فضل العلم

فضل العلم

فضل العلم


الإهتمام بالعلم

يا أيها الناس، اتقوا الله تعالى ويُعلِّمكم الله، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون، عباد الله ما من أحد منا إلا ويحب أن يكون متعلمًا، وولده متعلمًا، وهذه الظاهرة هي الموجودة في وقتنا الآن، والتي كرِّست لها أعظم الجهود، وكل الطاقات، واهتمَّ بها المسؤولون، ورُصِدت لها الأموال الطائلة، وشغل نجاح البنين والبنات معظم الأوقات من الآباء والأمهات؛ لأن العلم صفة عالية في الإنسان؛ بل وحتى الحيوان، فالكلاب مثلاً: المُعلَّم منها يُباح أكل ما قتَله من الصيد، وغير المعلَّم لا يباح أكل صيده، فإذا كان قد امتاز معلم الكلاب على جاهلها، فما بالك بالإنسان؟! قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]؛ أي: أصحاب العقول من بني آدم، الذين تعلَّموا ما خُلِقوا من أجله وعمِلوا به، فالعلم يكون لهم نورًا وبصيرة وظلاًّ يوم القيامة، وحياة في الدنيا والآخرة، والجهل يكون عليهم عمى وظُلْمة وحرارة وموتًا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ [فاطر: 19 - 22]، ويُكسِب العلمُ بني آدم العزةَ والرِّفعة؛ قال - جل ثناؤه -: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وتتمكَّن خَشية الله تعالى من العلماء، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، ويجعل العلمُ أهلَه يشهدون بما يشهد به الله وملائكته، وهو وحدانية الله وعزته وقدرته وقيوميَّته بالقسط، وهذا أفضل مشهود به؛ قال - جل ثناؤه -: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، وبالعلم يثبت للعقل الأمثال التي يضربها الله للناس؛ قال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 43].

فضل العلم الشرعي

فيا عباد الله، إن فضلَ العلم أكثر من أن يُحصَر، ولكن أتدرون ما العلم النافع المفيد في الدنيا والآخرة؟ وما العلم الذي يُخرِج من الظلمات إلى النور؟ والذي به الحياة من الموت؟ والذي به البصر عن العمى؟ والشخصيَّة القوية؟ والخشية من الله؟ وبه الظل عن الحرور يوم القيامة؟ ألا إنه العلم بما أنزل الله تعالى وبما شرَعه على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الرعد: 19]، وإنه العلم بمعرفة الحلال؛ لتفعله، والحرام والمكروه؛ لتَجتَنِبه، وبمعرفة المتشابه؛ لتتقيه، وإنه العلم بتفرُّد الله بالخَلْق والرزق والإيجاد والإعدام، وأنه المستحق لأن يَصرِف العباد أفعالَهم كلها له تعالى؛ من دعاء واستغاثة واستعانة وعزْم، وأن الله تعالى هو المستحقُّ لهذه العبادة كلها دون غيره، وأنه المتفرِّد بصفاته العليا وأسمائه الحسنى ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

فهذا هو العلم الذي مَن سلك طريقه، سهَّل الله تعالى له طريقًا إلى الجنة، وحفَّته ملائكة الرحمة، وتنزَّلت عليه السكينة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتْهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرهم الله فيمن عنده، ومَن بطَّأ به عملُه، لم يُسرِع به نسبُه». [رواه مسلم (2699)].

العلم النافع

العلم النافع هو الذي يأوي به الإنسان إلى الله تعالى، بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس وحوله أصحابُه متحلِّقين: جاء ثلاثة رجال، فوجد واحد منهم فُرجةً فجلس، وجلس الثاني خلف الحلقة، والثالث رجع، فلما انتهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أخبركم عن النَّفرِ الثلاثة؟!» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «أما أحدهم، فآوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر، فاستحيا، فاستحيا الله منه، وأما الثالث، فأَعرَضَ، فأعرض الله عنه»[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي].

فالعلم بما تقدَّم هو الخير كل الخير؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَن يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهه في الدين»، وإن من العلم النافع أن يتعلَّم المسلم ما ينفع به المسلمين من المرافق الحيوية التي يُستعان بها على طاعة الله تعالى، وتقوية المسلمين حسًّا ومعنى: كعلم الطب، والزراعة، والصناعة، والتجارة، فما أعظمَها من علوم إذا حَسُن القصدُ من تعلُّمها والاستفادة منها!

لا تنس ذكر الله
لا حول ولا قوة إلا بالله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية