محتويات المقال
مراعاة مشاعر الناس
دين الإسلام قائم على الأخلاق
إن ديننا الإسلامي الحنيف دين قامت دعائمه الأولى على أساس أخلاقي قويم ؛ بل إن الهدف الأول والأسمى من دعوة النبي ﷺ هو تميم ذلك البنيان ، وترسيخ ذلك الأساس والسمو به إلى ذروة تمامه وكماله , قال ﷺ : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » رواه مالكووصف الله نبيه الكريم بالخلق العظيم فقال : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم:٤]
ولقد جاء الإسلام لإسعاد الناس وصلاحهم, وليس لقهرهم وإكراههم، و المسلم إنسان حساس يراعي مشاعر وأحاسيس جميع الناس, فهو يتمتع بدرجة عالية من الإحساس والتأثر وهو صاحب قلبِ حيّ نابض، وينعكس ذلك كله على سلوكه وتصرفاته.
ولقد وضع الإسلام كثيراً من المبادئ والأسس التي من خلالها تُصان المشاعر وتراعى الأحاسيس، ومن هذه المبادئ:
الالتزام بأدب الحديث
فقد أمر الله تعالى نبيه ﷺ بالرفق واللين في القول فقال سبحانه : ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران : ١٥٩]وأمرنا بذلك فقال : ﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾[البقرة:٨٣]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء».رواه الترمذي
ولقد ضرب النبي ﷺ أروع الأمثلة في حسن مراعاة مشاعر الناس وأحاسيسهم , وروت لنا كتب السنة ولسيرة نماذج رائعة في ذلك منها :
ما رواه ابن عباس عن النبي ﷺ أنه قال :«عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ﷺ وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله ﷺ فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال أنت منهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة».رواه البخاري ومسلم
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : "قِيلَ إِنَّ الرَّجُل الثَّانِي لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقّ تِلْكَ الْمَنْزِلَة وَلَا كَانَ بِصِفَةِ أَهْلهَا بِخِلَافِ عكاشة ، وَقِيلَ : بَلْ كَانَ مُنَافِقًا فَأَجَابَهُ النَّبِيّ ﷺ بِكَلَامٍ مُحْتَمَل ، وَلَمْ يَرَ ﷺ التَّصْرِيح لَهُ بِأَنَّك لَسْت مِنْهُمْ لِمَا كَانَ ﷺ عَلَيْهِ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة " . شرح النووي على مسلم
فقد راعي النبي ﷺ مشاعر الرجل الذي قال له "ادع الله أن يجعلني منهم" ولم يرد أن يجرحه أو يحرجه.
وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي ﷺ فلما رآه قال: «بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة». فلما جلس تطلق النبي ﷺ في وجهه وانبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله ﷺ: «يا عائشة متى عهدتني فحاشا؟ إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره».رواه البخاري
عدم جرح مشاعر المخطئ
إن الاستعجال في إصدار الأحكام على الآخرين أمر ممقوت يعرض صاحبه للزلل والخطأ والوقيعة في الآخرين ، وهو مخالف أيضاً للمنهج الرباني الآمر بالتثبت والتبين والتبصر ، كما أنه بعيد عن منهج الإسلام في العفو عن المسيء وقبول عذر المعتذر .وفي سيرة النبي ﷺ نماذج رائعة تؤكد ذلك منها :
ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: بعثني رسول الله ﷺ أنا والزبير والمقداد، فقال:انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فائتوني به، فخرجنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. قلنا: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي ﷺ فإذا فيه من حاطب بن أبي بلغته إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي ﷺ فقال النبي ﷺ : ما هذا يا حاطب؟ قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ ملصقا من قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم: قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي ﷺ: صدق، فقال عمر: دعني يا رسول الله ﷺ فأضرب عنقه، فقال «إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عوانة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وأبو نعيم معا في الدلائل
فقد أخطأ حاطب بن أبي بلتعة في ظنه إعلام قومه بخبر قدوم النبي ﷺ إليهم لفتح مكة ، وهو خطأ لا يقصد منه صاحبه خيانة الله ورسوله , لكن انظر كيف تعامل النبي ﷺ مع هذا الخطأ الغير مقصود ، فلم يجرح صاحبه ، بل ولم يعنفه . وفي ذلك نزل قوله تعالى : ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة:٢٢]
وفي فتح مكة أيضاً كان سعد بن عبادة قائداً من قواد الجيش فلما نظر إلى مكة وسكانه. وتذكر فإذا هم الذين حاربوا رسول الله ﷺ وضيقوا عليه، وصدوا عنه الناس، وإذا هم الذين قتلوا سمية وياسر، وعذبوا بلالاً وخباباً، كانوا يستحقون التأديب فعلاً، هز سعد الراية، وهو يقول:
اليوم يوم الملحمة
اليوم تستحل الحرمة
سمعته قريش فشق ذلك عليهم ، وكبر في أنفسهم، وخافوا أن يفنيهم بقتالهم، فعارضت امرأة رسول الله ﷺ وهو يسير، فشكت إليه خوفهم من سعد، وقالت:
يا نبي الهدى إليك لجائي
قريش ولات حين لجاء
حين ضاقت عليهم سعة
الأرض وعاداهم إله السماء
إن سعداً يريد قاسمة الظهر
بأهل الحجون والبطحاء
خزرجي لو يستطيع من
الغيظ رمانا بالنسر والعواء
فانهينه إنه الأسد الأسود
والليث والغٌ في الدماء
فلئن أقحم اللواء ونادى
يا حماة اللواء أهل اللواء
لتكونن بالطباع قريش
بقعة القاع في أكف الإماء
إنه مصلت يريد لها القتل
صموت كالحية الصماء
فلما سمع رسول الله ﷺ هذا الشعر، دخله رحمة ورأفة بهم، وأحب ألا يخيبها إذ رغبت إليه ، وأحب ألا يغضب سعداً بأخذ الراية منه بعد أن شرفه بها، فأمر سعداً فناول الراية لابنه قيس بن سعد، فدخل بها مكة، وأبوه سعد يمشي يجانبه، فرفضت المرأة وقريش لما رأت يد سعد خالية من الراية، ولم يغضب سعد لأنه بقي قائداً لكنه أريح من عناء حمل الراية وحملها عنه ابنه . كتاب استمتع بحياتك ص ٦١.
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه ، فقال النبي ﷺ : « دعوه وأريقوا على بوله سجلا ( دلوا ) من ماء ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ».
أمر النبي ﷺ أصحابه بترك هذا الأعرابي الجاهل حتى ينتهي من بوله ، فلما انتهي أمر أن يراق على بوله ذنوبا من ماء فزالت المفسدة . ثم دعا الرسول ﷺ ، الأعرابي فقال : «إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر إنما هي للصلاة وقراءة القرآن » . رواه البخاري
كما روى معاوية بن الحكم السلمي فقال : "بينما أنا أصلي مع رسول الله ﷺ إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلى ؟ فـجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني سكت ، فلما صلى ، ﷺ ، فبأبي هو وأمي ، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فو الله ما كرهني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال : إن هذه الصلاة لا يصح فيهما شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن .رواه مسلم
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً ».
وها هو الإمام الشافعي رحمه الله حين مرض وأتاه بعض إخوانه يعوده، فقال للشافعي: قوى لله ضعفك، قال الشافعي: لو قوى ضعفي لقتلني ، قال: والله ما أردت إلا الخير. فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.فهكذا تكون الأخوة الحقيقية إحسان الظن بالإخوان حتى فيما يظهر أنه لا يحتمل وجها من أوجه الخير.
فالمخطئ قبل أن نعاتبه أو نحاسبه لا بد أن نتفهم سبب الخطأ, ونلتمس له الأعذار وفي كل ذلك لا بد أن تحترم مشاعره حتى لا يعاند ويصبح الخطأ خطأين.
سَامِحْ أَخَـاكَ إِذَا وَافَاكَ بِالْغَلَــطِ
وَاتْرُكْ هَوَى الْقَلْبِ لا يُدْهِيْكَ بِالشَّطَطِ
فكم صَدِيْقٍ وفيٍّ مُخْـلِصٍ لَبِــقٍ
أَضْحَى عَدُوًّا بِـــمَا لاقَاهُ مِنْ فُرُطِ
فَلَيْسَ فِي النَّاسِ مَعْصُوْمٌ سِوَى رُسُل
اللهُ مِـنْ دَوَّامَـةِ السَّقَـطِ
أَلَسْتَ تَرْجُـوْ مِنَ الرَّحْمَنِ مَغْفِـرَةً
الزِّحَـامِ فَسَامِحْ تَنْجُ مِنْ سَخَـطِ
معرفة أدب التناصح
من أخلاق المؤمن أن يكون مرآة لأخيه ، إن رأى خيراً شجَّعه على الخير، ورغَّبه فيه، وحثه على الاستمرار عليه، وإن رأى خللاً، أو خطأً، أو نقصاً، سعى في سده وجبره فقد قال تعالى في محكم تنزيله ﴿ وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لوفى خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ﴾[العصر:١-٣]والمنصوح امرؤ يحتاج إلى جبر نقص وتكميله، ولا يسلم المرء بذلك من حظ نفسه إلا لحظة خلوة وصفاء، وهذه اللحظة تكون عند المسارة في السر، وعندها تؤتي النصيحة ثمرتها، ولا يكون الناصح عوناً للشيطان على أخيه، فإن الناصح في ملأٍ يعين الشيطان على صاحبه، ويوقظ في نفسه مداخل الشيطان، ويغلق أبواب الخير، وتضعف قابلية الانتفاع بالنصح عنده.
قال أحد الدعاة: « لتكن نصيحتك لأخيك تلميحاً لا تصريحاً وتصحيحاً لا تجريحا » .
وقال الإمام الشافعي : « من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه ». وأنشد رحمه الله :
تعمدني بنصحك في انفـرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نـوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولـي
فلا تجزع إذا لم تعط طاعـه
أدب التغافل
هناك ما يسمى بأدب التغافل أو الإغضاء عن هفوات الناس كنوع من مراعاة المشاعر والأحاسيس.وقد نبه الله إليه في كتابه الكريم فقال : ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ﴾[ التحريم:٣]
وقال الحسن : «ما استقصى كريم قط قال الله تعالى عرف بعضه وأعرض عن بعض».تفسير القرطبي جزء ١٨ ص ١٨٨
ذكر ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال : « إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد». تاريخ مدينة دمشق ج:٤٠ ص:٤٠١
وقال أبو علي الدقاق: جاءت امرأة فسألت حاتماً عن مسألة ، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت ،فقال حاتم : ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك ، وقالت : إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم الأصم. ابن القيم : مدارج السالكين ج ٢ ص ٣٤٤
ولقد دخل رجل على الأمير المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلمه في حاجة له، ووضع نصل سيفه على الأرض فجاء على أُصبع رجلِ الأمير، وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النصلُ أُصبعه، والرجل لا يشعر، والأمير لا يظهر ما أصابه وجلساء الأمير لا يتكلمون هيبة له، فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه وغسله، فقيل له: ألا نحَّيت رجلك أصلحك الله، أو أمرت الرجل برفع سيفه عنها؟ فقال: خشيت أن أقطع عنه حاجته.
أدب المناجاة
قال تعالى : ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة:١٠] .وعَنْ عَبْدِ اللّهِ بن مسعود . قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ: « إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ. حَتّىَ تَخْتَلِطُوا بِالنّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يحْزِنَهُ» رواه مسلم
قال الخطابي : وإنما قال ليحزنه لأنه قد يتوهم أن نجواهما إنما هي سوء رأيهما فيه أو لدسيسة غائلة له.
أدب الاستئذان
قال تعالى : ﴿فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [النور:٢٨]عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ : « إذا أستأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع » متفق عليه
فمن استأذن على الناس ثلاثاً ولم يؤذن له فعليه بالرجوع ولا يصر على الدخول ؛ لأن في ذلك إيذاء لمشاعر الآخرين ، وقد تؤذى مشاعره كذلك .
عدم سب الأموات
نهى الإسلام عن سب الأموات لان في سبابهم إيذاء لمشاعر الأحياء ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ :«لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» رواه البخاريوروت كتب السيرة أن النبي ﷺ قال لأصحابه: «يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبُّوا أباه، فإن سب الميت يؤذى الحي، ولا يبلغ الميت».الواقدي وابن عساكر
مراعاة مشاعر الضعفاء والمرضى وذوي الحاجات
إذا كان كل إنسان يحتاج إلى من يراعي مشاعره وأحاسيسه فإن أحاسيس ومشاعر المرضى والضعفاء وذوي الأعذار والحاجات أولى بالمراعاة والتقدير .روى جابرٍ رضي الله عنه قال : كانَ معاذٌ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤمُ قومَه ، فصلّى ليلةً معَ النبي ﷺ العشاءَ ثم أتى قومَه فأمَّهم فافْتَتَحَ بسورةِ البقرةِ فانْحَرَفَ رجلٌ مسلمٌ ثم صلّى وحدَه وانصَرَفَ ، فقالوا له : أنافَقْتَ يا فلانُ ؟ قال : لا واللهِ ولآتِيَنَّ رسولَ الله ﷺ فلأُخْبِرَنَّه ، فأتى رسولَ الله ﷺ فقال : يا رسولَ الله ، إنا أصحابُ نواضحَ نعملُ بالنهارِ ، وإنَّ معاذاً صلى معكَ العشاءَ ثم أتى فافتَتَح بسورةِ البقرةِ ، فأقبَلَ رسولُ الله ﷺ فقال : « يا معاذُ أفتّانٌ أنتَ ؟ اقرأ بكذا واقرأ بكذا »رواه مسلم
وعن عثمانَ بنِ أبي العاصِ أن النبي ﷺ قال : « أُمَّ قومَكَ ، فمنْ أمَّ قومَه فليُخَفَّفْ فإن فيهم الكبيرَ وإن فيهم المريضَ وإن فيهم الضعيفَ وإن فيهم ذا الحاجة ، وإذا صلى أحدُكم وحدَه فليُصَلِّ كيفَ شاءَ » رواه مسلم
إن مراعاة مشاعر الناس وأحاسيسهم مما يزيد في الود ويؤلف بين القلوب ، فقد لا ينسى أحدنا موقفاً لشخص ما راعى فيه مشاعره وشاركه أحاسيسه .
فحينما تخلف كعب بن مالك عن غزوة " تبوك " ثم تاب الله عليه ، وآذن رسول الله ﷺ بتوبة الله عليه وعلى من معه حين صلى الفجر ، يقول كعب : " فتلقاني الناس فوجاً فوجاً يهنؤوني بالتوبة يقولون لتهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد ، فإذا برسول الله ﷺ حوله الناس ، فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني ، والله ما قام رجل إلي من المهاجرين غيره ، لا أنساها لطلحة ".
وعن قيس : سمعت جرير بن عبد الله يقول : ما رآني رسول الله ﷺ إلا تبسم في وجهي ، وقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة ملك سوار بن مصعب ، عن مجالد ، عن الشعبي . عن عدي بن حاتم ، قال : لما دخل ، يعني جريرا ، على النبي ﷺ ألقى له وسادة ، فجلس على الأرض . فقال النبي ﷺ : «أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا . فأسلم . ثم قال النبي ﷺ : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه». رواه الحاكم في المستدرك
إن صاحب الإحساس والتأثر يراعي مشاعر إخوانه، ويحترمها، ويحذر أن يمسها بسوء. يروى أن أبا سفيان ـ في هدنة صلح الحديبية ـ قبل إسلامه، مر على سلمان وصهيب وبلال، فأرادوا أن يسمعوه قولاً يغيظه، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. فاستنكر عليهم أبو بكر ما قالوا، وقال لهم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ وذهب أبو بكر فأخبر النبي ﷺ بما جرى، فكان أول أمر أهم رسول الله ﷺ أن تساءل عن مشاعرهم تجاه ما صدر من أبي بكر، فقال له: يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم، لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر يسترضيهم، ويستعطفهم، قائلاً: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا . يغفر الله لك .صحيح مسلم
ولقد كان من دعاء النبي ﷺ : « اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم » أخرجه الترمذي والبخاري
لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: مواضيع دينية منوعة