معنى وأهمية التعاطف

معنى وأهمية التعاطف

معنى وأهمية التعاطف


معنى التعاطف


التعاطف هو التعبير عن المشاركة الوجدانية والاهتمام بالآخرين بالتفكير والقول والفعل ، كما يشمل التعاطف مد يد العون للآخرين بـروح الاحترام والحب ، والإنسان المتعاطف الذي يمتلك الذكاء الروحي يتمتع بشعور قوي بالالتزام تجاه الآخرين من حوله ، ويكون مسئولا عن مساعدتهم .
لم يخلق الإنسان وحيدا مثل الجزيرة المنعزلة في عمق المحيط ، فكلنا جـزء من الكل يكمل بعضننا البعض ، فإذا حلت بأحدنا مصيبة فهي قد حلـت بـنـا جميعا ، وإن الأساس في توحيد الطاقات الثنائية في علاقاتنا هو أن نتعلم كيف نحترم بعضننا البعض ، فطريقة مواجهتنا للتحديات الخارجية تتحدد بشكل كبير بكيفية استجابتنا لأنفسنا ، فبجانب كل علاقاتنا بالآخرين ، علينا أيضا ، أن نكون علاقة سليمة ومليئة بالحب مع أنفسنا .

ومتى تكون متعاطفا ا مع نفسك ، وتنمـي هـذا التعاطف وتزيـد منـه وتدعمه ، عندئذ فقط يمكنك زيادة هذا التعاطف ليشمل ويضم الآخرين .
يعرف « الدلاي لاما » التعاطف على أنه الشعور بعدم تحمل رؤية معاناة الآخرين ، أو معاناة الكائنات الحية الأخرى ذات الإحساس ، ومن أجـل أن يولد هذا الشعور بـداخل المـرء عليـه أولا أن يقـدر خـطـورة وعمـق مـعـانـاة الآخرين ، فكلما ازداد إدراك المرء وفهمه للمعاناة وأنواعهـا المختلفـة التـي نتعرض لها ، ازداد مستوي تعاطفه مع الآخرين .
لذلك فإن الإنسان الذي يمتلك الذكاء الروحي سوف يكون أكثر فهـما وتفهما للآخرين ، وأكثر فهما لأسباب تصرفاتهم وردود أفعالهم والمغـزى مـن ورائها ، والشخص الذي نمي بداخله روح التعاطف يكـون الأكثـر تـسامحاً وعفوا بين الآخرين ، وهو الذي يترك الآخرين يعيشون بـدون التدخل غير الضروري في حياتهم ، وكما قالت « إليانور روزفلت » : « الفهم هو طريق ذو اتجاهين » .

ويمكنك التفكير في التعاطف على أنه « فن السعادة » ، فهو الفن الـذي يحول الآلام والمعاناة إلى السعادة والفرح ، فأي هدف أفضل من ذلك يمكنك أن تسعي إليه في حياتك ؟

فعندما ما تتعلم هذا الفن فسوف تصبح أكثـر سـعادة وبهجة ، وسـوف يتفتح عقلك بشكل أكبر وتصبح قادرا عـلى تـكـويـن صـداقات أكثر عمقا ، ومبنية على التفاهم والاحترام المتبادل ، وبتفهمـك لمعاناتك و معانـاة مـن حولك ، فسوف تزداد بصيرتك نفاذا في تفهمك لنفسك ولأحوال غيرك مـن البشر ، وباختصار فسوف تكتسب حياتك عمقـا ومعنـي وهـدفا ، وسـوف ا تغمرك البهجة .

أثر التعاطف على الجسم


أجري العالم الأمريكي « د.ديفيد ماكليلانـد » عـالم النفس بجامعـة « هارفارد » تجربة رائعة توضح تأثير التعاطف على الجسم ، إذ قام بعرض فيلم مصور للأم « تريزا » ، وقد أظهرها هـذا الفيلم وهي تعطـف عـلى الفـقـراء والمرضي ومن لا يملكون قوت يومهم ، مما جعـل الطـلاب الـذيـن شـاهدوا العرض يتأثرون ويشعرون بالتعاطف .

وبعد عرض الفيلم قام « د . ماکلیلاند » بتحليل لعاب الطلاب ، فوجد زيادة ملحوظة في نسبة أحد الأجسام المضادة التي تقاوم الإصابة بالعدوى في الجهاز التنفسي ، فشعورهم بالتعاطف وهم يشاهدون تلك الأعمال الخيرية التي كانت تقوم بها الأم « تريزا » قد حفز أجسامهم لإنتاج كميات أكـبـر مـن هذه الأجسام المضادة .

قصص عن التعاطف


• دلاي لاما يحكي لنا « الدلاي لاما » قصة عن أحـد النساك القدماء في إحـدى دور العبادة ، وقد تم القبض عليه من قبل قوات الاحتلال الصينية ، وتم سجنه في أحد المعتقلات السياسية لمدة عشرين عاما ، وطوال هذه المدة كان يعـاني مـن التعذيب والضرب الشديدين ، وكان يعاني من الآلام التي لا تهدأ أبدا . وقد سأل « الدلاي لاما » صديقة ذلك الناسك الذي يكبره في السن عن أصعب موقـف تعـرض لـه في المعتقـل الـصيني ، ولا حتى معاناة زملائه الآخرين من السجناء ، والذين مات البعض منهم ، لكنه قال إن أكـبـر خـطـر كان يواجهه هو افتقاده للتعاطف مع من اعتقلوا !

• محمد على كلاي : عندما كان البطل الأسمر « محمد عـلى كـلاي » في قمـة شـهرته وقوته ، وعندما والخلاصة أنك إذا طبقت مبادئ التعاطف التي تعلمتها في هـذا الفـصـل فسوف يكون بإمكانك كبيرة من الصحفيين ، وبينما كان يمشي في أحـد الـشوارع الممتلئة بالقيامة ، شاهد شخصا متسولا أشعت الشعر مستلقيا فوق بالوعة .

وأشار « محمد علي» ، إلى الكاميرات والصحفيين بـأن يبتعدوا عنـه ، ثـم اقترب من الرجل وبقي معه بعض الوقت يتحدث معه ، ثم ودعه وانصرف ، وبعد ذلك سأل أحد الصحفيين الرجل المتسول قائلا : « مـا رأيـك في ذلـك البطل العظيم » .
فأجاب المتسول قائلا : « إنه عظيم بالفعل » . فسأله الصحفي : « ولماذا تعتبره كذلك ؟ »
فأجاب المتسول بأن « محمد على» ، قد سأله عن سبب حاله هذا ، فأخبره بظروف حياته الحزينة ، وفي أثناء ذلك قفزت دموع « محمد على» ، وهو يستمع لهذه القصة .

تدريب الروح على التعاطف


  • إظهار التعاطف : تعاطفك مع الآخرين وحسن معاملتهم يعتبر أحـد العناصر التـي قـد تكسب حياتك البهجة الدائمة ، ففي كل مرة تتعامـل فيهـا مـع أحـد البـشر تسنح لك فرصة لكي ترسم بسمة على وجهـه وترفع معنوياتـه ومعنوياتـك أيضا .

  • التدريب على التميز : يضع « توني بوزان ، في كتابة « الذكاء الروحي » تدريبا فريدا ، إذ يطلـب منك أن ترسم قلبا ، وتكتب في منتصفه كلمـة « الفهـم » ، وينبـع مـن هـذا القلب عشرة أفرع رئيسية ، في كل فرع يضع المتدرب كلمة تخطر في باله عندما يفكر في مفهوم كلمة « الفهم » ، وقد رصد محلـل إجابات المتدربين ظـاهرة فريدة ، وهي أن الإجابات المشتركة قليلة جدا ، وأن هناك الكثير مـن التمييز يصل لدرجة تفوق الخيال .

  • التعاطف مع الآخرين : في جميع المواقف التي تواجهها حاول أن تفسر سبب تصرف الآخـريـن عـلى النحو الذي يتصرفون به ، وحاول دائها ـ خاصـة في المواقـف الـصعبة ـ أن تـضـع نفسك في موقفهم ، فهناك قول مأثور كان شائعا لـدي الهنود الحمـر وهـو« لا تحكم على المرء قبل أن تضع نفسك في مكانه وتري كيف كنـت سـتـصرف» .
    فقم بمعاملة الآخرين بالطريقة التي تحب أن يعاملوك بهـا ، وهـذا سـوف يساعدك على رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخـرين ـ والتـي تبـدو لهـم دائــا صحيحة ـ وهذا سوف يساعدك أيضا على إبداء المزيد من التفهم والتعاطف تجاههم ، في المقابل سوف تصبح حياتك أكثر سهولة ، وسوف تصبح روحك أكثر هدوءا ، وتذكر دائما نصيحة رسول اللہ ﷺ : « أحـب لأخيـك مـا تحـب لنفسك» .

  • الإحسان دون انتظار المقابل : لا تتوقع رد فعل بعينه عندما تقوم بتقدير الآخرين أو التعاطف معهـم ، ولا تؤد معروفا لأحد وكأنك تنتظر منه أن يحـرر شيكا في المقابـل بـاسـمك ، ابذل العطاء دون الطمع في المقابل ، وكن متفتح الذهن تجاه ردود أفعـال مـن تحسن إليهم وتتعاطف معهم ، وإذا لم تفعل ذلك فسوف تصاب بالإحباط ، فأنت لا تعلم مدي أثر ما تفعله أو تأثير تصرفك ونتائجه على الآخـر ، واعلـم أنك ستصبح أكثر سعادة لأنك بذلت جهدا إيجابيا ، وبالتأكيد ستجني ثـارهـا ، لذلك ابتسم ، وكن سعيدا بأي معروف تقوم بإسـدائه للآخرين ، ولا تنتظر المقابل ، بل اجعل سعادتك بما تفعله هو المقابل .

  • المشاركة في الأعمال الخيرية : من خلال الانضمام إلى الجمعيات والأشخاص الذين يمارسون الأعـال الخيرية العشوائية ، وحبذا الأنشطة الخيريـة التـي لا يفـصـح مـن يؤديهـا عـن هويته ، كأن تضع مالا داخل منزل أحد الفقراء دون أن يـدري ، أو أن تـدفع مصروفات أحد أبناء الفقراء دون أن يعلم .

  • التعاون : يقوم التعاون بتعزيز ودعم التعاطف ، لذلك ابحث عن الطرق التي مـن خلالها تستطيع العمل والتفاعـل مـع مـن حـولـك ، وحاول أن تمد يد المساعدة بأسره ما يمكنك ، وحاول أن تجد طرقا تساعدك على الوصـول إلى أهدافك المشتركة مع الأشخاص الذين يشبهونك في التفكير ، فإذا فعلـت ذلك ، فمن المحتمل أن تحقق أهدافك بشكل أسرع ، وتصبح تجربتـك أكثـر ثراء ؛ لأن الآخرين شاركوك في عملك ، وعندما تعمل وتتعاون مع الآخرين بهذه الطريقة ، فسوف يعود ذلك عليك بالخير الوفير ؛ وذلك لأن طاقاتـك وحماسك الفردي لا يكفيان وحدهما لتحقيق الهدف الكلي ، فكل واحد منكم يضاعف طاقة وقوة الآخرين من أجل خلق كيان كامل أكبر من حصيلة كـل واحد منكم بمفرده .

  • احترام كون الآخر بشرا : كما قلنا من قبل فإن كل واحد منا كبشر يعد إعجازا ، ومن المتفق عليه أن قصة حياة كل شخص منا من الممكن أن تصبح كتـابـا يحقـق أعـلى المبيعـات ، وأنت نفسك واحد من تلك القصص ، لذا فكر في الأمر ، وبدلا من افتراض أشياء عن شخص ما ، أولى أن تتصرف مثل الصحفي العطوف وتطلـب مـن هذا الشخص أن يحكي لك عن أكثر جوانب حياته إمتاعـا وأكثرهـا مـغـزى ، وحاول أن تكشف عن تاريخه الشخصي ، وعن أعظـم اللحظات في حياتـه ، وعن أروع ذكرياته وأهدافه ومعتقداته ، فمهما كانت الظروف الحاليـة للمـرء فهو يحمل بداخله كل ما قام به وكل ما حدث له في حياتـه ، لذلك اكتشف ، وكل ما – واستمتع واحترم تلك الظروف .

  • إدراك الجانب الخفي من الشخصية : عليك أن تعتبر وجود أي إنسان شرير يسبب الإساءة إليـك في حياتـك موجود لغرض محدد ، ألا وهو مساعدتك على تطوير مهاراتك في التعاطف ، لذلك يمكنك أن تعتبر أن هذا الشخص يعكس الجانب السيئ الخفي في شخصيتك ، وتعلم من هذه التجربة . وتذكر أنك إن أخطأت ، فـذلك بعـض ســات الخـلـق ، وإن عفـوت ، فذلك قبس من صفات الخالق .

  • ممارسة لعبة الدمج : بأن تتخيل أن الأشخاص المقربين إليك والذين تتشاجر معهم أو تتعامـل معهم بحب ليسوا أشخاصا منفصلين عنك ، بل هم جزء منك ، وأنت مكون من مزيد منك ومنهم .

  • ومن هـذا المنظـور الجديـد سـوف تـري كـيـف سيغير ذلـك مـن إدراك ومشاعرك وتصرفاتك ، وستكون هذه اللعبة شيقة ، خصوصا عنـدمـا تقـوم بتطبيقها على علاقاتك مع رؤسائك وزملائك وغيرهم .

  • الثقة في البشر:
    إن الثقة في الناس تخلق شعورا طيبـا أفـضـل مـن الـذي تـولـده الريبـة ، فالكثير من الأشخاص الذين جرحهم الآخـرون أو خذلوهم توقفـوا عـن إظهار مشاعرهم ، حتى لا يتعرضوا للجرح مرة ثانية ، وعندما يفعلون ذلـك يكونون قد توقفوا عن العيش والإحساس ويعانون بشكل أكـبـر عـلى المـدى البعيد ، امنح كل من تقابله تقدير « ممتاز » ، ومع مرور الوقـت اسـمـع لهـم بزيادة أو إنقاص تقديرهم ، وهذا التقييم هو الذي سوف يحـدد إذا مـا كـنـت سترغب في المكوث معهم وقتا طويلا أم قصيرا ، ومن الأشياء الشيقة أنك إذا افترضت في الآخرين وعلاقتك بهم الأفضل ، فمـن المؤكـد أنهـم لـن يخيبـوا ظنك فيهم ·

    والخلاصة أنك إذا طبقت مبادئ التعاطف التي تعلمتهـا في هـذا الفـصل فسوف يكون بإمكانك أن تحدث تغييرات جذرية في المجتمع الذي تنتمي إليـه ، خاصة مجتمع الأعمال أو المجتمع السياسي الكبير ، والذي يكون بحاجـة أكـبر لمثل هذه المساعدة .

    فعندما تصبح رجل أعمال متعاطفا مع الآخرين ، فسوف يكون بإمكانك أن تساعد في تغيير الدافع التقليدي لرجال الأعمال والذي يحركهم لتحقيـق أفـضـل المكاسب وجمع الأرباح التي يحصلون عليها من جعل الآخرين في خدمتهم بـدلا من تقديمهم الخدمات للآخرين والتي تسمح الأرباح بتقديمها ، وهـذه الآليـة تنطبق أيضا على السياسية ، وهي تصلح بـالأخص لتغيير مفهـوم استخدام السلطة الخارجية للسيطرة على الآخرين ، وتحويلها إلى آليـة تنبثـق مـن التعاطف الداخلي الذي يتسرب ويتفرع إلى كل سبل الحياة الأخرى .

الجمل المحفزة :


• يزداد التعاطف والفهم بداخلي يوما بعد يوم .
• أنا متعاطف مع نفسي وأركز على تنمية ذكائي الروحي.
• إنني أجاهد دائما لكي أعامل الآخرين كما أحب أن يعاملوني .

المصدر : كتاب قوة الذكاء الروحي

لا تنس ذكر الله
لا إله إلا الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية