العشر من ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها

العشر من ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها

العشر من ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها


حث النبي المسلمين على اغتنام الأيام الفاضلة


نحن على أبواب العشر المباركة من ذي الحجة، ولقد حثنا الحبيبُ صلوات الله عليه على اغتنام الأيامِ الفاضلةِ والساعاتِ المباركة، فاللهُ خلقَ الأزمانَ، وجعل بعضَها أعظمَ بركةٍ من بعض، وميَّز بعضَها بمزيد محبة منه سبحانه للعمل الصالح فيها، ومما يدل على فضل هذه العشر أن اللهَ تعالى أقسم بها، فقال: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، فالقَسَم بها يدل على رِفعة مكانتها وتعظيمِ الله لها[3].

فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة


ومن فضائلها: أن الله تعالى أكمل لنا فيها دينه، وحصَّنَ فيها رسالته، وقد حسدنا اليهودُ على هذا الكمال؛ حتى قال حبرُ من أحبارهم لعمرَ رضي الله عنه: "آيةٌ في كتابكم، لو نَزَلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قال عمر: (وَاللَّهِ لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالسَّاعَةَ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَزَلَتْ عَشية عَرَفَة، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ)

ومن فضائل هذه العشر: أنه يجتمع فيها من العبادات ما لا يجتمع في غيرها، وهذا من كمالها وخصوصيتها، فتجتمع فيها الصلوات والصدقات والصيام، والهدي والأضاحي، وفيها الحج إلى البيت الحرام، وفيها التكبير والذكر والتلبية والدعاء.

ومن فضائلها: أن محبةَ اللهِ تعالى للعمل الصالح فيها تفوقُ محبتهُ سبحانه للعمل الصالح في غيرها، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ من ذي الحجة"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: "وَلَا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللهِ, إِلَّا مَنْ عَفَّرَ وَجَهَهُ فِي التُّرَابِ».أي: جاهد في سبيل الله ولم يرجع.

ومن فضائلها: أن فيها يومَ عرفة، وهو اليومُ التاسعُ من ذي الحجة، وهو يوم معروف بالفضل وكثرة الأجر وغفران الذنب؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ.. »

ومن فضائلها: أن فيها يومَ النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو أعظم الأيام؛ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ»، ويوم النحر هو يوم الحج الأكبر، وهو اليوم الأول من العيد، وفيه الكثير من أعمال الحج، وفيه صلاة العيد، وفيه التقرب لله بذبح الأضاحي، أما يومُ "الْقَرِّ"، فهو اليَوْمَ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، ثاني أيام العيد، وسُمي بذلك؛ لأن الناس يقِرون أي يستقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا.

اعمال مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة


ان فضائل العشر كثيرة، لذا ينبغي أن نغتنمَها، وأن نسابق إلى الخيرات فيها، فطوبى لعبدٍ اغتنم مواسم الخيرات بالعمل الصالح الذي يقربه إلى ربه ويرفعه به درجات في الجنة، ومن القربات المطلوبة المندوبة في هذه العشر:

الإكثار من الصيام فيها، فقد قال الفقهاء رحمهم الله: يُستحب صوم العشر، ما عدا العاشر منه, وهو يوم النحر الذي هو يوم عيد الأضحى المبارك، فلا يجوز الصيام فيه باتفاق، وصيام العشر يدخل في جملة العمل الصالح الذي حثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المشهورة الصحيحة في قربات العشر، ومنها ما صح عن أم سلمة رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ: أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْخَمِيسَ»، وآكدُ أيامِ العشرِ يومُ التاسع يوم عرفة، فإذا لم تصم يا عبد الله مِن أول ذي الحجة، فاعزم على صوم التاسع، وهو يوم عرفة، يومٌ يكثر فيه عتقُ اللهِ لرقابِ عباده من النار.

كما ينبغي على المسلم أن يكثر من ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، وقراءة القرآن والاستغفار في هذه الأيام لخصوصية الزمان وبركته؛ قال صلى الله عليه وسلم قال: « مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

وعلى المسلم في هذه الأيام المباركة أن يكثر من أعمال الخير التي تنفع الناس، فأحب الخلق إلى الله تعالى أنفعهم للناس؛ قال صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ».

ما أكثرَ أبواب الخير التي ينبغي أن نطرقها في مثل هذه الأيام المباركة، وأفضل العبادات في زمن الفاقات والحاجات والمحن هي: "العبادة التي يتعدَّى نفعها للآخرين"، ترى ألا يستطيع البعض منا أن يرفع همًّا وغمًّا عن أسرة معدمة، فيدفع عنها فاتورة كهرباء أو ماء، أو يدفع قسطًا واحدًا لأولادها في المدارس، ترى أليست هذه أعمالًا ربما تفوق أجر الصائم القائم إن أخلص صاحبها؟! ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ﴾ [الأَنْفَال: 60].

اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، اللهم أجرِ الخير على أيدينا، واجعل لنا سهمَ خير في كل برٍّ ومعروف، لا تدعنا اللهم في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية