تَعَلّقْ باللّه لا بتميمة ونحوها

تَعَلّقْ باللّه لا بتميمة ونحوها

تَعَلّقْ باللّه لا بتميمة ونحوها


الحياة مليئة بالآلام وتعلق قلوب المؤمنين بالله وحده


الحياة مليئة بالآلام والآمال، والأفراح والأحزان، والعسر واليسر.

فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا
             وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ

ولقد قضى الله وقدّر: ﴿لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِی كَبَدٍ﴾[البلد: ٤] من هنا يحتاج المسلم إلى قوة يتعلق بها ويسعد بقربها ويستمد العون والغوث منها.

والمؤمن يعلم أن الله الذي لا ملجأ منه إلّا إليه.

المؤمن يعلم: ﴿أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ قَادِرٌ عَلَىٰۤ أَن یَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۡ وَجَعَلَ لَهُمۡ أَجَلࣰا لَّا رَیۡبَ فِیهِ فَأَبَى ٱلظَّـٰلِمُونَ كُفُورࣰا ﴾ [الإسراء: ٩٩]، وقادرٌ على كل شيء، هو القوة التي يتعلق بها العبد، فلا إيمان إلّا بتعلقٍ فمدار الدين على تعلق القلب بالله، فمن تعلق قلبه بالله لا تضيق عليه المخارج عند الخطوب والكروب.

التعلق بالله حقيقة وعقيدة


إن سلوة الأحزان وزاد عباد الرحمن أمام مشاقّ الحياة وظلماتها أن تتعلق القلوب بعلّام الغيوب.
قلوب لا تعرف إلا الله، إن خافت اتّجهت إلى الله فأمّنها، وإن ضلّت سألت الله فهداها، وإن تألّمت رفعت إلى الله شكواها.

قلوب تعلم أن الله -تعالى- هو القائل: ﴿وَإِن یَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرࣲّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥۤ إِلَّا هُوَۖ وَإِن یُرِدۡكَ بِخَیۡرࣲ فَلَا رَاۤدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ ﴾[يونس: ١٠٧].

قلوب تعلم أنّ الناس لا ينفعون ولا يضرّون ولا يعطون ولا يمنعون، بل الله يعطي ويمنع، ويعزّ ويذلّ، ويضرّ وينفع.

قلوب لا تحمل همّ الرزق ليقينها وعلمها بأن الله -تعالى- يقول: ﴿وَكَأَیِّن مِّن دَاۤبَّةࣲ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ یَرۡزُقُهَا وَإِیَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ﴾[العنكبوت: ٦٠]، والنبي -صلى الله عليه وسلم--يقول: "إنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا"

إن التعلق بالله ليس كلامًا يقال، ولا خطبة تلقى.
التعلق بالله حقيقة وعقيدة يعيشها المؤمن.
التعلق بالله عقيدةٌ تظهر عند الأزمات ونزول النكبات والكربات.
التعلق بالله عقيدة يعيشها العبد من نزلت به الهموم والغموم والدّيون.
التعلق بالله عقيدة يعيشها العبد إذا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأيقن أن لا ملجأ من الله إلا إلى الله.
العبد إذا تعلق قلبه بالله انطلق عند همه وغمّه إلى مصلّاه، وبثّ شكواه لمولاه، وآيس من كل فَرَجٍ إلّا من فَرَجٍ يأتي به الله، وحاله:

طرقت باب الرجاء والناس قد رقدوا
             وبِتُّ أشكو إلى مولايَ ما أجدُ!

وقلتُ: يا أملي في كلِّ نائبةٍ!
             ومَنْ عليه لكشفِ الضُرِّ أَعتمدُ!

أشكو إليكَ أمورًا أنتَ تعلمُها!
             ما لي على حِمْلها صبرٌ ولا جلدُ!

وقد مددتُ يدي بالذّلِّ مبتهلاً!
             إليكَ يا خيرَ من مُدّتْ إليه يدُ!

فلا تَرُدَّنَّها يا ربِّ خائبةً
             فبحر ُجودِكِ يروي كلَّ من يَرِدُ!

هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا هاجر إلى المدينة، وقريش بذلت الغالي والنفيس للظفر به صلى الله عليه وسلم حـــيًّا أو ميّــتًا، ولما وصل -صلى الله عليه وسلم- إلى غار ثور، وإذا بالمشركين قد وضعوا أقدامهم عند باب الغار، هنا وفي هذا الموقف العصيب قال أبو بكر -رضي الله عنه- قولته المشهورة: "يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا؟"، وإذا بذلكم القلب المفعم بالإيمان واليقين ليقول مقالة من تعلق قلبه بالله حقًا وصدقًا: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا"

الله أكبر! هنا يقف الوصف والبيان، ويعجز اللسان عن وصف هذا التعلق بالرحيم الرحمن: ﴿لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا﴾[التوبة: ٤٠].

فيا أهل الإيمان، يا أهل التوحيد: علّقوا القلوب بذي العرش المجيد: ﴿إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُۥۤ إِذَاۤ أَرَادَ شَیۡـًٔا أَن یَقُولَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾[يس: ٨٢].


ماهية التمائم والتحذير من التعلق بها وتعليقها


هل من الناس من يتعلق بتميمة اليوم؟

هل يعيش بيننا من يرجو النفع والضر من خيط وخرز وسلسلة أو تميمة؟

هل عرفتم التميمة؟

التمائم جمع تميمة، وسميت تميمةً لأنهم يرون أنها بها تدفع العين وتجلب النفع وتدفع الضر.

عجبٌ والله! هذا خيطٌ يعلق على الطفل الصغير حتى لا تصيبه العين، وهذا يضع على سيارته تميمةً حتى لا يحسده حاسد، وهذا يعلق على بيته تميمةً وجلدًا وخرزًا حتى يحفظ بها بيته وأهله، وهذا يلبس تميمة يستجلب بها الشفاء والدواء زعموا، وهذا يعلق شيئًا على دكّانه يطلب به الرزق.

تمائم وخيوط، وقلادات وخرزات، وعظام وجلود، وخواتم وأساور، وكتابات وطلاسم؛ طلبًا للنفع والرفع والدفع.

أين الله؟ أجيبوا يا أهل لا إله إلا الله؟ أين الله ﴿ٱلَّذِی خَلَقَنِی فَهُوَ یَهۡدِینِ * وَٱلَّذِی هُوَ یُطۡعِمُنِی وَیَسۡقِینِ * وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ یَشۡفِینِ * وَٱلَّذِی یُمِیتُنِی ثُمَّ یُحۡیِینِ﴾[الشعراء: ٧٨-81]؟

أين الله ﴿ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾[فصلت: ٢١]؟

أين الله ﴿ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡكِتَـٰبَۖ وَهُوَ یَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾[الأعراف: ١٩٦]؟

صدق الله: ﴿وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةࣰ لَّا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ وَلَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرࣰّا وَلَا نَفۡعࣰا وَلَا یَمۡلِكُونَ مَوۡتࣰا وَلَا حَیَوٰةࣰ وَلَا نُشُورࣰا﴾[الفرقان: ٣].

يقول عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا؟ قَالَ: "إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً" فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا، فَبَايَعَهُ، وَقَالَ: "مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ"

ورضي الله عنك يا حُذَيْفَةَ فقد دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَوَجَدَ فِي عَضُدِهِ خَيْطًا فَقَالَ: "مَا هَذَا؟" قَالَ: خَيْطٌ رُقِيَ لِي فِيهِ، فَقَطَعَهُ ثُمَّ قَالَ: "لَوْ مِتَّ مَا صَلَّيْتُ عَلَيْكَ"


فكن مع الله تَرَ الله معَكْ
             واترك الكل وحاذر طمعَكْ

ثم ضع نفسك بالذل له
             قبل أن النفس قهراً تَضَعَكْ

وإذا ضرك لا نافع من
             دونه والضر لا إن نفعك

وإذا أعطاك من يمنعه
             ثم من يعطي إذا ما منعك

فحذار من تعليقة تميمة أو خيط أو سوار لعلاج الروماتيزم، زعموا وأفتى العلماء بعدم جوازه.

حذار من تعليق جلود ذئب أو شعره لطرد عين أو مس!

حذار من تعليق قماش أسود أو خرز لدفع أو نفع أو رفع!

حذار من لبس سلسلة وخاتم وقلادة واسورة لجلب نفع أو دفع ضر!

يقول عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَبْصَرَ عَلَى عَضُدِ رَجُلٍ حَلْقَةً، أُرَاهُ قَالَ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ: "وَيْحَكَ مَا هَذِهِ؟" قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْكَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا"

فانظر إلى هذا الانكار الشديد على من علّق تميمةً أو خيطًا فقد خسر الدنيا: "أَمَا إِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا"، وخسر الآخرة: "فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا".

لا تنس ذكر الله
لا إله إلا الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية