قصة أهل الكهف

قصة أهل الكهف

أهل الكهف


ورد في القرآن الكريم الكثير من القصص ، التي تحمل في طياتها العبر ، ليستفيد منها المؤمنون ويثبّت بها المترددون ، ولقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴾ [يوسف: ٣]

وجاء في القرآن الكريم : ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ﴾ [هود: ١٢٠]

فإذا كانت القصة تثبيت لفؤاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهي اذا ضرورية لمن هم دونه ، وهذه القصص بأخد منها المؤمن النفع ومثالا للصبر .
وفي قصتنا ، سنروي لكم قصة عظيمة من قصص القرآن والتي وردت في سورة الكهف .

سبب نزول سورة الكهف

تعد سورة الكهف دليلًا من الأدلة التي جاءت تصديقًا على نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد نزلت في الوقت الذي عانى فيه أهل مكة من الظلم والقهر، كما بيّنت السورة ما عانى منه أصحاب الكهف، فكانت كالفرج بعد الشدّة.

وقد جاء أيضا أن من أسباب نزول سورة الكهف أن المشركين أرسلوا رجلين من اليهود إلى الأحبار ليسألوهم عن رأيهم في دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان ردّ الأحبار عليهم بأن يسألوا محمدًا عن مجموعةٍ من الفتيان، وعن رجلٍ طاف الأرض ووصل مغربها ومشرقها، وعن الروح .

فأنزل الله تعالى جبريل بسورة الكهف متضمّنة لجواب سؤالهم عن أمر الفتية وذي القرنين، أما أمر الروح فقد نزل في سورة الإسراء.

قصة أهل الكهف

هي قصة مجموعة من الفتية الصالحين كما قال الله تعالى في كتابه : ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ نَبَأَهُم بِالحَقِّ إِنَّهُم فِتيَةٌ آمَنوا بِرَبِّهِم وَزِدناهُم هُدًى﴾ [الكهف: ١٣]
نشأ هؤلاء الفتية في مدينة يحكمها ملك فاسق، وأهلها فاسقون يعبدون ما لا ينفعهم ولا يضرهم من الأصنام .

فرّ الفتية من هذه المدينة بدينهم من الملك وقومه ، وذهبوا الى كهف خارجها ، وتجتمع الروايات على أن الفتية كانوا على دين سيدنا عيسى عليه السلام ، وأن الملك كان اسمه دقيوس والمدينة التي يحكمها أفسوس ، ومنها خرج الفتية خوفا من الملك على دينهم وأنفسهم .

كان عدد الفتية سبعة ( والله أعلم ) كما رجح المفسرون ، فقد قال تعالى : ﴿سَيَقولونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيبِ وَيَقولونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ ﴾ [الكهف: ٢٢]
وفي اللغة قيل أن نفي التعدادين الأول والثاني ، ظهر باتباعهم ب ( رجما بالغيب ) أي أن هذا العدد قيل عنه من دون إثبات أو دليل ومن ثم إستأنف التعداد ليوضح العدد الحقيقي لهم ، أي كانوا سبعة وثامنهم كلبهم والله أعلم .

ولكن عدد الفتية لا تتحقّق منه أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى : ﴿ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا﴾ [الكهف: ٢٢]

لجوء الفتية إلى الكهف

كان الفتية كما قيل من أبناء أكابر المدينة ومن أبناء الملوك فيها ، وأنهم كانوا صغار العمر ، وأن الملك كان طوّافًا على المدينة ، فلا يُبقي أحد لا يعبد الأصنام إلا ويقوم بقتله ، وكان الفتية ينكرون أفعال الملك وقومه ويرفضون عبادة الأصنام ، ويحاولون ارشاد الملك ونصحه بأن الآلهة التي يعبدها ويجبر قومه على عبادته لا تنفع ولا تضر وأنه يوجد من حاشيته من يعصي أمره ويُسفِّه آلهته، فَجمعَ الملك الفتية وأمرهم باتِّباعِ آلهته والذّبح لها، ثمَّ توعَّدهم بالقتلِ بعدما رأى منهم ثباتاً على دينهم وعزيمةً منهم على التشبُّثِ به والدِّفاع عنه، ثمَّ رأى أن يجعلَ لهم موعداً يلتمسُ فيهِ عودَتَهم إليه وإلى آلهته، وما كان ليؤخِّرَ حسابهم إلا لاعتبارِ حداثةِ سنِّهم وجهلهم بما قد يُعمِلُ فيهم من القتل وسفك الدِّماءِ وتعليقِ أشلائهم على أبواب المدينةِ كما يَفعَل بمن على غير دينِه، وانطَلَق الملك خارج المدينةِ يلتمسُ أمراً، فاجتمعَ الفتيةُ على اعتزالِ النَّاسِ والهربِ إلى كهفٍ في جبلٍ على أطراف المدينة وذلك عندما عرفوا أنهم لا يمكنهم إظهار إيمانهم لقومهم ،و سألوا الله أن يسهل أمرهم ، كما جاء في القرآن الكريم: ﴿إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا﴾ [الكهف: ١٠]

أوى الفتية إلى كهف يسره الله غاية التيسير، واسع الفجوة ، بابه نحو الشمال لا تدخله الشمس ، لا في طلوعها ولا في غروبها ، فناموا في كهفهم بحفظ الله ورعايته ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا ، وقد ضرب الله عليهم نطاقا من الرعب على قربهم من مدينة قومهم ، ثم إنه في الغار تولى حفظهم بقوله : ﴿وَتَحسَبُهُم أَيقاظًا وَهُم رُقودٌ وَنُقَلِّبُهُم ذاتَ اليَمينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلبُهُم باسِطٌ ذِراعَيهِ بِالوَصيدِ لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا﴾ [الكهف: ١٨] وذلك لئلا تُبلي الأرضُ أجسادهم .

وبعد ثلاثمائة سنة وتسعة ، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: ﴿وَكَذلِكَ بَعَثناهُم لِيَتَساءَلوا بَينَهُم قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف وَلا يُشعِرَنَّ بِكُم أَحَدًا﴾ [الكهف: ١٩] فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه.

فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :


عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية