حكم السّفر للسّياحة في بلاد الكفر والإباحة

حكم السّفر للسّياحة في بلاد الكفر والإباحة

حكم السّفر للسّياحة في بلاد الكفر والإباحة



قضاء الإجازة في بلاد الكفر

عن أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ » . رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"

أيّها الإخوة في الله الذين اعتادوا السّياحة وقضاء الإجازة في بلاد الكفر والإباحيّة، وإن كانت تعدّ جغرافيّاً مِن البلاد الإسلاميّة، هداهم الله وعفا عنهم، وردهم إلى صوابهم: لقد أنعم الله عليكم بنعم عظيمة، أعظمها الإسلام، ثم الصّحة، ثم الأهل والمال، لقد أكرمكم الله بالإسلام، وابتلاكم بما آتاكم، أفلا تشكرون؟! فتستعملوا نعم الله -مِن صحة ومال وفراغ- فيما ينفعكم ويسعدكم من طاعته سبحانه، فتستجلبوا رضاه ومزيد إنعامه ﴿وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾ [إبراهيم: ٧]

وإنّه لَمِن كفران هذه النّعم: قضاءُ الأوقات وإنفاقُ الثّروات في بلدان أعداء الله الكافرين وأعداء المسلمين، وإنّ الذين يستثمرون الإجازة في هذا الطّريق، أقلّ ما يعودون به خسران الأوقات والأموال، ولابدّ أن يخسروا قدرًا مِن دينهم، مهما ادّعوا مِن التّحفظ والمحافظة، ولئن يُبتلى أحدهم بمرض أو مصيبة فيعود متذكراً آسفاً خيرٌ مِن أن يعود متمتّعًا فرحًا مغرورًا.

أمّا مَن يموت في هذا السّبيل فموته لا في سبيل الله، وبئست الخاتمة! نعوذ بالله، أتأمن مِن ذلك؟! مَن يأمن مِن ذلك؟!

مواعظ الموت

إنّ مواعظ الموت تطرقُ الأسماعَ صباح مساء، وتكدّرُ صفو الحياة على أهل الغرور، وبعد ذلك وقبله الوقوف بين يدي الله للسؤال عمّا قدّمتَ وأخرتَ، وأعطيتَ وأخذتَ، وفعلتَ وتركتَ : ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسأَلَنَّهُم أَجمَعينَ۝عَمّا كانوا يَعمَلونَ﴾ [الحجر: ٩٢-٩٣]

فاتقوا الله أيّها المسلمون، ولا تعطوا أموالكم أعداءكم، وتحرموا منها إخوانكم الذين يعانون آلام الخوف والفقر والتّشريد، فماذا عليكم لو أنفقتم نصف رصيد الرّحلة على هؤلاء، واستفدتم بباقيه في رحلة داخلية؟ قال تعالى : ﴿وَماذا عَلَيهِم لَو آمَنوا بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَنفَقوا مِمّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِم عَليمًا﴾ [النساء: ٣٩]

وعن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما: أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: « المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ » .مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

عن ميمونة وعبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « الدُّنيا حُلوةٌ خضِرةٌ وإنَّ اللهَ مُستخلِفَكم فيها فناظرٌ كيف تعلمون » .صحيح

مفاسد السفر للسياحة في بلاد الكفار

أيّها الإخوة في الله، إنّ السّفرَ للسّياحة في بلدان الأمم الكافرة يتضمّن جملةً مِن المفاسد:

  • أوّلها: مشاهدةُ المنكرات التي لا يستطيع المسلم إنكارها.
  • الثّاني: تبذيرُ الأموال الكثيرة هناك، قال تعالى:﴿وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابنَ السَّبيلِ وَلا تُبَذِّر تَبذيرًا۝إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾ [الإسراء: ٢٦-٢٧]
  • الثّالث: تقويةُ اقتصاد الكفّار فيما لا يعود على المسلم بخير.
  • الرّابع: مخالطةُ الكفّار مِن الرّجال والنّساء، والاندماج معهم؛ بمجالستهم والحديث معهم مِن غير إنكار عليهم.
  • الخامس: الإعجابُ بعوائدهم وطرائق حياتهم، مما يدعو إلى التّشبّه بهم، وازدراء عوائد المسلمين وطرائقهم.
  • السّادس: وهو نتيجة كلّ ما تقدّم: ضعف عقيدة البراء مِن الكافرين.
  • السّابع: أنّ الإنسان قد يُفتن في دينه، فيخسر خسرانًا مبينًا.

فلهذه المفاسد وغيرها نرى أنّ السّياحة في بلاد الكفار: حرامٌ، وقد أفتى بذلك مشايخنا؛ كالشّيخ عبد العزيز بن باز، والشّيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله، وغيرهما.

وبلاد الإباحيّة -وإن كانَ بعضها مِن البلاد العربيّة أو يعدّ مِن البلدان الإسلاميّة- فالسفر إليها للسّياحة لا يقل فسادًا عن السّفر إلى بلاد الكفر، فالسّفر إليها للسّياحة حرامٌ، كالسياحة في بلاد الكفر.

تنبيه: يجبُ أن يُعلم أنّ الذين يدعون إلى هذه السّياحة مِن الشّركات والمكاتب السّياحية ويسهلون للسياح ما يشجعهم على السّياحة مِن توفير المسكن والخدمات في الفنادق العالميّة: أنّ أرباحهم مِن هذا الطريق سحت -أي: حرام- وهم مع ذلك شركاء لأولئك السّياح في آثامهم، وعليه: فلا يجوز العمل في هذه الشرّكات والمكاتب السّياحية.

كلّ هذا نقوله انطلاقا مِن قوله تعالى:﴿... وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [المائدة: ٢]
منَّ الله على الجميع بالعافية، والثّبات على دينه حتى الممات، والله أعلم، وصلّى الله وسلّم على محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين .
عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية