الأم المسلمة

الأم المسلمة

الأم المسلمة


أيتها الأم هل أنت على خطى نبيك صلى الله عليه وسلم؟

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

فإن الأبناء نعمةٌ مِنَ نعم الله تعالى، وهم نواة المجتمع، وعليهم يتركَّز أملُ الأمة؛ لذا حثت الشريعة الإسلامية على الاهتمامُ بهم وبتربيتهم، ومحاولةِ وقايتهم من النارِ؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132].

ويعد دور الأم في تربية أولادها دورًا مؤثرًا وخطيرًا؛ لأنها تلازم طفلها منذ الولادة وإلى أن يشب ويترعرع ويصبح رجلًا يعتمد على نفسه، وهذه المسؤولية عبر عنها نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: «.. وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا »

أيها المسلم الكريم: وقفنا في الجمعة الماضية مع الأب، وبينَّا كيف ينبغي أن يكون الأب على خطى النبي صلى الله عليه وسلم، واليوم نقف مع الأم، الأم التي تعتبر المدرسة الأولى للأولاد:

الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها
                أعددتَ شعبًا طيبَ الأعراقِ

والسؤال الذي نطرحه على مائدة اليوم كيف حالكِ أيتها الأم مع منهج النبي صلى الله عليه وسلم؟ كيف حالك مع أوامره ووصاياه صلى الله عليه وسلم؟ هل تأدبت بآدابه، وتخلقت بأخلاقه العظيمة صلى الله عليه وسلم؟

سأُذكرك بما أمرك به نبيك الكريم صلى الله عليه وسلم بوصفِك أُمًّا، ثم انظري كيف تطبيقك لهذه الأمور، لتعرفي نفسك هل أنت من السائرات على منهجه صلى الله عليه وسلم أو لا.

الأمر الأول: عودي أولادك على الصدق:

النبي صلى الله عليه وسلم يريد من الأم أن تكون قدوة أمام أولادها، فلا تكذب أمامهم، بل عليها تعويدهم على الصدق؛ لأن الأطفال إن تعودوا على الكذب أصبحوا كذابين عند الله تعالى، واسمعي إلى الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يحذر أمته من الكذب ويُبين خطورته: «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا».

بل يحذِّر نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الأم أن تكذب على أطفالها، ويريد منها أن تغرس فضيلة الصدق في نفوسهم، حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها، ولنسمع إلى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَامِرٍ وهو يحدثنا عن حادثة جرت في صباه، فيقول: (أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ، قَالَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَامِرٍ: فَذَهَبْتُ أَخْرُجُ لِأَلْعَبَ فَقَالَتْ أُمِّي يَا عَبْدَاللَّهِ: تَعَالَ أُعْطِكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ »

أرأيتم كيف يتذكر هذا الصحابي الجليل عبدالله بن عامر رضي الله عنه ما جرى بينه وبين أمه، حين كان صغيرًا، ولم ينس هذه الحادثة وبقيت عالقة في ذهنه، فما بالكم لو أن أمه قد كذبت عليه فعلًا، لن ينساها؛ لأن الطفل شديد الحفظ، إضافة إلى أنه يتأثر بوالديه.

فانظر كيف يُعلَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الأم أن تنشئ أولادها تنشئة يقدسون فيها الصدق، ويتنزهون عن الكذب، فأين الأم من هذه الحادثة؟ أين الأم من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم؟

للأسف الشديد هناك من الأمهات من لم يأخذنَ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، بل عملن بخلافها، فنجد من الأمهات من تكذب على أولادها بحجة إسكاتهم من بكاء، وهناك من تكذب من أجل ترغيبهم في أمر ما، وهناك من تكذب بحجة تسكيتهم من غضب أو بحجة المزاح والضحك؛ هذا سيدنا أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يقول: قال رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ قَالَ لِصَبِيٍّ تَعَالَ هَاكَ ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِ فَهِيَ كَذْبَةٌ»[أخرجه أحمد في مسنده: (15 /520) برقم (9835)].

لقد كانت الأم في ذاك الزمان توصي أولادها بالصدق منذ الصغر، وتأخذ العهد عليهم ألا يكذبوا مهما كانت الأحوال؛ لأن النجاة في الصدق والأم يوم أن تتخلَّق بهذا الخلق (الصدق)، وتغرس الصدق في نفوس أولادها غرسًا، وتحذِّرهم من الكذب، فهذه الأم على خطى النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأم التي لا تبالي في صدق أبنائها ولا في كذبهم، فهذه مسؤولة أمام الله جل وعلا على تقصيرها في هذه التربية.

الأمر الثاني: ربِّي أولادك على مراقبة الله تعالى:

على الأم أن تغرس في نفوس أبنائها عقيدة المراقبة لله تعالى والخشية منه، وتغرس في قلوبهم قوله صلى الله عليه وسلم: «أنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ» [5] ؛ لأن الولد إذا لم يتربَّ منذ الصغر على مراقبة الله والخوف منه، فلا شك أنه سيدرج على الغش والسرقة والخيانة، وأكل أموال الناس بالباطل، بل يكون شقيًّا مجرمًا يستجير منه المجتمع، ويستعيذ من سوء فعاله الناس، ألا تذكرون معي قصة الشاب الذي حكمت عليه إحدى المحاكم الشرعية بعقوبة قطع يديه؛ لأنه سرق، فلما جاء وقت التنفيذ قال لهم بأعلى صوته قبل أن تقطعوا يدي حاسبوا أمي، فقالوا: لماذا؟ قال: لقد سرقت أول مرة في حياتي بيضة من جيراننا فلم تؤنِّبني ولم تطلب مني إرجاعها إلى الجيران، بل قالت: لقد أصبح ابني رجلًا فلولا لسان أمي الذي عزَّز لي الجريمة لما كنت في المجتمع سارقًا.

ومع الأسف نجد في دنيا اليوم الكثير من الآباء والأمهات، لم يراقبوا أولادهم مراقبة تامة فيما يرونه معهم من أمتعة وأشياء وأموال، فبمجرد أن يدعي الأولاد أنهم التقطوها من الشارع أو أهداها لهم أحد أصدقائهم، صدقوهم وأخذوا بأقوالهم الكاذبة دون أن يكلِّفوا أنفسهم مهمة التدقيق والتحقيق، وعندما لا يجد الأولاد من يحاسبهم ويدقِّق عليهم، فإنهم سيتمادون في الإجرام.

فالأم التي تربي أولادها على مراقبة الله تعالى وتحاسبهم على الصغيرة والكبيرة، هي الأم المسلمة التي سارت على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الأم التي لا تربي أولادها على مخافة الله ومراقبته، فهي أم بعيدة عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مسؤولة أمام الله تعالى وأمام الناس.

الأمر الثالث: علِّمي أولادك الكلمة الطيبة:

النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن تتعلم الكلمة الطيبة ونعلمها لأولادها، ونحن نؤكد هذا الجانب؛ لأننا أصبحنا نعيش في زمن ضاعت فيه الكلمة الطيبة والعبارات الجميلة، فهناك من الأمهات ونقولها ومع الأسف الشديد من تعلِّم أولادها اللعن والسب والشتم، وتشجعهم على ذلك، فالأم إذا ما سمعت ولدها سبَّ أو شتم، أو لعن واحدًا من أفراد العائلة أو ابن الجيران، فإنها تضحك وتتعجب، بل تنادي على من معها: تعالوا واسمعوا، ماذا يتلفظ، وتطلب منه الإعادة في سبه وشتمه، ونسيت قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الفَاحِشِ، وَلاَ البَذِيِّ» ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ليحذر من السب، وبين أنه من الكبائر، فقال: (مِنَ الكَبَائِر شَتْمُ الرَّجُل وَالِدَيهِ، قالوا: يَا رَسُول الله، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟! قَالَ: «نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أبَاه، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ).

والله ما أجمل الولد حين يتلفظ الألفاظ الجميلة والكلمات الطيبة، فعلى الأم المسلمة أن تعوِّد لسانها أولًا على الكلمة الطيبة؛ كي يتعود أولادها على الكلام الطيب، وعليها ألا تشجعهم على السب والشتم، فإن فعلت ذلك فقد سارت على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأنا لي وقفة مهمة مع الأمهات وخاصة اللواتي يسمحنَ لبناتهن بالخروج إلى الشارع وهن متزينات متبرجات، ويلبسنَ الملابس التي تلفت الأنظار إليهنَّ:

أيتها الأم، أنت مسؤولة أمام الله تعالى وأمام الناس على بناتك، ويحب عليك أن تحافظي عليهن من الذئاب البشرية، لا تسمحي لبناتك أن يخرجنَ بالأزياء المغرية والأجساد المكشوفة، ألم تسمعي إلى هذا حديث أم سلمة رضي الله عنها: كَانَتْ أم سَلَمَةَ رضي الله عنها عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعها َمَيْمُونَةَ، فقَالَتْ أم سَلَمَةَ رضي الله عنها: فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُمِرْنَا بِالحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا، أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» [أخرجه البخاري، كتاب الايمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة: (1 /20) برقم (50)، ومسلم، كتاب الايمان، بَابُ معرفة الْإِيمَانِ، وَالْإِسْلَامِ، والقَدَرِ وَعَلَامَةِ السَّاعَةِ: (1/ 36) برقم (8)].

هذا في زمن الطهر والعفاف، ومع نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ومع رجل أعمى أنزل الله فيه قرانًا يتلى إلى يوم القيامة، فماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لو رأى نساء اليوم ولباسهن؟ وماذا يقول لو رأى شباب اليوم الذين يتصيدون الفتيات؟

أيتها الأم، إن سمحت لبناتك أن يخرجنَ متزيِّنات متعطِّرات، ويلبسن الملابس الضيقة، فأنت آثمة في حق البنات، ومذنبة في حق المجتمع، ومذنبة في حق الدين؛ لأن المرأة فتنة عظيمة للرجال، ورَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِى في النَّاسِ فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»[أخرجه البخاري] ، والمرأة إذا تزينت وتبرجت زادت فتنتها للرجال، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ»[أخرجه مسلم، كتاب الرقائق].

الأم التي تسمح لبنتها أن تلبس كيف تشاء، وتخرج متى تشاء، فإنها أم تساعد على إشاعة الفاحشة في المجتمع الإسلامي؛ لأن البنت عندما تخرج بزينتها، فإن الشباب سيطلبونها، وإذا طلبوها وقعت فاحشة الزنا في المجتمع، والله تعالى يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، فهل ترضى هذه الأم بفضيحة العار في الدنيا؟ وهل تطيق العذاب الأليم في الآخرة؟

بل يوم أن تسمح الأم لبنتها أن تخرج متبرجة، فهي تساعدها على معصية ربها، ومعصية رسولها صلى الله عليه وسلم القائل: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ» [أخرجه أحمد]، فهل ترضى الأم أن ترمي بابنتها في النار؟

فالأم قدوة، فإذا كانت قدوة صالحة لأولادها وبناتها فإنهم سينشؤون نشأة صالحة، إذا كانت الأم تُصلي وتصوم وملتزمة بالحجاب، ولا تنظر إلى الحرام، فإن الأولاد والبنات سيكونون كذلك، وإن كانت قدوة سيئة، فالصلاة تتهاون فيها، الحجاب تتهاون فيه، وتنظر إلى الحرام، وترتكب الحرام، فكيف نرجو صلاح الأولاد والبنات، وكيف نرجو من البنت أن تكون محافظة على الصلاة وهي ترى أمها تتهاون بالصلاة؟ كيف نرجو من البنت أن تتحجب وهي ترى أمها متبرجة؟

هي الأخلاق تنبتُ كالنبات إذا سقيت بماء المكرماتِ

تقوم إذا تعهدها المُربي على ساق الفضيلة مُثمِرات

فكيف نظنُّ بالأبناء خيرًا إذا نشأوا بحضن الجاهلات

وهل يُرجَى لأطفالِ كمال إذا ارتضعوا ثديّ الناقصات

وليس النبت ينبت في جنانٍ كمثل النبت ينبت في الفَلاة

واختم كلامي بهذه القصة التي يحدثنا عنها الإمام أحمد رحمه الله، فيقول: كنا نعيش في بغداد وكان والدي قد توفي، وكنت أعيش مع أمي، فإذا كان قبل الفجر أيقظتني أمي، وسخَّنت لي الماء، ثم توضأت، وكان عمره آنذاك عشر سنين، يقول: "وجلسنا نصلي حتى يؤذن الفجر" - هو وأمه رحمهما الله - وعند الأذان تصحبه أمه إلى المسجد، وتنتظره حتى تنتهي الصلاة؛ لأن الأسواق حينئذ مظلمة، ثم يعودان إلى البيت بعد أداء الصلاة، وعندما كبر أرسلته أمه لطلب العلم، ويقول أحد العلماء: أن لأم الإمام أحمد من الأجر مثل ما لابنها؛ لأنها هي التي دلته على الخير.

فإذا صلحت الأم يصلح من ورائها جيل، ويصلح من ورائها سلوك، ويصلح من ورائها مجتمع؛ لأنها بانية الأسرة وراعيتها، ولأنها صانعة أخلاق الأطفال وبانية ثقافتهم، ولأنها هي التي تغرس في نفوسهم مراقبة الله والخوف منه.

فأين الأم التي تسير على منهج النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأين الأم التي تربي أولادها على أخلاق الإسلام؟

الله أسال ان يهدي كل أم إلى ما فيه صلاحها وصلاح أولادها وبناتها ومجتمعها، اللهم أحفظ أمهاتنا ونساءنا وبناتنا من المحرمات آمين يا رب العالمين.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، على آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان، إلى يوم الدين.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا» في هذا الحديث دلالة على تحريم وصف المرأة لرجل أجنبي عنها؛ لأن الوصف في حكم النظر والمشاهدة، ويحرم على الرجل النظر إلى امرأة أجنبية ومشاهدتها.

والحكمة من النهي خشية أن يعجب الموصوف له بالموصوفة، فيتعلق قلبه بها فيقع في الفتنة، وقد تكون الواصفة زوجته كما في الحديث، فربما أدى ذلك إلى تطليقها، وفي ذلك من المفاسد ما لا تُحمد عقباه، فلا يجوز ذكر الأوصاف المثيرة للفتنة في كلا الجنسين الرجل والمرأة درءًا للمفاسد إلا إذا كان لقصد الزواج، وعلى النساء المسلمـات أن يتـورعـنَ فــلا يكشـفن عن مفـاتنهن وحسنهنَّ وزينتهن أمام النساء اللواتي لا يتورعنَ عن ذكر محاسنهنَّ للرجال.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله العظيم
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية