الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر


الإيمان والكفر باليوم الآخر

إن الإيمان باليوم الآخر هو ركن من أركان الإيمان التي أجاب بها النبي ﷺ جبريل حين سأله عن الإيمان فقال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر».

ولقد قرن تعالى الإيمان به ، بالإيمان باليوم الآخر قال تعالى: ﴿لَيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ وَلكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ...﴾ [البقرة: ١٧٧]
كما قرن الله سبحانه وتعالى الكفر بهذا اليوم بالكفر به ، قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا آمِنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَالكِتابِ الَّذي نَزَّلَ عَلى رَسولِهِ وَالكِتابِ الَّذي أَنزَلَ مِن قَبلُ وَمَن يَكفُر بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالًا بَعيدًا﴾ [النساء: ١٣٦]

كما وصف الله سبحانه وتعالى الذين يؤمنون باليوم الآخر بالمؤمنين ، قال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا وَالنَّصارى وَالصّابِئينَ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ...﴾ [البقرة: ٦٢]
وأكد سبحانه أن هذا اليوم واقع لا محال، وأنه لا مفر منه مهما حاول الإنسان ذلك، فقال تعالى: ﴿فَكَيفَ إِذا جَمَعناهُم لِيَومٍ لا رَيبَ فيهِ وَوُفِّيَت كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمونَ﴾ [آل عمران: ٢٥] وقال أيضاً: ﴿اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ لَيَجمَعَنَّكُم إِلى يَومِ القِيامَةِ لا رَيبَ فيهِ وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَديثًا﴾ [النساء: ٨٧]


يتضمن الإيمان باليوم الآخر ثلاثة أمور

الأول: الإيمان بالبعث: وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة غير منتعلين، عراة غير مستترين، قال الله تعالى: ﴿يَومَ نَطوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلكُتُبِ كَما بَدَأنا أَوَّلَ خَلقٍ نُعيدُهُ وَعدًا عَلَينا إِنّا كُنّا فاعِلينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤]
والبعث حق ثابت دل عليه الكتاب والسنة وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُم يَومَ القِيامَةِ تُبعَثونَ﴾ [المؤمنون: ١٦]
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : « تُحْشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرْلًا قالَتْ عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، الرِّجالُ والنِّساءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ؟ فقالَ: الأمْرُ أشَدُّ مِن أنْ يُهِمَّهُمْ ذاكِ » . متفق عليه.

وأجمع المسلمون على ثبوته، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معادا يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله. قال الله تعالى : ﴿أَفَحَسِبتُم أَنَّما خَلَقناكُم عَبَثًا وَأَنَّكُم إِلَينا لا تُرجَعونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥] وقال لنبيه ﷺ : ﴿إِنَّ الَّذي فَرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُل رَبّي أَعلَمُ مَن جاءَ بِالهُدى وَمَن هُوَ في ضَلالٍ مُبينٍ﴾ [القصص: ٨٥]

الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء: يحاسب العبد على عمله، ويجازى عليه، وقد دل على ذلك الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ إِلَينا إِيابَهُم۝ثُمَّ إِنَّ عَلَينا حِسابَهُم﴾ [الغاشية: ٢٥-٢٦] وقال : ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثالِها وَمَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجزى إِلّا مِثلَها وَهُم لا يُظلَمونَ﴾ [الأنعام: ١٦٠] وقال : ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قال: « إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى أنه قد هلك قال: قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين ». متفق عليه.

وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال، وهو مقتضى الحكمة فإن الله تعالى أنزل الكتب، وأرسل الرسل، وفرض على العباد قبول ما جاءوا به، والعمل بما يجب العمل به منه، وأوجب قتال المعارضين له وأحل دماءهم، وذرياتهم، ونساءهم، وأموالهم. فلو لم يكن حساب، ولا جزاء لكان هذا من العبث الذي ينزه الرب الحكيم عنه.

الثالث: الإيمان بالجنة والنار: وأنهما المآل الأبدي للخلق. فالجنة دار النعيم التي أعدها الله للمؤمنين المتقين الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله، مخلصين لله متبعين لرسوله.
أما النار: فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين الذين كفروا به وعصوا رسله، فيها من أنواع العذاب، والنكال، مالا يخطر على البال. قال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا النّارَ الَّتي أُعِدَّت لِلكافِرينَ﴾ [آل عمران: ١٣١]

الإعداد لليوم الآخر

قال الإمام إبن كثير رحمه الله : « فاليوم الآخر يوم عظيم يجب الإعداد له، وهو يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، لا ينفع فيه حسب فلان، ونسب فلان، ومال فلان، ولكنها الأعمال، كما قال: ﴿وَما أَموالُكُم وَلا أَولادُكُم بِالَّتي تُقَرِّبُكُم عِندَنا زُلفى إِلّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَأُولئِكَ لَهُم جَزاءُ الضِّعفِ بِما عَمِلوا وَهُم فِي الغُرُفاتِ آمِنونَ﴾ [سبأ: ٣٧]
ويقول النبي ﷺ: من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فيوم القيامة يوم الأهوال يوم الشدائد التي لا ينجو منها إلا من آمن بالله واستقام على دينه وقدم حقه على هواه ، قال تعالى : ﴿فَأَمّا مَن طَغى۝وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا۝فَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى۝وَأَمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهَوى۝فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوى﴾ [النازعات: ٣٧-٤١]

حسن الخاتمة

إذا ختم الله للعبد بخاتمة حسنة بالتوحيد الصادق والإيمان الخالص والتوبة النصوح محا الله بها سيئاته وإن كثرت، وثقلت حسناته وخفّ ميزان سيئاته، فمن مات على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صادقًا مخلصًا، قد أحرَقت حسناته سيئاته، ومات على عمل صالح ، ومن مات ولم يتب ، فترجح سيئاته، ويصير إلى النار، ويعذب بسبب موته على سيئاته وأعماله السيئة الخبيثة، لأن المعاصي تنقص التوحيد، وتنقص الإيمان، وتضعفه .

اليوم الآخر ميسّر للمؤمنين

قال الإمام إبن كثير رحمه الله : « فاليوم الآخر له شأن عظيم، وهو عسير على غير المؤمنين، ولكنه ميسر للمؤمنين بحمد الله، هو يوم عسير على الكافرين غير يسير، لكنه على أوليائه وأهل طاعته ميسر لمن استقام على أمر الله وحافظ على حقه واستقام على دينه ومات على ما يرضيه سبحانه وتعالى فالله جل وعلا يسهله عليه، ويثقل ميزاته، ويحاسبه حسابًا يسيًرا، لا يضره، بل مصيره إلى الجنة والسعادة والعافية، ويمر على الصراط كلمح البصر لا يضره حاله في الدنيا بسبب أعماله الصالحة وتوبته الصادقة وأعماله العظيمة التي وفقه الله لها وهداه لها» .

لا تنس ذكر الله
سبحان الله العظيم
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية