الإيمان بالله تعالى

الإيمان بالله تعالى

الإيمان بالله تعالى


أركان الإيمان

كان النبي ﷺ حريصًا على تعليم اتباعه أركان الإيمان ، ولأهمية تعلمها كان الوحي يشارك بنفسه في تعليم اصحاب النبي ﷺ هذه الاركان . فعن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ ﷺ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِى عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ». قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ :« أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ». قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ : « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ : « أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ ». قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِى: « يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ :« فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ».رواه مسلم.
ولما لهذه الأركان من أهمية كبيرة ، سنقف اليوم عند الركن الأول وهو : الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

معنى الإيمان

الإيمان هو الاعتقاد الجازم بان الله رب كل شيء ومليكه وخالقه وانه الذي يستحق وحده ان ينفرد بالعبادة وانه المتصف بصفات الكمال المنزه عن كل نقص.

توحيد الله سبحانه وتعالى

وهذا الايمان يتضمن توحيد الله تعالى بثلاثة امور، هي :
اولا: توحيد الربوبية ، ومعنى توحيد الربوبية الاعتقاد بان الله رب كل شيء لا رب غيره. أي أنه سبحانه وتعالى المتفرد وحده بخلق الخلائق ، وملكهم ، وتدبير شؤونهم، لا يشاركه في ذلك احد . قال تعالى : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ استَوى عَلَى العَرشِ يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ يَطلُبُهُ حَثيثًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمرِهِ أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾ [الأعراف: ٥٤]
ولقد افصح القران الكريم عن هذا النوع من التوحيد افصاحا كبيرا ،فلا تكاد تجد سورة الا واشارت الى خلق الله ، وقدرته ، وتدبيره ، سبحانه وتعالى جل شأنه. ف الله وحده الذي يستحق الربوبية ، وهو الذي خلق ورزق والذي أمات وأحيا والذي ضل وهدى ، حتى أن اهل الكفر والنفاق اعترفوا بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق السماوات والأرض ولكنهم يعبدون غيره استكبارا ، قال تعالى : ﴿وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ لَيَقولُنَّ اللَّهُ قُل أَفَرَأَيتُم ما تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ إِن أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَل هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَو أَرادَني بِرَحمَةٍ هَل هُنَّ مُمسِكاتُ رَحمَتِهِ قُل حَسبِيَ اللَّهُ عَلَيهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلونَ﴾ [الزمر: ٣٨] ولم يخرجهم اعترافهم من دائرة الكفر الى الايمان اذ يقتضي ذلك الايمان بكل انواع التوحيد وليس بعضها ، اذ ان توحيد العبد في ربوبيته لايعني انه يوحده في الوهيته.

ثانيا: توحيد الألوهية ، ومعنى هذا النوع من التوحيد ،الاعتقاد الجازم بان الله تعالى هو الإله الحق ،لا إله غيره ،وإفراده بالعبادة .
فالمؤمن بالالوهية ، يعبد الله وحده ، ويخلص المحبة له ، وكذا الخوف ،والرجاء ،والدعاء ، والتوكل ، والتذلل ،والخضوع ، وكل انواع العبادات.
قال ابن تيمية : (وهذا التوحيد هو الفارق بين الموحدين والمشركين ، وعليه يقع الثواب والجزاء) رسائل الحسنة والسيئة ص261 .
كما أن كلمة التوحيد ( لا اله الا الله) مبنية على توحيد الالوهية وانه الاساس فيها ، مما يدل على انه التوحيد المشتمل لكل انواع التوحيد ، ففيها اولا ، نفي الالوهية ، وثانيا ، اثبات الالوهية ، واشتملت على الحصر ليفيد انه ما من اله الا الله ، كما قرر القران الكريم فقال : ﴿... وَما مِن إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ﴾ [آل عمران: ٦٢]
والتوحيد هو الركن الأول من أركان الإسلام ، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بالعباد ، أن يدخل العصاة النار فيخرج منها حافظ ( لا إله إلا الله ) ، ويسعد بشفاعة نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم قائلها. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « إنَّ اللهَ سَيُخَلِّصُ رجلًا من أُمَّتِي على رُؤُوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ ، فيَنْشُرُ عليه تِسْعَةً وتِسْعِينَ سِجِلًّا ، كلُّ سِجِلٍّ مَدُّ البَصَرِ ، ثم يقولُ له : أَتُنْكِرُ من هذا شيئًا أَظَلَمَتْكَ كَتَبَتِي الحافِظُونَ ؟ قال : لا ، ياربِّ ، فيقولُ : أَلَكَ عُذْرٌ أو حسنةٌ ؟ فيُبْهَتُ الرجلُ ، فيقولُ : لا ياربِّ ، فيقولُ : بلى ، إنَّ لك عندَنا حَسَنةً واحدةً ، لا ظُلْمَ اليومَ عليكَ ، فتُخْرَجُ له بطاقةٌ فيها : أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ ، وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه ، فيقولُ أَحْضِرُوهُ ، فيقول : ياربِّ ، وما هذه البطاقةُ مع هذه السِّجِلَّاتِ ؟ فيُقالُ : إنك لا تُظْلَمُ ، قال : فتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ في كِفَّةٍ ، ( والبطاقةُ في كِفَّةٍ ) قال : فطاشَتِ السِّجِلَّاتُ ، وثَقُلَتِ البطاقةُ ، فلا يَثْقُلُ مع اسمِ اللهِ شئٌ » . رواه ابن حبان وغيره وقال الارنؤوط : إسناده صحيح

ثالثا: توحيد الاسماء والصفات ، وواجب العبد تجاه هذا النوع من التوحيد هو الاعتقاد الجازم الذي لا يقبل اي شك بان الله متصف بجميع صفات الكمال ، منزه عن جميع صفات النقص ، متفرد بذلك عن جميع الكائنات ، واثبات ما اثبته سبحانه لنفسه وما اثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من غير تشبيه بشي من صفات الخلائق ، قال تعالى : ﴿فاطِرُ السَّماواتِ وَالأَرضِ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا وَمِنَ الأَنعامِ أَزواجًا يَذرَؤُكُم فيهِ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصيرُ﴾ [الشورى: ١١] .

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

لا تنس ذكر الله
أستغفر الله العظيم
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية