سنن قل العمل بها

سنن قل العمل بها

سنن قل العمل بها


وجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم


إِنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهِ كُلُّ مُسْلِمٍ العَمَلَ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي جَمِيعِ حَرَكَاتِهِ، وَسَكَنَاتِهِ، وَأَقْوَالِهِ، وَأَفْعَالِهِ، حَتَّى تَنْتَظِمَ حَيَاتُهُ كُلُّهَا عَلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى المَسَاءِ، وَحَتَّى يَنْجُوَ فِي الدَّارَيْنِ.

قَالَ ذُو النُّونِ المَصْرِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مِنْ عَلَامَةِ المَحَبَّةِ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مُتَابَعَةُ حَبِيبِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فِي أَخْلَاقِهِ، وَأَفْعَالِهِ، وَأَوَامِرِهِ، وَسُنَّتِهِ"، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[آل عمران:31].

وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "كَانَ عَلَامَةُ حُبِّهِمْ إِيَّاهُ اِتِّبَاعُ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-".

من ثمرات متابعة السنة النبوية


وَقَدْ ذَكَرَ العُلَمَاءُ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ مُضَاعَفَةِ أَجْرِ العَامِلِ إِظْهَارُ شَعِيرَةٍ قَلَّ العَمَلُ بِهَا أَوْ كَادَ، نَظَرًا لِجَهْلِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِهَا أَوْ زُهْدِهِمْ فِيهَا، حَتَّى يَصِلَ الأَمْرُ بِبَعْضِهِمْ إِلَى إِنْكَارِهَا وَالإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهَا، فَإِظْهَارُ تِلْكَ السُّنَنِ وَبَيَانُهَا لِلنَّاسِ مِمَّا تُرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتُ.

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ اِبْنُ تَيْمِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: "وَمِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً، وَهَذَا فِي مَكَانٍ وَهَذَا فِي مَكَانٍ؛ لِأَنَّ هَجْرَ مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَمُلَازَمَةُ غَيْرِهِ قَدْ يُفْضِي إِلَى التَّفَرُّقِ وَالاِخْتِلَافِ".

نماذج لسنن نبوية قل العمل بها


دَعُونَا نَتَعَرَّفُ اليَوْمَ عَلَى بَعْضِ السُنَنِ التِي قَلَّ العَمَلُ بِهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، إِمَّا جَهْلاً بِهَا، أَوْ نِسْيَانًا.

فَمِنْ هَذِهِ السُنَنِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي النِّعَالِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي المَسَاجِدِ المَفْرُوشَةِ؛ دَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ وَمُرَاعَاةً لِحَالِ النَّاسِ، فَعَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَمَثُّلِ هَذِهِ السُّنَّةِ إِذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ صَلَّى فِي صَحْرَاءَ؛ لِيَحْظَى بِأَجْرِ تَمَثُّلِهِ لِهَذِهِ السَّنَّةِ، فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بنِ يَزِيدٍ الأَزْدِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيهِ؟ قاَلَ: نَعَمْ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي نَعْلَيهِ.

قَالَ مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِنِّي لَأُصَلِّي فِي نَعْلَيَّ وَوَضْعُهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ، مَا أَبْتَغِي بِذَلِكَ إِلَّا السُّنَّةَ".

وَمِنَ السُّنَنِ التِي يَجْهَلُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ: قِرَاءَةُ آيَاتٍ بَعْدَ الفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ؛ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي الأَخِيرَتَينِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً، فَإِذَا كَانَتِ الفَاتِحَةُ سَبْعَ آيَاتٍ، فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَقْرَأُ بَعْدَهَا آيَاتٍ أُخَر.

وَمِنَ السُّنَنِ التِي يَجْهَلُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: مَشْرُوعِيَةُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ بِالِإشَارَةِ؛ فقد رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "سَأَلْتُ صُهَيْبًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَيْفَ كَانَ النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ؟" قَالَ: "كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ".

وَأَمَّا كَيْفِيَةُ الإِشَارَةِ بِرَدِّ السَّلَامِ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَأَلَ بِلَالاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ كِيْفِيَةِ رَدِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ بِلَالٌ: "يَقُولُ هَكَذَا"، وَبَسَطَ كَفَّهُ، وَبَسَطَ جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ -رَحِمَهُ اللهُ، أَحَدُ رِجَالِ الإِسْنَادِ- كَفَّهُ، وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ.

وَمِنَ السُّنَنِ المُتَعَلِّقَةِ بِالطَّعَامِ: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ ثُمَّ أَكْلُهَا، وَلَعْقُ الأَصَابِعِ وَالصَّحْنِ بَعْدَ الأَكْلِ قَبْلَ مَسْحِ اليَدِ بِالمِنْدِيلِ وَنَحْوِهِ.

فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ، وَقَالَ: "إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ". وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: "إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنَ الأَذَى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيطَانِ، وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّه لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ البَرَكَةَ".

وَمِن السُّنَنِ المُتَعَلِّقَةِ بِالطَّعَامِ: الدُّعَاءُ عَقِبَ شُرْبِ اللَّبَنِ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَطْعَمَهُ الله الطَّعَامَ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَمَنْ سَقَاهُ اللهُ لَبَنًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَزِدْنَا مِنْهُ".

وَمِنَ السُّنَنِ المُتَعَلِّقَةِ بِشُرْبِ اللَّبَنِ: المَضْمَضَةُ بَعْدَ شُرْبِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقَالَ: "إِنَّ لَه دَسَمًا". قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "فِيهِ بَيَانُ العِلَّةِ لِلْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ، فَيَدُلُّ عَلَى اِسْتِحْبَابِهَا مِنْ كُلِّ شِيءٍ دَسِمْ".

هذه بَعْضُ السُّنَنِ التِي قَلَّ العَمَلُ بِهَا، فَاللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا بِحَبْلِ دِينِكَ مُسْتَمْسِكِينَ، وَاِجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ القَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية