المخدرات وأثرها على الفرد والمجتمع

المخدرات وأثرها على الفرد والمجتمع

المخدرات وأثرها على الفرد والمجتمع


حرمة المخدرات أشد من حرمة الخمر


إن عقوبة الجريمة والذنب في الدنيا والآخرة تكون بسبب قبح الجريمة وضررها على فاعلها وعلى المجتمع.. قال الله -تعالى-: ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ﴾ [النحل: 88]، وقال -تعالى-: ﴿.. وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 85]..

ومن الجرائم العظيمة، والكبائر المهلكة والذنوب المفسدة للفرد والمجتمع المخدِّرات والمسْكِرات؛ فما وقع أحد في شباكها إلا دمرته، ولا تعاطاها أحد إلا أفسدته بأنواع الفساد، ولا انتشرت في مجتمع إلا أحاط به الشر كله، ووقع في أنواع من البلاء، وحدثت فيه كبار الذنوب، ووقعت فيه مفاسد يعجِز عن علاجها العقلاء والمصلحون.. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا الخمر؛ فإنها أم الخبائث"، وروى الحاكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر" وقال حديث صحيح، وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: "أوصاني خليلي.. ولا تشرب الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر" رواه ابن ماجه والبيهقي.

والمخدرات أعظم ضرراً من الخمر؛ فهي محرمة أشدَّ التحريم، وأضرار المخدرات ومفاسدها كثيرة؛ منها ما عرفه الناس، ومنها ما لم يُعرف بعد.

والمخدرات - بجميع أنواعها- حرمها الله وحرمها رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ سواء كانت نباتاً، أو حبوباً، أو مطعوماً، أو مشروباً، أو استنشاقاً، أو إبراً..

فالمخدرات بجميع أحوالها شددت الشريعة في الزجر عنها وتحريمها؛ لما فيها من الأضرار والتدمير، ولما فيها من الشر، ولما تُسبِّب لمتعاطيها من تحوله إلى إنسان شرير يُتوقَّع منه الإفساد والجريمة، ولا يُرْجى منه خيرٌ، وقد نادى عقلاء العالم بإنقاذ المجتمعات من وَيْلات المخدرات؛ لما شاهدوا من الكوارث.

من أضرار المخدرات


وضرر المخدرات على متعاطيها وعلى المجتمع ضررها كثير لا يحصر إلا بكلفة؛ فمن أضرارها على متعاطيها: ذَهابُ عقله -والعقل هو ميزة الإنسان عن البهائم-، ومن ذهب عقله أقدم على الجرائم وتخلى عن الفضائل.

ومن أضرارها: تبدُّل طبائع الإنسان ومسخُه إلى شيطان من الشياطين، وتخليه عن صفات الصالحين.

ومن أضرارها: السفه في التصرف؛ فيفعل ما يضره ويترك ما ينفعه.. قد قاده الشيطان إلى كل رذيلة، وأبعده عن كل فضيلة.

ومن أضرارها: فساد التدبير؛ فيفقد الفكر الصحيح والرأي السديد، ويحجب عن عواقب الأمور، ولا ينظر إلا إلى لذة الساعة التي هو فيها؛ وإن كان فيها هلاكُه وضرره وحتفه.

ومن أضرارها: فقدانه للأمانة، وتفريطه فيما يجب حفظه ورعايته؛ فلا يؤمن على مصلحة عامة ولا على أموال ولا على عمل، ولا يؤمن حتى على محارمه وأسرته؛ لأن المخدرات قد أفسدت عليه إنسانيته -والعياذ بالله-.

ومن أضرارها: أن يكون متعاطيها عالةً على المجتمع؛ لا يقدم لمجتمعه خيراً، ولا يفلح فيما يُسْندُ إليه.

ومن أضرارها: أن يكون متعاطيها منبوذا ومكروهاً حتى من أقرب الناس إليه.

ومن أضرارها: تبديده لماله وعدم قدرته على الكسب الشريف فيلجأ إلى كسب المال بطرق إجرامية.. نسأل الله العافية.

ومن أضرارها: تدهورُ الصحة العامة، والوقوعُ في أمراض مستعصية تُسلِم صاحبها إلى الموت.

ومن أضرارها: فقد الرجولة، والميل إلى الفجور من الرجل أو المرأة.

ومن أضرارها: قِصرُ العمر؛ لما تسببه من تدمير لأجهزة البدن، ولما يعتري صاحبَها من الهموم والاكتئاب.

ومن أضرارها: تسلط الشياطين على متعاطيها، وبُعْد ملائكة الرحمة عنه حتى تورده جهنم.. قال الله -تعالى-: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: 36 – 39].

ومن أضرارها: حلولُ اللعنة لمتعاطيها إلا أن يتوب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الخمرَ وشاربها وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومبتاعها".. وفي الحديث: "من شرب حسوة من خمر لم يقبل الله منه ثلاثة أيام صرفاً ولا عدلاً، ومن شرب كأساً لم يقبل الله صلاته أربعين صباحاً، والمدمن الخمر حقٌّ على الله أن يسقيه من نهر الخبال، قيل: يا رسول الله، وما نهر الخبال ؟ قال: صديدُ أهل النار"

وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثةٌ لا يدخلون الجنة: مدمنُ الخمر، وعابد وثن، ومدمن الخمر والديوث".. والمخدرات أعظم من الخمر؛ فالنهي عن الخمر نهيٌ عن المخدرات والوعيد على الخمر وعيد على المخدرات.. ومن أضرار المخدرات على المجتمع: فُشُوُّ الجرائم المتنوعة فيه، وانتشار الفواحش والمنكرات.

ومن أضرارها على المجتمع: ضياع الأسر وانحراف الناشئة؛ لأنهم بدون عائل يسلكون الغواية.

ومن أضرار المخدرات على المجتمع نزول العقوبات والفتن.. قال الله -تعالى-: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25].

ومن أعظم مضارِّ المخدرات: ثقل الطاعة وكراهيتها وبغضها، وكراهية الصالحين وبغضهم وعدم مجالستهم، والبعد عن مجالس الذكر ومواطن العبادة، وحب الجرائم وإلف المعاصي، ومصاحبة الأشرار وصداقتهم ومودتهم.

مقصد شياطين الإنس من تصدير وزرع المخدرات


والمخدرات يزرعها ويصنعها ويصدرها شياطين الإنس؛ ليحققوا مقصدين يسعون لهما:

المقصد الأول: إفساد المجتمعات حتى لا يفكر متعاطي المخدرات إلا بما تهتم به البهائم، وإذا فشى في المجتمع المخدرات فلم تحارب فقد تُوُدِّع منها.

المقصد الثاني: كسب المال الحرام -وبئس الكسب-؛ فالمال المكتسب من المخدرات والمسكرات لا خيرَ ولا بركةَ فيه، بل هو يفسد القلب ويدمر البيوت ويشتت الأسر ويدمرها ويورث الخزي والعار وانقطاع النسل.

نصيحة موجهة للجميع في الوقوف أمام المخدرات


ولكثرة مفاسد وأضرار المخدرات فقد حاربت الدولة هذه المخدرات، وأعدت في المنافذ والمطارات مسئولين يحبطون ويكتشفون عمليات التهريب ويوقعون العقوبة على المفسدين بالتهريب.

فيا أيها المسئول: أنت على ثغر كبير؛ فإياك أن يدخل الشر والدمار على مجتمعك من المنفذ الذي وُضعتَ فيه؛ فإن ولي الأمر ائتمنك على مسئولية وأمانة تحاسب عليها أمام الله -تعالى-.

ويا أيها الأب والوصي والأخ والمدرس والأم والقريب: أحسنوا الرعاية على أولادكم - ذكورِهم وإناثِهم-، وجنبوهم جلساءَ السوء، وامنعوهم من أماكن الفساد، واحذروا عليهم من السهر مع رُفقة السوء، وامنعوهم من الدخان؛ فإنه بداية المخدرات والمفتِّرات.

والطفل -الذي هو في مقتبل الحياة- لا يعرف خيراً ولا يعرف شراً.. إلا أن وليه والمسئول عنه هو الذي يجب عليه أن يجنِّبه كلَّ ضار، وأن يرشده إلى كل نافع وخير.

ويا أيها المجتمع: كن متعاوناً على فعل الخيرات ومحاربة المنكرات.

وأنت أيها المروج.. أنت أيها المروج: كيف تطيب نفسُك -أيها المروج- بأن تدمر نفسَك ومجتمعك، وأن تسعى للإفساد والفساد في الأرض، وأن تكون من حزب الشيطان، وأن تكون من الذين يسعون في الأرض فساداً؟! أينفعك مالك؟! أتنفعك دنياك؟! أينفعك شيء اكتسبته من هذا الطريق حرام؟! اتق الله في نفسك، وارجع إلى الله -عز وجل-، وكن داعياً إلى الخير، ولا تكن سبباً في الشر وداعياً إلى الشر.. قال الله -تعالى-: ﴿..َوتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].

التوبة إلى الله تعالى من المخدرات وجميع المسكرات


إن الله تبارك وتعالى ما من خيرٍ إلا أمر به، وما من شر إلا حذر منه، ومن الشرور العظيمة كلُّ مسكر، وكل مفتر، وكل مخدر، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن أشياء، لما سئل عن التمر يتخذ منه الخمر، وعن الذرة وعن حبوب أخرى يتخذ منها الخمر قال: "كل مسكر حرام"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "وما أسكر قليله فكثيره حرام"، وقال في حديث له آخر: "وكل مسكر ومفتر حرام".. والمسكر هو ما غطى العقل وأزاله، والمفتر هو ما فتر الأعضاء وأدخل عليها الرخاوة والكسل، وغيَّر طبيعة الإنسان.

ومن ابْتُلي بشيء من هذا.. من ابتلي بالخمر ومن ابتلي بالمخدرات أو بالمفترات فليَتُبْ إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فإن الله -عز وجل- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وقد أمر الله -عز وجل- بالتوبة فقال: ﴿.. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].

والله -تبارك وتعالى- يفرح بتوبة عبده فبادروا إلى التوبة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "كلكم خَطَّاء، وخير الخطائين التوابون"؛ فتوبوا إلى الله جميعا أيها الناس.. تب إلى الله.

من ابتلي بشيء من هذا فليتب إلى الله -عز وجل- فإنه بهذا يحسن إلى نفسه ويحسن إلى مجتمعه ويحسن إلى أسرته ويحسن إلى أقربائه بالتوبة إلى الله -عز وجل- والله -تبارك وتعالى- إذا علم صدق النية فإنه يعين على ذلك قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه الندم؛ فإنه من ابتلي بهذا فلا بد أن يأتي عليه يومٌ يندم فيه.. ولكن وقت الندم لا ينفعه؛ فبادر -أيها الإنسان- بادر أيها المبتلى بهذا.. بادر إلى التوبة إلى الله.

ومن احتاج إلى أن يعان ويشرف عليه طبيب لترك هذه المخدرات - فليتقدم إلى المراكز التي أعدتها الدولة لتوجيه المدمنين وعلاجهم، وليقبل نصح الناصحين، وليخلع هواه ويبتعد عن هواه وعن رفقة السوء؛ فإن هؤلاء هم الذين أوقعوه فيما هو فيه، وسيوقعونه غداً فيما هو أعظم.. في نار جهنم، أو أن يقع في السجن بأسبابهم، وأن يضيع كثيراً من عمره أو يضيع عمره كله.

فاتقوا الله -أيها المسلمون- تعاونوا على الخير.. حاربوا الشر؛ فإن الله -تبارك وتعالى- جعل من صفات المؤمنين المسلمين أن يوصي بعضُهم بعضاً لكل خير، وأن يتآمروا بالمعروف وأن يتناهوا عن المنكر.. قال الله -تعالى-: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 1 – 3]..

المرجع :

لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية