الصدقة ( تعريفها ، فضلها ، شروطها )

الصدقة ( تعريفها ، فضلها ، شروطها )

الصدقة في الإسلام


مقدمة


إن من رحمة الله بعباده وكرمه أن جعل كل أنواع الخير الذي يبذله الإنسان في حق نفسه بالعبادة ، وفي حق غيره بالمعروف ، فجعل أبوب كثيرة للتقرب إليه والحصول على الثواب والأجر ، وحثنا الله سبحانه وتعالى على ذلك وأخبرنا بعظم الجزاء ، كما حثنا عليها نبينا الكريم . ومن هذه الأبواب باب الصدقة ، وجعلها عدة أشكال لتتناسب مع كل فرد وقدرته ،وحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم أنّ كلّ معروف يفعله المسلم ينوي به رضا الله صدقة ، والصّدقة ترفع صاحبها إلى أعلى المراتب ، فلا شكّ أنّ من يتخلّق بهذا الخلق العظيم ، سيُكْرِم ويتصدّق ولا يبالي بإنفاق المال في سبيل الله تعالى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، قالَ: تَعْدِلُ بيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها، أوْ تَرْفَعُ له عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، قالَ: والْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» . أخرجه البخاري

تعريف الصدقة


الصَّدَقة لُغةً : هي ما يُعطى للفقير ونحوه ، من مالٍ ، أو طعامٍ ، أو لباسٍ ، على وجه التقرّب إلى الله تعالى ، وليس على سبيل المكرُمة .

الصَّدَقة اصطلاحاً : هي العطيّة التي يُبتغى بها الثواب من الله تعالى ، فهي إخراج المال تقرُّباً إلى الله سبحانه وتعالى.

أنواع الصدقات


تتعدد أنواع الصدقات ، فلا تقتصر الصدقات على الأمور المادية والمالية التي تقدم للفقراء والمحتاجين ، بل لها أشكال متعددة فمنها الصدقات المعنوية التي تشمل حسن الحديث ، والإبتسام في وجه الآخرين ، والإحسان في التعامل مع الناس. ومنها المادية التي تقدم للفقراء والمحتاجين ، كالمال والغذاء واللباس . وأيضا منها الصدقات الجارية التي يبقى أجرها وثوابها بعد موت المتصدّق ، كعلم قدمه الشخص يستفاد منه الآخرين ، بناء مسجد ، بناء بئر ماء وغيرها .

فضل الصدقة


للصدقات فوائد كثيرة وعظيمة على المتصدق وعلى أفراد المجتمع ، ومن هذه الفضائل نذكر :

  • الصّدقة تقي صاحبها من النّار إذا كانت النيّة خالصةً لوجه الله تعالى ، فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : « ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة » . رواه البخاري

  • الصدقة تطفئ غضب الله تعالى ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صِلَةُ الرَّحِمِ تزيدُ في العُمُرِ وصدَقةُ السِّرِ تطفئُ غضبَ الرَّبِّ» حديث حسن

  • المتصدّق يُظَلّ بظلّ صدقته يوم الحساب حتّى يفرغ الحساب ، فعن يزيد بن أبي حبيب ، أن أبا الخير ، حدّثه ، أنه سمع عقبة بن عامر يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول : « الرَّجلُ في ظلِّ صدقتِه حتَّى يُقضَى بين النَّاسِ » . صحيح أخرجه أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة

  • الصّدقة سبب في الشفاء من الأمراض ، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: « دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ » صححه الألباني

  • تدعو الملائكة للمتصدق بالبركة والتعويض من الله تعالى ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا » صحيح البخاري

  • يدخل المتصدق من باب الصدقة في الجنة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : «مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ نُودِيَ في الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللهِ، هذا خَيْرٌ، فمَن كانَ مِن أهْلِ الصَّلاةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الجِهادِ، دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ، ومَن كانَ مِن أهْلِ الصِّيامِ، دُعِيَ مِن بابِ الرَّيّانِ. قالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يا رَسولَ اللهِ، ما علَى أحَدٍ يُدْعَى مِن تِلكَ الأبْوابِ مِن ضَرُورَةٍ، فَهلْ يُدْعَى أحَدٌ مِن تِلكَ الأبْوابِ كُلِّها؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نَعَمْ، وأَرْجُو أنْ تَكُونَ منهمْ » . صحيح أخرجه البخاري ومسلم

  • صاحب الصدقة يظلّه الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ : الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » . متفق عليه

  • تنمّي المال وتكثّره وتزيد من بركته ، ولا تنقص منه شيئاً ، فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ » رواه مسلم

  • ستر ذنوب المتصدق ومغفرتها ، قال تعالى : ﴿إِن تُبدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِن تُخفوها وَتُؤتوهَا الفُقَراءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِن سَيِّئَاتِكُم وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ﴾ [البقرة: ٢٧١]


شروط قبول الصدقة


  • أن تكون الصدقة خالصة لله تعالى بعيدة كل البعد عن الرياء والنفاق ، قال تعالى : ﴿وَمَثَلُ الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُمُ ابتِغاءَ مَرضاتِ اللَّهِ وَتَثبيتًا مِن أَنفُسِهِم كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَت أُكُلَها ضِعفَينِ فَإِن لَم يُصِبها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [البقرة: ٢٦٥]

  • أن لا يتبع الصدقة منّ أو أذى ، قال تعالى : ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أَنفَقوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾ [البقرة: ٢٦٢]

  • أن يكون المال المتصدق به حلالا ، قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِنَ الأَرضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ وَلَستُم بِآخِذيهِ إِلّا أَن تُغمِضوا فيهِ وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ﴾ [البقرة: ٢٦٧]

  • التصدق بما يحب المتصدق ، قال تعالى : ﴿لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ وَما تُنفِقوا مِن شَيءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليمٌ﴾ [آل عمران: ٩٢]


لمن تدفع الصدقة ؟


تستحبُّ الصدقة ( غير الزكاة ) لكل مسلم، فللمتصدق أن يصرف الصدقة كيف شاء، والأفضل له أن يتصدَّق على الأقربين، فيُقدِّم الأقرب فالأقرب، مع مراعاة أشدهم حاجة فيُقدَّم على غيره فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : « الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ » أخرجه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وأحمد باختلاف يسير. وقال تعالى : ﴿يَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ قُل ما أَنفَقتُم مِن خَيرٍ فَلِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ وَما تَفعَلوا مِن خَيرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليمٌ﴾ [البقرة: ٢١٥]

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :





عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية