العمل التطوعي في الإسلام

العمل التطوعي في الإسلام

العمل التطوعي في الإسلام


تعريف العمل التطوعي


العمل التطوعي هو كل جهد بدني أو فكري أو عقلي أو قلبي يأتي به الإنسان أو يتركه تطوعاً دون أن يكون ملزماً به لا من جهة المشرع ولا من غيره.
والعمل التطوعي هو الخدمة العامة والإسهام في تسهيل حياة الآخرين وتخفيف معاناتهم دون البحث عن أرباح مالية أو مكتسبات وظيفية.


أمثلة عن العمل التطوعي


  • تغسيل الموتى
  • إماطة الأذى عن الطريق
  • إعانة الرجل على دابته
  • رفيع ص متاعه عليها
  • أن تعين ضائعاً، إنقاذ الغرقى والهدمى والحرقى
  • إعانة في مهم كموت وعرس وسفر
  • كف أذاك عن الناس

العمل التطوعي في الإسلام


حث الإسلام على العمل التطوعي ودعا إليه النبي ﷺ ، فالعمل التطوعي ظاهرة اجتماعية تحقق الترابط والتاَلف والتآخي بين أفراد المجتمع حتى يكون كما وصفه الرسول ﷺ فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» . أخرجه مسلم
يبتغي المسلم بالعمل التطوعي وجه الله تعالى ، والمثوبة والأجر منه ، ومساعدة مجتمعه ومساندة المسلمين ممن إحتاج مساعدة .

ويقول الحسن البصري رحمه الله : « لأن أقضي حاجة لأخ أحب إلى من أن أصلي ألف ركعة ولأن أقضي حاجة لأخ أحب إلي من أن أعتكف شهرين» .

وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : «لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجه ولطبق بدرهم أهديه إلى أخ لي في الله أحب إلي من دينار أنفقه في سبيل الله » .

الحث على العمل التطوعي في القرآن


  • قال تعالى : ﴿ ...وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [المائدة: ٢]

    أمر الله في هذه الآية عباده ذكراً كان أو أنثى بعمل الخير بما يتناسب مع قدراته ، فهو من أهم الأعمال التي يجب أن يعتني بها.

  • قال تعالى : ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا ﴾ [سورة النساء:١١٤]

    أمرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيه بالعمل التطوعي البدني كالصدقة والأمر بالمعروف والسعي بالإصلاح بين الناس .

  • قال تعالى :﴿.. وَلا يَأبَ كاتِبٌ أَن يَكتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ ...﴾ [البقرة: ٢٨٢]

    في هذه الآية ترغيب للكاتب أن يتطوع بكتابته ولا يمتنع إذا طلب منه، فالكتابة من نعم الله على العباد التي لا تستقيم أمورهم الدينية ولا الدنيوية إلا بها وأن من علمه الله الكتابة فقد تفضل الله عليه بفضل عظيم، فمن تمام شكره لنعمة الله تعالى أن يقضى بكتابته حاجات العباد ولا يمتنع من الكتابة .

  • قال تعالى : ﴿حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا۝قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَرجًا عَلى أَن تَجعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَدًّا۝قالَ ما مَكَّنّي فيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعينوني بِقُوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَينَهُم رَدمًا۝آتوني زُبَرَ الحَديدِ حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ قالَ انفُخوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتوني أُفرِغ عَلَيهِ قِطرًا۝فَمَا اسطاعوا أَن يَظهَروهُ وَمَا استَطاعوا لَهُ نَقبًا۝قالَ هذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعدُ رَبّي حَقًّا﴾ [الكهف: ٩٣-٩٨]

    في هذه الآية قصة يأجوج ومأجوج وهم أمتين عظيمتين من بني آدم ، مفسدون في الأرض بما يقومون به من قتل وغيره وهم أكثر أهل النار . وقد حال الله بينهم وبين الإفساد في الأرض والإفساد على الخلق بسد ذي القرنين ، فإذا جاء وعد الله جعل هذا السد الذي عجزوا عن نقبه والصعود عليه دكاً فيخرجون من كل حدب ينسلون وينشرون في الأرض فساداً ويمرون على بحيرة طبرية فيشربون ماءها . ويمر بها آخرهم فيقول كان بهذه ماء فيقتلون ويسلبون وينهبون ويظلمون ويحصر عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين في الطور بعد أن يوحي الله إليه . قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويؤمر عموم الناس بالهرب منهم وعدم مواجهتهم فمن طغيانهم وبغيهم وفسادهم أنه بعد أن يعيثوا في الأرض قتلاً وتدميراً وإهلاكاً للحرث والنسل يقولون قتلنا أهل الأرض فلنقتل أهل السماء فيرمون بنشبهم إلى السماء فيرجعها الله فتنة لهم مخضبة بالدماء فيقولون، قتلنا أهل الأرض وقتلنا أهل السماء. وتكون نهايتهم أن يجأر من بقي من أهل الأرض وعلى رأسهم عيسى عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين ، بالشكوى إلى الله أن يرفع عنهم البأساء والضراء ، فيرسل الله على يأجوج ومأجوج دود النَغف في رقابهم فيصبحون موتى جميعاً في ليلة واحده في كل أصقاع الأرض كموت نفس واحدة. فكان بناء السد نعمة عظمى للبشرية وسبباً من أسباب هناء العيش على الأرض.

  • ﴿ولما وَرَدَ ماءَ مَديَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسقونَ وَوَجَدَ مِن دونِهِمُ امرَأَتَينِ تَذودانِ قالَ ما خَطبُكُما قالَتا لا نَسقي حَتّى يُصدِرَ الرِّعاءُ وَأَبونا شَيخٌ كَبيرٌ۝فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنّي لِما أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍ فَقيرٌ﴾ [القصص: ٢٣-٢٤]

    تبين الآية أنه عندما وصل سيدنا موسى عليه السلام ماء مَدْين ( قبيلة ) الذي يستقون منه وجد جماعة من الناس يسقون مواشيهم، ووجد من دونهم امرأتين تحبسان أغنامهما عن الماء حتى يسقي الناس، قال لهما موسى عليه السلام: ما شأنكما لا تسقيان مع الناس؟ قالتا له: عادتنا أن نتأنى فلا نسقي حتى ينصرف الرعاة؛ حذرًا من مخالطتهم، وأبونا شيخ كبير السن، لا يستطيع أن يسقي، فاضطررنا لسقي غنمنا.
    فرحمهما فتطوع وسقى لهما أغنامهما، ثم انصرف إلى الظل فاستراح فيه، ودعا ربه بالتعريض بحاجته، فقال: رب إني لما أنزلت إليّ من أي خير محتاجٌ. فكان هذا العمل التطوعي الصالح سبباً وباب خير له عليه الصلاة والسلام.

  • ﴿وَأَمَّا الجِدارُ فَكانَ لِغُلامَينِ يَتيمَينِ فِي المَدينَةِ وَكانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُما وَكانَ أَبوهُما صالِحًا فَأَرادَ رَبُّكَ أَن يَبلُغا أَشُدَّهُما وَيَستَخرِجا كَنزَهُما رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَما فَعَلتُهُ عَن أَمري ذلِكَ تَأويلُ ما لَم تَسطِع عَلَيهِ صَبرًا﴾ [الكهف: ٨٢]

    تبين الآية أنه عندما كان سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر، جاءا أهل قرية طلبا من أهلها طعامًا، فامتنع أهل القرية من إطعامهما، وتأدية حق الضيافة إليهما، فوجدا في القرية حائطًا مائلًا قارب أن يسقط وينهدم، فتطوع الخَضِر فسوّاه ، فقال موسى عليه السلام للخَضِر: لو شئت اتخاذ أجر على إصلاحه لاتخذته؛ لحاجتنا إليه بعد امتناعهم من ضيافتنا. فرد عليه الخضر أن الحائط الذي أصلحته وأنكرت عليّ إصلاحه كان لصغيرين في المدينة التي جئناها قد مات أبوهما، وكان تحت الحائط مال مدفون لهما، وكان أبو هذين الصغيرين صالحًا، فأراد ربك – يا موسى – أن يبلغا سن الرشد ويكبرا، ويخرجا مالهما المدفون من تحته؛ إذ لو سقط الحائط الآن لانكشف مالهما وتعرّض للضياع، وكان هذا التدبير رحمة من ربك بهما، وما فعلته من اجتهادي؛ ذلك تفسير ما لم تستطع الصبر عليه.

  • والعمل التطوعي هو من ضمن العمل الصالح الذي فيه نفع الناس والإحسان إليهم بما هو جائز في شرعنا ويدخل في عموم العمل المثاب عليه والممدوح في مثل قول الله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنونٍ﴾ [التين: ٦]

    ﴿إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ﴾ [العصر: ٣]
    ﴿فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧]
    ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفها وَيُؤتِ مِن لَدُنهُ أَجرًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٤٠]

  • الحث على العمل التطوعي في السنة


    قد بيّن لنا النبي ﷺ مكانة العمل التطوعي في الإسلام في أحاديث كثيرة ،وحثنا ﷺ بها على فعل الخير والمشاركة فيه بكل ما نستطيع وبكل ما نملك من قوة وقدرة، وأن في هذه الأعمال التطوعية الخالصة لله تعالى الأجر العظيم والثواب الجزيل في الدنيا وفي الآخرة . ومن هذه الأحاديث :

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، قالَ: تَعْدِلُ بيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعِينُ الرَّجُلَ في دابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها، أوْ تَرْفَعُ له عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، قالَ: والْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». أخرجه البخاري ومسلم

    وعنه أيضًا رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « لقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ، في شَجَرَةٍ قَطَعَها مِن ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ » . أخرجه مسلم

    وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ : « المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلِمُه ولا يُسلِمُه مَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه ومَن فرَّج عن مسلمٍ كُربةً فرَّج اللهُ بها عنه كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ ومَن ستَر مسلمًا ستَره اللهُ يومَ القيامةِ» . متفق عليه

    وعن صفوان بن سليم رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوْ: كالَّذِي يَصُومُ النَّهارَ ويقومُ اللَّيْلَ». متفق عليه

    كما أوصانا النبي ﷺ بإعانة ذوي الاحتياجات الخاصة ، وأن ذلك من أفضل الأعمال ، كما أن كف الشر عن الناس درجة عليا من درجات العمل التطوعي.

    فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال : « الإيمان بالله والجهاد في سبيله» . قلت : أي الرقاب أفضل ؟ قال : « أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً» . قال قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : « تعين صانعاً أو تصنع لأخرق» ، قال : قلت يا رسول الله إن ضعفت عن بعض العمل ؟ قال : « تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك » .

    فوائد العمل التطوعي


    • تغيير حياة المتطوع، حيث يقوم بتكوين معارف وصداقات كبيرة، من خلال الإختلاط بالكثير من فئات المجتمع.

    • يعزز الشعور بالراحة النفسية للمتطوع، يجعاه يشعر بالرضا ، لأنه يقوم بمساعدة الآخرين وإسعادهم .

    • يقوي العمل التطوعي الخبرات الشخصية، حيث يجعل العمل التطوعي المتطوع يحتك بالعديد من الثقافات والجنسيات ومختلف طوائف المجتمع.

    • الحصول على الأجر والثواب من الله عز وجل، حيث أنه من فعل الخيرات.

    • ملئ أوقات الفراغ لدى المتطوعين، فيستغلون وقت الفراغ في أعمال نافعة لهم وللمجتمع ككل.

    • يضفي السعادة والبهجة على قلوب المحتاجين والفقراء والمستحقين للمساعدات.

    • العمل التطوعي يجعل المتطوع يتعلم كيفية العمل بروح الفريق، وكيفية العمل الجماعي والاستفادة من الطاقات المختلفة.

    • العمل التطوعي يزيد من التكاتف بين أفراد المجتمع، ويقوي العلاقات الإنسانية.


    في النهاية، لو أن المسلمين اليوم عرفوا قيمة العمل التطوعي في الإسلام ، والقيام به خير قيام كما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله عليه السلام لتحققت السعادة والسكينة والطمأنينة للفرد والمجتمع .

    لا تنس ذكر الله
    سبحان الله
    0 / 100

    إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية