أوثق عرى الإيمان

أوثق عرى الإيمان

أوثق عرى الإيمان


عدم التحسر على الدنيا


لا تتحسرَ على خسارةِ الدنيا وما لذاتِها ﴿ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ﴾[آل عمران:14].

الخسارة الحقيقية


الخسارةُ الحقةُ أن يخسرَ الإنسانُ دينَهُ ويخسرَ نفسَهُ وأهلَهُ ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾[الزمر:15].

الفوز الحقيقي


الفوزُ الكبيرُ هو الفوزُ الذي لا خسارةَ بعدَهُ ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾[آل عمران:185]، والدنيا سرابٌ سرعان ما يزول ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[الحديد:20].

وقد خَسِرَ أقوامُ وهم يظنون أنهم رابحون..

والرفعةُ تكونُ بولايةِ اللهِ التي لا يَذل بها متمسّك، ولا يَعزُ بتركها عادٍ.

أسباب العزة الحقيقية


والعزةُ في الثباتِ على الحقِّ التي متى استقرت في القلبِ قوّته؛ فاستعلى بها على كلِ أسبابِ الذِلةِ والانحناءِ لغيرِ الله، أو التنازلِ لغيرِ شرعِ الله.. أو بذلِ المحبةِ في غيرِ الله.

فوزُ النفسُ وتعظمُ حين تترفعُ عن سخافاتِ العقولِ، وتَعِفُّ عن المحرماتِ والفضول ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ﴾[الأنعام:15-16].

وتهبطُ وتنحطُّ في التبعيةِ في غيرِ هدى ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾[القصص:50].

الحب في الله والبغض في الله


ولا تعلو النفسُ إلا حينَ تتقلدُ قناديلَ العزةِ في غيرِ كبرٍ، والتواضعَ من غيرِ ذُلٍّ، والمحبةُ في اللهِ وباللهِ ومن أجل الله، فهي قدحُ الإيمانِ المعلى، وعلامتُه الأسمى.. أخرج ابن أبي شيبة والإمام أحمد بسند صحيح عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَتَدْرُونَ أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَوْثَقُ؟"، قُلْنَا: الصَّلَاةُ قَالَ: "الصَّلَاةُ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ"، قُلْنَا: الصِّيَامُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى ذَكَرْنَا الْجِهَادَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : "إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ".

الحبُّ في اللهِ والبغضُ في اللهِ ليس ادعاءً.. الحبُّ في اللهِ والبغضُ في اللهِ ركيزةٌ إيمانيةٌ، وعقيدةٌ قلبيةٌ، تُصدِّقُها الأعمال، وتترجمُها التصرفات والانفعالات.

لا يذوقُ طعمُ الإيمانِ مَن أحبَّ ووالى من أجلِ هوًى متَّبع، أو رجاءً لمصلحةٍ وابتغاءً لمنفعةٍ، أو مجاراةٍ للآخرين؛ "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ"

الحبُّ في اللهِ والبغضُ في اللهِ أصلُ عقيدةِ الولاءِ والبراء، الولاءُ للهِ ورسولِه والمؤمنين، والبراءُ من الكفر والكافرين والمنافقين على اختلاف مللهم ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾[المجادلة: 22].

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: "من أطاع الرسول ووحَّد الله لا يجوز له موالاة مَن حادّ الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب".

الولاء والبراء من علامات الإيمان


والمرءُ مع من أحب، فمن أحبَّ اللهَ ورسولَهُ والمؤمنين فهو منهم ومعهم.. قال أَنَسُ بْنُ مَالِك: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: "وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ؟"، قَالَ: حُبّ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: "فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا، بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- : "فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ"؛ قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ.

ومن أحبَّ الكفارَ ووالاهم فهو منهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾[الممتحنة: 1]، ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾[المائدة:51].

هذه عقيدةٌ لا يجوز التهاونُ بها، فهي ركيزةُ الايمانِ، والعلامةُ الفارقةُ بين أهل الاسلام والطغيان، تَضعُف هذه العقيدةُ حين يتسيح المهزومُ بأرضِهم، وينبهرُ المفتونُ بحضارتِهم، ويُعجب المغبونُ بأخلاقِهم، ويُتابع السفيهُ رياضتهم ..

من جعل لُعبةً يُحِبُّ بحبِّها ويعادي من عاداها فقد ضعُف إيمانه.. في سنن أبي داود قال -عليه الصلاة والسلام-: "مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكملَ الإيمان".

تكريم الله للإنسان


خلق اللهُ نفسَ الإنسانِ روحَهُ عزيزةً مكرمةً ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[الإسراء: 70]، كرمناها في العقل والتمييز والبيان، ومن كمالِ علوِّها وارتفاعِ قيمتِها أن تسمو عن الترهاتِ.. سموُّ تأنف معه النفسُ أن تلجَ مواردَ العطنِ، من أجل مشربِ أو نظر، قيمةُ النفسِ تأبَى أن تهين كرامتَها في تهريجِ وسخفٍ، أو تُذل نفسه من أجلِ لعاعةٍ من الدنيا.

غيرة الرجل على أهله وقوامته عليهم


السمو.. حيما تتعلقُ بنورِ السماء، وترتدي طهرَ الحياء.. قيمةُ الرَّجُلِ وسموه قِوامته عَلَى أَهْلِهِ، وَغَيْرَته عَلَى عِرْضِهِ، وهي أبرز معاني الرجولة، وَإِذَا ضَاعَتِ الْغَيْرَةُ مِنَ النُّفُوسِ فَكَبِّرْ عَلَى الرُّجُولَةِ أَرْبَعًا.

وَأَيُّ قيمةٍ تَبْقَى حِينَمَا يَرْضَى الْإِنْسَانُ لِأَهْلِهِ التَّبَرُّجَ وَالسُّفُورَ؟! أو الركض وراء كل دعاية ومفتون.
والتوسعة على النفس والترويح للأهل حق مشروع، يُلِمُّ الشملَ ويسعدُ النفوس.. في سنن أبي داود، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبدو إلى هذه التِلاع"؛ والتلاع ما ارتفع من الأرض؛ أي أنه كان يخرج إليها عندما يجيء المطر، ويسيل الماء.

ومن حق أسرتك تجنيب نفوسهم الكبار أن تلج أماكن اختلاط وصخب سفاء، وانعدام رجولة وحياء.

أهلك ومن تحت يدك باب أبواب الجنة، تدخلك إياها أو تمنعك منها.

في صحيح البخاري قال -عليه الصلاة والسلام-: "مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ". وعند مسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".

أكثر من الصلاة على النبي يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
0

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية