رقية رسول الله صلى الله عليه وسلم

رقية رسول الله صلى الله عليه وسلم
الفئة: أدعية

رقية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


الرقية النبوية ثابتة عن رسول الله


هذه وقفة مع رقية عظيمة تضافر نقلها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواها عنه غير واحد من الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، ووصفها غير واحد منهم بأنها رقية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان صلوات الله وسلامه عليه إذا عاد مريضاً أو أُتي له بمريض رقاه بتلك الرقية العظيمة، وكان عليه الصلاة والسلام يرقي نفسه بها، ورقته بها أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- في اللحظات الأخيرة من حياته -صلوات الله وسلامه عليه-؛ إنها -أيها المؤمنون- رقية عظيمٌ شأنها، جليلٌ قدرها، عظيمةٌ مكانتها، لها نفعٌ عظيم، وفائدةٌ عظيمة، وفيها شفاءٌ وعافيةٌ للمرضى والمصابين.

من وُفِّق للعناية بهذه الرقية حفظاً لألفاظها، وفهماً لمعانيها ومدلولاتها، صادقاً في دعائه، محسناً في التجائه، واثقاً بربه، متوكلاً عليه، شفاه الله -تبارك وتعالى- وعافاه أيًّا كان مرضه، سواء كان مرضاً بدنياً أو كان مرضاً نفسيا.

بعض الروايات الواردة في رقية النبي


لنتأمل ما ورد من أحاديث صحاح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن هذه الرقية العظيمة، ولنتأمل آثارها العظيمة، ونفعها العميم، روى البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعَوِّذُ بَعْضَهُمْ، يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ: "أَذْهِبِ البَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".

وفي رواية عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا عَادَ مَرِيضًا يَقُول، وذكرت الدعاء

وفي رواية أخرى عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَرْقِي بِهَذِهِ الرُّقْيَةِ: "امْسَحِ البَأسَ رَبَّ النَّاسِ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ، لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ"

وفي رواية لمسلم قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: وذكرت الدعاء، قالت: فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى" قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى" أي توفي صلوات الله وسلامه عليه.

ورواه ابن ماجه ولفظه قالت: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَعَوَّذُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: "أَذْهِبْ الْبَاسْ، رَبَّ النَّاسْ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا"، فَلَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَجَعَلْتُ أَمْسَحُهُ وَأَقُولُهَا فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى" قَالَتْ: فَكَانَ هَذَا آخِرَ مَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ صلى الله عليه وسلم".

ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أنها قالت: "كنت أعوِّذُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه أقول: "أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، اشف شفاءً لا يغادر سقما، الشفاء بيدك" قالت: فكنت أعوِّذه في مرضه الذي مات فيه، فقال: "عني فإنما كانت تنفعني لو كانت المدة" أي لو كان لي بقية في هذه الحياة.

وروى البخاري في صحيحه عن عبد العزيز بن صهيب قال: "دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ -أي مرضتُ- فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا".

وروى الإمام أحمد في مسنده عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَوَّذَ مَرِيضًا قَالَ: "أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا".

وروى البزار في مسنده عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أن رسول الله دخل عليه، فقال: "أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لاَ شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لاَ يغادر سقما".

وروى الطبراني في كتابه: "الدعاء" عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا عاد مريضاً، قال: "أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما"

وروى الإمام أحمد في مسنده قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ: "انْصَبَّتْ عَلَى يَدِي مِنْ قِدْرٍ -أي انصب على يده طعام حار- فَذَهَبَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي مَكَانٍ فَقَالَ كَلَامًا فِيهِ: "أَذْهِبْ الْبَأسْ رَبَّ النَّاسْ"، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: "اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي" قَالَ: وَكَانَ يَتْفُلُ، أي على يده.

ورواه الإمام أحمد في مسنده عن محمد بن حاطب عن أمه أم جميل بنت المجلِّل -رضي الله عنها- قالت: "أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا، فَفَنِيَ الْحَطَبُ فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ -وكان صغيراً- فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ، فَتَفَلَ فِي فِيكَ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ، وَدَعَا لَكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدَيْكَ، وَيَقُولُ: "أَذْهِبْ الْبَاسْ رَبَّ النَّاسْ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا"، فَقَالَتْ: فَمَا قُمْتُ بِكَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى بَرَأَتْ يَدُكَ".

قال الشوكاني -رحمه الله-: "وهذا الحديث وإن كانت الرقية به لمحروق فإنه لا يدل على أنه لا يُرقى بها إلا المحروق، بل يرقى بها كل من أصيب بشيء كائناً ما كان".

وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ ابْنِ أَخِي مَيْمُونَةَ الْهِلَالِيَّةِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ مَيْمُونَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ".

وروى الضبي في كتابه: "الدعاء" عن سحيم بن نوفل قال: بينا نحن عند عبد الله -أي ابن مسعود رضي الله عنه- إذ جاءت جارية إلى سيدها وقالت: ما يقعدك؟ قم فابتغِ راقياً فإن فلاناً قد لَقَعَ فرسَك -أي أصاب فرسك بعين- فتركه يدور كأنه فلك، فقال عبد الله: "لا تبغِ راقياً ولكن ائته فاتفل في منخره الأيمن أربعاً وفي الأيسر ثلاثاً، وقل: بسم الله، لا بأس أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت"، قال: فما فقمنا من عند عبد الله حتى جاء فقال: قلتُ الذي قلت لي فلم أبرح حتى أكل وشرب وراث وبال". قال الحافظ ابن حجر: وحكمه الرفع؛ إذ مثله لا مجال للرأي فيه.

إجابة دعاء المريض المضطر


هذه الرقية العظيمة مشتملة على توسلات عظيمات والتجاءات مباركات إلى الله -سبحانه وتعالى- رب الأرض والسموات، وأنه الشافي لا شفاء إلا شفاؤه، فمن وفَّقه الله -عز وجل- للعناية بهذه الرقية حفظاً لألفاظها وفهماً لمعناها ومدلولها وصدقاً في الالتجاء إلى الله -عز وجل- بالدعاء بها متوكلاً عليه واثقاً به شفاه الله وشفى مريضه أيًّا كان مرضه بإذن الله والشافي هو الله وحده لا شفاء إلى شفاؤه.

نسأله بأسمائه الحسنى وبأنه الله الذي لا إله إلا هو، وأنه جل وعلا رب الناس الشافي لا شفاء إلا شفاؤه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين شفاء لا يغادر سقما.

العناية بالأدعية المأثورة وحفظها وفهمها


عندما يشتد المرض بإنسانٍ ما فإن كثيراً من الناس في مثل هذا المقام يفكر في البحث عمن يرقيه والبحث عمن يقرأ عليه، مع أن دعاء المريض لنفسه ورقيته لنفسه نفعها عظيم، وفائدتها جليلة؛ لأن دعاءه لنفسه دعاء مضطر، روى الطبراني في كتابه: "الدعاء": أن بكر بن عبد الله المزني عاد مريضاً، فقال له المريض: ادعُ الله لي، فقال له: أدعُ لنفسك فإنه يجيب المضطر إذا دعاه".

وهذا معنى ينبغي التنبه له، وأنَّ المريض عندما يدعو الله -عز وجل- في ضرائه وشدته وبلائه فإن دعاءه دعاء مضطر، والله -سبحانه- يقول: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾[النمل: 62].

ولهذا علينا أن نعنى عناية دقيقة بمثل هذه الدعوات المأثورة تعلُّماً لها، وحفظاً لألفاظها، وعنايةً بفهم معانيها ودلالاتها، وإشاعةً ونشراً لها بين الناس وبين المرضى والمصابين، راجين بذلك أن ينفعنا الله -سبحانه وتعالى- بها، وأن ينفع بها كل مبتلى ومصاب.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




الفئة: أدعية
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية