قصة قوم لوط

قصة قوم لوط

قصة قوم لوط


قد حثنا الله تعالى على قص القصص لأخد العبر والحكم ليستنير بها الضال ويسترشد بها الحائر ويثبت فؤاده على دين الإسلام دين الحق ، قال تعالى : ﴿ فَاقصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرونَ﴾
[ الأعراف: ١٧٦]

﴿لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ﴾
[يوسف: ١١١]

ولا بد أن أحسن القصص هي التي وردت في القرآن الكريم فقد قال الله تعالى : ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴾ [ يوسف: ٣]

فقصص القرآن ، قصص لا ريب ولا شك فيها ، فهي الحق من رب العالمين وقد قال تعالى : ﴿ إِنَّ هذا لَهُوَ القَصَصُ الحَقُّ وَما مِن إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾[آل عمران: ٦٢]

قوم لوط

وفي قصتنا هذه سنروي لكم قصة النبي لوط عليه السلام لنستفيد ونتعظ وننال من الله تعالى القبول .
أرسل سيدنا لوط عليه السلام الى قوم عصوا الله معصية لم يسبقهم بها أحد من العالمين من قبل ورغم دعوته لهم لم يؤمن أحد منهم ولم يزدادوا الا معصيةً وفجورا .

قرية قوم لوط

بعد وفاة أبيه ، رباه عمه سيدنا ابراهيم عليه السلام، فآمن به وصدقه ، وطلب سيدنا ابراهيم منه أن يهاجر الى قرية المؤتفكة ( سدوم ) في غور الأردن ليدعوهم إلى الإسلام ويعرفهم بالله تعالى .

أفعال قوم لوط الفاحشة

لما وصل سيدنا لوط الى تلك القرى وجدهم من أفجر الناس والأكثر كفرًا فقد كانوا يقطعون الطرق ، يكثرون من فعل السيئات ، ولا ينهى بعضهم بعضًا عن فعل الفواحش والمعاصي وفعل أقبح الأمور ، إضافة إلى غرقهم بفاحشة اللواط التي لم يسبقهم بها أحد ، فيأتون الرجال شهوةً من دون النساء جهرًا من دون استحياء أو خوف من هذه المعصية العظيمة .

كيف بدأ قوم لوط الفاحشة

كانت تلك القرية أرض خصبة وفيها الكثير من الخير ، وكان الناس يأتون اليها لينالوا شيئًا من تلك الخيرات، ولكن أصابها القحط فوسوس لهم إبليس للقيام بالفاحشة بمن يأتي الى قريتهم لإبعادهم عنها ، وقد جاء في كتاب الفاحشة عمل قوم لوط للكاتب -محمد بن ابراهيم الحمد – "أن أهل المؤتفكات كانوا من أجمل الناس، وكانوا أهل كرم وعطاء، فأصابهم القحط، فجاءهم إبليس اللعين وقال: إنما أصابكم ذلك لكرمكم أو نحو ذلك، فقالوا له كيف السبيل إلى المنع؟ قال: اجعلوا السنة ـ أي العادة ـ بينكم إذا دخل رجل إلى بلدكم غريب ـ سلبتموه، ونكحتموه في دبره، فإذا فعلتم ذلك ـ لم تقحطوا، فعزموا على ذلك، وخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يفجرون به، فتمثل لهم إبليس اللعين في صورة غلام أمرد حسن ففجروا كما علمهم، فطاب لهم ذلك، حتى صار عادة لهم في كل غريب، ثم فشا فنفذ إلى أهل البلد أيضا، فظهر ذلك فيهم من غير إنكار، ولا انتقام "

رفض قوم لوط دعوة نبيهم واستمرارهم بالمعصية

عندما وجد سيدنا لوط هذه الأفعال منتشرة بينهم ، أخد عليه السلام يدعوهم إلى الإبتعاد عن الشذوذ والمعاصي التي وقعوا بها، ويحاول أن يدعهم إلى دين الله تعالى ولكنهم جادلوه وأكثروا النقاش معه ، ولما يئسوا منه قالوا له : ﴿ ائتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ﴾ [العنكبوت: ٢٩]
ثم قالوا : ﴿فَما كانَ جَوابَ قَومِهِ إِلّا أَن قالوا أَخرِجوا آلَ لوطٍ مِن قَريَتِكُم إِنَّهُم أُناسٌ يَتَطَهَّرونَ﴾ [النمل: ٥٦]

وبالرغم من دعوة سيدنا لوط لهم ، إلا أن أحدًا منهم لم يؤمن برسالته ، وازدادوا فجورًا ومعصية ، فدعا عليه السلام عليهم بأن يهلكهم الله وينجيه هو وأهله ، فاستجاب له الله وأمر الملائكة بأن تمطر عليهم حجارة من سجيل منضود ، قال تعالى : ﴿فَلَمّا جاءَ أَمرُنا جَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ﴾ [هود: ٨٢]

زيارة الملائكة لسيدنا ابراهيم قبل هلاك قوم لوط

قبل أن تصل الملائكة التي أرسلها الله تعالى إلى قوم لوط، ذهبت إلى إبراهيم عليه السلام تبشره بالذرية، فأكرمهم إبراهيم عليه السلام، وقدم لهم الطعام، فخاف منهم لأنهم لم يأكلوه، وخشي أنهم يضمرون سوءاً، فطمأنوه، وبينوا له أنهم ملائكة من عند الله تعالى، لا تأكل ولا تشرب، وبشروه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب ، ثم أخبروه بأنهم سائرون نحو قوم لوط ليهلكوهم، فخاف إبراهيم عليه السلام على ابن أخيه الذي أرسله لتلك القرية الظالمة، وراح يجادلهم، فطمأنته الملائكة بأنهم سينجونه وأهله، من العذاب إلا امرأته.

زيارة الملائكة لدار لوط عليه السلام

بعد هذه الزيارة توجهت الملائكة إلى ديار قوم لوط على صورة شبان حسان، وكان عليه السلام على اطراف المدينة، وقيل إن ابنته كانت تسقي، فرأتهم، وأخبرت أباها، وسألهم عن مرادهم، فذكروا أنهم عابرو سبيل، وطلبوا إليه أن يستضيفهم عنده، فتحرج عليه السلام أن يرد طلب الضيافة، إلا أنه حاول أن يثنيهم عن الدخول إلى قرى سدوم، ببيان أن هذه القرية قرية سوء وخبث، وكانت هذه شهادة منه عليه السلام للملائكة على قومه، إذ لم يكن الله يعذب قوماً حتى يشهد رسولهم عليهم، وحينما اصرت الملائكة على الدخول إلى القرية، استجاب عليه السلام إلى طلبهم، ودعاهم إلى بيته خلسةً، مخافة أن يراهم القوم، فيظفرون بهم، وقال في نفسه (هذا يوم عصيب) لشدة ما سيجده إن علم أهل القرية بهؤلاء الضيوف.

وصل لوط عليه السلام بصحبة الضيوف إلى البيت، وخبأهم كي لا يحس بهم أحد من أهل القرية، إلا أن امرأته كانت خبيثة، فذهبت إلى قومها وأخبرتهم أن لوطا عليه السلام استضاف شباناً حساناً في بيته لم تر مثل حسنهم قط، فأسرع قومه له مستبشرين فرحين بما سيكون من أمرهم من الفواحش مع هؤلاء الضيوف.

لما وصل قومه إلى بيته، وقرعوا الباب، رفض عليه السلام إدخالهم على ضيوفه، فغضبوا لذلك، وقالوا له : ألم نحذرك من استضافة الرجال في بيتك؟ فقال : ﴿قالَ لَو أَنَّ لي بِكُم قُوَّةً أَو آوي إِلى رُكنٍ شَديدٍ﴾ [هود: ٨٠] أي لو كان لي أهلٌ وقوة أستند إليها، لما استطعتم قول هذا ، وقال لهم : ﴿ يا قَومِ هؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطهَرُ لَكُم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخزونِ في ضَيفي أَلَيسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشيدٌ﴾ [هود: ٧٨] أي هؤلاء نساء الأمة تزوجوهم هذا أطهر لكم .

ولكن رغم نصح لوط عليه السلام لهم أصروا على قولهم فدخل لوط عليه السلام إلى ضيوفه وهو في حيرة مما سيصنع معهم ، وهنا جاء جبريل عليه السلام وطمأنه أنهم سيعودون إلى بيوتهم عميانًا لا يعرفون الطريق .

هلاك قوم لوط

بعد تلك الحادثة ، أمرت الملائكة سيدنا لوط بالخروج من القرية، هو وكل من آمن بالله تعالى وهما ابنتاه فقط، وأن لا يلتفت منهم أحد إلى ما سيصيب سدوم من العذاب، وأخبروه أن الله سيكتب لهم النجاة، إلا امرأته التي كانت تعين قومها على الفواحش ،﴿قالوا يا لوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلوا إِلَيكَ فَأَسرِ بِأَهلِكَ بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ وَلا يَلتَفِت مِنكُم أَحَدٌ إِلَّا امرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصيبُها ما أَصابَهُم إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَيسَ الصُّبحُ بِقَريبٍ﴾ [هود: ٨١]

وعندما خرج سيدنا لوط مع ابنتيه وامرأته من القرية ، وعندما سُمع صوت العذاب التفتت امرأته ، فأتتها حجارة من السماء وأهلكتها ثم جاءهم جبريل بصيحة أهلكتهم ودمرت منازلهم، وقلبت تلك القرى رأساً على عقب، وجعل عاليها سافلَها، ثم أُمطرت بحجارة من سجين، ولم يبق أثرٌ بعدها لأي منها.
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :

عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية