مواضع التواضع

أحكي عن نفسي أنني كنت أظن كل شيء رياءاً وأني لابد أن لا أذكر فضلا فأسميه تواضعا ، حتى بلغ مني هذا أن صرت ذليلا لا أثق بنفسي في مرحلـة الزمن ، لقد أخطأت كثيرا في هذا ، لا أريدك أيها الكريم أن تمدح نفسـك ولا أريدك أن تتكبر على خلق الله ، ولكن هناك مواضع لابد أن تعترف فيها بفضلك ، لأنك إذا لم تذكرها سوف تسقط في غياهب الذل ، وخاصة في مجتمعاتنـا هـذه الظالمة ، التي لا تقدر للفرد كنـزه ، ولا ترأف بمجهوده ، عندما كنت في الصـف العاشر ، قال لي خطيب المسجد أنه سيذهب إلى الحج ولابد من خطيـب بـديل ونظرا لقلة الخطباء اختار أحد تلاميذه ( إنه أنا ) أخذت الأمر بسهولة وضـحك ، لازلت أذكر أني قلت له بلهجتي ( ما في مشكلة ولكن بشرط : إذا عدت من الحج لا تعود إلى المسجد لأني سآخذه منك ... ضحك وعرف أني أسـخر وأمـازح ) فصعدت في تلك الجمعه على المنبر و لم أصعد من قبل على أي منبر ، وخطبـت بالناس خطبة سريعة فبدت ناجحة لأني دعوت كـل أصحابـي في المدرسـة ليحضروها فزاد اعجابـي بنفسي ، وزادت ثقتي بها ، نعم أنا أذكر هذا ليس فخرا أو كبرا إنما أذكر هذا لأقول لكم إن لديكم قدرات أظهروها ولا تخفوها بالخوف من الكبر وتتواضعوا فوق الحد ، إن عيسى عليه السلام لما قال لأصحابه من سيكون حواريا إلى الله ، من سيبلغ الرسالة ولا يخاف أحدا ؟ فقام مجموعة من الشباب، إنها ثقة بأنفسهم قبل كل شيء فلو أن كل واحد منهم قال لا . أخاف على نفسي من الكبر ، وتواضع في قراره ، فإنه لن يكون حواريا ولن يدخل اسمه التاريخ ، وتخيل معي أن الطبيب تواضع وقال للناس لا تنادوني بطبيب وكذلك المهندس ، تخيلوا هذا إن هذا التواضع غير محبوب وليس في محله . فاحرصوا على التواضع في زمان ومكان معين ولا تخلطوا الأمور .

من كتاب : مهارات الحياة
لا تنس ذكر الله

إقرأ المزيد :