حكم الاحتفال بعيد الأم
بر الوالدين في الإسلام
إن بر الوالدين من أفضل الأعمال عند الله تعالى، ولقد أوصى جل وعلا بالإحسان إلى الوالدين فقال سبحانه : ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾[الإسراء : ٢٣]كما أوصى النبي ﷺ ببر الوالدين في أحاديث كثيرة، خص في بعضها الأم، فعنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : " وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : " ارْجِعْ ، فَبَرَّهَا " ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : " وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ " ، قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا " ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، قَالَ : " وَيْحَكَ ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ " ، قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ "». رواه ماجه وصححه الألباني
حكم الإحتفال بيوم الأم
لم يرد أن النبي ﷺ احتفل بمثل هذا اليوم، ولم نسمع أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو حتى الصالحين خصص يوماً يحتفل فيه بالأم، بل إن النبي ﷺ شرع لأمته عيدين بالإضافة إلى عيد الأسبوع "يوم الجمعة" ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « قدمَ رسولُ اللَّهِ ﷺ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما، فقالَ: ما هذانِ اليومانِ؟ قالوا: كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: "إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ». رواه أبو داود وصححه الألبانيإذا فإن الاحتفال بعيد الأم بدعة مردودة في الشريعة الإسلامية، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّه ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ » .رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
وعن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه قال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ووعَظَنَا رسولُ اللهَ ﷺ مَوعِظةً بلِيغةً ، ذَرَفَتْ مِنها العُيُونُ ، ووَجَلَتْ مِنْها القُلُوبُ ، فقال قائِلٌ : يا رسولَ اللهِ كأنَّها مَوعِظةُ مُودِّعٍ ، فأَوصِنَا ! فقال : « أُوصِيكُم بتقْوَى اللهِ ، والسَّمْعِ والطاعةِ ، وإنْ كان عبدًا حَبَشِيًّا ؛ فإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكُم بَعدِي ، فَسَيَرَى اخْتِلافًا كثِيرًا ، فعليكُم بِسُنَّتِي ، وسُنةِ الخُلفاءِ الراشِدينَ المهدِيِّينَ ؛ تَمسَّكُوا بِها ، وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ ، وإيَّاكُم ومُحدَثاتِ الأُمُورِ ؛ فإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بِدْعةٌ ، وكُلَّ بِدْعةٍ ضَلالةٌ ».رواه أبو داود وصححه الألباني
وتزيد حرمة الاحتفال بما يسمى عيد الأم لما في ذلك من التشبه بالكفار، فعَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » رواه أحمد وصححه الألباني
وكان يحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بهم، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، قَالَ: فَمَنْ » رواه البخاري يقصد فمن يكون غير هؤلاء.
الإحتفال بعيد الأم ليس فيه بر
أن الاحتفال بعيد الأم ليس فيه بر، إذ على المسلم أن يبر والديه في كل وقت وفي كل حين حتى بعد موتهم، وليس في يوم واحد من أوقات السنة فقط. يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله: «عيد الأم اختراع الغرب، فَقَلَّدناهُم في ذلك تقليداً أعمى، ولم نُفكِّر في الأسباب التي جعلت الغرب يبتكر عيد الأم، فالمُفكِّرُون الأوربيون وَجَدُوا الأبناء يَنْسَوْن أُمهاتهم ولا يُؤدُّون الرعاية الكاملة لَهُنْ فأرادوا أن يجعلوا يوماً في السَنَة لِيًذكِّرَوا الأبناء بِأُمهاتهم. أمَّا عندنا فَعيد الأُم في كل لحظة من لحظات الحياة, فالإنسان مِنَّا ساعة خُرُوجِه من البيت يُقبِّل يد أُمه , ويطلب دُعاءهَا , ويزورها بالهدايا دائماً , إذاً ليس هُناك ضَرُورة لِهذا العيد عندنا ».لذا على المسلم أن يفرح بأمه كل يوم ، ويبذل كل ما يملك في سبيل إسعادها ، من سلام وسؤال وزيارة وهدية وحفاوة وطلاقة وجه ، وكلام طيب ، وقضاء حاجاتها والإنفاق عليها بالمعروف، ومصاحبتها والدعاء لها في حياتها ، وبعد مماتها الإحسان إليها بالصدقة والدعاء وبر أحبابها. ومن أراد أن يكرم أمه ويشكرها ويهدي إليها هدية فليفعل في أي وقت من السنة وليس هناك داع للتقيد بيوم معين لأننا كمسلمين لدينا عناية طيبة ببر الأم والأب وصلة الأسرة طيلة السنة.
لا تنس ذكر الله
لا حول ولا قوة إلا بالله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: أحكام شرعية الأسرة المسلمة