقير معدم وليس الفقر عيبـا ولـكـن العيـب أن يتكلف الإنسان ما لا يطيق ، وأخذ سيارة فخمة من البنك ، ويذهب نصف راتبـه على أقساطها ، ويعاني من بعض المرض ، وأسرته لا تترفه كما فعل هو بنفسه ، هل اقتنعت أن سيارته أكبر قيمة منه ، قلت : سبحان الله ، لماذا لا نكون أعزة كالصقور بدون تكلف ، ولماذا لا ننظر إلى الدنيا بعين بعيدة النظر ولماذا لا نكــون أحــرارا ، لقد قيد نفسه بالديون وأذلها ، وصار سخرية لخلق الله ، وإن قلت أخي القارئ أنك تود أن تكون ثريا ، لا مانع من هذا ولكن كن ثريا بطريقة سليمة صـحيحة ، وإن أعظم الثراء أن تمتلك صحة فلا تقلق ولا تشكوا ، كم من ثري عاش حياة المترفين الفرهين ولكنه يحاول التخلص من القلق ، والخوف ، والجبن ، والكسـل ، والهـم والحزن .
كنت في أحد المنتديات أكتب خواطري وأستغل بعضا مما لدي ، فكتبـت في أننا في المنتديات وفي الفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل نجتمع فنضحك ونبتسم ونفرح ونسخر ونشارك ولكن كم واحدا منا هرب من واقعـه لـيجلس أمام هذه الشاشة ، فيظهر سعادته وهو بخلاف ذلك ، كم امـرأة جلسـت بعـد الطلاق أمام هذه الشاشة فضاعت حياتها أكثر مما كانت عليه من قبل .
كتبـت إلي امرأة مطلقة أنها لا تعرف ماذا تصنع لقد بلغت الخامسة والثلاثين وأصابها الاحباط ولديها طفلين وطليقها لا ينفق عليهم ، قلت لها : هل لك وظيفة ، قالت: لا ، قلت لها : هل فكرت بإكمال دراستك ، قالت : بلى . لقد فكرت بهـذا ، فأجبتـها وهـو جواب لكل من أصابها هذا : لا تظني أن طليقك هذا في سعادة ، لم أعرف رجـلا طلق امرأة ونسيها ، وأنا أقول هذا لأجل أن كثيرا من النساء تقول في نفسها ، هـو الآن فرح مسرور وهو كذا وكذا ، صدقيني إنها مجرد وساوس ثقي بـي ، إننـا إذا ركزنا فيمن تركنا بمحض إرادته ، وتخلى عنا في وقت حاجتنا له ، لا يستحق أن نعطيه من وقتنا وطاقتنا ، قلت لها ابذلي ما بوسعك ، عودي إلى الدراسة ، والتحقـي بدورات علمية ، واستفيدي من وقتك ، وأما لو أراد أخذ أطفالك منك فلا تحـزني إن الرازق حي وإن العدل موجود وهو الحكم العدل ، اهتمي بما يصـلح حالـك وانشغلي بما يفيدك ، وإذا كان لديك بعض المال فأرسليه إلى من تثقين بـه ليتجـر لك به فقد كانت خديجة رضي الله عنها زوجة النبـي تتجر بمالها فتعطيه لمن تثـق بهم ، يكفونها عناء العمل ، وأما في فراغك أنتي اذهبـي واقرأي أو شاهدي البرامج المفيدة ، واكتبـي الأفكار التي تحتاجين لها ، غيري ما في نفسـك ، قولي : يارب أود أن أكون إنسانة ناجحة ، أود أن أعيد لنفسي قوتها .
هـذه سـنة الحياة فلو توقفنا عند مشاكلنا لمتنا قبل أوان الموت ، ولتجرعنـا غـصـص والذعر والهم بلا شعور ولا احساس .
وهذا رجل آخر كان يعاني من حرقة بمعدته وحموضة شديدة وربما عزف عن الطعام خوفا ، ووسوس لنفسه حـتى أهلكهـا فذهب إلى أطباء كثر ولكن مع ضياع الفهم زادت الأمور سوءا ، نعم إن الطبيـب الفاهم العاقل من يعالج مريضه قبل أن يناوله أي دواء ، وبعد رحلة سنتين مـن التشنج المعوي وحرقة المعدة وزيارته لأطباء متخصصين في المعده ، ذهب إلى طبيب عام وليس متخصصا في مشكلته ولكنه ذهب إليه فطرده الطبيب وقال له : اذهـب وكل كل ما تشتهي ولا تأتي إلي أبدا ، إن المصاب عقلك وليسـت معـدتك ، فذهب هذا الرجل وصار يأكل ولا يكترث لحرقة أو حتى مغص ، فعادت صحته وذهبت عنه الوساوس ، هكذا يفعل الإنسان بنفسه لابـد أن تـوبخ نفسـك إذا وسوست وتتغلب على وساوس قلبك ولتجعل شيطانك يخنس في زاويته لا ينطـق بكلمة .
لقد تحسن حال تلك المطلقة ، وأكملت دراستها واحتضنت أولادها ، وحققت إنجازات كثيرة ، لقد تأثرت بكلمة قلتها لها حتى بلغ بها الغضب ، قلت لها : لا أحد يحمل همك فلا تظني أن هناك أحدا ما يحمل همومك ويفكر بها ، قالت لي كيـف تقول هذا لي ، لقد زدت احباطي وذلي ، قلت لها ستفهمين هذا قريبا ، لقد فهمـت عني هذا ، وأدركت أنها إذا أرادت النجاح والتخلص مما هي عليه لابد أن تعمـل بنفسها وتطور من مهاراتها وتقرأ وتنجز ، وبعد كل هذا لقد أعادت ثقـة النـاس الظالمة بها ، قلت ظالمة لأن الناس يظلمون المطلقات وكأنهن عبث في عبث ، إنهـن أمهاتنا ونسائنا وأخواتنا وبناتنا ، لابد أن ندخل السرور إليهن حتى لو كانت المطلقة هي المخطئة ، لابد أن نقف بجانبها ، ونعيد إليها الثقة .
من كتاب : مهارات الحياة
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مقالات تطوير الذات