أسباب حسن الخاتمة
المقصود بحسن الخاتمة
إن حسن الخاتمة هاجس لكل مسلم يتمنى ويسأل ربه أن يحسن خاتمته، أن يثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، روى الإمام أحمد في مسنده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحب الله عبدا استعمله" قالوا: يا رسول الله كيف يستعمله؟ قال: "يوفقه لعمل صالح قبل الموت"، وروى الإمام أحمد أيضا وصححه الألباني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أحب الله عبدا عسَّله" قالوا: ما عسَّله؟ قال: "يفتح الله عليه عملا صالحا ثم يقبضه عليه".
لحظات الاحتضار وأحوال المحتضرين
إن ساعة الاحتضار ساعة رهيبة، يتمنى الإنسان أن يثبته الله فيها، ويظن أحد أنها سهلة، وأنه يستطيع أن يتكلم بما يريد، فكم من محتضر حضر عنده الناس وقالوا: قل: "لا إله إلا الله"، ولم يستطع أن ينطق بهذه الكلمة، بل ربما تكلم بكلام محرم، وتكلم بكلام يغضب الله، وتكلم بأفعال كان يفعلها في هذه الدنيا، يتكلم بأقوال كان يتفوه بها في هذه الدنيا: فما هي الأسباب التي تساعد على حسن الختام؟
بعض أسباب حسن الخاتمة
- الإيمان بالله -جل وعلا-، قال سبحانه: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: 27] فيثبت الله أولياءه، يثبت عباده المؤمنين عند ساعة الاحتضار، ويثبت أولياءه في القبر عندما يسألون، ويثبتهم ربهم عندما يقومون من قبورهم.
- الاستقامة على طاعة الله، الاستقامة على أمر الله وعلى أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾ [فصلت: 30 - 31].
من أحب لقاء الله؛ كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" قالت عائشة: يا رسول الله أكراهية الموت فكلنا نكره الموت؟ قال: "لا، ولكن المؤمن إذا حضره الموت وبُشر برحمة الله ورضوانه وجنته تمنى لقاء الله، أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه".
كم من شخص من الصالحين عند ساعة الاحتضار يبتسم وينظر إلى النعيم ويريد أن يتناول شيئا بيده من نعيم الجنة ويقول لمن حوله: أما ترون إلى ما أرى؟ نزلت إليه ملائكة الرحمة، نزل إليه ملائكة بيض الوجوه معهم كفن من أكفان الجنة، يراهم ويبشرونه بروح وريحان ورب راض غير غضبان؟ - المحافظة على الصلوات، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري: "من صلى البردين دخل الجنة" (والبردان هما: صلاة الفجر وصلاة العصر)، فمن حافظ على صلاة الفجر وعلى صلاة العصر فإنه سيحافظ على بقية الصلاة ويموت بين عبادتين، ربما يموت بعد أداء العبادة مباشرة، كم من شخص لقي ربه وهو ساجد بين يديه؟ كم من شخص فاضت روحه وهو منكسر بين يدي خالقه مقبل على الله بقلبه ومقبل على الله ببدنه؟ ومن مات على شيء بُعث عليه يوم القيامة على تلك الحالة والأعمال بالخواتيم، فالمحافظة على الصلاة من أسباب حسن الختام.
- إحسان الظن بالله مع العمل الصالح: "أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن بي خيرا فله" من صلى وصام وتصدق وحج وبر والديه، ودعا ربه، وتضرع إليه يحسن الظن بخالقه؛ لأنه سيحسن خاتمته وثبته ربه.
- كثرة ذكر الله، فغالبا -يا عباد الله- أن الإنسان عند ساعة الاحتضار يكثر مما كان يكثر منه، أو ينطق بما كان يكثر منه في حياة الدنيا.
وذكر الله يجلب السكينة والطمأنينة، يجلب الراحة، فالذي يذكر ربه، ويكثر من ذلك يثبته الله، وينطق بشهادة التوحيد عند ساعة الاحتضار، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة". - صنائع المعروف، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء".
نعم، فالإحسان إلى الخلق ، بأنواعه من أسباب حسن الخاتمة، يحسن المسلم التعامل مع إخوانه المسلمين بالابتسامة الطيبة، وبتفريج الكربات، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. - الإكثار من الصالحات، ومن أكثر من شيء خُتم له به -يا عباد الله- يجتهد المسلم في العبادات بأنواعها حتى يختم له على طاعة من الطاعات.
- البعد عن معصية الله، فكم من شخص تعلق قلبه بكبيرة من الكبائر واستمر عليها وتساهل بها وأدت به -والعياذ بالله- لسوء الخاتمة.
كم من شخص نصحه الناصحون وتكلم معه المحبون المشفقون، وأصر على معصيته وكبيرته، فأدت به -والعياذ بالله- إلى سوء الخاتمة -نسأل الله السلامة والعفو والعافية-. - أن يكثر المسلم من ذكر الموت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا من ذكر هادم اللذات"، فإذا أكثر المسلم من ذكر الموت استعد بالتوبة الصادقة، وشمر عن ساعد الجد بالأعمال الصالحة؛ لأنه يعلم علم اليقين أنه في يوم من الأيام سيفارق الأهل والأحباب سيفارق الدور والقصور والأموال، وسيوضع في حفرة مظلمة لا أنيس فيها ولا جليس إلا ما قدم من الأعمال الصالحة.
- أن يكثر المسلم من الدعاء، يسأل ربه بصدق أن يحسن الله خاتمته، يقول أنس: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قول: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك".
وتقول أم سلمة: "كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك، ثبت قلبي على طاعتك" كم من إنسان سالك ناسك ثم قصر في نهاية المطاف؟
والعبرة ليس في كمال البدايات وإنما العبرة بكمال النهايات: "وإنما الأعمال بالخواتيم" كما جاء في صحيح البخاري. - النية الصدقة، نية المؤمن، ينوي العمل الصالح يكون بينه وبين الله من الأسرار ما لا يعلمه إلا الله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم.
انظروا إلى النية الصادقة كيف بلغت هذا الإنسان هذه المنازل: "من تمنى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" فالنية الصادقة من أسباب حسن الختام.
المصدر :
لا تنس ذكر الله