التبغ والتدخين ورسائل حوله

التبغ والتدخين ورسائل حوله

خطبة حول التبغ والتدخين ورسائل حوله


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا..

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

أما بعد..
أيها المؤمنون..
حديثُنا اليومَ.. عَنْ بَلاءٍ يَتَعَاطَاهُ كثيرٌ مِنَ الناس، حتَّى أَدمَنُوه.

وَقَد ذَكَرَتْ مُنَظَّمةُ الصِّحةِ العالميةِ: أنَّ الوَفِيِّاتِ النَّاجِمَةِ عَن هذا البلاءِ، تزيدُ عن سَبعَةِ ملايينَ شَخصٍ سَنَوِيًا.

وبِحَسبِ مَوقِعِ وَزَارةِ الصِّحَّةِ في المملكة:


أنَّ هذا البلاءَ يقتُلُ في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ما يُقاربُ سبعينَ ألفَ شخصٍ سنويًا.

أيها المؤمنون:


إنَّ البلاءَ الذي نتحدَّثُ عنه، هو: تعاطي مُنتجاتِ التَّبِغ، وعلى رأسِها: الدُّخانُ والشيشةُ والسجائرُ الالكترونية وغيرِها، عافانا اللهُ وإياكُم والمسلمين مِن شرِّها.

فمِن أضرار الدخان ومنتجاتِ التَّبِغِ -بحسبِ موقعِ وزارةِ الصحةِ-:

  • أنَّهُ يُسَبِّبُ أغلبَ الوفيَّاتِ الناجمةِ عنِ الانسدادِ الرِّئَوِيِّ المُزمِنِ.
  • أنَّهُ يَزيدُ العُرضةَ للإصابةِ بِدَاءِ السُّكَّريِّ مِن النوعِ الثاني.
  • أنَّهُ يُعجِّلُ ظهورَ التَّجَاعِيدِ وشيخوخةِ البَشرة.
  • يُسبّبُ سرطاناتٍ كثيرةٍ: في المَرِيءِ، والحُنْجرَةِ، والفَمِ، والبِنْكِريَاسِ، والمَعِدَةِ، والكِلْيَة، وعُنُقِ الرَّحِمِ للنساءِ وغيرها.
  • يُسبِّبُ التدخينُ ضِيقَ المَجاري التَّنَفُّسِيَّةِ، وضيقَ الشَّرَايِينِ والأَوْرِدَةِ، ويُسبِّبُ الجَلطَةَ القَلبِيَّة، والتهابَ القَصَبَاتِ الهَوَائِيَّةِ،
  • يُسبِّبُ التدخينُ تساقُطَ الأسنانِ، ويُسبِّبُ العُقمَ عند المرأةِ.. وغيرَهَا مِنَ الأمراضِ الكثيرة.. حَفِظَنَا اللهُ وإياكم والمسلمين.
  • وأَضِفْ إلى كلِّ ما سَبَقَ، أنَّ المُدَخِّنَ لا يَقتَصِرُ ضَرَرُه على نَفسِهِ، بَلْ يَضرُّ مَنْ حَوْلَهُ مِنْ زَوجَةٍ، وأولادٍ، وزملاءَ مِمَّن يستنشِقونَ الدخان.

عبادَ الله..
وبعدَ كلِّ هَذهِ الأضرار..

هل يظنُّ أحدٌ أنَّ الإسلامَ يُبيحُ التدخين؟

لقد جاءَ الإسلامُ بتحريمِ كلِّ ضارٍّ بِصِحَّةِ الإنسانِ، قال اللهُ تعالى عن نبيِّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال أيضًا ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [المائدة: 4]، وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ".

فهذه أدِلَّةٌ واضِحةٌ بيِّنَةٌ على تحريمِ الدُّخانِ والشيشةِ ونحوهما ممَّا يضُرُّ بالإنسان.

كما أنَّ صحةَ الإنسانِ نِعمةٌ تستوجبُ شُكْرَ اللهِ عليها،

ومِنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعمَةِ: المُحافَظَةُ عليها، وتَسخِيرِهَا في نَفعِ النَّفْسِ والنَّاسِ، وألَّا تُستَعملَ في مَعصِيةِ اللهِ تعالى، يقولُ اللهُ تعالى ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

أيها المؤمنون..

أَمَا وَقَدْ عَلِمْنَا أنَّ التَّدخينَ والشيشةَ وأخواتِهَا مِنَ المُحرَّماتِ التي يأثَمُ مَن يَتَعَاطَاهَا؛ فإنَّنا نُوَجِّهُ رسائِلَ مُوجزةً لفِئَاتٍ مِنَ الناسِ:

فالرسالةُ الأولى: لِمَن اِبتَلَاهُ اللهُ بالتدَّخِين:

نقولُ له: اِستَعِن باللهِ، وَأَرِ اللهَ صِدقَكَ، وأَقلِع عنهُ ابتغاءً لمرضَاةِ اللهِ أولًا، ثُمَّ حِرصًا على صِحَّتِكَ ومَالِكَ وغَيرِ ذَلِكَ مِنَ المنافعِ الدُّنيَوِيَّة.

وعليكَ بِفِعلِ الأسباب؛ فوزارةُ الصِّحَّةِ -جزاهمُ اللهُ خيرًا- يُقّدِّمونَ عِيادَاتٍ وعِلاجاتٍ مجانيةً لِمَن يُرِيدُ الإقلاعَ عَنِ التدخينِ؛ فبادِر بالتواصُلِ مَعَهُم، واعمَلْ بِتَوصِيَاتِهم.

ثمَّ تَجَنَّب الأسبابَ التي تُعيدُكَ لِهذا البَلَاءِ؛ وابتَعِد عَن كُلِّ ما يُذَكِّرُكَ بِالدُّخَانِ، مِنْ أصحابٍ واجتماعاتٍ وغيرِها.

واشغَلْ نفسَكَ بأنشِطَةٍ مفيدةٍ كالرياضةِ وغَيرِها في أماكنَ خاليةٍ مِنَ التدخينِ والمدخِّنِين.

وأَخبِر مَنْ حَوْلَكَ مِمَّن يُحِبُّكَ أَنَّكَ اتَّخَذْتَ هذا القَرَار؛ واطلُب منهم أن يُعِينُوكَ على ذَلِكَ ويُشَجِّعُوك.

ثمَّ اعلَمْ أنَّ تَركَ الدُّخانِ ليسَ بالسَّهلِ، كما أنَّه ليس بالمُستَحِيلِ، بَلْ هُوَ مُمكِنٌ ويحتاجُ لعزيمةٍ وصِدق.

وتَذَكَّر -يارعاكَ الله- قولَ ربِّكَ: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69] فإِنْ جَاهَدتَ نَفسَكَ للهِ؛ هداكَ اللهُ وأعَانَك.. وَمَنْ أَصَدَقُ مِنَ الله قِيلًا؟ ومَن أصدقُ مِنَ اللهِ حَديثًا؟!

نسألُ اللهَ تعالى أن يُعافيَ مَن ابتُليَ بهذا البلاء، وأن يوفِّقَهُم للإقلاعِ عنهُ.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...


الخطبة الثانية

الحمد للهِ وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..

أما بعدُ:

أيها المسلمون..

الرسالةُ الثانيةُ:

لأقاربِ المدَخِّنِ وأصدقائِهِ:
اِعلَمُوا -وفقكم الله- أنَّ صاحِبَكُم ومَنْ تُحِبُّونَهُ يَحتاجُ لإعانَتِكُم لِيَترُكَ ما ابتُليَ بِه؛ فَانْصَحُوهُ باللِّينِ، وبَيِّنُوا لَهُ بِالبَرَاهين، وحَفِّزُوهُ بِأنواعِ الحوافِزِ؛ لعلَّ اللهَ أنْ يَجْعَلَكُم سَبَبًا لتَركِهِ لِهذِه المعصيةِ الضَّارَّةِ لهُ في دينِهِ ودُنياه.


أمَّا الرسالةُ الثالثةُ:

فهيَ لمِن يبيعُ ويُسَوِّقُ للدُّخَانِ والشِّيشَةِ، أو يُؤجِّرُ المحَّلاتِ لهم:

نقول لَهُم ولِغَيرِهِم مِمَّن يُسَاهِمُ في الحرام: اِتَّقوا اللهَ وخَافُوا، واطلُبُوا الرِّزقَ مِن أبْوَابِهِ الحَلال..

وتَذَكَّرُوا أنَّ مَنْ يَكُون سَبَبًا في الخيرِ فَلَهُ مِثلُ أجرِ فاعِلِه، ومَنْ يَكون سببًا في الشرِّ والمُنكَرِ؛ فَعليهِ مِثلُ إِثمِ مَنْ فَعَلَه، والعياذُ بالله.

عبادَ اللهِ..

الرسالةُ الرابعةُ والأخيرة: لِــمَن عَافَاهُمُ اللهُ مِن هَذا البلاء:

نقولُ لَهُم: اِحمَدوا اللهَ واشكُروه، وَعَلِّموا أولادَكُم وأَهلِيكُم الأضرارَ الدينيَّةِ والدُّنيَوِيَّةِ للدُّخانِ والشِّيشَةِ ونحوِهِمَا.

وأخبِروهُم بالأسبابِ والدَّوَاعِي، التي أدَّتْ إلى وُقُوعِ كثيرٍ مِنَ المُدَخِّنِينَ في هذا البلاء، ومِن أَبرزِها:

ضَغْطُ الأصدقاءِ والأقرانِ، وإحراجُهُم وتزيينُهُم لصاحِبِهِم حتى يَقَعَ فيما وَقَعُوا فيه..

ومنها: الانخداعُ بِما يُشاهِدُونَهُ في الأفلام والإعلاناتِ، وما فِيهَا مِنْ رَسائِلَ فَحوَاهَا: أنَّ التدخينَ جالبٌ لراحةِ البالِ، والهُدُوءِ والاسترخاءِ، وأنَّهُ سببٌ للقُوَّةِ والبُطولةِ ونحوِ ذلك.

نسألُ اللهَ تعالى أن يحفظَ المسلمينَ والمسلماتِ مِن كلِّ شرِّ يَضُرُّهُم في دينِهِم أو دُنياهُم أو آخرتِهِم.

ثم صلُّوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه..

لا تنس ذكر الله
لا حول ولا قوة إلا بالله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية