جعفر بن أبي طالب

جعفر بن أبي طالب

جعفر بن أبى طالب


إسلام جعفر وزوجته

جعفر بن أبي طالب ، أبو عبد الله ، ابن عم رسـول الله ﷺ ، أخو علي بن أبي طالب ، وأكبر منه بعشر سنين ، أسلم قبل دخول النبـي ﷺ دار الأرقم ، آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين بعد واحد وثلاثين انساناً وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس ، وحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وغبطة ، فلما أذن الرسـول ﷺ للمسلمين بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة ، رزقـا خلالها بأولادهما الثلاثة.

جعفر في الحبشة

لما رأت قريش أن أصحاب رسول الله ﷺ قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، قرروا أن يبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محملين بالهدايا للنجاشي وبطارقته عله يخرج المسلمين من دياره ، وحط الرسولان رحالهما بالحبشة ، ودفعوا لكل بطريق بهديته وقالوا له ما يريدون من كيد بالمسلمين ، ثم قدما الى النجاشي هداياه وطلبا الأذن برؤيته وقالا له : «أيها الملك ، انه قد ضوى الى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم لتردهم اليهم ، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه ». فأرسل النجاشي صاحب الايمان العميق والسيرة العادلة الى المسلمين وسألهم : «ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل؟ »

فكان الذي اختاره المسلمين للكلام جعفر رضي الله عنه فقال : «أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه ، وأمانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فاعتدى علينا قومنا ، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، فخرجنا الى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك » فقال النجاشي : « هل معك مما جاء به الله من شيء؟ » فقال له جعفر: « نعم » وقرأ عليه من صدر سورة مريم ، فبكى النجاشي وبكت أساقفته ، ثم قال النجاشي : «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ! انطلقا فلا والله لا أسلمهم اليكما ، ولا يكادون».

وفي اليوم التالي كاد مبعوثي قريش للمسلمين مكيدة أخرى ، اذ قال عمرو للنجاشي : «أيها الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ، فأرسل اليهم فسلهم عما يقولون » فأرسل الى المسلمين يسألهم فلما أتوا اليه ، أجاب جعفر رضي الله عنه :« نقول فيه الذي جاءنا به نبينا ﷺ فهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول » فهتف النجاشي مصدقا ومعلنا أن هذا قول الحق ومنح المسلمين الأمان الكامل في بلده ، ورد على الكافرين هداياهم .

العودة من الحبشة

قدم جعفر بن أبي طالب وأصحابه على رسول الله ﷺ يوم فتح خيبر ، حملهم النجاشي في سفينتين ، فقبل الرسول ﷺ بين عينيه والتزمه وقال : «ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر ! » وامتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من أنباء اخوانه المسلمين الذين خاضوا مع الرسول ﷺ غزوة بدر وأحد وغيرهما.

أبو المساكين

قال الرسول ﷺ لجعفر : «أشبهتَ خلقي وخُلُقي » وكان رسول الله ﷺ يُسميه ( أبا المساكين ) ، يقول أبو هريرة : « إن كنتُ لألصق بطني بالحصباء من الجوع ، وإن كنت لاستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيُطعمني ، وكان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيُطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليُخرج إلينا العكّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَقُ ما فيها».

شهادة جعفر بن أبي طالب

في غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر رضي الله عنه موعدا مع الشهادة ، فقد استشهد زيد بن حارثة رضي الله عنه وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول : « يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها علي اذ لاقيتها ضرابها».

أن جعفر رضي الله عنه أخذ الراية بيمينه فقطعت ، فأخذها بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.

الحزن على جعفر

تقول السيدة عائشة : «لمّا أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله ﷺ الحزن » ،فعندما أتاه نعي جعفر دخل الرسول الكريم على امرأته أسماء بنت عُميس وقال لها : «ائتني ببني جعفر» فأتت بهم فشمّهم ودمعت عيناه فقالت : «يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابـه شيء ؟» فقال : «نعم أصيبـوا هذا اليوم» فقامت تصيحُ ، ودخلت فاطمـة وهي تبكي وتقول: « وَاعمّاه ! » فقال رسول الله ﷺ : « على مثل جعفر فلتبكِ البواكي » ورجع الرسول إلى أهله فقال : « لا تغفلوا آلَ جعفر ، فإنّهم قد شُغِلوا».

وقد دخل الرسول ﷺ من ذلك همٌّ شديد حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أن الله تعالى قد جعل لجعفر جَناحَين مضرّجَيْنِ بالدم ، يطير بهما مع الملائكة .

فضل جعفر بن أبي طالب

قال أبو هريرة : « ما احتذى النِّعَال ولا ركب المطَايا بعد رسول الله ﷺ أفضل من جعفر» كما قال عبد الله بن جعفر: « كنت إذا سألت علياً شيئاً فمنعني وقلت له : بحقِّ جعفر ؟! إلا أعطاني » وكان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر قال : « السلام عليك يا ابن ذي الجناحين» .

لا تنس ذكر الله
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية