محتويات المقال
أحكام العدة للمرأة
وجوب العدَّةِ على المرأة
يَجبُ على المرأَةِ أنْ تَعْتَدَّ إِذَا فَارقَهَا زَوجُهَا سواءٌ كانَ الفراقُ لموتِ الزَّوجِ، أو لطلاقهِ، أو غيرِهِمَا.
والعِدَّةُ: هيَ مُدَّةٌ تَنتَظِرُهَا المرْأَةُ بعدَ فراقِ زوجِهَا إمَّا لطلَاقِهَا، أوْ مَوتِ زَوجِهَا، أَو غيرِهِ؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾[البقرة: 228]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾[الطلاق: 4].
وقالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[البقرة: 234].
ورى البخاري ومُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ.
أنواع العدَّةِ
العِدَّةَ ثَمَانيَةُ أَنواعٍ: الأول: تَنْقَضِي عِدَّةُ الحَامِلِ بِوَضْعِ الحَمْلِ، وَإِنْ وَضَعَتْ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ بعضُ خَلْقِ الِإنْسَانِ؛ لِقَوْلِ اللهِ -تَعَالَى-: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾[الطلاق: 4].
وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ -رضي الله عنها- أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي.
الثاني: تَنْقَضِي عِدَّةُ المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ - إِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا - بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الحَمْلِ؛ لِقَوْلِ اللهِ -تَعَالَى-: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[البقرة: 234]. وَرَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
الثالث: تَنْقَضِي عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ التي تَحيضُ بثَلاثِ حِيَضٍ؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾[البقرة: 228].
الرابع: تَنْقَضِي عِدَّةُ المُطلَّقةِ الَّتِي لَا تَحِيضُ؛ لِأَجْلِ أَنَّهَا بَلَغَتْ سِنَّ اليَأْسِ، أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ لَمْ تَبْلُغْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالَى-: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾[الطلاق: 4]؛ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الهِلَالِ، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بِالأَهِلَّةِ.
الخامس: مَنِ انْقَطَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ الإِيَاسِ، وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَ انْقِطَاعِهِ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِيُعْلَمَ بَرَاءَتُهَا مِنَ الحَمْلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ عِدَّةَ الآيِسَةِ. قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: «هَذَا قَضَاءُ عُمَرَ -رضي الله عنه- بَيْنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، لَا يُنْكِرُهُ مُنْكِرٌ عَلِمْنَاهُ، فَصَارَ إِجْمَاعًا».
فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، ولَوَ ْبلَحْظَةٍ، لَزِمَهَا أَنْ تَعتَدَّ بالحيضِ، وَإِنْ عَرَفَتِ المُعْتَدَّةُ سَبَبَ انقطَاعِ حَيْضِهَا كَأَنْ يَكُونَ مَرَضًا، أَوْ رَضَاعًا لَمْ تَزَلْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ حَيْضُهَا فَتَعْتَدَّ بِهِ، وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ؛ روى البيهقي بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً أَوْ تَطَلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً، أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ مَاتَتْ، فَجَاءَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «حَبَسَ اللهُ عَلَيْكَ مِيرَاثَهَا»، فَوَرَّثَهُ مِنْهَا.
السادس: مَنْ سَافرَ زَوجُهَا فَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ، فإِنَّ عِدَّتَهَا يُحَدِّدُهَا القَاضي.
السابع: تَنْقَضِي عِدَّةُ المُخْتَلِعَةِ بِحَيضَةٍ وَاحِدةٍ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- «فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ».
وَرَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، «فَجَعَلَ النَّبِيُّ عِدَّتَهَا حَيْضَةً».
الثامن: تَنْقَضِي عِدَّةُ الزانيةِ بِحَيضَةٍ واحِدَةٍ؛ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ، حِفْظًا عَنِ اخْتِلَاطِ المِيَاهِ، وَاشْتِبَاهِ الأَنْسَابِ.
الحكمة من مشروعية العِدَّةِ
مِنَ الحِكَمِ التي من أَجلِهَا شرَعَ اللهُ العِدَّةَ للمَرأَةِ:
الأولى: اسْتِبْرَاءُ رَحِمِ المَرْأَةِ مِنَ الحَمْلِ؛ لِئَلَّا يُجَامِعَهَا غَيْرُ المُفَارِقِ لَهَا قَبْلَ الْعِلْمِ فَيَحْصُلَ الِاشْتِبَاهُ وَتَضِيعَ الْأَنْسَابُ.
الثانية: تَطْوِيلُ زَمَانِ الرَّجْعَةِ لِلْمُطَلِّقِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْدَمُ، فيريدُ أَنْ يَرْجِعَ، فَيَجِدَ زَوْجَتَهُ.
الثالثة: تَعْظِيمُ خَطَرِ هَذَا الْعَقْدِ، وَرَفْعُ قَدْرِهِ، وَإِظْهَارُ شَرَفِهِ.
وجوب إحداد المرأة المتوفى عنها زوجها
يجب على المرأة التي مات عنها زوجها أن تُحِدَّ عليه أربعةَ أشهرٍ، وعشرا إلا الحامل فإن عدَّتها تنتهي بوضع حملها.
والإحدادُ: هو اجتناب ما يدعو إلى جماع المرأةِ، ويرغِّب في النظر إليها من الزينة، والطِّيبِ، والتجميل بالحِنَّاءِ، أو بالحُمرةِ، أو بالكُحلِ، ولُبس الحُلي. ومن الأدلة على وجوب إحدادِ المرأة المتوفى عنها زوجها أربعةَ أشهر وعشرا. قوله -تعالى-: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[البقرة: 234].
وروى البخاري ومسلم عن أُمِّ سَلَمَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا، أَفَتَكْحُلُهَا؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: «لَا»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ».
قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ، وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟
فَقَالَتْ زَيْنَبُ: «كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً، فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ».
سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: «تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا».
ولا يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تضعا شيئا من الزينة في فترة العدة كأن تلبسَ ثوبا مصبوغا للزينة، أو حليًّا، أو تضع الكُحلَ، أو الطيب. روى البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ -رضي الله عنها- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: «كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا نَكْتَحِلَ، وَلَا نَتَطَيَّبَ، وَلَا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطُّهْرِ إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا فِي نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أَظْفَارٍ».
والمراد بهذا الحديث: عدم جواز استعمال أي نوع من أنواع الزينة للمرأة المتوفى عنها زوجها إلا إذا طهُرت من حيضها، فإنها تتبع أثرَ الدمِ بشيءٍ من الطيب.
ولا يجوز للمرأة أن تُحِد على ميتٍ فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرًا. روى البخاري ومسلم عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، تُحِدُّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا».
ولا يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تخرج من البيت الذي مات فيه زوجُها أثناء فترة العدة. روى أبو داود بسند صحيح عَنْ فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ -رضي الله عنها- أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لها لمَّا قُتِلَ زوجُهَا: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»؛ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا.
فإذا تعذَّر مُكثها في بيت زوجها كأن تخاف أن تمكثَ فيه بمفردها جازَ لها الخروج منه لبيت آخر.
ويجوز لها الخروجُ لقضاء حاجة في النهارِ كأن يكون أبوها مريضًا، فتذهب لزيارته، ثم ترجع، أو يضيق صدرها، فتخرج لزيارة جارتها، ثم ترجع. ولا يجوز لها الخروج للنُّزهة، أو العمرة، أو نحو ذلك.