كرامة المرأة في دين الإسلام
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.
في وسائل الإعلام وبين الناس وبين المسلمين تقليدا للغرب والشرق يتخذون أمورا معينة؛ يتخذون أعيادا، يتخذون أياما لم يشرعها الله سبحانه وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.
واليوم؛ كلامنا بمناسبة يوم المرأة العالمي، أو اليوم العالمي للمرأة، سيكون يوم الاثنين الثامن من مارس من كل عام، يوم المرأة، فهل الإسلام عنده يوم للمرأة؟ ومن هي المرأة؟
نجد أن الإسلام عرف للمرأة كيانها، وحفظ حقوقها، وانتشلها من الذل والهوان الذي كانت تعاني منه في الجاهلية عند العرب، وعند غير العرب من غير المسلمين يهودا كانوا أو نصارى، إهانات شديدة للمرأة.
فلما كان الأمر كذلك عندهم عملوا لها يوما، أما الإسلام فجعل للمرأة احتراما وتقديرا وتوقيرا، ليس كل يوم بل العمر كله، فالنساء سبعة أصناف، عندما تفتحت عيناك على الدنيا رأيت أمَّك، بعدها رأيت أختك، بعدها رأيت العمات والخالات، وبعدها الزوجات ثم البنات والحفيدات ثم بعد ذلك كانت المسلمات الجارات وغير الجارات، ومن النساء أيضا غير المسلمات من يهوديات أو نصرانيات أو غير ذلك.
هذه هي المرأة... هل يوجد غير هؤلاء؟
- أما الأمهات، فاقرؤوا في كتاب الله تجدوا ما يحثُّ على الحفاظ على حقوقهن وطاعتهن وعدم عقوقهن، بعد العبادة والتوحيد قال: وبالوالدين إحسانا، فقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36].
وقال سبحانه: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ ولأهمية الأم قال سبحانه: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14].
وفي كتاب الله؛ يستدرُّ هارونُ عليه السلام عطف وحنان موسى عليه السلام الذي أخذ بلحيته، وكان موسى عليه السلام في حالة غضب وأسف، فهارون عليه السلام يذكّر أخاه موسى بالأمومة والحنان: ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 150].
الله سبحانه وتعالى وصَّى الناسَ بالوالدين عمومًا، وبالأمّهات خصوصا، فقد جاء في الحديث الصحيح، عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ"، (جة) (3661)، الصَّحِيحَة: (1666).
وحذر سبحانه من عقوق الوالدين، فالعقوق عقوبته معجّلة في الدنيا قبل الآخرة، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ، وَالْعُقُوق" (ك) (7350)، انظر الصَّحِيحَة: (1120).
أما البر فعاقبته إلى خير، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نِمْتُ، فَرَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ يَقْرَأُ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟! قَالُوا: هَذَا حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَذَلِكَ الْبِرُّ، كَذَلِكَ الْبِرُّ"، قَالَتْ: وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ. (م) (25376)، (25223)، (24126).
(كَذَلِكَ الْبِرُّ)، أَيْ: هذه هي ثمرة بر الوالدين. - أما الأخوات فإن كنَّ أكبر منك فإنهن بمنزلة الأمهات، أختك هي التي تساعد أمّك على تربيتك وحضانتك والقيام بشئونك، وقد ورد في مسألة الأخت التي تقوم مقام الأم قصة موسى عليه السلام أيضا، ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11]، ﴿ إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ ﴾ [طه: 40]، وكانت سببا في رجوع موسى إلى أمه.
ثبت عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي أُمًّا وَأَبًا، وَأَخًا وَأُخْتًا، وَعَمًّا وَعَمَّةً، وَخَالًا وَخَالَةً، فَأَيُّهُمْ أَوْلَى إِلَيَّ بِصِلَتِي؟)
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ")، (س) (2532)، (حم) (16613)، وحسنه الألباني في الإرواء: (2171).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُخْتِي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)، قَالَ: "أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟" قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: "فَحَقُّ اللهِ أَحَقُّ". (جة) (1758)، (ن) (2926).
الأخوات؛ ورد فيمن أحسن إليهن عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوْ بِنْتَانِ أَوْ أُخْتَانِ، اتَّقَى اللَّهَ فِيهِنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ حَتَّى يَبِنَّ" أي: يتزوجن "أَوْ يَمُتْنَ، كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ». (حم) (23991)، الصحيحة: (296).
فهل الإسلام أهان المرأة؟ لا والله، إهانة المرأة جاءت من عندهم فجعلوا لها يوما واحدا يكرمونها فيه. - العماتُ والخالات من الأرحام، قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ»،... (خ) (4251).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُنْكَحُ الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ، وَلَا ابْنَةُ الْأُخْتِ عَلَى الْخَالَةِ"، (م) 35- (1408).
لماذا؟ حتى لا تكون هناك بين النساء الضرائر مخاصمات، ولا تحدث بين الأرحام الإحن والبغضاء، ويكون الفساد، وتكون القطيعة.
ورد عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَى رَجُلٌ إلَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا كَبِيرًا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٌ؟!).
فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَكَ وَالِدَانِ؟" قَالَ: لَا، قَالَ: "فَلَكَ خَالَةٌ؟"، قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: "فَبِرَّهَا إِذًا". (حم) (4624)، (ت) (3975)، وقال شعيب الأرناؤوط في (حم): إسناده صحيح.
فالخالة بمنزلة الوالد وبمنزلة الوالدة، حتى كان بعض العلماء مَن يعطي العمّة في الميراث إذا كان الأبُ غير موجود، ويعطي الخالة في الميراث إذا كانت الأم غير موجودة، فأين إهانة الإسلام للمرأة يا عباد الله.
وعَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ: (كَانَ مَسْرُوقٌ يُنَزِّلُ الْعَمَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ، وَالْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ إِذَا لَمْ تَكُنْ أُمٌّ). (مي) (3101)، (ش) (31117).
- أما الزوجات، فحدث ولا حرج عن النصوص التي جاءت بالحفاظ على حقوقهن من قبل الرجال، قال الله عز وجل: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72].
﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ﴾ [الفرقان: 74، 75].
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
عبد الله ما تنفقه على زوجتك إذا كان نفقة فهو واجب، ما زاد عن النفقة فهو صدقة، صدقة وحسنة حتى على الزوجة؟
حتى على الزوجة، أجرها عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ثبت عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ: (أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه وَهُوَ يَسُومُ بِمِرْطٍ فِي السُّوقِ)، والمرط: كِساء من صوف أو خَزٍّ أو كِتَّان. يسوم هذا الكساء بكم هذا الكساء.
فَقَالَ: (مَا تَصْنَعُ يَا عَمْرُو؟!) قَالَ: (أَشْتَرِي هَذَا فَأَتَصَدَّقُ بِهِ)، فَقَالَ لَهُ: (فَأَنْتَ إِذًا)، يعني افعل ما شئت ثُمَّ مَضَى عمر، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: (يَا عَمْرُو، مَا صَنَعَ الْمِرْطُ؟!) قَالَ: (اشْتَرَيْتُهُ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ)، قَالَ: (عَلَى مَنْ؟!) قَالَ: (عَلَى الرَّفِيقَةِ)، قَالَ: (وَمَنْ الرَّفِيقَةُ؟!) عمر رضي الله عنه لا يعرف الرفيقة قَالَ: (امْرَأَتِي)، قَالَ: (وَتَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى امْرَأَتِكَ؟!).
قَالَ: (إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أَعْطَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ").
فَقَالَ: (يَا عَمْرُو! لَا تَكْذِبْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، قَالَ: (وَاللهِ لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى نَأتِيَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَنَسْأَلَهَا)، قَالَ: (فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلَا عَلَى عَائِشَةَ)، فَقَالَ لَهَا عَمْرٌو: (يَا أُمَّاهُ، هَذَا عُمَرُ يَقُولُ لِي: لَا تَكْذِبْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَشَدْتُكِ بِاللهِ) أي: أستحلفكِ بالله (أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا أَعْطَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ؟").
فَقَالَتْ: (اللَّهُمَّ نَعَمْ، اللَّهُمَّ نَعَمْ). (حم) (17617)، انظر الصَّحِيحَة: (1024). - كذلك يا عباد الله المرأة هي ابنتك هي زوجة ابنك، هي حفيدتك، كلُّهم سيّان على هذه المرتبة، البنات وزوجات الأبناء والحفيدات، فالنبي صلى الله عليه وسلم؛ «كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ البَنَاتِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ»، (خ) (7292).
لأنّ المرأة كانت تُدفَن وهي حيَّة قبل الإسلام، قال الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ﴾. [التكوير: 8].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ، فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ)، فَقَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»، (خ) (1418).
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن البناتِ سترٌ من النار، وبين صلى الله عليه وسلم أن من كان له مجموعة من البنات، ثلاث بنات فما فوق يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن إلا وجبت له الجنة البتة، يعني يقينا سيدخل الجنة إن شاء الله، قال جَابِر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ يُؤْوِيهِنَّ، وَيَرْحَمُهُنَّ، وَيَكْفُلُهُنَّ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ»، قَالَ: قِيلَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ؟) قَالَ: «وَإِنْ كَانَتْ اثْنَتَيْنِ»، قَالَ: (فَرَأَى بَعْضُ الْقَوْمِ، أَنْ لَوْ قَالُوا لَهُ وَاحِدَةً، لَقَالَ: «وَاحِدَةً»)، (حم) (14247).
لذلك تنفق أنت الدراهم والدنانير والشواكل والأموال تنفق نفقاتٍ كثيرة جدا، وهي منوعة، فما هي أفضل النفقات؟
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ؛ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ"، قَالَ أحد الرواة وهو أَبُو قِلَابَةَ رحمه الله: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: (وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ؟! يُعِفُّهُمْ، أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ). (م) 38- (994). - ثم القسم السادس من النساء؛ الجارات وعموم المسلمات؛ من أرامل ومسكينات، ومطلقات ومهملات يتفقدهن المسلم بين الحين والحين، وهذا يدخل في حديث أَبِي شُرَيْحٍ، رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ»، قِيلَ: (وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ». (خ) (6016).
أي: معاصيه، أو ما يؤدي إلى البائقة وهي المهلكة، مثل التجسس على الجيران والجارات، أو صب النظر عليهن، ليلا ونهارا والبحث عن أعراض المسلمات، هذه بوايق والعياذ بالله، لا يؤمن من لا يأمن جاره بوايقه، وكذلك إذا أهدت إليك جارةٌ مسكينة فقيرة أو غير فقيرة من الجارات الثريات، لا تحقر هديتها، وإن كانت قليلة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ»، (خ) (2566)، (م) 90- (1030).
وفرسِن الشاة عظمة عليها القليل من اللحم تكون على يد الشاة، ما فيها لحمٌ كثير، لا تحقر يا عبد الله من جارتك شيئا. - أما سائر النساء من غير المسلمات؛ فهن يدخلن في قوله تَعَالَى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رضي الله عنهما، قَالَ: (مَرَّتْ جَنَازَةٌ، فَقَامَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُمْنَا مَعَهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا يَهُودِيَّةٌ)، وفي رواية: (إنها جنازة يهودي)، أو (جنازة يهودية) فَقَالَ: "إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا"، (خ) (1311) (م) 78- (960). (س) (1922).
حتى ما يقدم من طعام للنبي صلى الله عليه وسلم من نساء غير المسلمين كيهودية ونحوها كان يقبله صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد قدمت له صلى الله عليه وآله وسلم يهوديةٌ طعاما ونحوه طعاما، وهي كانت ماكرة، وضعت فيه السمّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه؛ (أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟) لماذا وضعت السم في الطعام؟ فَقَالَتْ: (أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ)، إن كنت ملكا، أمَّا إن كنت نبيا فسينجيك الله سبحانه وتعالى، قَالَ: "مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ"، قَالَ: -أَوْ قَالَ- "عَلَيَّ"، قَالَ قَالُوا: (أَلَا نَقْتُلُهَا؟) إنها مجرمة، قَالَ: "لَا"، قَالَ أنس: (فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، (خ) (2617)، (م) 45- (2190) واللفظ له.
ومن أثر هذا السمّ وبعد ثلاث سنوات، من سنة سبعٍ للهجرة؛ غزوة خيبر، توفي بعد ذلك بثلاث سنوات من أثر السم، التي سقته تلك اليهودية التي لم يقتلها أولا لهذه الفعلة، لكن قتلها عندما كانت سببا في قتل أحد الصحابة بأكله من ذلك السم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله حمد الشاكرين الصابرين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين.والحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله والحمد لله آلاف المرات على نعمة السنة واتباع محمد صلى الله عليه وسلم وهديه، وأن بيننا كتاب الله وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
لذلك يا عباد الله هناك ملائكةٌ عظام عند الله سبحانه وتعالى، منهم حملة العرش الثمانية، ومِنْهم مَنْ هُم حول هؤلاء الحملة، ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ ﴾[غافر: 7]، ماذا يفعلون هؤلاء؟
هؤلاء ليلا ونهارا يدعون لكم، أنتم تتقلبون في فرشكم وهم يدعون لكم بالخير، خير الدنيا والآخرة، تتقلبون على الفرش وهم يقولون: ﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [غافر: 8، 9].
فاللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: ﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [الزخرف: 70- 73].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين.
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنبا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا غائبا إلا رددته إلى أهله سالما غانما يا رب العالمين.
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: خطب إسلامية